جمال البنا :
الأزهر كنيسة إسلامية تحتكر الدين

في الخميس ١٦ - نوفمبر - ٢٠٠٦ ١٢:٠٠ صباحاً

وصف المفكر الإسلامي جمال البنا الأزهر الشريف بأنه كنيسة إسلامية تحتكر الدين وترفض أي اجتهادات من خارجها.

وقال خلال ندوة نظمها منتدي مصر الاقتصادي الدولي أمس الأول: المؤسسة الدينية تضيق بكل ما يصدر من اجتهادات من خارجها، حيث تتعامل مع الدين علي أنه حرفة لا يمارسها إلا رجال الأزهر، ومن ثم هاجموا كل المفكرين الذين تصدوا للمسائل الدينية.

وأضاف: وبذلك أصبح الإسلام قوة حفاظ وجمود، وليس قوة تحرير من الرذيلة والاستبداد، فالإسلام في أصله يأبي هذه الصورة التي تدعيها المؤسسة الدينية لنفسها، فالدعوة للدين لا تُحتكر من قبل أحد، فالتجديد هو أصل دعوة الأنبياء، وقال الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ «جددوا دينكم»، وضرب مثالاً حول رؤيته بشأن الأزهر، فقال: لا يمكن لشركة واحدة أن تحتكر الصنف لأنها تقع في سوءات الاحتكار، فما بالك بالدين الذي يمارس الأزهر الحجر علي التفكير بشأنه، رغم أن الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ لم يمارس ذلك الحجر.

وتابع: الإسلام لم يقم علي معجزات كالأديان السابقة وكانت معجزته القرآن، ولم تكن له كنيسة أو رجال دين، بل قام علي العقل والفكر، ولكن هذه الصفة تجمدت عندما تم إغلاق باب الاجتهاد منذ ألف عام، فصار المسلم يؤدي التكاليف والفرائض دون التفكير فيها، ومن ثم أصبح مقلداً، فضمر العقل وأصابه الشلل بما يتناقض مع دعوة الإسلام للقراءة والمعرفة الواردة في القرآن الكريم.

واعتبر البنا أن أمة محمد ـ صلي الله عليه وسلم ـ أعطت عقلها إجازة منذ مائة عام، ومن ثم فإنها قد تدب علي أربع في المستقبل، وليس علي اثنين، وقال: بعد ألف عام من وضع المنظومة الإسلامية من فقه وحديث وسيرة عن طريق الصحابة والعلماء المسلمين، هناك ضرورة للتجديد، لأن ما قام به هؤلاء عمل بشري يخضع للفحص والتمحيص، فقد صار ما وضعه الأئمة قديماً بالياً لا يصلح للتعامل مع مشكلات العصر، خاصة أن الإمكانات المتوافرة في العصر الحالي لا تقارن بأي حال بالماضي عندما كانت الوسيلة الوحيدة لديهم هي الكتاب المنسوخ.

وأضاف: يمكن أن يأتي مفكرون وعلماء حالياً بحجم الشافعي وأبوحنيفة بل قد يتفوقون عليهما في ظل توفر الإمكانيات المادية والتكنولوجية في العصر الحالي.

وتابع البنا طرح آرائه المثيرة للجدل فقال: تفاسير القرآن شلت قوة القرآن، فيجب علينا أن نأخذ القرآن بدون التقيد بتفسيرات المفسرين، فقد وضعت في تفاسير القرآن صفحات من العهد القديم، فقالوا في فترات التقهقر مثلاً إن آية السيف في القرآن تنسخ مائة آية من آيات الصفح والمسامحة.

وأضاف: القرآن جاء لكل العصور، فهو كتاب يتسم بالمرونة، وجاءت التفاسير لتفقده صيغه المحكمة، ووضعت مضامين سيئة كان معظمها كيداً للإسلام، فشوه القرآن بعد أن انطلت هذه الأحاديث علي المفسرين، فمثلاً نجد كتاب السيوطي ممتلئاً بهذه الخرافات ومن ابن عباس حتي سيد قطب أفقدت التفاسير القيمة العظيمة للقرآن الكريم.

ورفض البنا فكرة الإجماع، قائلاً: ليس هناك إجماع في الدين، فحتي أحمد بن حنبل «قمة السلفية» قال: «من ادعي الإجماع فهو كاذب»، كما أثار الإمام الشافعي شكوكاً كثيفة حول فكرة الإجماع.

وأضاف: لا يعد نصاً إلا القرآن الكريم، أما الحديث فزحف عليه طوفان من الأكاذيب، لدرجة أن المحدثين قالوا إن الحديث الصحيح كالشعرة البيضاء في الثوب الأسود، والسنة تحتاج إلي تنقية، ولو طبقنا المعايير الصحيحة علي كتاب البخاري لوجدنا ١٠٠ حديث غير ملزمة، والإسناد في الحديث وسيلة ساذجة، فمثلاً قالوا عن الربا إنه محرم لأنه كان وسيلة لاستعباد الفقير، حيث كان يضع الدائن يده علي جسم المدين، ولذا ففي الوقت الحالي لا تعد البنوك ربا وتصبح فكرة البنوك الإسلامية غير ذات جدوي.

وعاود فتواه بإباحة شرب السجائر في رمضان، وقال: الصدمة فيما طرحت حول السجائر كانت مطلوبة ومقصودة، وارتكزت في هذه الفتوي إلي أصول التحليل والتحريم الشرعيين، ولم يجئ نص صريح في القرآن حول هذا الأمر.

ورفض البنا الإبقاء علي المادة الثانية من الدستور التي تنص علي أن الإسلام دين الدولة المصرية والمصدر الأساسي للتشريع، وقال: لا لزوم لهذه المادة، فالإسلام دعوة هداية، وليس دعوة لإقامة دولة، فلا يستهدف إقامة الدولة بل يسعي إلي هداية الناس بتركهم الرذائل وتحليهم بالقيم، فهو دين موجه إلي قلب الفرد، أما السلطة فهي تفسد الدين، لأنها مجمع من الإغراءات.

وعن صراع الحضارات قال: صراع الحضارات مفهوم أوروبي ـ أمريكي، لأنهما يؤمنان دائماً بالصراع، في حين أن الجهاد في الإسلام هو حرب دفاعية، أي جهاد من أجل حرية العقيدة، وليس في سبيل فرض العقيدة، وما حدث في الفتوحات الإسلامية بعد الرسول هو ظاهرة اجتماعية من طبائع تطور المجتمعات وليست من أصول الدين، فعندما تكون هناك دعوة فتية وتجاورها مجتمعات طبقية كفارس وبلاد الروم كان من الطبيعي أن تنطلق هذه الدعوة الجديدة لتعرض هذا الفكر الجديد، فكانت الحرب رسالة حضارية لإنقاذ الشعوب المغلوبة التي يسيطر عليها نظام طبقي.


اجمالي القراءات 6726