بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين على أمور دنيانا والدين, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, والصلاة والسلام على والدينا وعلى جميع الأنبياء والمرسلين... وبعد
في الدراسات المنشورة في الموقع للدكتور أحمد صبحي منصور بعنوان ( ليلة القدر في رمضان هي ليلة الإسراء, ليلة نزول القرءان كتابا ) على الرابط:
http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=5488
وما تبعه من سلسلات في التأصيل القرءاني!!!
أحببت أن أبيَن بوضوح, العديد من الإختلافات في الرؤى والمفاهيم والتدبُر القرءاني في ما طرحه الدكتور منص&aelelig;ر, على إعتبار إتفاقنا المبدئي القائم على إننا جيل الإختلاف مرضاة لله جل جلاله وحده لا شريك له وأحفادنا هم جيل الحوار, وعلى إعتبار إن الأمانة القرءانية والعلمية المُلقاة على عاتقنا تحتم علينا مبدأ الإختلاف للوصول إلى أقرب الصواب.
1- في العنوان لهذه السلسلات البحثية, تُظهر بما لا يدع مجالا للشك, إن ليلة القدر ( ليلة نزول القرءان كتابا ) هي نفسها ( ليلة الإسراء )!!! وهنا يقع الدكتور أحمد في خطأ كبير, مرده كتب التأريخ والتراث الإسلاموي المحرفة المزورة المكتوبة حروفها بالدماء, والتي قامت أساسا على العدوان والحرب على الله وكتبه ورسله وقامت أساسا على تحريف الكلم عن مواضعه ولتفسيرات القرءان الكريم ظلما وعدوانا!! والقائمة أساسا على إعتبار إن ليلة الإسراء هي ليلة الإسراء بالرسول محمد ( عليه الصلاة والسلام )!!
ليلة الإسراء المذكورة في أول آية في سورة الإسراء في القرءان الكريم, لو تدبرناها جيدا من القرءان الكريم ( بمعزل عن كتب التأريخ الإسلاموي ), سنجدها تتكلم أساسا على ليلة الإسراء للرسول موسى ( عليه الصلاة والسلام ) في رحلته من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى, ولا علاقة لها بالرسول محمد لا من قريب ولا من بعيد.
لقوله تعالى:
سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (1) الإسراء
ثم يستطرد الله جل جلاله بعد الآية أعلاه (1) ويؤكد في قوله تعالى:
وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً (2) الإسراء
وكلنا يعلم قصة ( لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ) ( في تسع آيات إلى فرعون وقومه ) التي أرى الله جل جلاله لموسى في الوادي المقدس طوى ... في قوله تعالى:
فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8) يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ (11) وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (12) النمل
والفرق بين ليلة الإسراء للرسول موسى ( عليه الصلاة والسلام ) وليلة نزول القرءان كتابا في رمضان ( ليلة القدر ) فترة زمنية لا تقل عن 1000 عام.
2- صوَر الدكتور أحمد, صوَر رسول الله من الملائكة جبريل ( عليه السلام ) المعني بتبليغ رسالات الله السماوية من السماء إلى رسُل الله في الأرض, صوَره وكأنه إله ( والعياذ بالله )!! ينفخ الروح في مخلوقات الله جل جلاله فتدب فيها الحياة!! بديلا عن الله جل جلاله , تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا... حينما قال:
(ومن بين الملائكة يتميز جبريل أو الروح .
ـ فهو الذي قام بنفخ النفس في آدم حين كان آدم بلا أب وبلا أم . وهو الذي تمثل لمريم بشرا سويا ونفخ فيها نفس المسيح . والنفخ يعني انه حمل كلمة "كن " الإلهية فكان آدم وكان المسيح "إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ :آل عمران 59"
ـ وهو الذي نزل بالوحي على كل الأنبياء "يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ : النحل 2" " يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ: غافر 15"
ـ وهو الذي نزل بوحي القرآن على خاتم النبيين "نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِين . عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ . بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ : الشعراء 193" "قل نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ : النحل 102"
ـ و هو الذي ينزل بالأقدار للبشر ليلة القدر من الأمور الحتمية الأربعة التي قد كتبها الله تعالى سلفا على كل إنسان قبيل وجوده المادي في الدنيا، وهى : ما يخص الميلاد والموت والمصائب المكتوبة والرزق الموعود ...
