الجيش يستولي على أراضي المواطنين بالفيوم تحت غطاء مشاريع مستقبل مصر

في الثلاثاء ٢٦ - نوفمبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

استغاثة مؤلمة وجهها أحد المواطنين من محافظة الفيوم إلى الجهات المعنية، مؤكداً أن جهاز “مستقبل مصر” التابع للجيش المصري قد استحوذ على أرضه بشكل غير قانوني ودون وجه حق، في محاولة للسيطرة على المزيد من الأراضي الزراعية في المنطقة تحت غطاء ما يسمى بـ”مشروعات التنمية” التي يروج لها النظام المصري.

المواطن الذي رفض الكشف عن هويته خوفاً من الملاحقة الأمنية، قال إن أرضه قد تم الاستيلاء عليها من قبل جهاز “مستقبل مصر” بعد أن تسلم إشعارًا من محافظة الفيوم يفيد بإنهاء عقوده الخاصة بالأرض بحجة أن الأرض قد دخلت ضمن نطاق مشروع مستقبل مصر.

ويعتبر هذا التصرف أحدث حلقة في سلسلة طويلة من الممارسات التي تقوم بها الحكومة المصرية، والتي تستهدف المواطنين الفقراء وأصحاب الأراضي الزراعية البسطاء، تحت مظلة مشروعات تنموية مزعومة تهدف في النهاية إلى توسيع سيطرة الجيش على الأراضي الزراعية.

المواطن أكد في استغاثته أنه قد حاول مراراً وتكراراً التواصل مع الجهات المعنية، بدءًا من المسؤولين في المحافظة مرورًا بوزارة الزراعة، إلا أنه لم يحصل على أي رد إيجابي، في تجاهل واضح لمطالبه المشروعة.

وقال المواطن إن عقوده مع المحافظة كانت واضحة ومكتملة، وتم تجديدها بشكل قانوني في السنوات السابقة، مشيرًا إلى أن جهاز “مستقبل مصر” لا يعترف بهذه العقود ولا يعطيها أي قيمة قانونية، وهو ما يعتبره انتهاكاً صارخاً لحقوقه.

وأوضح أن “الجيش مش معترف بعقود المحافظ” في تلميح إلى الفساد الإداري والقانوني الذي تمارسه الحكومة المصرية وجهازها العسكري، والذي يضع مصالحه الاقتصادية على رأس أولوياته على حساب حقوق المواطنين البسطاء.

وأضاف أنه على الرغم من أن مشروع “مستقبل مصر” المزعوم يستهدف تنمية الأراضي الزراعية، إلا أن هذه التنمية لا تصب في مصلحة المواطن المصري الفقير، بل يتم استغلالها من قبل النظام العسكري لتوسيع نفوذ الجيش والسيطرة على الأراضي الزراعية.

وأبرز المواطن في استغاثته أن الاستيلاء على الأرض جرى بطريقة تعسفية ودون إنذار مسبق، حيث لم يتم إخطار صاحب الأرض بقرار الاستيلاء إلا بعد تنفيذ العمل على الأرض.

كما أشار إلى أن الجرافات والمعدات الثقيلة قد بدأت بالفعل في إزالة المحاصيل الزراعية التي كانت مزروعة على الأرض، في مشهد يعكس عدم الاكتراث بمصالح المواطنين وعدم احترام حقوقهم القانونية.

وأضاف أن هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، بل تكررت مرارًا وتكرارًا في مختلف المحافظات المصرية، مما يشير إلى سياسة ممنهجة من قبل الحكومة المصرية للتعدي على حقوق المواطنين لصالح مشروعات الجيش الاقتصادية.

ورغم أن المشروع يزعم أنه يهدف إلى زيادة الإنتاج الزراعي وتعزيز الأمن الغذائي في مصر، إلا أن هناك شكوكاً واسعة حول نية الحكومة الحقيقية وراء هذه المشاريع.

فبدلاً من تحقيق التنمية الحقيقية، يظل المواطن البسيط ضحية للمشاريع التي يتم تنفيذها على حسابه، حيث يتم استغلال الأراضي الزراعية ويجري السيطرة عليها لصالح الكيانات العسكرية التي تسعى لزيادة ثرواتها على حساب البسطاء.

لا يزال المواطنون في العديد من المناطق يعانون من نفس المصير، حيث يتم الاستيلاء على أراضيهم دون تعويضات عادلة أو حتى إشعار مسبق.

النظام المصري من خلال هذه السياسات يتعمد إضعاف المواطنين الفقراء، ويمنح الجيش سلطات غير محدودة على الأراضي الزراعية ومشروعات التنمية، وهو ما يعكس مستوى الفساد الذي يعيشه الجهاز الحكومي في مصر.

فالفساد ليس فقط في المستوى الإداري، بل يمتد ليشمل المستوى السياسي والعسكري، حيث يُعتبر الجيش المصري في الوقت الحالي اللاعب الأقوى في الاقتصاد المصري، ولديه القدرة على التأثير في القرارات الحكومية بسهولة.

وبدلاً من أن تكون الأراضي الزراعية مصدرًا للعيش الكريم للمواطنين، تتحول إلى أداة لتنفيذ مشروعات اقتصادية تخدم مصالح الجيش فقط.

ورغم الاستغاثات المستمرة من المواطنين، لم تقدم الحكومة المصرية أية حلول حقيقية للمشاكل التي يعانون منها. بل على العكس، تُظهر الحكومة تجاهلاً تاماً لمطالب المواطنين.

الحكومة تروج لمشاريع ضخمة مثل “مستقبل مصر” وتعلن عن إنجازات وهمية، لكن الحقيقة المرة هي أن هذه المشاريع في معظمها لا تعود بالفائدة على المواطن المصري، بل تزيد من معاناته وتهدد سبل عيشه.

وفي الوقت الذي تقوم فيه الحكومة المصرية بتوجيه رسائل قوية للمجتمع الدولي حول التقدم الاقتصادي في البلاد، فإن الواقع الذي يعيشه المواطن المصري يختلف تماماً.

إذ لا يزال المواطن يعاني من تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، ويجد نفسه ضحية لقرارات الحكومة العسكرية التي لا تلقي بالًا لمصالح المواطنين. الفساد الذي يتغلغل في مفاصل الحكومة يجعل أي محاولة لإصلاح الأوضاع مستحيلة، بل يعزز استمرارية الاستحواذ على أراضي المواطنين في مختلف أنحاء البلاد.

فإن حالة المواطن في الفيوم ليست حالة فردية، بل هي جزء من ظاهرة أكبر تشهدها مصر في ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث أصبح الجيش المصري يدير معظم المشاريع الاقتصادية في البلاد ويستحوذ على معظم الأراضي الزراعية.

هذه السياسات التي تضر بمصالح المواطنين، تؤكد أن الحكومة المصرية أصبحت لا تكترث بمشاكل الشعب، بل تواصل إهدار حقوقهم تحت غطاء التنمية الزائفة.