الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
هذا كتاب آدم(ص) وبنيه وهو يدور حول حياة آدم (ص)من خلال آيات القرآن
الكريم .
أدم (ص)وبنيه
الاعتراض على خلق أدم (ص):
قبل أن يخلق الله أدم (ص)قال للملائكة :إنى جاعل فى الأرض خليفة أى حاكم يأتى أولاده حكاما لها من بعده وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة "وقال لهم :إنى خالق بشرا من طين وفى هذا قال تعالى بسورة ص"إذ قال ربك للملائكة إنى خالق بشرا من طين "فكان رد الملائكة هو قولهم لله :أ&Eciتخلق فيها من يظلم فيها ويسيل الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ؟وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك "وكان هذا الرد اعتراض صريح على خلق أدم (ص)وهو اعتراض مسبب بأسباب خاطئة ،لذا سمى الله الاعتراض الاختصام وفى هذا قال تعالى بسورة ص "ما كان لى من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون "وكان رد الله عليهم هو قوله إنى أعرف الذى لا تعرفون وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "قال إنى أعلم ما لا تعلمون ".
خلق أدم (ص):
خلق الله أدم (ص)من الطين وهو التراب الممزوج بالماء وهو الصلصال المتكون من الحمأ المسنون وفى هذا قال تعالى بسورة ص"إنى خالق بشرا من طين "وقال بسورة الحجر "وإذ قال ربك للملائكة إنى خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون "وقد تم الخلق عن طريق التسوية وهى خلق الجسم كاملا من الطين ثم النفخ فى الجسم من روح الله والمراد ثم وضع الله النفس فى الجسم بأمره وفى هذا قال تعالى بسورة ص"إنى خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحى ".
تعليم أدم (ص):
بعد أن خلق الله أدم (ص) علمه الأسماء أى قراءة الألفاظ المكتوبة وفى هذا تعالى بسورة البقرة "وعلم أدم الأسماء كلها "والأسماء هى البيان المذكور بقوله تعالى بسورة الرحمن "الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان "والبيان هو الذى لم يعلمه أدم (ص) وهو الإنسان وفى هذا قال تعالى بسورة العلق "الذى علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم "وقد علم الله أدم (ص)بالقلم وبالطبع تعليم الله كان بكلمة كن وفى هذا قال تعالى بسورة يس "إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ".
إثبات تفوق أدم (ص)على الملائكة :
بعد أن علم الله أدم (ص)قراءة وكتابة كل الألفاظ التى يمكن النطق بها طلب من الملائكة الحضور لمكان وجود أدم (ص) ولما حضرت الملائكة عرض الله عليهم الأسماء والمراد وضع أمامهم سبورة مكتوب عليها الألفاظ ثم قال الله لهم أخبرونى بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين والمعنى أخبرونى بنطق المكتوبات إن كنتم صادقين فى زعمكم الذى زعمتم عن أدم (ص)وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "وعلم أدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال انبؤنى بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين "عند هذا قالت الملائكة سبحانك أى الطاعة لك ،لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم "وبعد أن اعترفت الملائكة بجهلها قال الله لأدم (ص)أنبئهم بأسمائهم والمعنى أخبرهم بألفاظ المكتوبات وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم قال يا أدم أنبئهم بأسمائهم "ففعل أدم (ص) حيث أخبرهم بألفاظ المكتوبات وعند هذا قال الله للملائكة :ألم أعرفكم أنى أعرف غيب السموات والأرض وأعرف ما تبدون وما كنتم تكتمون وفى هذا قال بسورة البقرة "فلما أنبئهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إنى أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ".
السجود تكريما لأدم (ص):
بعد أن أثبت الله للملائكة تفوق أدم (ص)عليهم قال لهم :اسجدوا لأدم (ص)والمراد فضلوا أدم (ص) على أنفسكم وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لأدم" (ص)وعند هذا قامت الملائكة بالسجود لأدم (ص)عدا ملك واحد هو إبليس الذى أبى ورفض الإنصياع للأمر الإلهى فأصبح بهذا من الكافرين وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين "وقال بسورة الحجر "فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين "والدليل على كون السجود تكريم لأدم (ص) أى تفضيل لآدم (ص) على غيره وهم الملائكة وسواهم هو قول إبليس فى قوله تعالى بسورة الإسراء "أرأيتك هذا الذى كرمت على "وهو هنا صادق بقوله وإن كان كاذبا .
