-1-
ماذا يجري في إيران؟
هل هي "ثورة في الثورة"؟
هل هي ثورة الإصلاحيين على ثورة الخميني الدينية المقدسة؟
منذ أكثر من عشرين سنة، عرفنا معنى تعبير "ثورة في الثورة" عندما كتب المفكر السياسي الفرنسي المشهور ريجيس دوبريه كتابه المشهور "ثورة في الثورة"، عمَّا شاهده وسمعه في كوبا ومن كاسترو، وتمَّت ترجمته في بيروت عام 1983. ويُوصف دوبريه بأنه "فيلسوف الثوار ومهندس العقيدة، وحرب العصابات، في أميركا اللاتينية." ودعا دوبريه في هذا الكتاب بعد أن عاش عامين في كlig;وبا، وكان لصيقاً بكاسترو وتشي جيفارا، إلى تعميم الثورة الكاستروية في كوبا، في كافة أنحاء أمريكا اللاتينية، بعد أن كان دوبريه قد قرأ معظم ما كُتب عن الكفاح والثورة في أمريكا اللاتينية وآسيا، وتجوَّل في معظم بلدان أمريكا اللاتينية. ومن هنا تأتي أهمية كتابه "ثورة في الثورة"، الذي يقول فيه دوبريه إن نجاح أية ثورة يكون بفعاليتها الثورية. وهذا يتوقف على نجاحها في التطبيق على أرض الواقع.
-2-
ما هي الثورة؟
الثورة هي قرار شعبي جماعي، يتشكل بعد أن يكون الشعب قد أكل بالصرماية على رأسه وقفاه.
الثورة قرار شعبي، نتيجة لمعاناة الشعب من الفقر والجوع والبطالة، بينما ينعم المسئولون بمباهج الحياة وأطايبها، والحسابات المنتفخة في البنوك السويسرية.
الثورة قرار شعبي، لوقف الظلم، والطغيان، والتنكيل بالمعارضة.
الثورة مطالبة بالحرية، والعدالة، والمساواة، والديمقراطية، لكي يصبح الشعب مواطنين لا رعايا.
الثورة مطالبة بمحاكمة الفاسدين السياسيين والماليين.
الثورة قرار شعبي، ضد احتكار السلطة بفئة معينة، سواء كانت دينية، أو سياسية، أو قبلية.
ولهذا، هناك الآن في إيران ثورة في الثورة.
-3-
لماذا الثورة؟
الشعب الإيراني الآن، يثور ليس احتجاجاً على تزوير الانتخابات فقط، ولكنه يثور لأن إيران خلال الثلاثين سنة الماضية تحولت إلى أكبر (محششة) في آسيا، نتيجة للقهر، والظلم، والطغيان، واحتكار السلطة والقرار.
فالحرس الثوري الديني الإيراني (باسدران) هو الحاكم الفعلي في إيران - كان أحمدي نجاد أحد ضباطه - وهو يذيق الشعب الإيراني القهر، إلى الحد الذي أصبح معه الشعب الإيراني أكبر مستهلك لحشيشة الكيف والأفيون في العالم، حسب تقارير الأمم المتحدة.
وطبقا لتقرير المخدرات العالمي عام 2005، الذي أصدرته الأمم المتحدة عن مدمني الأفيون في العالم، توجد في إيران أعلى نسبة من المدمنين في العالم.
-4-
لماذا الثورة في إيران؟
لأن الأرقام التي أذاعها رئيس الشؤون الثقافية في بلدية طهران، الشيخ محمد على زم، مؤخراً، عن نسبة الالتزام الديني لدى الشعب الإيراني، وخاصة الطلاب والشباب، فيما يتعلق بأداء الصلاة والإباحية والإدمان على المخدرات، أحدثت نوعاً من الصدمة والدهشة والذهول لدى المراقبين والإسلاميين خارج، الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأثارت قلقاً شديداً على مستقبل التجربة الإسلامية ، ودفعتهم للتفكير، وإعادة النظر في مخططاتهم الحركية، وبرامجهم للحكم في المستقبل.
