بسم الله الرحمن الرحيم
شعوذة وخرافات !!!
ولكـــن ؟؟؟
قــال : الأستاذ احمد صبحي منصور :
- العالم يعيش الآن ثورة العلم ، أما نحن فنسعد بثقافة التطرف ، والتخلف ، التي أنشأت باسم القرآن الكريم عبادات للطب الروحي ، والشعوذة الدينية ...
وقال أيضا :
- وهكذا لا يلبث الآخرون أن يقيم&aelilig;ا لهم مستعمرات فوق سطح القمر بينما يظل فقهاؤنا الأبرار يختلفون في حكم الإستنجاء فوق سطح القمر .
عن مقال الدكتور أحمد صبحي منصور المنشور في يوم : 03/05/2009.
وشكرا جزيلا للأستاذ ، ولأن الموضوع المطروح خطير جدا ، وأخطر ما فيه هو أن الواقع والظاهر يقول إننا ما زلنا غير واعين بما فيه الكفاية ، وما زلنا غير جادين في تقديره حق قدره .
وأنا واثق ، لو أن القراء الكرام يستنطقون ذاكرتهم ستذكّرهم حتما بشتى المواضيع التي استمعوا إليها في شتى المناسبات ابتداء من المسجد ومن على منبر خطيب الجمعة .
وعلى سبيل المثال ، أذكر أن خطيب جمعة تساءل وهو حائر مندهش وبأسلوب يكاد يكون ساخرا هجائيا قائلا لنا نحن المطأطئي الرؤوس الصامتين المستمعين إلى خطبته ، تساءل حائرا قائلا :
- كيف ينجذب الناس وينجرّون ويجرون ويلهثون وراء ما يسمى بالطــب العصري ؟ وراء أولئك الذين تولوا عن الذكر واستكانوا إلى الحياة الدنيا ؟
- كيف يثق الناس في أولئك المدعين المعرفة والعلم ؟
- كيف يترك الناس الطب الحقيقي ، والعلاج الناجع المباشر ، الذي أشار إليه الله في كتابه المنزل ؟
- كيف يغفلون عن تلك الآيات القرآنية ( وانطلق خطيب الجمعة ) من على منبره ينزل علينا مختلف الآيات ومبينا في كل مرة المجال الذي تعالجه تلك الآية أو تلك المجموعة من الآيات . وختم تساؤلاته وحيرته قائلا :
- إنها حقا لسخافة منا أن نترك طب ودواء الرحمان ونلهث وراء الطب المزعوم ونضع فيه ثقتنا العمياء ونهلك في سبيل ذلك أموالا لبدا ونتجشم تكاليف ومشاق السفر للخضوع إلى عمليات جراحية ؟
وهكذا انتهت الخطبة وأقيمت الصلاة .
نعم عندما أسمع مثل هذا الكلام في المسجد ، ومثل الكلام الآخر المقابل والمضاد والتناقض في المسجد، وربما في نفس المسجد ، ومن على نفس المنبر، عندها أصاب بدوار ترجع أسبابه إلى قائمة طويلة من أسئلة وتساؤلات ملحة ومتزاحمة قائلة:
إنّ الثابت أن هناك مساحات شاسعة واقعة تحت الظل أو تحت الظلام وفي حاجة ماسة إلى تسليط الأضواء الكاشفة عليها. ومن بينهما ما يلي :
01) يا ترى ما هو المنتظرمنا أن نفهمه ونعيه ونهضمه بعد تدبره من هذه الآيـــات القرآنية ؟
(( بسم الله الرحمن الرحيم – قل أعواذ بربّ الفلق من شرّ ما خلق ومن شرّ غاسق إذا وقب ومن شرّ النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد )).-المسد -1 -5
(( بسم الله الرحمن الرحيم – قل أعوذ بربّ الناس ملك الناس إله الناس من شرّ الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس.)) الناس–1-6-
(( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ )) - البقرة رقم 102_
02) ألا تشــكّل هذه الآيات القرآنية – وقد يكون هناك غيرها - ألا تشكل قاعدة ما ، تولدت منها تلك المفاهيم أو الإعتقادات أو حتى الإفتراءات بأنها آيات قرآنية هي عبارة عن بذور أنبتت هذا الطب العرفي أو الشعبي أو الشعوذي ؟ أو ذلك العلاج المعروف بالرقية ؟ أو الطب القرآني أو الطب النبوي ؟ وما إلى ذلك من الممارسات والمسميات ؟
نعم ألا يفهم من القرآن أن هناك شرورا يجب الاحتماء منها واتقاؤها مثل شر ما خلق الله وشر غاسق إذا وقب ؟ وشر النفاثات في العقد ، والحسد وما يحدثه من شرور؟
ثم هناك شرور أخرى يمكن وصفها بأمراض نفسية وهي : شر الوسواس الخناس؟ الذي يوسوس في صدور الناس ، علما أن الفاعل الشرير يمكن أن يكون جنا أو إنسا .