كلام الله مع إبليس :
لما رفض إبليس السجود لأدم (ص)سأله الله :ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك ؟وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك "أى يا إبليس ما لك ألا تكون من الساجدين وفى هذا قال تعالى بسورة الحجر "يا إبليس ما لك ألا تكون من الساجدين "أى ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدى هل استكبرت أم كنت من العالين وفى هذا قال تعالى بسورة ص"يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدى استكبرت أم كنت من العالين "فكان رد إبليس أنا أفضل منه أنشأتنى من نار وأنشأته من طين وفى هذا قال بسورة الأعراف:"أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين " والمعنى لم أكن لأكرم بشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون وفى هذا قال بسورة الحجر "لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون "والمعنى أيضا لا أسجد لمن خلقت من الطين كما قال بسورة الإسراء "أأسجد لمن خلقت طينا "وهذا يعنى أنه يعتقد أن النار التى خلق منها أحسن من الطين الذى خلق منه أدم (ص)ومن ثم فهو الأفضل والأفضل لا يسجد لمن هو أقل منه شأنا ولذا قال الله له اهبط منها أى اخرج من الجنة فما يكون لك أن تتكبر فيها أى فما يحق لك أن تعصى الله فى الجنة فاخرج إنك من المعذبين وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين "والمعنى نفسه فاخرج من الجنة فإنك رجيم أى معذب وأن عليك اللعنة أى وأن لك العذاب ليوم الدين كما قال بسورة الحجر "فاخرج منها فإنك رجيم وأن عليك اللعنة إلى يوم الدين "وعند هذا قال إبليس رب أنظرنى إلى يوم يبعثون والمراد إلهى أبقنى حيا ليوم يعودون وفى هذا قال بسورة الأعراف "انظرنى إلى يوم يبعثون "فقال الله له "فإنك من المنظرين "أى الباقين ليوم الوقت المعلوم لى وفى هذا قال بسورة الحجر "فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم "فقال إبليس أرأيت هذا الذى كرمت على أى أعلمت الذى فضلت على لئن أخرتن أى أبقيتنى إلى يوم القيامة لأحتنكن أى لأضلن نسله إلا قليلا منهم وفى هذا قال تعالى بسورة الإسراء "أرأيت هذا الذى كرمت على لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا "ومعنى قوله بألفاظ أخرى رب بما أغويتنى أى بالذى أضللتنى لأزينن لهم فى الأرض ولأغوينهم أى ولأضلنهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين أى المطيعين لك وفى هذا قال تعالى بسورة الحجر "رب بما أغويتنى لأزينن لهم فى الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين "والمعنى بألفاظ ثالثة فبالذى أغويتنى لأقعدن أى لأحرفن لهم صراط المستقيم أى دينك الحق ثم لأتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين أى مطيعين له وفى هذا قال بسورة الأعراف "فبما أغويتنى لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لأتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين "والمعنى بألفاظ رابعة فبعزتك لأضلنهم جميعا إلا عبادك منهم المخلصين وفى هذا قال بسورة ص"فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين "وكل هذا قسم على كذب بالله وبأدم (ص) فقال الله له اخرج من الجنة ملعونا مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم جميعا وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم جميعا "وقال له أيضا "هذا دين عظيم عادل إن خلقى ليس لك عليهم سلطة إلا من قلدك من الضالين وإن النار لمقامكم كلكم وفى هذا قال تعالى بسورة الحجر "هذا صراط على مستقيم إن عبادى ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين "وقال الله فى دخولهم النار أيضا :فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين وفى هذا قال تعالى بسورة ص"فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين "وبعد هذا الحوار خرج إبليس من الجنة خروجا نهائيا ودخوله النار والمستفاد من طرد إبليس من الجنة هو وجود حكم إلهى هو :من عصى أمر الله طرد من جنته إلى الأبد وهو حكم فرض على الملائكة فى الجنة .
