الإنترنت: سلاح الثورة الشاملة؟

في الأربعاء ٠٨ - أبريل - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

مصر



الإنترنت: سلاح الثورة الشاملة؟



يطرح الإنترنت نفسه خلفية ترافق الحياة السياسية المصرية منذ الانتخابات التشريعية لعام 2005 بدويه العاصف الذي يزداد اهتمام المصريين به. فإذا بسمعة عالم التدوين المحلي تزدهر مع ارتفاع عدد المنتسبين إليها حتى باتت البلاد تسجّل أعلى نسبة من النفاذ إلى الشبكة في القارة الأفريقية (20 بالمئة من الشعب يتصفّح الإنترنت).



وفي العام التالي (2006) ، زج بالمدوّن كريم عامر في السجن لنشره مقالات على مدوّنته. ولا يخفى أن معظم معتقلي الرأي في البلاد هم مدوّنون أو ناشطون احتجزوا لبثهم رسائل سياسية عبر الشبكة وتم توقيفهم بموجب قانون حالة الطوارئ. وتشير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في هذا الصدد إلى أن وتيرة القمع ضد مستخدمي الإنترنت بدأت ترتفع منذ العام 2007 لتبلغ مستويات خطرة.



يفكّر كل مدوّني القاهرة في كريم عامر المعتقل لنشره مقالات اعتبرت "مهينة للإسلام والرئيس". وقد لاحظ أحد متصفّحي الإنترنت: "مع أنني لا أوافقه الرأي، ولكنني أستنكر ما حلّ به. فلا يجوز زج أي إنسان في السجن بسبب آرائه". الواقع أن المواطن في مصر (سواءٌ كان صحفياَ أو غير صحفي) يعتبر منذ العام 1955 مذنباً إذا تم إتهامه بنشر الأخبار الكاذبة ما لم يثبت العكس.



بما أن استخدام الإنترنت يزداد انتشاراً بين الشباب المديني المصري، تحرص السلطات على مراقبة هذه المساحة عن كثب. وفي مقاهي منطقة البورصة في العاصمة المصرية، يبقى وجود المخبرين الذين يسترقون السمع إلى مدوّنين يتحدثون عن "الثورة"، و"التغيير"، و"الغضب"، وحركة 6 نيسان/أبريل 2009، ملحوظاً.





"6 أبريل": أزمة مولودة من رحم فايسبوك



في السادس من نيسان/أبريل 2008، اندلع إضراب في شمال القاهرة وبالتحديد في مدينة المحلة، مقر أهم مصنع للنسيج في البلاد. وفي اليوم نفسه، تعرّض عناصر من مجموعة تنتمي إلى الشبكة الاجتماعية "فايسبوك" للتوقيف لنقلهم الخبر.





قصة إضراب مثير للجدل



شهدت مصر مرحلتين من 6 نيسان/أبريل 2008. ترتبط المرحلة الأولى بالإضراب الذي نظّمه عمّال أكبر مصنع مصري للنسيج في المحلة (123 كيلومتر شمال القاهرة) حيث دعوا إلى لزوم المنازل احتجاجاً على ظروف عملهم. ودعماً لإضراب الشمال هذا، تناقل مدوّنو القاهرة الرسالة فيما بعد وشكّلوا مجموعة "6 أبريل" على منصة فايسبوك حتى باتت حركة تضم مناصرين من كل الفئات السياسية.



منذ السادس من نيسان/أبريل 2008، لم يتوانَ هؤلاء المتصفّحون الشباب الذين يبلغ معدل أعمارهم 23 سنة عن التواصل حول ما يصفونه بـ "الثورة". وفي العام 2009، أطلق نداء ليتحوّل يوم السادس من نيسان/أبريل إلى يوم "غضب". وكانت كل وسائل الاتصال مباحة لتعبئة المجتمع برمته، من الشعارات المكتوبة على أوراق النقد إلى آلاف الرسائل النصية القصيرة التي ترسل إلى أرقام مجهولة. فلا خبرة سياسية لمستخدمي فايسبوك الشباب هؤلاء ولا مجال لمعرفة عددهم الفعلي. وفي هذا الغموض بالتحديد، تكمن قوتهم. وبما أن كل أشكال الاجتماعات محظورة بموجب قانون حالة الطوارئ الذي ترزح البلاد تحت وطأته منذ ما يقرب من 28 عاماً، سمحت لهم شبكة الإنترنت بالاجتماع عبر جهاز الكمبيوتر.



وبهذا، أصبحت الشبكات الاجتماعية تشكل منصة لنقل الرسائل الاحتجاجية فيما يمثل الإنترنت مساحة لا مناص منها للجيل المصري الجديد أخذت تحل شيئاً فشيئاً مكان النقابات والتعبئة السياسية في الجامعات. وقد أسرّ أحد المدوّنين المنتمين إلى مجموعة "6 أبريل" لمراسلون بلا حدود: "تشبه الحكومة الأخطبوط الذي ينشر مجسّاته ليجد مذنباً لكل انتقاد يوجّه ضدها. يساعدنا الإنترنت على نشر احتجاجاتنا. وحتى لو لم تنظّم تظاهرة في إحدى المدن، فلا بدّ من أن تجري في أخرى بفضل وسيلة الاتصال هذه".



لكن مجموعة "6 أبريل" تندرج أيضاً في إطار القضايا الإعلامية. إنها قصة الإعلام "المثيرة" بما تشمله من مدوّنين يظهرون من أي مكان من دون أن يُعرَف عددهم ويتحلّون بالقدرة على تحريك مصر بأسرها. صحيح أن "أي تغيير لم يطرأ" في غضون عام وفقاً لبعض سكان القاهرة، إلا أن الإنترنت سمح بنقل الرسالة.



بقدر ما هي هذه الحركة ثورية بقدر ما تثير الجدل. يتهمها البعض بأنها تستفيد من مطالب عمّال المحلة لتكتسب الشعبية معتبرين أن النجاح الإعلامي الذي حققه المدوّنون الأكثر شهرةً قد أساء إلى مصداقية الحركة الاحتجاجية على الإنترنت، فيما يرى البعض الآخر أن الحركة قد بارحت مكانها وفقدت حماستها.



من المعلوم أنه قد تم تنظيم 1254 إضراباً في البلاد بين 6 نيسان/أبريل و31 كانون الأول/ديسمبر 2008 بالرغم من صفتها غير الشرعية ، إلا أن مراسلة وكالة الصحافة الفرنسية في القاهرة منى سالم تعتبر أن السادس من نيسان/أبريل لحظة "نادرة" في التاريخ المصري المعاصر. وبعد تغطيته، تأكدت من أن أهمية هذه الحركة "لا تكمن في تبعاتها لأن أي تغيير لم يطرأ على الوضع، وإنما في إظهارها اهتمام شباب، لا ينتمون إلى أي جهة سياسية، بما يجري في مجتمعهم". ولا شك في أن هذا الاندفاع القومي يشغل بال الحكومة التي فوجئت بالحدث.





ترهيب متصفّحي الإنترنت في غياب القدرة على ضبط الشبكة



يرى وائل عباس الذي يعدّ من رموز عالم التدوين في مصر أن البلاد "تنطوي على صحافة مستقلة ولكن هذه الصحافة لا تجرؤ على اختراق أي قاعدة. ننشر الصور والتسجيلات على مدوّناتنا لنكسرها. وكأننا نستلهم جني الفانوس الذي لن يعود أبداً". وكان وائل عباس من أفشى إحدى أهم فضائح هذا العقد بنشره تسجيلات على مدوّنته في كانون الثاني/يناير 2007 تبرز أعمال تعذيب يقوم بها ضابطان من الشرطة في أحد أقسام القاهرة. وقد ساهمت هذه الفضيحة بالتحديد في إدانة الضابطين بعقوبة بالسجن، وهو حدث يعدّ الأول من نوعه في البلاد منذ أكثر من عشرين عاماً.



في أثناء إضراب السادس من نيسان/أبريل 2008، تعرّض المدوّن والعامل في مصنع المحلة كريم البحيري للتوقيف إثر تغطيته لهذا الحدث على مدوّنته. وكان قد نشر قبل اعتقاله: "إنها الساعة السابعة صباحاً من 6 أبريل. سأتوجه إلى المحلة لتغطية إضراب المصنع. صلوا لأجلي وآمل أن ننجح في إظهار شوائب النظام المصري. كريم البحيري، من بلد حر: بلد الثوار المصريين". وتعدّ عمّال مصر من أولى المدوّنات التي روّجت للإضراب الذي نظّم في المحلة. وقد بقي كريم البحيري مدة 73 يوماً قيد الاحتجاز مع أن النائب العام أمر بإخلاء سبيله بعد مرور عشرة أيام على توقيفه. ولدى خروجه، فقد وظيفته بسبب "التغيّب" بالرغم من تلقّي أرباب عمله وثائق تؤكد احتجازه. وكانت السلطات تتهمه بالتحريض على الإضراب على مدوّنته. ولا شك في أن ظاهرة "6 أبريل" على فايسبوك سمحت بتسليط الضوء على الصعوبات التي يواجهها المصريون في بلد خاضع لإمرة الشرطة.



وإذا بسبحة الاعتقالات التعسفية للمدوّنين تكر. ويشير مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، جمال عيد، في هذا الصدد إلى أن السلطات تعمد إلى "توقيف المدوّنين أكثر من الصحافيين بموجب قانون حالة الطوارئ الذي يسمح باعتقال المواطنين بلا مبرر واستبقائهم في السجن لعدة أعوام بلا مبرر أيضاً".



وأضاف: "نلاحظ نزعة إلى القضاء على الأصوات المزعجة باختطافها بهدف التنكيل بها". فقد أقدمت السلطات في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 على اختطاف أحد المدوّنين الأكثر قراءة، محمد عادل، في منطقة يرتادها عدد كبير من مؤيدي المعارضة. وقد أسرّ عادل لمراسلون بلا حدود: "كنت أتوجه إلى لقاء مع باحث فرنسي عندما تعرّضت للتوقيف. فاستجوبوني حول نشاطي في مجال التدوين وأرادوا أن يعرفوا ما قمت به في أثناء رحلتي إلى غزة. وأبلغوني بأنني زعيم "خلية" جديدة لتدريب قوات الأقصى وحماس بالرغم من أن إقامتي في المدينة لم تدم أكثر من 48 ساعة". بقي محمد عادل بين يدي ضباط الشرطة مدة أربعة أشهر خضع في خلالها لعمليات استجواب قاسية (الرجاء مراجعة الرواية على موقع مراسلون بلا حدود). ولا يزال يجهل المكان الذي سجن فيه. وفي العام 2009، وقع أربعة مدوّنين آخرين ضحية التدابير نفسها مع أن المدوّنين المنتشرين في مقاهي منطقة البورصة حيث اعتادوا اللقاء يؤمنون بمبدأ واحد، ألا وهو الشفافية: "ندرك أنهم يتنصّتون على هواتفنا الجوّالة. ولكن، ليس لدينا ما نخفيه".



أمام هذا الشغف بالشبكة، بدأ الخناق يضيق على وسائل الاتصالات. ومنذ العام 2008، لم يعد المصريون يستطيعون الحصول على خط هاتفي غير مسجّل. ولكن السيطرة لم تبلغ حدها بعد. فهناك قواعد جديدة من شأنها أن تعدّل شروط استخدام شبكة الإنترنت بلا شريط (واي فاي). وبهذا، أصبح الاتصال بالشبكة لقاء بدل كما فرض على المتصل تزويد عنوان بريده الإلكتروني لترسل إليه كلمة المرور واسم المستخدم.



وعلى صعيد آخر، لا يزال مشروع القانون حول ضبط الشبكة قيد المناقشة في البرلمان علماً بأنه يلحظ عقوبات بالسجن للانتهاكات المرتكبة في استخدام الإنترنت ونشر محتويات متعددة الوسائط بلا ترخيص من الحكومة.



إلا أن متصفّحي الإنترنت لا يزالون صامدين في ظل هذه الضغوط تماماً كما هو المدوّن محمد عادل الذي احتجز لمدة أربعة أشهر لنشره مقالات على الإنترنت وإعلانه موقفه صراحةً من النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني. وفي الوقت الحالي، ما زال يجهل مكان احتجازه علماً بأنها للمرة الرابعة التي يتعرّض فيها للتوقيف في غضون سنتين ولكنه لا يزال ماضياً في النضال.



لأن المدوّنين الناشطين معروفون. وفي هذا السياق، أشارت الباحثة إيمان فرج من مركز الدراسات و الوثائق الاقتصادية والقانونية والاجتماعية إلى أن "التدوين الذي يعادل الذوبان بين الآخرين في فرنسا يعني في مصر تشكيل الجماعات وتحويل الرغبة المعلن عنها على الشبكة إلى ظاهرة حقيقية".



وليست "الحسبة السياسية" إلا وجه اتهام جديد ناجم عن الاستخدام المكثّف للإنترنت والموجه ضد الصحافيين والمدوّنين. ويعتبر جمال عيد أنه يشكل "سيفاً مسلطاً" على أعناق الأصوات الناقدة. خاصةَ في وجود منفذا إجرائياَ يعدُّ بمثابة ثغرة قانونية يمكن من خلالها ملاحقة أي شخص يعتبر مسؤولاً عن "الإساءة إلى صورة" البلاد أو الحزب الحاكم. وقد تمرّس الصحافيون على كيفية التعامل مع هذه التهم لأنهم كانوا في مقدمة صفوف ضحايا الدعاوى القضائية المرفوعة في هذا الصدد. وفي 13 أيلول/سبتمبر 2007، أدانت محكمة جنح العجوزة أربعة رؤساء تحرير بالسجن لمدة عام مع غرامات مالية باهظة بتهمتي "نشر أخبار كاذبة من شأنها الإساءة إلى سمعة البلاد و تكدير النظام العام" و"السب و القذف بحق رموز الحزب الحاكم" إثر إيداع أحد أعضاء الحزب الديمقراطي الوطني الحاكم شكوى ضدهم في العام 2006، و قد أسقطت محكمة إستئناف في 31 يناير 2009 عقوبات السجن و أيّدت أحكام الغرامة الصادرة ضدهم، و إن كانوا قد طعنوا على عقوبات الغرامة أمام محكمة النقض بمصر ولم يصدر الحكم النهائي بعد.





الدستور، يومية مستقلة في قبضة قضاء تابع للسلطة



منذ العام 2005، اضطرت يومية الدستور المستقلة للدفاع عن نفسها 2050 مرة في المحكمة بسبب مقالاتها علماً بأن غالبية الشكاوى المرفوعة ضدها تقوم على اتهامات جنائية تطالب بسجن كتاب المقالات وأن 85 بالمئة منها تكللت بفوز الصحيفة فيما ردت 10 بالمئة منها لعيب في الشكل القانوني الذي رُفِعت به.



إن هذه اليومية ملاحقة بسبب نشرها سبعة تقارير تتناول أعمال عنف ارتكبها ضباط من الشرطة. وفي هذه الحالات السبع أمرت وزارة الداخلية الضباط المعنيين بارتكاب تلك الأعمال بمقاضاة الصحيفة بتهم السب و القذف و نشر اخبار كاذبة حول تلك الإتهامات الموجهة إليهم، تحت التهديد بإخضاعهم للتحقيق الداخلي حول نفس الإتهامات إذا لم يقاضوا الصحيفة!!. وبهذا، تتوالى التهم الموجهة ضد الصحافيين لأن الضباط مضطرون لحماية أنفسهم من المسؤولين عنهم.



في العدد 476، نشرت الدستور افتتاحية عنونتها: "مصر تحاصر غزة وتشارك فى إبادة جماعية للفلسطينيين"، ما أدى إلى اتهام رئيس تحريرها ابراهيم عيسى بالإساءة إلى صورة البلاد وتحريض الشعبين المصري والفلسطيني. وقد أفاد محاميه بأنه "ما من ضغوط مماثلة موجهة ضد صحف المعارضة. وحدها الصحافة المستقلة تواجه هذا النوع من العوائق لأنها الوحيدة التي تتخذ المواقف ضد الحكومة".



الرجاء عدم المس بصورة البلاد



إن التنكيل القضائي الممارس ضد الصحافة ومتصفّحي الإنترنت ليعكس نية السلطات السيطرة على صورة البلاد. وفي يناير/كانون الثاني 2009، رفعت 31 دعوى قضائية ضد مدوّنين وصحافيين بمعدل دعوى كل يوم. وفي شباط/فبراير 2009، أحصت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان 26 منها. وقد أشار جمال عيد، مدير الشبكة، في هذا الصدد إلى أن العام 2008 كان الأسوأ من حيث الانتهاكات المرتكبة ضد حرية التعبير منذ العام 1952، تاريخ الانقلاب العسكري الذي أدى فيما بعد إلى إعلان قيام النظام الجمهوري في مصر: "إن كنت صحافياً معروفاً، فلا بدّ من أن تكون معرّضاً لتسديد غرامة. وإن كنت أقل شهرة، فلا بدّ من أن تكون عرضة للسجن".



الواقع أن 32 مادة من القانون تعاقب الصحافة، تتوزع على قانون العقوبات، وقانون الصحافة، وقانون المطبوعات، وقانون نشر الوثائق (الذي يمنع الصحافيين من النفاذ إلى بعض المحتويات الرسمية)، و قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، و قانون الأحزاب السياسية، وغيرها. ويلحظ النظام التشريعي إمكانية السلطات اختيار القضاة و تكليفهم لتولِّي القضايا و هو ما يعني إسنادها لأولئك القضاة المعروفون بقربهم من الدوائر الحاكمة ، و في عام 1995 حاولت الحكومة المصرية عن طريق البرلمان الخاضع لها فرض قانون يرفع عقوبة السجن في جرائم النشر إلى 15 سنة و إلزام الصحفي بالكشف عن مصادره السرية للمعلومات إلا أنها فشلت.



ولا يمكن إنشاء صحيفة في مصر من دون طلب الإذن من المجلس الأعلى للصحافة الخاضع لإمرة الدولة، وعدة مديريات أمنية، ومجلس الوزراء. وبالرغم من هذه العوائق، إلا أن صحافة المعارضة لا تزال صامدة في مصر. فمنذ العام 1977، يجيز القانون رقم 40 (قانون الأحزاب السياسية) لكل حزب سياسي تأسيس صحيفته. إلا أنه إذا ما تبيّن أن المواد الصحفية المنشورة تنطوي على "تهديدات من شأنها أن تمس بالأمن القومي"، يتم إقفال الحزب والصحيفة في آن معاً. والجدير بالذكر أن معظم الصحف لا تملك مطابع خاصة بها. وقد نجحت الحكومة في احتكار هذا النشاط والسيطرة على 99 بالمئة منه، ما يتيح لها إمكانية عرقلة توزيع الصحيفة المطبوعة في أي وقت. وحتى أن السلطات تجرؤ على دفع مبالغ مالية للموزّعين لتستعيد المنشورات من أكشاك الصحف قبل أن تقع بين أيدي القراء.





دولة للبيع؟





فرض الرقابة على ضابط في الشرطة لنشره دليلاً حول حقوق المواطنين المصريين على الإنترنت



إثر تظاهرة السادس من نيسان/أبريل 2008، قام ضابط سابق في الشرطة هو عمر عفيفي بنشر كتاب بمثابة دليل يقدم نصائح حول أسلوب التعامل مع أقسام وكمائن الشرطة وأوامر الضبط والاعتقال. وقد وزّع الكتاب المعنون "عشان ما تنضربش على قفاك" في مكتبة مدبولي قبل مصادرته وسحبه من البيع.



ويعتبر عمر عفيفي أن الإنترنت سلاح خطير. وقد اكتشف النظام أهميته ويسعى إلى السيطرة عليه بترهيب الشباب الذين أطلقوا حركة للتغيير في مصر ولكنه يضيف أن السلطات لن تتمكن أبداً من السيطرة على الوضع برمته.



يمكن تحميل دليل "عشان ما تنضربش على قفاك" على موقع مراسلون بلا حدود.





