موسى والغضب والخوف

آحمد صبحي منصور في الإثنين ١٦ - نوفمبر - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
القتل من الكبائر ، فكيف لشخص سيصبح نبى ان يقتل و النبى يجب ان يتصف بالحلم فما الحكمة التى نتعلمها من رمى سيدنا موسى للالواح ؟؟ اذا كان القتل من الكبائر و عمر الانسان مقدر منذ بدء الخليقة فلماذا قتل الرجل الصالح ابن الزوجين الصالحين ( الكهف ) ولو تركه لمات فى موعده او اماته الله عز و جل بدون الرجل الصالح لان فى النهاية هو قتل و الطفل لم يقتل احد و القتل محرم؟ فلماذا انسان يقتل انسان بدون سبب ؟
آحمد صبحي منصور

أولا : موسى عليه السلام تربى في قصر فرعون ، وهو يعلم أنه ليس منهم ، فعاش بعُقدة الخوف ، وكان يتوقع الشّر ويأتي رد الفعل منه دفاعيا وسريعا  وهو النبى الوحيد في القرآن الكريم الذى يتردد وصفه بالخوف . وفى اندفاعه بفعل سريع كان يسارع بالتوبة والاستغفار ، لأن ردود أفعاله كانت غالبة عليه . نفهم هذا من :

1 ـ قتله المصرى الفرعونى المعتدى ، لم يكن يقصد قتله ، ضربه فمات فأسرع موسى بالتوبة : ( وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (15) قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16) قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ (17) فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ) القصص  )

2 ـ إلقاء الألواح غضبا وكاد أن يبطش بأخيه عندما رجع لقومه ووجدهم يعبدون العجل : ( وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِي الأَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (151) الأعراف ). شدة غضبه يعبّر عنها قوله جل وعلا : ( وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154) الأعراف ).

3 ـ بسبب تسرعه هذا بعث الله جل وعلا له نبيا يتعلم منه التريث والصبر ، إشترط عليه النبى ألا يسأله عن شيء حتى يأتي أوان الحديث ، وقام هذا النبى بأفعال غريبة فكان موسى لا يملك نفسه من السؤال ، وفى النهاية أجابه النبى ( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً (79) وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (82) الكهف ). هذا النبى كان مأمورا من رب العزة بكل ما فعل ، ومنه قتل هذا الغلام . والله جل وعلا غالب على أمره ، وهو جل وعلا لا يُسأل عما يفعل .

ثانيا : جدير بالذكر أن

1 ـ موسى عليه السلام كان يعلم هذا الاندفاع فيه ، وكان مما قاله لرب العزة جل وعلا حين أمره بالذهاب الى فرعون : ( وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (13) الشعراء ).

2 ـ ان موسى عليه السلام وصفه ربه جل وعلا فقال :

2 / 1 : ( وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39)  طه  )

2 / 2 : ( وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41) طه  )

2 / 3 : (وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً (52) وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً (53) مريم  )

 

اجمالي القراءات 2647