خلق الزوجة :
بعد خلق الله لأدم (ص)وتعليمه الأسماء كلها وسجود الملائكة له تكريما له خلق الله منه زوجته والمراد أن الزوجة خرجت من جسم أدم (ص)وهذه ولادة مجهولة لدى الناس ولا يجب أن نبحث فى هذا المجهول لعدم فائدته ولاستحالة العلم به حاليا وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها "ومن هذا يتضح أن صور خلق الإنسان أربعة هى :
1- خلق إنسان دون أب وأم كأدم (ص) 2- خلق إنسانة دون أم كزوجة أدم(ص)
3-خلق إنسان دون أب مثل عيسى (ص)4 – خلق الإنسان من أب وأم وهو الشائع.
سكن الأبوين للجنة:
بعد أن خلق الله أدم (ص)ثم زوجته قال الله لأدم (ص): يا أدم اسكن أنت زوجك الجنة وهذا يعنى أنهما وقت الخطاب كانا خارج الجنة وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "وقلنا يا أدم اسكن أنت وزوجك الجنة "ثم أمره الله بأمر أخر هو :كلا منها متاعا نافعا من حيث أردتما وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "وكلا منها رغدا حيث شئتما "وهذا يعنى أن الله أباح لهما الأكل من ثمار الجنة ،ثم أمرهما بأمر ثالث ألا يقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين أى ولا تأكلا من ثمار هذه الشجرة فتصبحا من الكافرين وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين "وقد بين الله للأبوين فوائد طاعته وهى إن لك ألا تجوع فيها ولا تتعرى وأنك لا تعطش فيها ولا تتألم وفى هذا قال تعالى بسورة طه "إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى ".
التحذير الإلهى للأبوين :
بعد أن أسكن الله الأبوين فى الجنة وأمرهما بأحكام الأكل من ثمار الجنة أصدر لهما تحذيرا يتمثل فى قوله :يا أدم إن هذا – والمراد شهوات النفس- عدو لك ولزوجك فلا تخرجنكما من الجنة فتشقى وفى هذا قال تعالى بسورة طه "فقلنا يا أدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة "وهذا التحذير يعنى أن الله عرف الأبوين عدوهما وهو الشيطان الممثل فى شهوات نفسيهما وليس المراد إبليس لسبب بسيط هو أنه طرد من الجنة بينما الأبوين فى الجنة ولا صلة بين داخل الجنة حيث الأبوين وخارجها حيث إبليس .
الوسوسة والأكل من الشجرة :
عاش أدم (ص)وزوجه فى الجنة فى سلام وأمان لمدة غير معروفة القدر وبعد هذه المدة بدأ الشيطان أى الهوى الضال أى الشهوة توسوس لهما وفى هذا قال تعالى بسورة طه "فوسوس إليه الشيطان "وبألفاظ أخرى وسوس لهما الشيطان – ولم يقل الله فى أى سورة إبليس- والسبب أن يبدى أى يكشف للأبوين ما خفى من سواءتهما أى عوراتهما وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف "فوسوس لهما الشيطان ليبدى لهما ما ورى عنهما من سواءتهما "وأما الوسوسة فهى قول الشهوات ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أى تكونا من الخالدين ؟إذا فهى تعرف الحرمة بقولها :"ما نهاكما ربكما "ثم تبين سبب النهى فى زعمها وهو الملك أى الخلود أى البقاء أى الملك الذى لا يبلى وفى هذا قال بسورة الأعراف "وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين "وبألفاظ لها نفس المعنى هل أدلكما على شجرة الخلد أى الملك الذى لا يفنى وفى هذا قال بسورة طه "قال يا أدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى"وقد أقسمت الشهوة لهما على أنها لهما من الناصحين وهم الذين يريدون لهم الخير وفى هذا قال بسورة الأعراف "وقاسمهما إنى لكما من الناصحين "وطبعا صدق الأبوان شهواتهما رغم أن الوسوسة نفسها ذكرتهما بنهى الله بقولها "ما نهاكما ربكما "ومن ثم ذهبا إلى الشجرة الملعونة أى المحرمة وأكلا منها أى من ثمارها وعند هذا بدت لهما سواءتهما أى ظهرت لهما عوراتهما المخفاة وفى هذا قال بسورة الأعراف "فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما "وعند هذا رأى كل منهما عورة الأخر فقاما يقطعان من ورق شجر الجنة ويغطيان عوراتهما وفى هذا قال بسورة طه "وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة "فخاطبهما الله فقال ألم أنهاكما عن الأكل من تلك الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو معلوم؟وفى هذا قال بسورة الأعراف "وناداهما ربهما ألم أنهاكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين ".