هذا عرض سريع لدور الملائكة بالنسبة للبشر، خصوصا الروح جبريل .
ونرجع إلي ليلة القدر التي تمثل الموعد السنوي لصلة الملائكة بالبشر، حيث كانت تنزل بالوحي،وحيث لا تزال تنزل بأقدار البشر. ) انتهى
3- ولم يقف الأمر عند هذا, بل صوَر إن الروح المنفوخة من ذات الله جل جلاله وحده لا شريك له إلى مخلوقات الله جل جلاله, صَور جبريل الرسول على إعتبار إنه هو الروح!! ينفخ النفس !!!؟؟؟ ما يبين بوضوح إن الدكتور أحمد, كتب كتابه هذا, بعقلية الشيخ الأزهري القديم!! وليس بعقلية المفكر الأصولي القرءاني الحديث!!!
4- أما بخصوص جبريل كونه الروح القُدُس والروح الأمين, فقد آثرت على نفسي لنشر بحوثنا في هذا الصدد حرصا منا على الأمانة القرءانية والعلمية المُلقاة على عاتقنا وسيسألنا الله جل جلاله يوم يقوم الحساب. إلا إذا رأى الدكتور أحمد صبحي منصور أن نشطب جهودنا والإكتفاء برؤيته ووجهات نظره وتأويله الشخصي منفردا!! وفي غنى عن تأويلات الآخرين وجهودهم وتدبُرهم.
الروح القُدُس والروح الأمين:
- الروح القُدُس:
لو تأملنا قوله تعالى:
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ
بِرُوحِ الْقُدُسِ (78) البقرة
في الآية الكريمة أعلاه... ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ ) وكون الله جل جلاله آتى الرسول موسى ( عليه الصلاة والسلام ) الكتاب ( التوراة, الهدى, الذكر, النور, الحمد, الشرعة ) كرسول وبالوحي من عند الله جل جلاله.. ( وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) وآتى الله جل جلاله البينات للكتاب ( الفرقان, سُنة الله, المنهاج, الحكمة ) لرسوله عيسى ( عليه الصلاة والسلام ) مؤيدا بروح القدس (الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) وروح القدس هي من أمر ربي ( الروح من أمر ربي – من الذات الإلهية - ) وهي مرتبة من مراتب روح الله جل جلاله والتي تتجسد وتتمثل بأسماء وصفات الله جل جلاله ( القدوس ).
وبرأيي الشخصي إن ( الروح الأمين, الروح القدس ) لها علاقة مباشرة بروح وأسماء وصفات الذات الإلهية, لله جل جلاله وحده لا شريك له, ولا علاقة لرسل الله وأنبياؤه من الملائكة والناس بها....
ولقوله تعالى:
تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ (253) البقرة
( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) ( مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ ) ( وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ) (وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) ...
وهذه دلالات واضحة إن الوحيد الذي من حقه التفريق والمفاضلة بين الرسل والأنبياء هو الله جل جلاله وحده لا شريك له, ولا يحق لنا نحن الخلق, المفاضلة والتمييز بين الرسل والأنبياء, طاعة وإمتثالا لأوامر ربي في روحه المتمثل بكلامه جل جلاله كوحي رباني إلهي في القرءان الكريم... وقد ترددت في الآيات الكريمات أعلاه ( وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ )... هذا التمييز والمفاضلة التي كرم الله جل جلاله بأن آتى الله جل جلاله البينات لرسول الله عيسى ( عليه الصلاة والسلام ) مؤيدا بروح القُدس ( من روحه القدوس ) أعطت الرسول عيسى إبن مريم ( عليهما الصلاة والسلام ) أن يُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً ( بإذن الله ) وأكرر هنا مرة أخرى ( بإذن الله ) وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ ( بِإِذْنِ الله ) فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا ( بِإِذْنِ الله ) وَتُبْرِىءُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ ( بِإِذْنِ الله ) وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى ( بِإِذْنِ الله ), وكون رسول الله عيسى إبن مريم ( عليهما الصلاة والسلام ) مؤيدا بروح الله القدسية فهذا لا يعني إنه أصبح إلها ( والعياذ بالله ) بل إن الله جل جلاله فعال لما يريد ويفاضل بين الرسل والأنبياء كيفما يشاء, ولا يحق لنا الإعتراض عن أمر ربنا, وحسبه جل جلاله إذا أراد شيئا أن يقول له كُن فيكون.
