لماذا يفلت الدبلوماسيون من عقوبة جرائم القتل؟ الإجابة في 5 نقاط

في الإثنين ٢٨ - أكتوبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

اتهمت الحكومة الكندية قبل أيام المفوض السامي للهند (السفير وفق دول الكومنولث) و5 دبلوماسيين آخرين بالمشاركة في ما سمتها مؤامرة إجرامية واسعة استخدمت القتل والابتزاز لإسكات منتقدي الحكومة الهندية الذين يعيشون في كندا.

وعادة ما يتبع الاتهامات بالقتل اعتقال المتهمين، ولكن نظرا لأن المتهمين الستة كانوا دبلوماسيين، فإنهم محصنون من الملاحقة القضائية. ورغم أن السلطات الكندية طردتهم من البلاد، فإنها لا تستطيع اتخاذ مزيد من الإجراءات ما لم ترفع الهند عنهم الحصانة الدبلوماسية، وهو احتمال بعيد جدا.

وقد نشأ الخلاف بين كندا والهند عقب اغتيال هارديب سينغ نيجار رجل الدين السيخي البارز في كندا في يونيو/حزيران 2023. وأعلنت الحكومة الكندية في ذلك الوقت أن الحكومة الهندية دبرت مقتله. وكان نيجار، الذي نصب نفسه زعيما وطنيا لطائفة السيخ، ناشطا بارزا في حركة "خالستان" التي تدعو إلى قيام دول مستقلة للسيخ على أراض تشمل ولاية البنجاب الهندية.

وقد نفت الحكومة الهندية بشدة تورطها في وفاة نيجار، واتهمت الحكومة الكندية بالتماهي مع طائفة السيخ كبيرة العدد في كندا لتحقيق مكاسب سياسية.

وقد يبدو من المثير أن تمتد الحصانة الدبلوماسية إلى جرائم القتل. ولكن في الواقع، هذه الحصانة هي واحدة من أقدم قواعد القانون الدولي وأكثرها احتراما.
وقد سعى عمود "المفسر" في صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، الذي تكتبه الصحفية أماندا توب، إلى تقديم تفسير لظاهرة إفلات الدبلوماسيين من العقاب في كثير من الجرائم.1. ماذا تعني الحصانة الدبلوماسية؟
الحصانة الدبلوماسية تعني إلى حد كبير أن الدبلوماسيين محصنون من الملاحقة القضائية في البلدان المضيفة لهم، حتى بالنسبة للجرائم الخطيرة مثل القتل.

ولا يزال يتعين على السفراء والدبلوماسيين الآخرين من حيث المبدأ اتباع القوانين المحلية، لكن إذا لم يفعلوا ذلك، فلن يتمكن البلد المضيف من مقاضاتهم، والعلاج المباشر والوحيد هو إعلان الدبلوماسيين المعنيين "أشخاصا غير مرغوب فيهم" وطردهم من البلاد.

2. ما مرجعية الحصانة الدبلوماسية؟
تنص اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 على أن "يتمتع الوكيل الدبلوماسي بالحصانة من الولاية القضائية الجنائية للدولة المستقبلة". وتعتبر هذه المعاهدة التدوين الحديث لقواعد القانون الدولي الأقدم بكثير.

في هذا الصدد، يقول ماركو ميلانوفيتش، أستاذ القانون الدولي بجامعة ريدينغ في إنجلترا، "إذا عدت إلى العصور القديمة، فهذه هي القواعد الأولى للقانون الدولي التي بدأت تتطور، لأنها مكنت الدول من التحدث مع بعضها بعضا.. في الواقع، هذه هي القاعدة الوحيدة للقانون الدولي التي تتفق عليها جميع الدول تماما. ببساطة، ليس هناك شك في أهمية القاعدة، أو طبيعتها الملزمة".

فمن دون هذه الحصانة، كما يقول المنطق، سيكون المبعوثون معرضين لخطر الاعتقال أو الاحتجاز رهائن أو التدخل بأي شكل آخر في كل مرة يسافرون فيها إلى دول معادية. لذا، فإن إنشاء الحصانة أمر بالغ الأهمية لتمكين العلاقات الدبلوماسية، حتى لو كان ذلك يعني قبول خطر أن بعض الجرائم قد تمر دون عقاب.ويضيف ميلانوفيتش أن "البعثات الدبلوماسية في الدول الأخرى تقوم بقدر لا يصدق من العمل المهم، وللقيام بهذا العمل، يجب أن تكون قادرة على التمتع بالحصانة من إجراءات الإنفاذ المحلية".

3. ماذا يحدث إذا أساءت الدول استخدام الحصانة؟
هذا يحدث طوال الوقت، فمن الشائع جدا، على سبيل المثال، أن تمنح الدول جواسيسها مناصب دبلوماسية داخل السفارات.

ويوضح ميلانوفيتش أن "كل الدول تفعل ذلك، بالمناسبة.. يعمل كثير من وكلاء وكالة المخابرات المركزية الأميركية في الخارج تحت ستار البعثات الثقافية أو شيء من هذا القبيل".

يستغل الدبلوماسيون الحصانة يوميا وبأكثر من طريقة، فاعتبارا من عام 2022، على سبيل المثال، يدين ممثلو الأمم المتحدة والدبلوماسيون الآخرون لبلدية نيويورك بأكثر من 15 مليون دولار كغرامات لوقوف السيارات في الأماكن غير المسموح بها.

وبين عامي 2002 و2022، فشلت البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية في دفع رسوم القيادة في المناطق المزدحمة في العاصمة البريطانية لندن والبالغة حوالي 190 مليون دولار، وكانت السفارات صاحبة النصيب الأكبر.

4. ماذا يمكن لبلد أن يفعل عندما يرتكب دبلوماسي جريمة؟
العلاج الرئيسي للبلد المضيف هو إعلان الدبلوماسي مرتكب الجريمة شخصا غير مرغوب فيه وطرده.

في عام 1976، على سبيل المثال، طردت عديد من الدول الإسكندنافية الدبلوماسيين الكوريين الشماليين بتهمة تهريب السجائر والمخدرات والكحول على نطاق واسع، بما في ذلك جلب 323 رطلا من الحشيش إلى الدانمارك باستخدام الحقائب الدبلوماسية.

5. لمن الحصانة.. للبلد أم الدبلوماسي الذي يمثله؟
الحصانة هي لحماية البلد الذي أرسل الدبلوماسي، وليس للدبلوماسيين الأفراد أنفسهم، لذلك فإن البلد المرسل لديه خيار التنازل عن تلك الحصانة، وفي هذه الحالة، يمكن محاكمة الدبلوماسيين.

ففي عام 1997، على سبيل المثال، تنازلت جورجيا عن حصانة دبلوماسيها جيورجوي ماخارادزه، الذي قتل فتاة مراهقة وأصاب 4 أشخاص آخرين في أثناء قيادته سيارته وهو في حالة سكر في واشنطن.

وإذا لم تتنازل الدولة المرسلة عن الحصانة، فإن ذلك الوضع سيمنع فرض العقوبات القانونية، ولكن ليس العقوبات الدبلوماسية، هذا إلى جانب التشهير بمرتكب الجرم، ودولته التي أصرت على مساعدته في الإفلات من العقاب.

اجمالي القراءات 425