منذ أن بدأت مناقشة التراث السنى ونقد كتب البخارى وغيره وكان السؤال الذى أواجهه دائما : إذن كيف نصلى ؟ وأين عدد الركعات وكيفيتها ومواقيتها فى القرآن الكريم ؟؟.
فى كل خطبة جمعة كنت ألقيها فى أواخر الثمانينيات فى مصر كنت أضطر ـ فى مناقشات ما بعد الصلاة ـ الى الاجابة على هذا السؤال. ومللت من كثرة الاجابة، وأصبحت ملزما أمام كل فرد غير مقتنع بالقرآن لأن اخلو به جانبا لأقول له نفس الاجابة ، وفى غمرة ضيقى أقترحت لنفسى ساخرا أن أسجل الاجابة واصطحب جهاز التسجيل معى أينما سرت حتى إذا ووجهت بنفس السؤال أدرت جهاز التسجيل وأرحت نفسى من عناء التكرار. ثم قررت أن اكتب كتابا صغيرا فى الموضوع . كتبت الكتاب بخط اليد وسمحت لمن يشاء بتصويره ووزعت منه الكثير من النسخ ، وفيما بعد عندما جاء وقت ارساله للمطبعة حدثت تطورات منعت من نشره.
كانت هذه هى مقدمة الكتابة الأولى للكتاب
1 ـ منذ أن طرده المولى عز وجل وإبليس يعمل دون يأس في غواية بنى أدم إلى قيام الساعة ( فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ إِنَّكَ مِنَ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ).الأعراف 12-)
وقد أضل إبليس جيلا كثيرا من البشر في كل زمان ومكان، وسيتضح هذا يوم القيامة حين يقول رب العزة للبشر يذكرهم بالعهد القديم الذي أخذه عليهم بعدم التباع الشيطان وعبادته، وكيف أن معظمهم نسى وعصى، وتكرر هذا في أجيال كثيرة: (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ) يس 60 ـ62 )
إن أغلبية البشر أتباع له ،فأكثرية البشر موصوفة في القرآن بالوقوع في الشرك والضلال، وهم لا يعرفون ولا يعترفون بأنهم ضالون أو بتعبير القرآن الكريم "الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا)الكهف 104 ) إن الشيطان يزين لهم سوء عملهم فيجعله حسنا في تصورهم، الشيطان هو الحاضر الغائب في معادلة الضلال والإضلال ، والإنسان حين يختارا لضلال بنفسه يكون قد اختارا لشيطان وليا له دون أن يعرف ، بل يحسب نفسه مهتديا. يقول تعالى :( إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ) الأعراف 30 ).
2 ـ البداية انه يختار الإعراض عن كتاب الله تعالى، وساعتها يتولاه شيطان يقترن به يصده عن السبيل ويقنعه أنه على الصراط المستقيم (وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ) الزخرف 36 – 37 )
3 ـ كل ذلك التوجيه والسيطرة على الإنسان تتم دون أن يرى الإنسان ذلك الشيطان المسيطر عليه ، فطالما يرتدى الإنسان جسده المادي فلا يمكن أن يرى عوالم البرزخ من الملائكة والشياطين ، ولا يستطيع أن يرى ذلك القرين الذي يسيطر عليه ويقوده. عندما يموت ويبعث ينكشف عنه الغطاء، ويقال له: (لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) ق 22) عندها فقط يرى ذلك الشيطان القرين الذي أضله، يقول تعالى عن مفاجأة الإنسان ببرؤية ذلك القرين الذي أضله: (حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ) الزخرف 38 )
4 ـ وطريقته بسيطة وواحدة أن يقابل الوحي الذي ينزله على الأنبياء بوحي آخر منسوب لله والنبي؛ وأن يحول الناس إلى تقديس النبي نفسه بل وتقديس طواغيت من البشر ويزين لهم أنهم على حق فيحسبون أنهم مهتدون.