أما الطامة الكبرى ( إن جاز هذا التعبير) فهي عندما نتأمل الآية رقم 102 في سورة البقرة المذكورة أعلاه .
فما هي قصة الشياطين الذين كفروا ؟ أولئك الذين يعلّمون الناس السحر، ويعلّمون الناس كذلك استعمال تلك الوصفة التي نزلت أو أنزلت على الملكين ببابل وهما : هاروت وماروت ، تلك الوصفة التي هي ناجعة وفاعلة فعلتها لا محالة ، إذ هي وصفة تنجح في التفريق بين المرء وزوجه ، وبعبارة أخرى هي وصفة بإمكانها أن تنسف صرح الزواج نسفا بإذن الله طبعا .
وقد يفهم من الآية كذلك أن بإمكان المرء أن يتعلم من الوصفة الأخرى وهي التي تنفع ولا تضرّ (( ... ويتعلمون ما يضرّهم ولا ينفعهم ...))
وهناك تساؤلات أخرى في حاجة ملحة إلى شرح ، وهي أن الفاعلين جاؤوا في أول الأمر بصيغة الجمع :((... يعــلّمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ..))
ثم جاء الفاعلان بصيغة المثنى : (( ... وما يعلّمان من أحد ...)).
ولعل السؤال المحير هو الآخر يكون هكذا :
ألا يفهم أن الفاعلين الإثنين نزيهان ؟ ومخلصان في مهمتهما وناصحان ؟
إذ كيف يبديان استعدادهما لتقديم الوصفة الكاملة وهي وصفة الهدم والشر والتخريب ، ولكن قبل ذلك يوجهان نصحهما إلى طالب الوصفة قائلين له : " إنما نحن فتنة فلا تكفر " : (( ... وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ...)).
ثم ، من بين الآيات القرآنية التي يسوقها أنصار التداوي بالقرآن والرقية والطب العرفي والطب النبوي وأنصار الشعوذة ، والدجالون ، تلك الآية رقم 82 في سورة الإسراء (( وننزّل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلاّ خسارا )).
وباختصار اشد ، عندما نؤمن ونعتقد ونطمئن بأن الله العلي العظيم لم ينزل علينا حديثه المباشر المبين عبثا ، بل لكي نتدبره ونحدق فيه ونجاهد في هضمه ، وعندما نطمئن بأن أي سرد أو قصة أو بلاغ من الله لم يكن إلا لذلك الغرض وأن في الأمر جدية . نعم عندما نضع كل ذلك في الحسبان فما هو المفروض منا أن نفهمه يا ترى من الآيات القرآنية المذكورة أعلاه ومن غيرها ؟
وعلـــــيه
ألا يثير كل هذا وغير هذا دوارا مركبا ومربكا ومحيرا ؟
ألا تمر علينا 14 قرنا من القرآن وما نزال غير بالغين سن التمييز بله سن الرشد ؟
ولا أدلّ على ذلك من حالتنا الراهنة وهي أننا ما زلنا مديرين ظهرنا إلى هذا الموضوع ، وما زلنا متهربين منه ، وما زلنا نتحاشى التحديق فيه ، وما زلنا نفتقر إلى روح المغامرة والجدية لإخراج هذا الموضوع من الظلمات إلى النور .