تقرير عن القمع "العابر للحدود" للمعارضين المصريين والدول الأخطر

في الثلاثاء ٢٦ - نوفمبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

سلطت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان الضوء على المخاطر التي قد يتعرض لها مئات من المعارضين السياسيين الذين صدرت ضدهم أحكام غيابية بالسجن، واعتبرت أن الاتفاقيات الأمنية الثنائية وتلك مع الشرطة الدولية (إنتربول) ليست إلا خطراً يهدد مئات المعارضين السياسيين المصريين.

وانتقدت الشبكة المصرية، في تقرير أصدرته اليوم الثلاثاء، بعنوان "أدوات قمع عابرة للحدود"، قرار السلطات الأمنية المغربية توقيف الطبيب المصري الحامل للجنسية التركية، عبد الباسط الإمام أثناء إنهاء إجراءات وصوله إلى مطار محمد الخامس بالدار البيضاء في الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، وأبدت قلقها الواسع من المخاطر التي تواجه مئات المعارضين السياسيين المصريين، لا سيما هؤلاء الأفراد الذين صدرت بحقهم أحكام غيابية في قضايا ذات طابع سياسي، اضطروا إلى مغادرة مصر بعد أحداث 3 يوليو/ تموز 2013.

وفي شأن قضية الطبيب عبد الباسط الإمام، كأحد النماذج التي رصدها التقرير، والذي صدر بحقه حكم غيابي بالسجن عام 2017 في إحدى القضايا السياسية، لا يزال رهن الاحتجاز في المغرب. وينتظر حالياً قرار القضاء المغربي الذي سيحدد إذا كان سيجري ترحيله إلى مصر بناءً على طلب السلطات المصرية، أو السماح له بالعودة إلى تركيا، حيث يقيم حالياً ويحمل جنسيتها. وأشارت الشبكة إلى أن تسليم المعارضين السياسيين، شهد حالات سابقة، ولم يقتصر تسليم المعارضين السياسيين على الدول العربية فقط، إذ سجلت حالات مماثلة في دول أخرى.

ورصد التقرير تسليم دول مثل الكويت، الإمارات، السعودية، البحرين، لبنان، الأردن، والسودان، معارضين إلى مصر. وعلى نفس النهج أقدمت دول غير عربية مثل ماليزيا، تركيا، إسبانيا، والسويد على اتخاذ نفس الإجراءات، رغم التحقق من حالة الخطر المنصوص عليها في المادة سالفة الذكر وثبوتها ثبوتاً قطعياً في حالات مماثلة سابقة.

ومن بين النماذج التي ذكرها التقرير، ترحيل السلطات البحرينية في أغسطس/ آب 2023، رجل الأعمال السيد محمد محمود عاجز، الذي يقيم في البحرين بصفة شرعية منذ 2015، ويحمل الجنسيتين المصرية والتركية، وكان قد ألقي القبض عليه في الثاني من نفس الشهر إثر مطالبة مصر بتسليمه على خلفية صدور أحكام ضده في قضايا ذات طابع سياسي.وفي ديسمبر/كانون الأول 2001، رحّلت السويد المعارض السياسي المصري أحمد عجيزة، إلى مصر. ورغم الضمانات بعدم تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحقه، إلا أنه تعرض للتعذيب وحُكم عليه بالسجن المؤبد لاحقاً. وفي يونيو/ حزيران 2018، رحلت إسبانيا الداعية المصري علاء محمد سعيد محمد، إلى مصر، رغم أنه يقيم في شكل شرعي في إسبانيا وعدم وجود أحكام ضده وقتها، ما أدى إلى اعتقاله فور وصوله إلى مصر.