تشكل صورة مصر على المستوى الدولي الشغل الشاغل للحكومة التي تعتبر أنه يفترض بالإعلام أن يخدم مصالحها السياسية وصورتها الخارجية. وفي تقرير بعنوان "إسرائيل / غزة: ضبط الإعلام هدف عسكري" نشر في شباط/فبراير 2009، شددت مراسلون بلا حدود على الدور الذي أدته مصر في النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني بإقفالها معبر رفح الفاصل بين البلدين. وكان حسني مبارك قد أعلن حينها أنه ينبغي القضاء على حماس قاصراً اجتياز المعبر على المساعدات الإنسانية، ومانعاً الصحافيين عن دخول قطاع غزة، وتاركاً الصحافة الفلسطينية الشاهد الوحيد على الوضع السائد.



ومن الأمثلة على نية السيطرة المعلنة لدى الحكومة المصرية على القطاع الإعلامي، نذكر اعتقال صحافية مصرية تعمل في القسم العربي من قناة الجزيرة قبيل تغطيتها تظاهرة السادس من نيسان/أبريل 2008. إلا أن القسم الإنكليزي من القناة تمكن من بث بعض الصور. ومنذ ذلك الحين، تسعى السلطات إلى عرقلة صحافيي تلك القناة التلفزيونية التي تتّخذ من قطر مقراَ لها في أثناء أدائهم لواجبهم المهني بسحب أوراق اعتمادهم.



أما المدوّن و الناشط و الصحفي فيليب رزق الذي تعرّض للتوقيف في السادس من شباط/فبراير 2009، فلم يخلَ سبيله سريعاً إلا بعد تعبئة دولية مهمة. وفي هذا السياق، لاحظ: "لم أعامل كالآخرين. سمعت أصوات التعذيب ولكنني لم أتعرّض لأي منها. وفي خلال استجوابي، أخذ ضباط الشرطة يطرحون عليّ أسئلة حول "صلاتي الدولية". وقد أدركت اليوم وحسب أنهم كانوا يلمّحون إلى التعبئة التي نظّمت في مصر والخارج للمطالبة بالإفراج عني. وخرجت من السجن في غضون أربعة أيام". وكانت السلطات قد اتهمته بأنه عميل إسرائيلي، ما دفعه إلى القول: "لا أستغرب الأمر نظراً إلى جنسيتي". فقد ساهم تدخّل السفارة الألمانية والرسائل المنشورة عبر الإنترنت في شهرة وضعه: "كان من مصلحتهم أن يفرجوا عني سريعاً. أظن أنهم حصلوا على المعلومات التي يريدونها. كانوا يشكون بإمكانية تحدثي لدى الإفراج عني، ما دفعهم إلى معاملتي بشكل مختلف".



حركة "6 أبريل" هي أكثر من مجرّد قصة بسيطة مطروحة على فايسبوك. فهي تدفع بحدود المعارضة قدماً. وترى إيمان فرج أن "في مصر أمور كالمثلية الجنسية أو تكدير النظام الأخلاقي القائم هي ما يتم تصويرها كمخالفة أو معارضة حقيقية للأوضاع السائدة. على ان تلك النظرة للمعارضة ليس لها أدنى صلة بشباب مهتمين بمستقبل بلادهم ممن يتعلّمون السياسة من الكتب. ما يفعلونه ربما يكون هو "الثورة" ضد هذه النظرة و ذلك التصوّر".



خلافاً لدول تعدّ قمعية شأن الصين، وفييتنام، أو حتى تونس، وليبيا، والمملكة العربية السعودية، لا يعتبر النظام المصري هؤلاء الشباب على أنهم معارضون. ولا يتوارى الناشطون الذين يستخدمون هذه الشبكة فيما تقوم وسائل اتصالاتهم على تقنيات شفافة إلى أقصى الحدود. ولكن هذه القصة لتجسّد التحدي المفروض على السلطات: "إن كنتم موجودين، فبانوا. وإن كنتم تظنون أنكم تعيشون في دولة قانون، فاثبتوا ذلك".





" يعاقب بالحبس كل من أهان رئيس الجمهورية بواسطة إحدى الطرق المتقدم ذكرها" المادة 179 من قانون العقوبات المصري



"حرية الرأي مكفولة، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون، والنقد الذاتي والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطني" المادة 47 من الدستور المصري



حمِّل التقرير كاملاَ باللغة العربية الآن على موقع مراسلون بلا حدود او من المرفقات بهذه الرسالة

اجمالي القراءات 2439