التوبة بعد العصيان :
بعد أن عصى أدم(ص)أمر ربه فغوى بأكله من ثمار الشجرة المحرمة كان لابد له من التوبة وفى عصيان أدم (ص)قال تعالى بسورة طه "فعصى أدم ربه فغوى "وسمى الله هذا نسيانا متعمدا أى تركا للتذكير الإلهى وفى هذا قال بنفس السورة "ولقد عهدنا إلى أدم من قبل فنسى "ولقد تاب الأبوان فقالا ربنا إننا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين وفى هذا قال بسورة الأعراف "قالا ربنا إنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين "وقد قبل الله توبة الأبوين فتاب عليهما وهدى أدم (ص)واجتباه وفى هذا قال بسورة طه "ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى "وقال بسورة البقرة "فتلقى أدم من ربه كلمات فتاب عليه "وإلقاء أدم (ص)الكلمات إلى الله هو الاستغفار المذكور فى آية سورة الأعراف .
الهبوط من الجنة :
بعد أن تاب الله على الأبوين أنزل لهما ما يغطى العورة المكشوفة وهو اللباس أى الريش وفى هذا قال بسورة الأعراف "يا بنى أدم قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوءاتكم وريشا "وقال لهما اهبطوا من الجنة بعضكم لبعض عدو- أى الناس أعداء لبعضهم – ولكم فى الأرض مسكن ومنافع إلى حين وهذا يعنى أن خروج الأبوين من الجنة كان بعد التوبة وأن أولادهما أعداء بعض وأن مستقر البشر هو الأرض وهى مستقر حتى يوم القيامة وفيها للبشر متاع أى منافع إلى وقت محدد وفى هذا قال بسورة البقرة "وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم فى الأرض مستقر ومتاع إلى حين "وطبعا لم يهبط الأبوان (ص)بنفسيهما وإنما أنزلتهما الملائكة إلى الأرض لانعدام القدرات التى تجعلهم ينزلان بنفسيهما دون أن ينزلهما أحد من السماء للأرض .
نزول الوحى على أدم (ص):
بعد أن أنزل الله أدم (ص)وزوجه للأرض لم يتركهما دون أن ينزل وحيا على أدم (ص)يتضمن الأحكام التى سيحكم بها أدم (ص)نفسه وزوجه وأولاده وطبعا كان هذا الوحى ينزل بالتدريج نظرا لتبدل الأحوال فمن زواج الإخوة مع الأخوات المباح لمنع زواجهم من غير أولاد أدم (ص)وهم الأحفاد من أب وأم واحدة وقد بين الله لأدم (ص)فى الوحى أن متبع الهدى له الثواب الذى ليس معه حزن ولا خوف وأن الكافر المعرض عن ذكر الله وهو الهدى له معيشة ضنكا وفى هذا قال بسورة البقرة "قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم منى هدى فمن تبع هداى فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون "وقال بسورة طه "قلنا اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداى فلا يضع ولا يشقى ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ".
أولاد أدم (ص):
بعد أن أنزل الله الأبوين إلى الأرض بث منهما أى خلق الله منهما رجالا كثيرين ونساء كثيرات وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء "وبعد هذا جعل الله أولاد أدم (ص)شعوب أى قبائل للتعارف وفى هذا بسورة الحجرات "إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا "وطبعا علم أدم (ص)أولاده القراءة والكتابة كما علمه الله .
مكان نزول الأبوين :
لما أنزل الله الأبوين إلى الأرض أنزلهما فى مركز الأرض وهو أم الأرض كلها أى أم القرى والمراد مكة وتسميتها بأم القرى ترجع إلى كون كل البلاد حولها قد خرج سكانها من مكة وفى هذا قال تعالى بسورة فصلت "لتنذر أم القرى ومن حولها "وبدليل أن أول بيت أى مسجد وضع للناس هو بيت بكة المبارك وفى هذا قال بسورة آل عمران "إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا "وطبعا المسجد لا يوضع إلا فى مكان به ناس وإلا فلا فائدة له .
