مطالبات مصرية بمنع مرور السفن الحربية الإسرائيلية من قناة السويس

في الإثنين ٠٤ - نوفمبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

طالب سياسيون وقانونيون ونشطاء مصريون بمنع مرور السفن الحربية الإسرائيلية من قناة السويس وعدم تطبيق اتفاقية القسطنطينية، التي أكدت السلطات المصرية أنها تلزمها بكفالة حرية الملاحة البحرية للسفن العابرة، سواء كانت سفناً تجارية أو حربية، وذلك بعد توثيق مشاهد عبور سفينة حربية إسرائيلية من قناة السويس، وهو ما أثار موجة غضب شعبي كبير في مصر.

التزامات قناة السويس
ونشرت هيئة قناة السويس بياناً، أول من أمس السبت، ذكرت فيه أنها تؤكد "التزامها بتطبيق الاتفاقيات الدولية التي تكفل حرية الملاحة البحرية للسفن العابرة للقناة سواء كانت سفن تجارية أو حربية دون تمييز لجنسية السفينة، وذلك اتساقاً مع بنود اتفاقية القسطنطينية التي تشكل ضمانة أساسية للحفاظ على مكانة القناة بكونها أهم ممر بحري في العالم". وتابعت: "اتفاقية القسطنطينية التي وقّعت عام 1888 رسمت منذ ذلك الوقت الملامح الأساسية لطبيعة التعامل الدولي لقناة السويس، إذ حفظت حق جميع الدول في الاستفادة من هذا المرفق العالمي".

في هذا السياق، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية عصام عبد الشافي، لـ"العربي الجديد"، إن "من يتذرع بهذه الاتفاقية لتمرير الأسلحة للكيان الصهيوني، هو نفسه من حظر مرور السفن القطرية والتركية أثناء الأزمة السياسية مع الدولتين، بحجة أن هناك مقاطعة لدولة قطر، وحصاراً مفروضاً عليها". وأضاف أن "نصوص هذه الاتفاقية عفا عليها الزمن، ويستحيل تطبيقها، خصوصاً المواد: 4 و5 و6 و7 و8 و9 و10، مع سقوط الأطراف التي يمكنها تنفيذ هذه البنود"، مضيفاً أنه "لا يعتد هنا بمبدأ التوارث الدولي، لأن الاتفاقية لم تنص عليه، كما أن الاتفاقية لم تحدد آليات الانسحاب أو الانتهاء، وبالتالي توقيعها والتصديق عليها والعمل بها ليست الأولوية فيه للنص القانوني، ولكن للاعتبارات السياسية".

عصام عبد الشافي: نصوص اتفاقية القسطنطينية عفا عليها الزمن

ولفت عبد الشافي إلى أن "هناك مبدأ رئيسياً في العلاقات الدولية، يسمى مبدأ المعاملة بالمثل"، قائلاً إنه "إذا كان الكيان الصهيوني قد عصف بكل القوانين والاتفاقيات الدولية، بما فيها ميثاق الأمم المتحدة، وأصدر تشريعاً يمنع عمل وكالة أونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وانتهك اتفاقيات جنيف الأربع، وهي اتفاقيات أممية، وانتهك اتفاقية الإبادة الجماعية 1948، وهي اتفاقية أممية، وانتهك أيضاً معاهدة السلام مع مصر، باحتلال قواته محور صلاح الدين (فيلادلفي) على الحدود مع مصر، ولذلك ليس مقبولاً الحديث عن احترام نصوص في مواجهة من انتهك كل النصوص". في المقابل، رأى أستاذ القانون الدولي العام أيمن سلامة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "يستحيل تعديل اتفاقية القسطنطينية الموقّعة عام 1888"، معتبراً أن مصر بموجب هذه الاتفاقية لا تستطيع منع أي سفينة من المرور في قناة السويس، مشيراً إلى أنه "حتى الدول التي تعلن الحرب على مصر، لا تستطيع أن تمنع مصر سفنها". وأوضح أن "مجرد إعلان الحرب لا يكفي، ولكن من الضروري اندلاع العدائيات العسكرية الفعلية حتى تقوم مصر بإغلاق القناة أمام سفن هذه الدولة التي أعلنت الحرب على مصر". ولفت إلى أن "مجلس الأمن الدولي انعقد ثلاث مرات، في جلسات عاجلة بطلب من إسرائيل، الأولى عام 1951، والثانية عام 1954، والثالثة في 1967، وفي المرات الثلاث، أيد المجلس بالأغلبية الطلبات الإسرائيلية بخصوص حرية الملاحة في قناة السويس وخليج العقبة ومضيق تيران".

أيمن سلامة: يستحيل تعديل اتفاقية القسطنطينية

اتفاقية القسطنطينية
اتفاقية القسطنطينية هي معاهدة وُقّعت في 29 أكتوبر/تشرين الأول 1888 بين بريطانيا، والإمبراطورية الألمانية، والإمبراطورية النمساوية المجرية، والإمبراطورية الروسية والإمبراطورية العثمانية وإسبانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وهولندا، ونصّت على حرية الملاحة في قناة السويس واعترفت بسيادة مصر على القناة. كما ألزمت الدول باحترام سلامة القناة والامتناع عن عمل أي عمليات عسكرية فيها، في حين حصلت مصر بموجبها على السيطرة الشكلية على قناة السويس آنذاك. ومع تصاعد المطالب الشعبية والمناقشات حول هذا الموضوع، تبرز مجموعة من الأسئلة الأساسية، تسعى دوائر بحثية قريبة من السلطات في مصر للإجابة عنها، وفي مقدمتها: هل يحق لمصر تعديل اتفاقية القسطنطينية؟ إذ يتساءل الكثيرون حول إمكان مصر المطالبة بتعديل هذه الاتفاقية، إذ إن لكل طرف في أي اتفاق دولي الحق في طلب التعديل إذا كانت بعض بنود الاتفاق تمثل ضرراً على مصالحه الوطنية. وضمنه الأسئلة أيضاً، هل يمكن لمصر منع السفن الحربية الإسرائيلية وفقاً للاتفاقية؟ فعلى الرغم من الالتزامات التي تفرضها الاتفاقية، فإن الوضع الحالي يطرح تساؤلات حول مدى قدرة مصر على استخدام حقوقها وفقاً للمادة العاشرة من الاتفاقية، التي تنص على أن أي تدابير تتخذها مصر لحماية أمنها لا تتعارض مع بنود الاتفاقية.