5 ـ والله عندما ينزل وحيا مكتوبا على نبي ينزله كاملا تاما مبينا واضحا فهكذا كانت التوراة (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ) الأعراف 145)
وهكذا القرآن الذي ما فرّط في شيء (الأنعام 38)والذي قال تعالى عن تفصيلاته (وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ. الأعراف 52) ولكن الشيطان صاحب السيطرة على أغلبية البشر يقنع الناس بأن كتاب الله ناقص موجز غامض ولا يكفى ويدفعهم إلى تحريف كتاب الله وإلى إنشاء منهج مزيف ينسبونه لله تعالى و للنبي، لتتم الضلالة باسم الدين والهداية .
يقول تعالى عن أعداء الأنبياء من أصحاب الوحي الشيطاني وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ " ثم يتحدث المولى تعالى عن الأتباع من العامة لهذا الوحي الشيطاني: (وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ " ثم يقول تعالى عن كتابه الذي ينبغي أن تحتكم إليه وهو الكتاب المفصل الذي يعلم أهل الكتاب أنه الحق من ربهم " أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ " ثم يصف القرآن بأنه تام غير ناقص وصادق غير كاذب لأنه كلمة الله " وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) ثم يبين المولى عز وجل أن أكثرية البشر ضالة مضلة تتبع أحاديث آحاد تفيد الظن ولا تفيد اليقين " وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ): الأنعام 112؛116"
العنكبوت 52لله على من لا يكتفي بالقرآن كلام الله " أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) العنكبوت 51" فالاكتفاء بالقرآن كتابا يعادل الاكتفاء بالله تعالى إلا ها، والمؤمن الحقيقي هو من يكتفي بالقرآن كتابا وبالله تعالى إلا ها لا شريك له (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ) الزمر 36 ) والله تعالى هو الحق، وقرآنه هو الحق، وفى ذلك الكفاية للمؤمن: (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ. العنكبوت 52 ")
6 ـ المكذبون بالقرآن الكريم لا يتوانون عن اتهام رب العزة وقرآنه الكريم بالتفريط والعوج والنقص والغموض، ويسارعون بالسعي في آيات الله تعالى معاجزين متسائلين أين تفصيلات الصلاة في القرآن ؟ أين كذا وكذا في القرآن.
نقول منذ البداية إن هذا الكتاب لن يفلح في إصلاح اعوجاجهم مهما تكاثرت الآيات القرآنية فيه لأنهم ببساطة لا يؤمنون بالقرآن الكريم.
تسلط إبليس على عقول أولئك " المسلمين " يتجلى في مواقفهم المختلفة حين قراءة هذا الكتاب.
منهم من يشعر بالملل من كثرة الآيات القرآنية، وتسارع عيناه بالهروب من قراءتها ضجرا أو اعراضا عن الفهم ناسيا عنوان الكتاب ( الصلاة في القرآن الكريم ) وما يستلزمه منهج البحث في هذا الكتاب من الاعتماد أساسا على القرآن ولو كره الآخرون.
بعضهم قد يقرأ الآيات ممتعضا ولكنها لا تجدي في إيقاظ ضميره الديني، ولا تؤثر على مشاعره الإنسانية طالما تناقض قدس الأقداس عنده وهو الأحاديث والسنة وما وجدنا عليه آباءنا.
وبعضهم يقرأ الآيات ويحاول فهمها وفهم ما يقوله المؤلف عنها ولكنه يعيش في انزعاج حقيقي، إذ كيف يضحى بكل ما توارثه مقابل ما يقرؤه لأول مرة في كتاب كهذا وكاتب هذا الكتاب تلاحقه اللعنات وتتوالى عليه الاتهامات..
