على مدار الأعوام الماضية شهد العراق تفشيا للفساد بجميع مفاصل الدولة أدى لهدر واختلاس ما يتراوح بين 300 و400 مليار دولار، بحسب جهات رقابية اتهمت أحزابا وكتلا وشخصيات سياسية بالمسؤولية عنها وتهريب جزء كبير منها للخارج.
يبدو أن مهمة مكافحة الفساد في العراق أشبه بالمستحيلة في ظل رفض شخصيات حزبية وسياسية، متهمة باختلاس مليارات الدولارات، المثول أمام الجهات القضائية، وهو ما يصعب الحد من ظاهرة الفساد التي باتت مستشرية في مختلف مفاصل الدولة.
هذه الصعوبات لم توقف هيئة النزاهة ولجنة مكافحة الفساد الحكومية، المعنيتين بالرقابة، من الاستمرار بفتح ملفات الفساد الكبيرة التي ينتظر منهما في القريب العاجل إصدار أوامر قبض واستقدام جديدة بحق عدد من المتهمين.ملفات فساد كبيرة
وذكر المفتش العام السابق لوزارة الداخلية جمال الأسدي، للجزيرة نت، أن عمل لجنة مكافحة الفساد الحكومية محدد بالنظر والتحقيق في الأوامر أو الشكاوى التي يحيلها رئيس مجلس الوزراء إليها، أو المحالة من قبل هيئة النزاهة تحديدا، مقدرا حجم ملفات الفساد المعروضة حاليا أمام هذه اللجنة ما بين 30 و50 ملفا.
وشكل رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي نهاية أغسطس/آب 2020 لجنة للتحقيق في قضايا الفساد برئاسة الفريق أحمد أبو رغيف وعضوية ممثل عن ديوان الرقابة المالية وجهاز المخابرات والأمن الوطني وهيئة النزاهة، وأناط مهمة تنفيذ أوامر القبض الصادرة عن هذه اللجنة إلى جهاز مكافحة الإرهاب.
وأما بخصوص تداخل الصلاحيات بين هذه اللجنة الحكومية ومهام هيئة النزاهة، أفاد الأسدي أن هناك تعاونا وطيدا بين لجنة مكافحة الفساد وهيئة النزاهة على حسم ملفات الفساد الكبيرة المتعلقة بأصحاب الدرجات الخاصة، والشخصيات السياسية، والقضايا التي تتطلب موافقة رئيس مجلس الوزراء أو موافقة الأجهزة الاستخباراتية والأمنية والرقابية على عرضها للتحقيق.
وعلى مدار الأعوام الماضية، شهد العراق تفشيا لظاهرة الفساد في جميع مفاصل الدولة أدت إلى هدر واختلاس كبير للمال العام تتراوح بين 300 و400 مليار دولار، بحسب جهات رقابية، متهمة أحزابا وكتلا وشخصيات سياسية متنفذة باختلاس هذه الأموال وتهريبها للخارج.إدانة 1500 حكومي
وأصدرت دائرة التحقيقات في هيئة النزاهة 55 أمر قبض واستقدام بحق ذوي الدرجات العليا، على خلفية قضايا وملفَّات حقَّقت فيها الهيئة وأحالتها إلى القضاء خلال أغسطس/آب الماضي، مشيرة إلى صدور 9 أوامر قبضٍ، و46 أمر استقدام.
وأضافت الدائرة -عبر بيان لها- أن أوامر القبض والاستقدام شملت 7 أعضاء في مجلس النوَّاب، فضلا عن وزيرين سابقين، و3 وكلاء وزارة سابقين، كما شملت تلك الأوامر 9 محافظين سابقين، و9 مديرين عامِّين حاليِين و11 سابقين، و14 عضوا من أعضاء مجالس المحافظات.
وعلق الأسدي على أوامر القبض والاستقدام، الصادرة بحق عدد من المسؤولين الحاليين والسابقين، بالقول إنها جاءت بمتابعة من قبل دائرة التحقيقات التابعة لهيئة النزاهة، وأنه لا دخل للجنة مكافحة الفساد فيها، مقدرا مجمل الملفات التحقيقية الموجودة بالهيئة وحدها بـ 12 ألفا و850 ملفا متراكما.
ولفت إلى أن معدل شكاوى الفساد -التي تصل إلى هيئة النزاهة من مختلف الجهات- يبلغ نحو 250 شكوى شهريا، أي ما يعادل 3 آلاف شكوى سنويا، مضيفا أن السلطات القضائية أصدرت بناء على هذه المن السلطات القضائية منع النواب المطلوبين من السفر لحرمانهم من الهروب خارج البلاد.
ولفت إلى أن 10 من النواب المطلوبين للقضاء رشحوا أنفسهم بالانتخابات البرلمانية الأخيرة، حاثا سلطات القضاء الإسراع في التعامل معهم خشية أن يعودوا للبرلمان مرة أخرى ويحصلوا على الحصانة التي تمنع محاسبتهم في حال فوزهم بالانتخابات وأدائهم اليمين الدستورية.