ليس من الضرورى أن أكون شيعياً لكى أدافع عن حق الشيعة فى الوجود، وبالرغم من عدم اعتناقى الفكر الشيعى فإننى لا أستطيع تصديق أن فقه الشيعة كله هراء كما يقول أغلب شيوخ السنة، فمن المؤكد أن لدى الشيعة فقهاء مجتهدون مثلما لدى السنة، ومن المؤكد أيضاً أن هناك مناطق مضيئة ومناطق مظلمة فى ساحة الفقه الشيعى مثل أى مذهب فى الدنيا، بدليل أن شيخ الأزهر الذى أصدر أوامره بتنظيم دورات للأئمة لمواجهة أباطيل الفكر الشيعى كما وصفه.
وأعلن أمام وفد الطلاب السعودى منذ شهر بأنه &g; لا مكان للشيعة فى مصر، نفس الشخص محمد سيد طنطاوى عندما كان مفتياً لجأ إلى الفقه الشيعى ليلتمس عنده الحل لمشكلة عويصة، والعهدة على الراوى المستشار الدمرداش العقالى، رئيس محكمة الاستئناف السابق، عضو مجلس الشعب السابق والشيعى المذهب، والذى يحكى ويقول «كنت عضواً فى مجلس الشعب المصرى وقت أن غرقت عبّارة «سالم إكسبريس» وهلك فى الحادثة قرابة ١٢٠٠ نفس.
إذ اُنتشل من البحر ٥٠٠ جثة ولم تنتشل ٧٠٠ جثة وأصبحت فى حكم المفقود، وصار لزاماً على الشركة المالكة للباخرة دفع التأمين لورثة الركاب، توافد الناس من كل أنحاء مصر لأخذ التعويضات، وقبل أن تصرف الشركة التعويض تنبّه أحد محامى الشركة وقال : حسب مذهب أبو حنيفة، المفقود لا يعتبر ميّتاً حتى يمضى عليه مدّة قدرها ستون عاماً!.
لم يرق لرجال القانون فى مصر حكم أبوحنيفة فأخذوا يبحثون عن فقيه آخر يخرجهم من هذا المطب!، ففى فقه أحمد بن حنبل حكم المفقود ١٥ سنة، وابن تيمية أنقص المدّة إلى خمس سنوات، وطلب محامى الشركة الانتظار خمس سنوات، فتظاهر الناس أمام المجلس.
وكلّف مفتى مصر الشيخ محمّد سيد طنطاوى بإيجاد منفذ للخروج من هذا المأزق، فجاءنى بعد الفجر فى بيتى وقال لى: ألا يوجد عندك حلّ؟! فدعوته لقراءة «فقه المذاهب الخمسة» وطالعنا مسألة المفقود، فقرأ بنفسه عن الإمام الصادق أنّ المفقود إذا فقد فى حال لا تتصوّر معها بقاء الحياة عُد ميتاً ولو بعد ساعة، كأن يكون قد دخل فى النهر ولم يخرج أو ابتلعه حوت فلم يخرج، أخذ المفتى نفساً عميقاً وقال: والله هذا الكلام المعقول وسأكتب فتوى بهذا المعنى ستقرأ على أعضاء مجلس الشعب وفوجئت بأنّه كتب الفتوى وقال فيها: يقول بعض أهل العلم!!!،
فلمّا تليت الفتوى فى مجلس الشعب وفيها كلمة «يقول بعض أهل العلم» اعترض وزير الأوقاف السابق، فوقف يقول: من أين جاء المفتى بهذا الكلام؟، هذا كلام ليس له أساس، أين أهل العلم هؤلاء؟!، كانت وجوه الأعضاء ورئيس مجلس الشعب متجهة نحوى، فأرسل إلى ورقة صغيرة مكتوب فيها: أنا أعرف ما تقول!! فكتبت على نفس الورقة: ولكن غيرك من الأعضاء لا يعرف ما أقول، فإمّا أن تقول أو أقول. فإذا برئيس المجلس ينطقه الله ويقول للأعضاء فضيلة المفتى واسع الاطلاع، لابدّ وأنّه اطّلع على رأى الشيعة الإمامية».