مي زيادة
مي زيادة .المرأة التي دافعت عن حق المرأة

زهير قوطرش في الخميس ٢٨ - مايو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً



مي زيادة .المرأة التي دافعت عن حق المرأة.

منذ أن تشكل عندي الوعي على الفكر والثقافة ,ومن خلال ممارسي في العمل السياسي والنقابي,كنت دائماً نصيراً للمرأة ,لأنها الحلقة الأهم في تطور الأمم والمجتمعات.المرأة ليست نصف المجتمع.هذه المقولة تمثل نسبة عددية حسابية ,لكن قيمة المرأة المربية الراعية والمساهم الأول في استمرار الخلية الأساسية التي منها يتكون العالم الإنساني (الأسرة )هي كل المجتمع .بدون المرأة لا يمكن تشكيل أسرة ,بدون المرأة لا يمكن أن تستمر الحيا&Eacutute; الإنسانية ,بدون المرأة من الصعب على الرجال الاستمرار والشعور بأنهم رجال ,لأن شعور الرجولة لا يتم إلا بالمقارنة مع شعور الأنوثة التي تميز المرأة.وحتى لا يغضب الرجال وهم يعلمون في دواخلهم ما هي أهمية المرأة في حياتهم .أقول لهم عودوا الى كتاب الله تعالى و لنقرأ قوله عز وجل.

هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ “البقرة- 187

الترتيب في القرآن الكريم له أهمية كبيرة جداً في وضع الأمور في نصابها الحقيقي والواقعي ,فالله عز وجل لم يقل أنتم لباس لهن وهن لباس لكم, بل بدأ بالمرأة كونها الأساس في تكوين الأسرة المجتمع ,والأساس في حياة الرجل .وأعتَبر الخالق أن أساس العلاقة الزوجية التي تربط المرأة بالرجل هي علاقة المودة والرحمة علاقة تبادلية على التساوي .

وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ”الروم -21

وهنا أحب أن أنوه إلى كلمة وجعل بينكم .أي أنه بعد الخلق جعل ,والجعل هو التغير في الصيرورة ,وهذه المودة والرحمة بين الزوجين هي من فضل الله عز وجل على الإنسان,لأنه بدون المودة والرحمة لا يمكن أن تستوي الحياة الزوجية السليمة.وهنا لا بد من التأكيد على أن المودة والرحمة جُعلت في قلب المرأة أكثر منها في قلب الرجل ,لأنه على المرأة يقع عاتق الحب المميز ,حبها للزوج ,وحبها للأطفال .المرأة هي الوعاء العاطفي الحاضن للإسرة.
• القرآن الكريم ,كرم المرأة وكفل حقوقها ,وجعل قوامة الرجل عليها مسؤولية .والرجل كما نوهت في مقالة سابقة , هو الزوج ,والأب والأخ ....الخ .إذن هي مسؤولية الرجال جميعاً في قوامة المرأة(رعايتها) في أي مجتمع كان.