في المقابل هناك بعض المؤمنين ممن يبحث مخلصا عن الحق داعيا الله تعالى بإخلاص وإخبات أن يهديه للحق وأن يعينه على الصبر عليه والتمسك به، فالحق في هذا الزمن الأغبر بالذات يستلزم صبرا ونضالا للتمسك به. فإذا قرأ هذا الكتاب استراح، وأحس بالتقصير في حق المولى جل وعلا. ومن منّا يستطيع أن يؤدى حق الله تعالى عليه كما يجب؟
7 ـ إلى هؤلاء المؤمنين بالقرآن حق الإيمان أهدى هذا الكتاب
د. أحمد صبحي منصور
القاهرة 1987
لم يتيسر للكتاب الطبع والنشر بعدها لظروف كثيرة استمرت طيلة التسعينيات . ثم هاجرت الى أمريكا بلاد الحرية واستمتعت بنعمة الانترنت وتفضلت الكثير من المواقع الليبرالية بنشر كتاباتى وتتابعت نفس الأسئلة عن الصلاة فى القرآن الكريم. ورددت عليها بين سطور بعض المقالات والأبحاث.
ومنها ما قلته فى نهاية بحث (الاسناد ) :
(هنا نضع بعض الحقائق القرآنية والحقائق التراثية .
1. معنى السنة فى القرآن هو المنهج او الطريقة وذلك فيما يخص تعامل الله تعالى مع المشركين .كما ان معناها هو التشريع الالهى ،وبالمعنيين فان السنة فى القرآن تأتى منسوبة لله ، اى سنة الله ، يقول تعالى فى تشريع خاص بالنبى (صلي الله عليه وسلم)((ما كان على النبى من حرج فيما فرض الله له ، سنة الله فى الذين خلوا من قبل وكان امرا الله قدرا مقدورا :الاحزاب 38 ))وفى الاية الكريمة يتضح ان ((فرض الله ))يعنى(( سنة الله ))يعنى ((امرا الله))هى ((شريعة الله))اى أن السنة معناها الشرع..
2. وهذا يتفق مع المعنى اللغوى لكلمة السنة ،تقول ((سن قانونا ))اى شرع قانونا ،واذا تم سن القانون اصبح شريعة واجبة التنفيذ.
3. وهذا ايضا يتفق مع المعنى الفقهى لمصطلح ((السنة العملية))اذ تعنى السنة العملية العبادات من الصلاة وزكاة وحج وصيام..
4. وفى كل ذلك فان الله تعالى هو صاحب التشريع الذى نزل فى القرآن الكريم، والنبى عليه السلام هو القدوة لنا فى تطبيق ذلك التشريع ،لذلك يقول تعالى ((لقد كان لكم فى رسول الله اسوة حسنة :الاحزاب 21 ))لم يقل كان لكم فى رسول الله سنة حسنة ،لان السنة هى سنة الله، اما النبى عليه السلام فهو القدوة الحسنة فى تطبيق سنة الله وشرع الله..
5. الا ان بعض فقهاء التراث يقولون ان السنة العملية هى العبادات التى اشرنا اليها ، اما السنة القولية للنبى فهى تلك الاحاديث التى اسندوها اليه بعد موته بقرون فيما يعرف بكتب الصحاح وغيرها . وهنا نختلف معهم ،لان السنة القولية للنبى عليه السلام هى ما ورد فى القرآن فى كلمة "قل "التى يتميز بها القرآن .
6. وقد تكررت كلمة "قل "للنبى فى القرآن (332)مرة ..وكانت الموضوعات التى ترددت فيها كلمة "قل" تشمل كل ما يحتاجه المؤمن من امور الدين ،وبعضها يؤكد ما جاء فى القرآن ايضا بدون كلمة "قل".وكان النبى عليه السلام مأمورا بأن يقول ذلك القول المنصوص عليه فى القرآن كما هو دون زيادة او نقصان ،اذ لايملك ان يتقول على الله تعالى شيئا فى امر الدين ((وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ." "48" الحاقة)).باختصار ان السنة القولية للنبى هى كلمة ((قل )) لان السنة تعنى الشرع المفروض اتباعه .