قصة ابنى أدم (ص):
قام ولدان من أولاد أدم (ص)بتقديم قربانين إلى الله كل حسب نيته وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة "واتل عليهم نبأ ابنى أدم بالحق إذ قربا قربانا "فكانت النتيجة هى أن الله قبل قربان أحدهما وهو الطيب ولم يتقبل قربان الأخر وفى هذا قال تعالى بنفس السورة "فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الأخر "وعند هذا قال صاحب القربان المرفوض لأخيه لأقتلنك وفى هذا قال تعالى بنفس السورة "قال لأقتلنك "فقال صاحب القربان المقبول له إنما يتقبل الله من المسلمين ،لئن مددت يدك لتقتلنى ما أنا بباسط يدى لأقتلك ،إنى أخاف عذاب رب العالمين ،إنى أريد أن ترجع بذنب قتلى وذنبك الأخر إلى الله فتكون من أصحاب من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة "قال إنما يتقبل الله من المتقين لئن بسطت يدك إلى لتقتلنى ما أنا بباسط يدى إليك لأقتلك إنى أخاف الله رب العالمين إنى أريد أن تبوأ باثمى وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين "وعند هذا طوعت أى حسنت نفس الأخ الخبيث له قتل أخيه وظلت تلح عليه فى الأمر حتى قتله فأصبح من الخاسرين الكافرين وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة "فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين "وبعد أن قتله لم يعرف ماذا يفعل بجثته لأن الأخ الطيب كان أول من مات من البشر ومن أجل هذا أرسل الله غرابا يبحث أى يحفر فى الأرض والسبب هو أن يعلم القاتل كيف يوارى جثة أى كيف يدفن جثة أخيه ولذا قال لنفسه يا عذابى هل عجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأدفن جثة أخى ؟ونتيجة لهذا أصبح من النادمين وفى هذا قال بسورة المائدة "فبعث الله غرابا يبحث فى الأرض ليريه كيف يوارى سوءة أخيه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأوارى سوءة أخى فأصبح من النادمين "والمستفاد من القصة فى سبب الصراع الأخوى هو أنهم تنازعوا حول من الأفضل فيهما عند الله وليس حول زواج الأخت الأكثر جمالا من الأخرى فى رأى القاتل ،زد على هذا أن أدم (ص)يعلم أن الله لا يغير حكمه من أجل هوى إنسان ما ومن ثم فهو لن يقترح عليهم حل القربان ،زد على هذا أن الأخين كانا فى مكان بعيد عن تواجد الأبوين والإخوة والأخوات ومن ثم فلم يشاهد أحد من البشر القتل أو الدفن .
الدولة الإسلامية الأولى:
تميزت الدولة الإسلامية الأولى والتى كانت فى عهد أدم (ص)بما يلى من الأمور :
أن أهلها كلهم كانوا يتقنون القراءة والكتابة وعلى درجة كبيرة كبيرة من العلم نظرا لأن الأب أدم (ص)كان عالما بكل العلوم التى علمها الله إياه من خلال تعليمه البيان وكانت ثروات الأرض موزعة بالعدل بين الأبناء فنصيب الواحد مثل أخيه وقد تطور الزواج فى الشريعة الإسلامية الأولى من إباحة زواج الإخوة فى مرحلة أولاد أدم (ص)لتحريم زواج الإخوة فى مرحلة أولاد أولادهم ومن بعدهم وقد تفرق أولاد أدم (ص) وأولادهم فى بلاد الأرض بعد أن كثروا ولم تعد مكة تتسع للكل ومن ثم نشأت البلاد حول مكة من كل الجهات وكان حاكم الدولة أدم (ص) .
الخاتمة :
إن هذه قصة أدم (ص)فى القرآن وحده ولم نتعرض لحكايات عنه فى كتب التاريخ والروايات الشفهية لأن معظمها هو أكاذيب تخرجنا عن معرفة الواجب علينا وهو الصدق الموجود فى آيات القرآن الكريم الحالى والحمد لله أولا وأخرا .