الكارثة الحكومية تخرج للعلن: 6 مليارات جنيه سنويا لصيانة العاصمة الإدارية

في الإثنين ٠٤ - نوفمبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

فاجأت شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية الجميع بإعلانها أن المدينة الجديدة ستحتاج إلى ميزانية صيانة سنوية تتراوح بين 5 إلى 6 مليارات جنيه عند بدء تشغيلها بالكامل

وهذا المبلغ الضخم أثار ضجة واسعة في الأوساط الاقتصادية والاجتماعية بل وكشف عن تقاعس الحكومة المصرية في إدارة مشاريعها العملاقة وعدم تحملها لمسؤولياتها المالية تجاه مواطنيها بينما تتزايد الأعباء المالية على كاهلهم

خالد عباس رئيس مجلس إدارة الشركة أعلن عن هذا الرقم الصادم خلال مؤتمر صحفي حيث أشار إلى أن المبلغ المذكور تم حسابه بناءً على خطة شاملة للإدارة والصيانة تهدف للحفاظ على القدرات الاستثمارية للمدينة

وهذا يثير تساؤلات مشروعة حول كيفية احتساب هذه الأرقام وماذا تعني بالنسبة للاقتصاد المصري المنهك كما يعكس حالة من الإهمال والفساد المستشري في إدارة الأموال العامة

أصول شركة العاصمة الإدارية تتجاوز ما بين 900 مليار إلى تريليون جنيه ويمثل هذا الرقم مشروعا عملاقا يحتل مساحة 714 كيلومترا مربعا بما يعادل مساحة سنغافورة ويزيد بأربعة أضعاف على العاصمة الأمريكية واشنطن

بينما لم يتم إعادة تقييم الأصول منذ عام 2023 عندما كانت قيمتها 285 مليار جنيه فقط عندما كان سعر الدولار عند 15 جنيها وهذه الإحصائيات تُظهر الفجوة الكبيرة بين الأرقام المعلنة والواقع المعيش وتفضح فشل الحكومة في التعامل مع الأزمات المالية

أسعار المتر المربع في العاصمة الإدارية تضاعفت بشكل خيالي حيث تراوحت أسعار المتر السكني بين 7500 و9000 جنيه ولكن في الوقت الحالي قفزت هذه الأسعار لتصل إلى ما بين 28 و30 ألف جنيه بينما تجاوز سعر المتر الإداري والقطعة التجارية حاجز الـ200 ألف جنيه

مما يعكس جنون السوق وغياب الرقابة الحكومية وهذا يعد دليلا واضحا على الفوضى في سوق العقارات المصرية

وفيما يتعلق بالمشروعات القائمة فإن شركة العاصمة الإدارية تتوقع ارتفاع أرباحها بنسبة تتراوح بين 20% و25% خلال عام 2024 لتصل إلى 30 مليار جنيه من خلال تنفيذ 520 مشروعا عبر 380 شركة ومطورا في المدينة

بينما لا تتخطى نسبة التأخير 1% وهو أمر يثير الدهشة ويؤكد أن الشركة تعمل بشكل جيد لكن التساؤلات تدور حول مصدر هذه الأرباح ومن يتحمل تكلفة الصيانة

عباس أكد أن تكاليف الصيانة لن تتحملها الدولة بل ستسدد من وديعة يدفعها المشتري وهذا الأمر يدفع إلى التساؤل عن كيفية توزيع الأعباء بين المواطنين والحكومة فهل يُعقل أن يتحمل المواطن كل هذه التكاليف بينما تبقى الحكومة بعيدة عن هذه الأعباء وتدعي أنها تعمل لمصلحة الشعب

إن الوضع الحالي للعاصمة الإدارية يكشف عن مأساة حقيقية ويطرح العديد من التساؤلات حول الشفافية والفساد في إدارة الأموال العامة

حيث تسعى الحكومة جاهدة لتجميل صورتها من خلال مشاريع ضخمة بينما تتجاهل الحقائق المؤلمة التي يعاني منها الشعب المصري الذي لا يزال يكافح من أجل توفير لقمة العيش

الأرقام التي تُعلن عنها الحكومة تتعارض مع الواقع وتكشف عن فساد متجذر في مؤسسات الدولة فالخطط الاستثمارية الكبيرة تحتاج إلى رقابة صارمة وإدارة شديدة الكفاءة وهذا ما تفتقده الحكومة الحالية

الحكومة بدلا من أن تعالج المشاكل الاقتصادية التي تعصف بالبلاد تكتفي بتدشين مشروعات ضخمة تبتعد عن احتياجات المواطن الأساسية وتكلفه أعباء إضافية فكيف يمكن لنا أن نثق في إدارة حكومية تتقاعس عن وضع حلول جذرية للأزمات بينما تنفق الأموال في مشروعات غير ضرورية

هذا الوضع يطرح تساؤلات مشروعة حول مصير الأموال العامة وكيف يتم إنفاقها ومن هم المستفيدون الحقيقيون من هذه المشروعات ولماذا لا نرى أي فائدة ملموسة تعود على الشعب من هذه الاستثمارات الضخمة التي تُصرف في العاصمة الإدارية

إن مشروعات العاصمة الإدارية الجديدة تحتاج إلى نظرة فاحصة وفهم أعمق لما يدور خلف الكواليس من فساد وإهمال في إدارة الأموال العامة فهل ستستمر الحكومة في هذا النهج المعيب أم ستحاول أخيرًا استعادة الثقة المفقودة مع الشعب المصري الذي يراقب الوضع عن كثب ويطالب بمحاسبة كل من يتلاعب بمصير وطنه وأمواله

إن الأرقام تتحدث عن نفسها والواقع أكثر مرارة مما يُعلن عنه فهل ستتحمل الحكومة مسؤولياتها أم ستظل في حالة إنكار لما يجري من حولها فيما يتعلق بالأرقام الفلكية التي يحتاجها مشروع العاصمة الإدارية لتشغيله وصيانته والتي في النهاية يتحملها المواطن المصري الغارق في مشكلات اقتصادية متزايدة ومستويات معيشية متدهورة

اجمالي القراءات 188