7. ويقولون أن تلك الاحاديث هى مصدر المعرفة بالصلاة والعبادات .وهذا خطأ ظاهر لان تلك الاحاديث اقاويل ،والسنة هى طريقة تأدية للعبادة وكان معروفا تأدية العبادات ليس فقط قبل عصر البخارى وغيره ،بل كانت معروفة قبل نزول القرآن ،اذ كانت هى الملامح الاساسية لملة ابراهيم التى امر الله تعالى النبى والمسلمين باتباعها حنفاء ،بل ان تلك الاحاديث التى رويت فيما بعد النبى بقرون لم تتعرض بالتفصيل لكيفية تأدية الصلاة. وأكثر من ذلك أنها تشوه الصلاة وتشكك فيها.
8. ومن الطبيعى ان النبى عليه السلام وهو يقيم دولة وينشئ امه ويواجه مكائد اعدائه ان تكون له اقوال وتعليمات،كما كانت له تطبيقاته فى تنفيذ شرائع القرآن خارج العبادات ،مثل اعداد الجيش والقوة الحربية .وذلك كله يدخل ضمن التاريخ والسيرة ،وليس ضمن الدين الذى يعلو فوق الزمان والمكان .)
ولم تفلح تلك الاشارات فى منع تكرار نفس السؤال . لذا قررت اعادة نشر الكتاب بصورة جديدة وتحت عنوان جديد . واستلزمت الكتابة الثانية للكتاب مقدمة ثانية.
قلت فيها :
1 ـ كانت الكتابة الأولى لهذا الكتاب تحت عنوان ( الصلاة فى القرآن الكريم )، وكان رقم 3 من سلسلة " دراسات قرآنية " التي لم يصدر منها سوى كتاب " المسلم العاصي : هل يخرج من النار ويدخل الجنة " وقد صودر في ظروف ادخالي السجن في نوفمبر 1987 . ثم كان كتاب " لا ناسخ ولا منسوخ في القرآن الكريم" هو رقم 2 في السلسلة والذي لم أستطع طباعته وقتها، فظلت بقية السلسلة ممنوعة قابعة بين أوراقى ومنها كتب ( الصلاة فى القرآن الكريم ) إلى أن أنعم الله تعالى بنعمة الهجرة والحرية ونعمة الانترنت فطلبت من أولادي كتابة هذا الكتاب الثالث من السلسلة على الكومبيوتر لنشره تلبية لرغبة كثير من القرّاء. وهكذا يظهر هذا الكتاب بعد تأليفه بحوالى عشرين سنة مصحوبا بفصول إضافية ترتب عليها تغيير عنوانه ليكون ( الصلاة بين القرآن الكريم والمسلمين ) .
كان الكتاب القديم يتحدث فقط عن الصلاة فى القرآن الكريم معتمدا على القرآن فقط. ثم جاءت الاضافة بحثا جديدا فى ميدانه يسير مع الصلاة فى الواقع التاريخى للمسلمين وفى التنظير الذى كتبه الفقهاء ورواة الحديث، وما حدث من تحريف وتضييع للصلاة بعد نزول القرآن الكريم خلال القرنين الأوليين بعد الهجرة ، أى فى العصر الأموى والصدر الأول من العصر العباسى، مع اشارات لتأثر الصلاة فى عصرنا بهذا الموروث، خصوصا مع غلبة التدين الوهابى السلفى.