كقوله تعالى:
وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ (91) الأنبياء
( وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا ) ( فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا ) ( وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ ), فنفخة الروح من أمر ربي تتجسد بالأمر الإلهي ( كُن فيكون )... تأكيدا لقوله تعالى:
إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (59) آل عمران
وقوله تعالى:
وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12) التحريم
ولقوله تعالى:
إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِىءُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ (110) المائدة
وقوله تعالى:
قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (102) النحل
وفي الآية الكريمة أعلاه ( 102 النحل )... ( قُل ) الأمر موجه للرسول محمد عليه الصلاة والسلام ( بالبيان من أمر ربي ) قُل ( نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ ) وهذه دلالة وإشارة أخرى بأن القرءان الكريم أنزله روح الله جل جلاله القدسية ( الملك القدوس ) من ربنا بالحق, بمعنى آخر إن الآية الكريمة تتكلم كلية عن ( أمر ربي – الروح القُدُس من الذات الإلهية- ) تماما ولم تشر لا من قريب ولا من بعيد لأي من رسل الله جل جلاله من الملائكة والناس... ( لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ), وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ كافة في الأرض من ربك بالحق, كون القرءان الكريم نزَله الله جل جلاله من روحه القدسية بالحق, رحمة للعالمين ولكافة الناس بشيرا ونذيرا... وهذه الآية الكريمة تختص بتنزيل الله جل جلاله للقرءان الكريم مؤيدا بروح القدس من رب العالمين... كما أيد الله جل جلاله ( البينات ) بروح القدس كذلك للرسول عيسى إبن مريم ( عليهما الصلاة والسلام )... ما يؤكد لنا إن القرءان الكريم نزله الله جل جلاله مؤيدا بالروح القُدُس والروح الأمين من ذات روح الله جل جلاله وحده لا شريك له... ما يؤكد لدينا إن القرءان الكريم ( التوراة, الإنجيل, القرءان, الشرعة, الهدى, النور, الذكر, الكتاب ) هي مؤيدة من ذات روح الله القُدُس والأمين... وإن البينات ( المنهاج, الفرقان, سُنة الله, الحكمة, البيان, البشير, النذير, الميزان ) هي مؤيدة من ذات روح الله القدوس.
وقوله تعالى:
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً (171) النساء
في الآية الكريمة أعلاه ( 171 النساء ) ( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ ) ( وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ), ولاشك إنما ( الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ ) وكلمة الله جل جلاله التي ألقاها إلى مريم أم عيسى ( عليهما الصلاة والسلام ) هي نفخة بالروح من عند الله جل جلاله ( من أمر ربي ) وتتلخص وتتمثل وتتجسد بالأمر الإلهي ( كُن فيكون )... وهي دلالة مؤكدة بالخلق الإعجازي الرباني في خلق رسول الله عيسى ( عليه الصلاة والسلام ) من أمه مريم إبنة عمران ( عليهما الصلاة والسلام ) من أم دونما أب ... بالأمر الإلهي ( كُن فيكون ) وليكون آية ومعجزة ربانية للعالمين.