-5-
لماذا الثورة في إيران؟
لأنه كان يُنتظر أن يواصل رجال الدين الذين استلموا السلطة في إيران، أسلمة ما تبقى من المجتمع، والقضاء على جذور الفساد والانحلال والانحراف، إلا أن الأرقام التي أذاعها المسئول الثقافي الإيراني، وكشف عنها خلال مؤتمر صحفي، ويُعدُّ الأول من نوعه من حيث الشفافية والصراحة والنقد الذاتي، أشارت إلى تراجع نسبة الالتزام الديني لدى غالبية الشعب الإيراني وخاصة الشباب، حيث تجاوزت نسبة غير المصلين 80%، وتجاوزت نسبة الإباحية 60%، وبلغت نسبة المدمنين على المخدرات 20%، وهي أرقام مرعبة حقاً في مجتمع إسلامي تحكمه حكومة دينية، وتسيطر فيه على وسائل الإعلام، ويوجد فيه حوالي نصف مليون رجل دين!
-6-
لماذا الثورة في إيران؟
لأن الحكومة الدينية بذلت عناية فائقة في إعداد برامج دراسية دينية للأطفال، إلا أن حصيلة تجربة عقدين من الزمن، كانت ابتعاد الشباب والطلاب عن الدين بنسبة عالية جداً. وفي استطلاع أجرته الصحف الرسمية الإيرانية، تبين أن 85% ممن ولدوا بعد الثورة لا يمارسون الشعائر الدينية.
-7-
لماذا الثورة في إيران؟
لأن دراسة الدكتور أمان الله قرابي، الخبير الاجتماعي والأستاذ الجامعي، تناولت معالجة ظاهرة البغاء التي تشمل 300 ألف من بنات الشوارع في طهران وحدها، وتتراوح أعمارهن بين 11 إلى 18 عاماً. وفي الوقت الذي يؤكد فيه الباحث، بأن هذه الظاهرة تشير إلى ضعف القيم الدينية في المجتمع.
-8-
لماذا الثورة في إيران؟
لأن هناك أربعة ملايين عاطل عن العمل. ولأن إيران بحاجة إلى مليون فرصة عمل جديدة سنوياً، في حين إن ما يتحقق هو من 400 - 500 ألف فرصة فقط. وتبلغ البطالة من 20 % إلى 27% في أوساط الخريجين. وهناك تسعة ملايين عازب وعزباء، بينهم 5.5 ملايين من العازبات. ويعيش مليونان من سكان طهران في ضواحيها حياة بائسة (صحيفة "ميهن"، عدد 96، 2006). وهذا بسبب المبالغ الضخمة من ميزانية الدولة التي تُصرف على "حزب الله" وتسليحه، وعلى "حماس" وممانعتها، لكي تبقى كالشوكة في حلق السلام العربي – الإسرائيلي، وعلى عصابات الإرهاب في العراق، وعلى بعض السياسيين العراقيين، وأحزابهم الدينية، وميليشياتهم.
-9-
لماذا الثورة في إيران؟
لأن العدالة التي ينادي بها المسئولون الإيرانيون ليلاً ونهاراً، كانت نتيجتها زيادة الأغنياء غناً وزيادة الفقراء فقراً في إيران، حيث يعيش أكثر من نصف الشعب الإيراني تحت خط الفقر، وتفتك البطالة بأكثر من عشرين بالمائة من الشعب الإيراني، نتيجة لصرف مبالغ طائلة على الأحزاب الدينية/السياسية خارج إيران، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين.
-10-
وأخيراً، لماذا الثورة في إيران؟
لأن إيران تُحكم منذ ثلاثين عاماً بالحرس الثوري الحديدي، الذي يقطع لسان كل من ينطق بكلمة ديقراطية، ويضع المطالبين بالحداثة على خوازيق من أسياخ ملتهبة، ويشجع على الإرهاب في العراق وأفغانستان، ويريد تصفيه حسابات وهمية بينه وبين أمريكا على الأرض العراقية، ويشعل حرباً على أمريكا، يكون وقودها الشعب العراقي، وثرواته.
السلام عليكم.