بعد اتفاق المصالحة بين إثيوبيا والصومال.. ما موقف القوات المصرية؟

في الإثنين ١٦ - ديسمبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

بعد التوصل إلى اتفاق مصالحة بين إثيوبيا والصومال بوساطة تركية، يطرح البعض تساؤلا: ما هو موقف مصر التي عرضت إرسال قوات إلى الصومال ضمن بعثة لحفظ السلام.

وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الخميس، أن الصومال وإثيوبيا توصلا في ختام مفاوضات جرت بوساطته إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين، قائلا إنه يأمل أن يكون هذا الاتفاق "الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين الجانبين.

وجاء الاتفاق بعد أشهر من التوترات المتصاعدة في منطقة القرن الأفريقي، وبعدما أثار سعي إثيوبيا للحصول على منفذ بحري عبر أرض الصومال (صوماليلاند) أزمة بعلاقات أديس أبابا مع مقديشو.وتعود جذور الخلاف إلى مطلع العام الجاري، حين أبرمت إثيوبيا، الدولة المغلقة بلا منافذ بحرية، اتفاقا مع "صوماليلاند" الانفصالية، نص على استئجار أديس أبابا منطقة على الساحل لإنشاء ميناء وقاعدة عسكرية، مقابل الاعتراف بأرض الصومال.

وتكمن حساسية القضية في أن أرض الصومال، التي تقع في الطرف الشمالي الغربي من الصومال، أعلنت استقلالها من جانب واحد عام 1991، دون اعتراف دولي. ورغم امتلاكها عملة خاصة وجيشا وجهاز شرطة، تعاني المنطقة من العزلة والفقر.

ويعتبر الصومال، وهي جمهورية فيدرالية تضم 5 ولايات تتمتع بحكم شبه ذاتي، أن الاتفاق يشكل تعدياً على سيادتها وسلامة أراضيها.

وتسعى إثيوبيا، التي فقدت منافذها البحرية بعد انفصال إريتريا عام 1991، للحصول على منفذ إلى البحر الأحمر لإنشاء قاعدة بحرية وميناء تجاري، وتعتمد حاليا على جيبوتي المجاورة في معظم تجارتها البحرية، وهو ما يعتبره رئيس وزرائها أبيي أحمد مكلفاً للغاية.وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد تفاهم الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفقا أيضا على العمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما... تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية".

وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان، قبل نهاية فبراير، محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

ويقول "معهد دراسات الحرب" في واشنطن إنه من المرجح أن يؤدي انسحاب إثيوبيا من اتفاقية "أرض الصومال" إلى دفع الحكومة الصومالية إلى التراجع عن قرارها بطرد القوات الإثيوبية، واستبعاد القوات الإثيوبية من بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة في الصومال، التي ستبدأ في عام 2025"، وذلك بعد الاتفاق مع مصر على إرسال قوات لتحل محلها.

وكانت إثيوبيا تنوي الاحتفاظ بجنودها في الصومال بغض النظر عن الاتفاق مع حكومة" أرض الصومال"، حتى تتمكن من مواجهة "حركة الشباب" وإنشاء منطقة عازلة لمنع التوغلات عبر الحدود في المستقبل من قبل الحركة أو القوات المصرية، وفق المعهد.

ويبدو من غير الواضح حتى الآن كيف ستؤثر الاتفاق الجديد والاتفاقيات اللاحقة بين إثيوبيا والصومال على التعاون العسكري المتزايد بين الصومال ومصر.

ووقعت مصر والصومال اتفاقيات أمنية في أغسطس الماضي تنص على أن تحل القوات المصرية محل الإثيوبية لمحاربة "حركة الشباب"، ضمن بعثة سلام جديدة.

وتهدف القاهرة، وفق المعهد، إلى "تهديد إثيوبيا بشأن النزاع السياسي بشأن بسد النهضة الإثيوبي الكبير، في حين أرادت الحكومة الصومالية الانتقام من اتفاق "أرض الصومال".

وتنظر إثيوبيا إلى الوجود العسكري المتزايد لمصر على حدودها باعتباره خطرًا على الأمن القومي وسبق أن حذرت من المشاركة العسكرية المصرية في مهمة الاتحاد الأفريقي الجديدة.

وأرسلت القاهرة طائرات محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقع البلدان الاتفاقية الأمنية في أغسطس.

وفي سبتمبر الماضي، قال مسؤولون عسكريون، واثنان من عمال الموانئ، إن سفينة حربية مصرية سلمت شحنة كبيرة ثانية من الأسلحة إلى الصومال تضمنت مدافع مضادة للطائرات وأسلحة مدفعية.

وبعد وقت قصير من إعلان مصر إرسال مساعدات عسكرية، أطلقت إثيوبيا تحذيرا، قائلة إن هذه الأحداث تقود المنطقة إلى "المجهول".وقالت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر إن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل "تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية"، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو كانت تهدف إلى زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وأثارت قصية نشر قوات مصرية حفيظة دول أفريقية حينها.

وقال موقع "ذي إيست أفريكا" إن القلق الذي يساور الدول المانحة، التي تسهم بقوات في الصومال يتمثل بأن نشر القوات المصرية على حساب القوات الإثيوبية، التي كانت ضمن بعثات حفظ السلام في الصومال منذ عام 2014، هو "فوز استراتيجي لمصر، التي تخوض خلافا مع أديس أبابا بشأن مياه النيل، وقد يؤدي هذا إلى تصعيد التوترات في القرن الأفريقي".

وترى بعض الدول المساهمة أن دخول مصر من شأنه تعطيل بعثة الاتحاد الأفريقي.

وتدعم أوغندا وكينيا وبوروندي وإثيوبيا وجيبوتي بشكل أساسي قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال، وقد انضمت إليها في مراحل مختلفة.

وأبدى وزير الدولة للشؤون الخارجية الأوغندي، هنري أوكيلو أوريم، معارضته الشديدة لإرسال مصر قوات إلى الصومال، وفق موقع "غاروي أونلاين" الإخباري الصومالي.ويبدو أن مصر تتجه نحو إرسال قوات في هذه المهمة رغم الاتفاق الأخير، وفق ما صدر عن وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي.

ونقلت صحيفة الأهرام، الأحد، تصريحات للوزير أكد فيها "حرص مصر على تعزيز بنية السلم والأمن بالقارة، خاصة في منطقة القرن الأفريقي، التي تحتل أولوية متقدمة في السياسة الخارجية المصرية، لاتصالها المباشر بالأمن القومي المصري، مؤكدًا على حرص مصر فى هذا السياق على دعم الاستقرار والأمن في المنطقة، والمساهمة في بعثة حفظ السلام الجديدة في الصومال (AUSSOM)، وذلك في إطار الاضطلاع مصر بمسئولياتها في حفظ السلم والأمن الإقليمي وفقًا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، وميثاق جامعة الدول العربية".

وأضاف: "تقوم مصر من هذا المنطلق بدعم الأشقاء الصوماليين في مجال بناء القدرات الأمنية والعسكرية، على ضوء الخبرات الواسعة التي تتمتع بها مصر في هذا المجال، فضلاً عن تجربتها الممتدة في مكافحة الإرهاب والتطرف".

والأحد، اطلع وزير خارجية جمهورية الصومال نظيره المصري على "مخرجات قمة أنقرة الثلاثية التي عقدت مؤخراً بين الصومال وتركيا وإثيوبيا، إذ أكد وزير خارجية الصومال على تمسك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أكد عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية في الصومال الشقيق، وفى مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار".

واتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا تنفيذا لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
اجمالي القراءات 292