وأشار التقرير إلى أن المعارضين المرحلين قسراً إلى مصر "غالباً ما يتعرضون لتعذيب والانتهاكات الجسيمة داخل السجون، لا سيما أولئك الذين صدرت بحقهم أحكام غيابية بالسجن المؤبد أو الإعدام".
وتعتمد السلطات المصرية في ملاحقة المعارضين السياسيين على آلية "النشرة الحمراء" التي تصدرها الشرطة الدولية (إنتربول) الدولي بناءً على طلب الدول الأعضاء. وتهدف هذه النشرة إلى توقيف المطلوبين المتهمين بجرائم خطيرة.وذكر التقرير واقعة إدراج محكمة جنايات القاهرة في ديسمبر/ كانون الأول 2022، أسماء خمسة إعلاميين معارضين ضمن النشرة الحمراء، وهم عبد الله الشريف، ومحمد ناصر، وحمزة زوبع، ومعتز مطر، وسيد توكل، عقب صدور أحكام غيابية ضدهم بالسجن المؤبد في القضية رقم 26 لعام 2021 أمن دولة عليا. كما رصدت الشبكة تعرض عدد من المعارضين السياسيين المصريين، المقيمين في الخارج، في السنوات الأخيرة، لخطر الاعتقال بسبب استخدام السلطات المصرية نظام النشرات الحمراء الصادرة عن "الإنتربول".

وأكدت الشبكة أنه رغم أن النظام الأساسي الذي يحكم عمل "الإنتربول" يمنع استخدام أدواته لأغراض سياسية (المادة 3). ورغم التزام "الإنتربول" بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لكن العديد من الحكومات، بينها الحكومة المصرية، قد تستغل النظام لملاحقة معارضين خارج أراضيها. ولفت التقرير إلى المخاطر القانونية المرتبطة بـ "الإنتربول"، واختلاف استجابة الدول لطلباتها بناءً على قوانينها المحلية ومدى استقلالية نظامها القضائي.

وقدم التقرير نصائح قانونية وعملية لتجنب الإيقاف والترحيل، منها التحرك القانوني الاستباقي، من خلال طلب نسخة من ملف "الإنتربول" الشخصي، والطعن في النشرات الحمراء، وتقديم طلب لإلغاء النشرات الحمراء إلى لجنة الرقابة إذا كان الدافع وراءه سياسياً أو ينتهك المادة 3 من دستور "الإنتربول".

كما نصح التقرير باختيار بلد الإقامة بعناية، حيث يفضل الإقامة في دول تتمتع بأنظمة قانونية قوية ومستقلة، والحصول على حماية قانونية دولية من خلال وضع اللاجئ، والتقدم بطلب للحصول عليه فوراً في البلد المضيف، إذ يوفر حماية من الترحيل القسري بموجب اتفاقية اللاجئين لعام 1951.
كما نصح التقرير بتجنب السفر إلى دول خطرة، معروفة بالتعاون الأمني مع مصر، أو تلك التي لديها أنظمة قانونية ضعيفة. والتحقق دائماً من سياسات الدول تجاه "الإنتربول" قبل السفر.

وأكدت الشبكة أن الدول العربية تعد الأكثر تعاوناً مع مصر في تسليم المطلوبين السياسيين، بسبب العلاقات الأمنية الوثيقة والاتفاقيات الثنائية أو الإقليمية مثل الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، وعلى رأسها السعودية التي تُعتبر من أكثر الدول التي سلمت معارضين مصريين، خاصة العاملين أو المقيمين فيها، والإمارات التي لديها سجل بتسليم معارضين سياسيين أو أفراد من جماعة الإخوان المسلمين للحكومة المصرية. وكذلك الأردن التي سجلت حالات لتسليم معارضين مصريين بطلبات أمنية مباشرة، والكويت والتي سلمت عدة أشخاص مطلوبين لمصر، خاصة من العمال على أراضيها، والبحرين التي تتعاون في شكل وثيق مع مصر.
وفي شأن الدول الأفريقية الأكثر تعاوناً مع مصر في تسليم المطلوبين السياسيين، رصد التقرير حالات في السودان وإريتريا وليبيا، والدول الآسيوية الصين وماليزيا وتركيا، والدول الأوروبية الشرقية روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا.