-1-
أربع نساء كويتيات، كتبن بالأمس صفحة مشرقة من تاريخ الكويت السياسي.
أربع نساء كويتيات، يحملن شهادة الدكتواره في مختلف التخصصات، فُزن بأربع مقاعد في مجلس الأمة الكويتية.
بل هُنَّ تقدمن على الرجال المرشحين من سلفيين وأصوليين، الذين يُرهبون المجتمع الكويتي بطول لحاهم، وعبوسهم الدائم، من كل ما يجري في لكويت من إصلاح وتغيير وتطوير، للحاق بركب العصر ومنجزاته.
أربع نساء، تعلَّمن، وكافحن، وتحدين، وخضن، ونجحن، في انتخابات مصيرية في الكويت، بعد ما حصل انÓte;داد واحتقان سياسي كويتي عاصف.
أربع نساء، استطعن أن يصلن إلى مجلس الأمة، ليس بالكوتا، كما يجري في بعض البلدان العربية، وليس لأنهنَّ من عظام رقبة الأسرة الحاكمة، وليس لأنهنَّ من أغنياء الكويت، ودفعن أموال طائلة للفوز، ولكن لأنهنَّ من صفوة المجتمع الكويتي، علماً، ومعرفة، وخبرة، ومسلكاً.
-2-
كان نجاح هؤلاء النساء الأربع الساحق، دفعة قوية للحركة النسوية الخليجية. خاصة عندما نقرأ أن الدكتوره معصومة المبارك (دكتوراه في العلاقات الدولية من أمريكا) وزيرة الصحة والمواصلات والتنمية السابقة، فازت في الدائرة الأولى بـ 14247 صوتاً، وتقدمت على كافة المرشحين الرجال والنساء قاطبة، الذين فازوا بالمقاعد الخمسين في مجلس الأمة الكويتي.
وخاصة عندما نقرأ أن الدكتوره (دكتوراه فلسفة سياسية من أمريكا) أسيل العوضي، عضو منظمة العفو الدولية والناشطة الإنسانية في الكويت، فازت في الدائرة الانتخابية الثالثة فوزاً كاسحاً.
وخاصة عندما نقرأ أن الدكتوره رولا دشتي (دكتوراه في الاقتصاد السكاني) والمديرة السابقة في معهد الكويت للأبحاث العلمية، قد فازت بـ 7666 صوتاً متقدمة على عتاولة الأصوليين الكويتيين، وعلى رأسهم وليد الطبطبائي المعروف.
عندما نقرأ كل هذه التقارير، نجزم أن الكويت في طريق الليبرالية سائر، وعلى طريق الحداثة مثابر، وفي سكة الديمقراطية متقدم.
-3-
بالأمس جَنَت الكويت ما حصدته منذ عام الاستقلال 1961.
وقطفت الكويت ثمار ما زرعته عام 1962، وهو العام الذي أُقرَّ فيه الدستور الكويتي، وتشكّل أو مجلس للأمة بالانتخاب.
والكويت تستحق ما حققته اليوم. ولم يكن غريباً على الكويت التي كانت من أكثر الدول الخليجية، إذ لم تكن من أكثر الدول العربية، انفتاحاً سياسياً وثقافياً واجتماعياً. فهي أمثولة لكل الخليجيين خاصة، وتقول لهم:
اطمئنوا.. فأعطاكم الحرية الكاملة للمرأة ومساواتها بالرجل، لن يقلب الدنيا إلى جحيم ونجاسة، وتخلٍ عن القيم الثابتة. بل إن إعطاء المرأة كافة حقوقها في التعليم والعمل والحياة ومساواتها بالرجل، هو الذي يحيل المجتمعات من السواد إلى البياض، ومن الجدب إلى الغلال، ومن الظلام إلى النور، ومن الخوف إلى الشجاعة.
-4-
تحية للكويت، وتحية لكل من أدلوا بأصواتهم لصالح المرأة الكويتية، فقد نهضوا بعبء الليبرالية والحداثة الكويتية. وأثبتوا ما نقوله ونردده كل يوم، من أن الليبرالية في العالم العربي تتقدم، وإن يكن تقدمها بطيئاً، كسيلان العسل. ومن خلال جردة سريعة لما قام به الليبراليون خلال السنوات الماضية، يتبين لنا أن الليبراليين، استطاعوا أن يتقدموا في العالم العربي، ويحققوا في مدة وجيزة، ما لم تستطعه أشهر وأعظم الدعوات الأيديولوجية في التاريخ العربي، التي قضت سنوات طويلة، رغم أن هذه الدعوات كانت مدعومة بقوى غيبية خفية، ورغم أن هذه الدعوات لم تواجه من المقاومة والصد والعداء مثل الذي واجهه الليبراليون طوال السنوات الماضية.
السلام عليكم.