موقعة الخندق

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٢٠ - يوليو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
هل معركة الاحزاب تم حفر خندق حول المدينه بقراءتي لسورة الاحزاب لايوجد قتال والعدو جاء من كل الجهات وهزموا بجنود لم يروها وشكرا
آحمد صبحي منصور

كباحث تاريخى قرآنى أرى ان موضوع حفر خندق حول المدينة كان ضروريا لأنه منع الأحزاب من إقتحام المدينة وارتكاب مذبحة فيها. هذا يؤيده ما جاء في آيات سورة الأحزاب في قوله جل وعلا  :

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً (9) إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتْ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً (11) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً (12) وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً (13) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلاَّ يَسِيراً (14) .

( قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً (18) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (19)

 (  وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً (25) وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً (26).

نلاحظ فيها وجود خندق عميق مانع من إقتحام المدينة بدليل قوله جل وعلا :

 1 ـ ( إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ  )، لم يقل إذ قاتلتكم جنود . الخندق هو الذى منع الاصطدام الحربى .

2 ـ( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً )، يعنى وهم وقوف في مكانهم  على حافة الخندق صفعهتم  وقصفتهم الريح فأرعبتهم .

3 ـ (  إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ )، يعنى هو ( مجىء ) أسفر عن حصار مكتمل دون اقتحام .

4 : (  وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتْ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً (11) أي إن وجود هذا الحصار أوقع الرعب في سكان المدينة ، وهم يرون حشود العدو تحيط بمدينتهم يرونهم أمامهم رأى العين .

5 ـ ( وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً (13). كان المنافقون الأكثر رعبا ، وكانوا ضمن جيش الحراسة الرابض على الخندق حماية للمدينة . فكانوا يدعون المؤمنين الى ترك مواقعهم ، ويستأذن بعضهم النبى أن يرجع بحجة أن بيوتهم مكشوفة ، وهم فقط يريدون الفرار من مواقعهم.

6 ـ ( وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلاَّ يَسِيراً (14) . يعنى لو دخلت جيوش الأحزاب المدينة وأرادوا إرغام المنافقين على الكفر ( الفتنة في الدين ) لسارع المنافقون للكفر. ولكن الأحزاب لم يقتحموا المدينة بسبب الخندق .

7 ـ هذا الوقوف على الجانبين ووجود خندق منع الالتحام الحربى ، ولكن لم يمنع مناوشات عن بُعد بالسهام ، هو نوع من ( البأس ) هرب منه المنافقون . قال جل وعلا : ( قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً (18) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (19)   

8 ـ لكن لم يحدث ( ثقف ) أو إلتحام حربى  أو قتال كان محتما حدوثه لولا الخندق المانع . قال جل وعلا : ( وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً (25). رجعوا بغيظهم . وكفى الله جل وعلا المؤمنين القتال ، وواضح أنه لم تقع ضحايا من الجانبين  .

9 ـ حدث القتال والضحايا حين حاصر المؤمنون أهل الكتاب الذين خانوا العهد وظاهروا الأحزاب . بعد رجوح الأحزاب بخيبتهم حاصر المؤمنون أولئك الخائنين في حصونهم ، وحدث قتال أسفر عن قتلى وأسرى . قال جل وعلا : ( وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً (26).

أخيرا :

لم تكن هناك فرصة  للمؤمنين لأن يقيموا حصونا ، ولم تكن الحصونة مانعة الأحزاب من الاقتحام بدليل ما حدث لأهل الكتاب المعتدين وحصونهم سواء في سورة الأحزاب أو في سورة الحشر . حفر الخندق كان هو الحل الأمثل ، فلا يستطيع الجنود او الفرسان عبوره ، ومن يحاول العبور في مناوشات كان يخفق.

اجمالي القراءات 2689