2 ـ الكتاب الأصلى كان للرد على سؤال سئمت من سماعه من كثرة ما قيل لى : هو إذا كان القرآن الكريم لا يحتاج الى السّنة فأين مواقيت الصلاة وركعاتها في القرآن ؟؟ لذا كان الكتاب فى بدايته يؤكد أن القرآن الكريم ما فرّط في شيء، وأنه نزل تبيانا لكل شيء، وأن فيه تفصيل كل شيء.. ولكن أولئك الناس لا يفهمون منهج القرآن الكريم فى التشريع. ولأنهم مؤمنون بما يناقض القرآن الكريم ـ وهى السّنة ـ لذا يتهمون الله تعالى بالكذب حين أكّد فى القرآن الكريم أنه ما فرّط فى شىء وأنه نزل تبيانا لكل شىء . أولئك الناس نبّأ الله تعالى عنهم سلفا بأنهم يسعون وسعوا فى آيات الله معاجزين ، يحاولون النيل من كتابه الكريم و نسبة العوج اليه ، والسعى الى تعجيزه لاثبات أنه ناقص يحتاج للبشر لاكماله ، ولاثبات أنه غامض يحتاج للبشر لتفسيره وايضاحه ، وأنه موجز مخلّ يحتاج للبشر لتفصيله . أولئك الذين سعوا ويسعون فى آيات الله تعالى معاجزين مشككين معاندين توعدهم رب العزة بالعذاب ، فقال عنهم : (والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك أصحاب الجحيم )الحج 51 (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ. وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ.) (وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ).سبأ 5؛ 6؛ 38.صدق الله العظيم.
يوم القيامة سيكون الأشهاد من هذه الأمة هم أولئك الذين وهبوا حياتهم للدفاع عن القرآن ، الذين جاهدوا ليثبتوا أنه نزل تبيانا لكل شىء وهدى وموعظة للمتقين . "وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ" النحل 89) صدق الله العظيم.
3 ـ فى الكتابة الثانية للكتاب جعلت الفصلين الأوليين عن الصلاة فى القرآن بابا واحدا فى الاجابة على ذلك السؤال المعاند ثم أضفت بابا آخر يتكون من ستة فصول لتسير مع الصلاة فى تاريخ المسلمين وتراثهم فى القرنين الأولين. الهدف هو التنبيه على ما حدث من خلل وتحريف وضياع لثمرة الصلاة. ولإثبات اعجاز القرآن الكريم. فالقرآن الكريم لم يخبر فقط مقدما عن أولئك الذين يسعون فى آياته معاجزين ، وإنما حذر مقدما من تضييع الصلاة بالوقوع فى الانحلال الخلقى والشرك بالله تعالى كما كان يفعل العرب فى الجاهلية ، حين أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات. وجاء المسلمون على آثار أجدادهم يهرعون ، ويرتكبون نفس الاثم ويقولون نفس البهتان ويقدسون نفس الافك.والقرآن الكريم بينهم قد اتخذوه مهجورا ، وقد أخبر رب العزة مقدما عنهم أنهم أعداء النبى محمد الذين سيتبرأ منهم يوم القيامة.( الفرقان 30 :31 ).
4 ـ أرجو من ربى جل وعلا أن يفلح هذا الكتاب فى التحذير والانذار لمن لا تزال لديه بقية من ايمان وتوقير للقرآن ، قبل أن يمضى به قطار العمر الى النهاية ..( الأعراف 185 )
أما من زين له الشيطان له سوء عمله فرآه حسنا فلا فائدة منه ، ولا نملك له الا الأسى والشفقة.( فاطر 8 )
والله تعالى المستعان.
أحمد صبحى منصور
فرجينيا ـ الولايات المتحدة الأمريكية
يونية 2006
وبعد
يبقى أن أقول ان هذا الكتاب سينشر على مرحلتين فى موقع ( أهل القرآن ) وهذا الموقع الذى يتفضل مشكورا بنشر مقالاتى . وبهذا ستكون الاجابة على تلك الأسئلة متاحة للجميع ، وكل انسان له تمام الحرية فى اختيار ما يشاء من عقيدة وفكر,
ولكن أرجو ألا يأتى بعض المعترضين الذى يقرءون بنصف عين مقالة أو مقالتين ثم يعيدون نفس السؤال : اين الصلاة فى القرآن طالما لا توجد سنة النبى.؟