جدد وزير الأوقاف المصري، محمد مختار جمعة، هجومه على جماعة الإخوان المسلمين، وزعم أن الوزارة تخلصت إلى حد كبير من "الخلايا النائمة لجماعة الإخوان "الإرهابية"، وفق قوله.
وأضاف جمعة، خلال برنامج تلفزيوني، مساء السبت، "نشتم رائحة هذه الخلايا بالوزارة"، مشيرا إلى أن "الوزارة تتخذ موقفا ضد من يتأكد انتماؤه التنظيمي و تبنيه لفكر الجماعة".
تصريحات الوزير، أحد أقدم الوزراء المصريين منذ الانقلاب العسكري، أثارت تساؤلات بشأن استغلال "شماعة الإخوان" للتخلص من خصومه والتغطية على الفساد بالوزارة.
وتمتلك وزارة الأوقاف أصولا تقدر بمئات المليارات من الجنيهات، وتتفشى فيها المحسوبيات والوساطات والرشى، وهو ما ألمح إليه رئيس سلطة الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، في وقت سابق من العام الجاري.
وأحرج السيسي، وزير الأوقاف، على الهواء خلال افتتاح بعض المشروعات، عندما قاطع حديث رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، عن نقل بعض التجار من سوق بالمطرية، التابعة لوزارة الأوقاف، قائلا: "الدكتور مختار مصمم على الـ3 شهور مُقدم وفيه ناس عندك واخدين أراض زراعية منك، ما بيدفعوش (لا يدفعوا) بقالهم (منذ) سنتين ثلاثه، جاي على الحتة بتاعة الغلابة وبتقول عاوز 3 شهور ".
في نيسان/أبريل 2019، أصدرت وزارة الأوقاف أول أطلس لحصر أملاك الوقف بجميع محافظات الجمهورية، وبلغت قيمتها وفق الوزير تريليون و37 مليار جنيه و370 مليونا و78 ألف جنيه. (الدولار يساوي 15.90 جنيه).
فساد الأوقاف "للركب"
واشتكى إمام وخطيب مسجد، بمحافظة الجيزة، يدعى الشيخ محمود عبدالتواب، من ممارسات مدير إدارة الأوقاف بإحدى المناطق "لإجبار الأئمة على تسليمه مبالغ شهرية من صناديق التبرعات والنذور، بل والدفع من جيوبنا أحيانا إن لم تبلغ النصاب".
وكشف لـ"عربي21": أن "مفتشي الإدارة أبلغوه أن قيادات الوزارة والجهات الأمنية على علم بهذه الممارسات، بما فيهم وكيل الوزارة، وهو يحظى برضاهم وتأييدهم، وأبلغهم رغم ذلك رفضي ولكني هددت بإثارة الأمر في وسائل الإعلام فسكتوا عني"
وكانت صحيفة الوفد المصرية، المؤيدة للنظام، نشرت في تشرين الثاني/نوفمبر 2016، تحقيقا بالمستندات، تحت عنوان "الفساد في الأوقاف لـ"الركب"، تضمن قضايا فساد بمئات الملايين في وزارة الأوقاف تتعلق بإهدار مال عام، واستغلال السلطة، والتربح، ومكافآت وحوافز، من بينها إنفاق 40 ألف جنيه (6 آلاف دولار بسعر صرف ذلك الوقت) لإعداد فيديو عن إنجازات الوزارة في عام لعرضه أمام رئيس الانقلاب.
فساد على الملأ
وقال عضو لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بالبرلمان المصري سابقا، محمود عطية، إن: "وزير الأوقاف الحالي، هو الوزير الوحيد الموجود منذ الانقلاب العسكري في 2013، ولم يتغير مع تغير الوزارات والوزراء، وسط علامات استفهام حقيقية على استبقائه في منصبه طوال هذه الفترة".
وأشار في حديثه لـ"عربي21": إلى أن "جمعة متورط في قضايا فساد بعضها أثير في الإعلام وفي البرلمان أيضا من خلال استجواب في أبريل 2016 بشأن تشطيب شقة فاخرة على النيل من خلال إحدى الشركات التابعة لوزارة الأوقاف، وسفر أفراد أسرته للحج على نفقة الوزارة، ناهيك عن التجاوزات في مئات الشركات وآلاف الأراضي التابعة للوزارة".
وكشف عن تجربته الشخصية مع فساد إحدى إدارات الأوقاف بالقول: "أذكر أنني عندما كنت إمام وخطيب بالمكافأة في أحد المساجد التابعة لمحافظة الإسكندرية كان المفتش ومدير الإدارة يطالبون بحصة من هذه الأموال، وكانت هناك لجنة لهذا الصندوق، كان مدير الإدارة نفسه هو رئيسها، وكان يفتح الصندوق ويأخذ منه أموال بصفته بعد استلام الصندوق، وكانت بعض الإدارات تتفق مع بعض الأئمة على نقلهم إلى مساجد معروفة وشهيرة مقابل مبالغ مالية كبيرة وتقاسم أموال الصندوق".
"مرتع للفساد"
وصف مستشار وزير الأوقاف الأسبق، الشيخ سلامة عبدالقوي، تصريحات وزير الأوقاف الحالي "بالعجيبة"، قائلا: "إنها تليق بمخبر سري لا بوزير أوقاف، وشيخ أزهري، وهو تعكس طبيعة عمله عندما كان في الجمعية الشرعية كمرشد ومخبر للأجهزة الأمنية في عهد مبارك"، مشيرا إلى أن "المسألة لا علاقة لها بالإخوان، وإنما لخلافات شخصية بين جمعة وبعض المشايخ الذين يخالفونه الرأي الشرعي أو الإداري أو التنظيمي بالوزارة".
وأضاف لـ"عربي21": "السيسي الحريص على جمع "الفكة" من المصريين لن يترك مئات المليارات هي أملاك وأصول وزارة الأوقاف، ولذلك قام بتعيين لجنة للسيطرة على الأوقاف، وهي باب من أبواب الفساد، لأنه لا توجد رقابة حقيقية، ومن خلال فترة عملي كمستشار لوزير الأوقاف، ونائبا له في حضور الاجتماعات، اطلعت على تفاصيل مخيفة ومزعجة".
وتحدث عبد القوي عن أن " حجم السرقة لا نهاية له"، وقال "اكتشفنا أن هناك أرضا تابعة للأوقاف تمتد عبر عدة محافظات بين فرعي دمياط ورشيد على ساحل البحر المتوسط، يسيطر عليها لواءات بالجيش والشرطة ومحافظين سابقين وأعضاء نواب، وفي ظل وجود العسكر وأراضي وأملاك الأوقاف تنهب وسيتم تحويلها إلى صندوق مصر السيادي كان آخرها أرض المنتزه".