أعود الى موضوعي الأساس .الكاتبة مي زيادة من القليلات التي دافعت عن حقوق المرأة ,من القليلات التي كانت بقلمها تصرخ بأعلى صوتها ,منتقدة التراث والعادات القبلية البالية ,كانت صوتا لا يهدأ من أجل تعليم المرأة كيف تناضل ,وكيف تستطيع أن تحصل على حقها ليس كشريك أساسي في الحياة مع الرجل ,بل كونها الأساس في تربية المجتمع.مي زيادة القلم التقدمي الذي كتب قبل ما يقارب القرن من السنين .ورغم ذلك فأن القارئ لمقالات مي زيادة ,سيدرك رغم اختلاف الزمن ,لكن صلاحية المقالات مازالت تنبض بالحيوية ,وكأننا ما زلنا نعيش زمن مي زيادة بكل مشاكله الاجتماعية.وحتى لا أبالغ فكأن الزمن توقف عند عصر مي زيادة ,بل وفي بعض المناطق من عالمنا هذا ربما نعيش زمناً أكثر تخلفاً وشقاءً منه.
في إحدى مقالاتها .هاجمت الحجاب ,لا لكونه حجاب الحشمة ,لكنها رأت فيه حجاباً وهمياً فرضه الرجل على المرأة ,لتبقى المرأة محجوبة عن التطور والفاعلية. تقول مي زيادة:
"هذا الحجاب الوهمي انبذنه بعيداً فهو لا يحجب وجوهاً كلا,ولا ملامح.إنما يحجب عقولاً راجحة,ونشاطاً فتياً ونفوساً وثابة إلى العلا,وإن أبيِّتن إلا إسداله فأسدلنه,وأسدلنه كثيفاً على عهد مضى كانت فيه نساؤنا رمزاً لكل نقيصة من جبن وحياء وهمي وضعف في الإرادة والعزيمة,........أعلمن إن من الأسباب التي تنلن فيها احترام الرجل اعتمادكن على أنفسكن .... ومقدرتكن في جميع شؤونكن الآن.وتعلمن مهنة تملن إليها كيما تساعدكن على أنفسكن في مستقبل حياتكن فيما إن فقدتن من يعولكٌّن. وأخيراً لا تتركن كلمة مستحيل تصل الى قلوبكن فتخمد فيها شعلة أمالكن .وإلى الأمام ,الى العمل وعلم مصر أمامكن أرفعنه عالياً".
وقد نددت مي زيادة بجرائم الشرف ,التي مازلت وصمة عار في جبين مجتمعاتنا المتخلفة.مئة عام مضت حتى هذه الساعة ,ومازال صوت مي يصرخ نفس الصرخة , لكن هيهات هيهات من يسمع.
علقت في مقالته عن جرائم الشرف على خبرين في إحداهما شاب يقتل أخته,وفي الثاني امرأة يقتلها اثنان من أقربائها. لأنها طالبت بنصيبها من الميراث تقول مي :
"هذا الخبر أصبح مع أمثاله من المألوف غير النادر حتى قل من اهتم له اهتماماً خاصاً.وقد يكون عند عدد كبير من القراء في مقدمة الأخبار التي لا تستحق أن يٌقرأ منها غير العنوان.إن هيئة القضاء في الغالب تنظر الى هذا النوع من الجرائم بغير العين التي ترى بها جرائم القتل الأخرى.والعقوبة التي توقعها عادة بهؤلاء الجناة عقوبة غير شديدة,لا تردع ذاكرها عن سفك الدماء والإجهاز على حياة بشرية إنما وجدت وتنفست وعاشت أمام وجه الشمس بسماح الباري جل وعلا... ولا يسعني إلا أن أتساءل كيف يمضي دم إنساني هدراً,وكيف تجور سكين إنسان على إنسان لمجرد أن ذلك أمر داخل في العادات والاصطلاحات,ثم تأتي هيئة القضاء التي تقول الفصل في إجراء العدالة,وكأنها بتواطئها على تخفيف الحكم توافق ضمناً على وقوع الجريمة وكأنها تشجع على استمرار تلك العادة عند أهلها ما دامت لا تسعى جهدها للقضاء عليها...ما معنى أن يكون في البلد جرائد توقف بعض صحائفها وطائفة من موضوعاتها على خدمة المرأة وإنارة المرأة,ولا ترسل في مثل هذه الحالة كلمة استياء وشفاعة ودفاع؟ ما معنى أن نكون اليوم هاتفات بتعليم المرأة وتحرير المرأة,وإنالة حقوقها الاجتماعية والأدبية..ولا نذكر إلا هذه ...فتخبرنا الصحف أن النساء تذبح ولا نقول للقاتل لقد جئت شيئاً فرياً.

وفي مكان أخر تتحدث مي زيادة في مقالتها "ترقية الشعوب"
"كل أصلاح وارتقاء لا يقوم على أساس متين تتزعزع أركانه وينهار بنيانه ,وما أساس كل إصلاح إلا المرأة.فمهما وضع مفكرونا من خطط حكيمة وبرامج صحيحة ليجعلوا من النشء المصري شعباً أرقى علماً وأخلاقاً فإن برامجهم وخططهم لن تٌثمر الثمرة المطلوبة ما لم يٌبدأ بترقية الفتاة وتعليمها تعليماً صحيحاً ,فهي مديرة المدرسة الأولى, وصاحبة البيئة التي سيتكون فيها ذلك النشء والتي لها أعظم الأثر في تقويم أخلاقه ومستقبل حياته."
رحم الله مي زيادة.
سؤالي ووجعي الدائم....هل تغير الحال في زماننا مع بعد المسافة عن عصر مي زيادة , كما كان قبل مئة عام؟.أما آن الأوان للآلة الإعلامية أن تقوم بمهمتها الأولى في حمل الفكر الإصلاحي وتقديمه لجماهير أمتنا على أنه الطريق الوحيد والأمثل للإصلاح السياسي والاجتماعي.
"

اجمالي القراءات 41871