لقوله تعالى:
إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (59) آل عمران
وقوله تعالى:
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16)
فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17)
قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا (18)
قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19)
قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20)
قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا (21) مريم
- الروح الأمين:
لو تأملنا قوله تعالى:
وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ (195) الشعراء
( وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) هنا يتكلم الله جل جلاله ليؤكد نزول الوحي الإلهي من رب العالمين ( القرءان الكريم )... و ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ) ( نزَل به ), البعض ربما ينسبها كصفة خصصها الله جل جلاله لجبريل الرسول ( عليه السلام ) أو ميكائيل ( عليه السلام ) أو غيرهما من ضيوف الرحمن في الأرض, مع إن هذا التوصيف لرسل الله من الملائكة (نَزَلَ بِهِ ) لم يذكره الله جل جلاله بالإسم لجبريل أو ميكائيل أو أي من خلق الله جميعهم, بل إن التوصيف في الآية الكريمة يتكلم كله عن التنزيل في القرءان الكريم الموصوف بمرتبة من مراتب روح الله الأمين ( القرءان الكريم ) ووصف الله جل جلاله للأمين المُشتق من ( الأمانة ) المتمثل في قوله تعالى:
إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) الأحزاب
وبرأيي الشخصي إن الآية الكريمة ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ) هي دلالة عرض القرءان الكريم ( الأمانة ) من روح الله الأمين, ( فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا )... ( فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا ) ليست معناها رفض السموات والأرض لحمل أمانة القرءان الكريم بل إنها عبرت عن رعبها وخشيتها من هول العذاب والخشية والتصدُع والمسئولية الناتجة عن حملها لهذه الأمانة ( القرءان الكريم ) ( وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ).
ولقوله تعالى:
لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21) الحشر
والذي أنزله ( نَزَلَ بِهِ - روح الله الأمين - القرءان الكريم -) على قلب الرسول محمد ( عليه الصلاة السلام ) ليكون من المُبلغين المُصطفين المُكلفين المُنذرين ( عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ ), ( بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ ) في إشارة إلى القرءان الكريم, ولا علاقة له ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ) بأي من خلق الله جل جلاله من الملائكة والناس برأيي الشخصي.
ولنتأمل في قوله تعالى:
يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87) يوسف
في الآية أعلاه ( وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ ) إِنَّهُ ( لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّه ) إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ), فهل بإمكاننا أن ننسب روح ذات الله جل جلاله في الآية الكريمة أعلاه.. لأي من خلق الله جل جلاله للملائكة أو للناس !! أم إن الروح هي من أمر وشأن وخصوصيات الذات الإلهية ربي جل جلاله وحده لا شريك له؟؟ وكما هي بينة واضحة تماما في الآية الكريمة أعلاه ( 87 يوسف ).
ولنتأمل في قوله تعالى:
قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97) البقرة
( قُل ) (مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ ) ( فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ ) ( مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ )...
الحديث في الآية أعلاه ( 97 البقرة ) تتحدث كليا عن تنزيل القرءان الكريم الذي أنزله الله جل جلاله على الرسول المُبلغ للرسالة محمد ( عليه الصلاة والسلام ) (مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ).... وذِكر جبريل الرسول من الملائكة ( عليه السلام ) هو بالأمر من عند الله جل جلاله وحده لا شريك له, لتبليغ الوحي الإلهي, كرسول الله من الملائكة مُكلف من عند الله جل جلاله بنقل الوحي الإلهي ( القرءان الكريم ) إلى رسول الله من الناس محمد ( عليه الصلاة والسلام ) ..
لقوله تعالى:
اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75) الحج
وتأكيدا لقوله تعالى:
وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51) الشورى
وهي الوسيلة الثالثة للروح من أمر ربي ( بالوحي وبالأمر الإلهي كن فيكون ) في الآية الكريمة أعلاه ( أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ) ( فَيُوحِيَ بِإِذْنِ الله جل جلالهِ مَا يَشَاء ), بمعنى آخر إن رسول الله من الملائكة جبريل ( عليه السلام ) هو مُكلف بتوصيل الرسالة من السماء إلى الأرض ( بأمر ربي ), بمعنى آخر إن رسل الله من الملائكة والناس هم معنيون لتبليغ رسالات الله جل جلاله السماوية وحده لا شريك له, بالأمر من عند الله جل جلاله, ولا يحق لنا أن نصبغهم ( رسل الله من الملائكة والناس ) بأية وسيلة تمييز أو تفريق بينهم ( عليهم جميعا الصلاة والسلام ) وبما لم ينزل الله جل جلاله به من سلطان في القرءان الكريم... والروح هي من روح الذات الإلهية, ربي جل جلاله وحده لا شريك له.
لقوله تعالى:
وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (52) الشورى