الأزهر وتكفير مخالفية

شريف هادي في الأربعاء ١٨ - مارس - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

الأزهر وتكفير مخالفية
بعدما قرر رب العزة سبحانه وتعالى أن يستخلف البشر في الأرض ، ولطبيعة النفس البشرية الناقصة والتي تنزع دائما للكمال ودور الشيطان التحريضي على المعصية بالاضافة لما يعتلي النفس البشرية من نسيان وخوفها الفطري من المجهول ومحاولة إستخدام الخرافات لتفسير المبهم من الظواهر الطبيعية ، وعمل القدر ، فإن الله سبحانه وتعالى أرسل الرسل لتصحيح المسار وتذكير البشر بالجنة والنار (رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما)
وعلى التوازي مع الخط الإلاهي بإرسال الرسل كان دائما الإنسان يميل لاختراع أديان أرضية أو محاولة تحريف الأديان السماوية ليجعلها تتماشى مع رغباته وميوله وأهواءه ، ومع وجود هذه الأديان الأرضية وجدت دائما طبقة الكهنة وهم مجموعة من الضعفاء أرادوا حكم الأقوياء واللعب بعقولهم والسيطرة على مقدرات العامة ، بدغدغة معتقداتهم وإدخال الوهم في نفوسهم بأنهم (أي الكهنة) وكلاء لله في الأرض لتدبير شئون عباده ، ولاقت هذه الدعوة دائما رواجا وقبولا من العامة والغوغاء الذين ليس لهم حظ في الدنيا إلا الفقر والمرض والحاجة والعوز ، فكان الدين الأرضي يعطيهم دائما الحلم بغد أفضل أو بجنة الخلد حيث المتعة بلا تعب والنساء الحسان والخمر الحلال وكل المتع دون حد ، فكان دفاع العامة عن الدين وكهنته دفاعا عن أحلامهم وأوهامهم التي هي أهم عندهم من الواقع والحقيقة المرة التي يعيشون فيها فاقدي الأهلية.
وقد نشأ تحالف مقدس بين الكهن والحكومات فمن أسباب جنة الخلد عدم الثورة على الواقع والخضوع للحكام وإن طغوا ولو بسفك دماء المعصومين قد فجروا ، وأصبح كل حاكم ديكتاتور يبحث عن بعد كهنوتي يمنحه الشرعية لحكم الرعية ، فمهما عاث فيهم فسادا فهو ظلا لله في الأرض يصلحه للرعية الصالحة وهو عقاب رب العالمين على الرعية المنحرفة ، وبهذه الأفكار ومن خلال هذا الحلف الشيطاني قامت ممالك وهدمت أخرى ، وكانت هذه الرعية المغلوبةعلى أمرها الحالمة دائما بغد أفضل أو بحاكم صالح ترسله السماء او بجنة الحور العين والفتيات الحسان ، أقول كانت هي دائما وقود الحروب للدفاع عن ممالك الشر المقدس ضد أي خروج أو محاولة تغيير للأفضل ، وأصبح كل من يحاول الخروج عن سلطتهم المطلقة او مجرد محاولته التفكير تجعله مجرم يستحق القتل وزنديق خارج من رحمة الرب.
وهذه اللعبة السوداء لعبتها الكهنة والحكام في كل زمن وعصر فمن كهنة آمون إلي كهنة سخمت ومن رع مسيس إلي آمون حوتب ، ومن طبقة الربانيين اليهود إلي باب الفاتيكان الذي كان يوزع صكوك الغفران ويحكم بالحرق على مخالفية مهما كانت تفاهة المخالفة ، ومن فقهاء الأمويين وقصاصيهم إلي علماء العباسيين ومحدثيهم ومن ملالي الشيعة وحكم الخوميني إلي حكم آل سعود بشرعية آل الشيخ ، ومن علماء اللاهوت الفاتيكان والأنجيليين إلي علماء الأزهر وجامعة عبد العزيز.
والعجيب أنه رغم إختلاف الخلفيات التاريخية والمعتقدات الأرضية والألسنة اللغوية ، فأن أساليب الكهنة تتشابه ، وتنحصر هذه الأساليب في تميز أنفسهم بثياب خاصة لا يشاركهم فيها غيرهم ، فمثلا تجد علماء الأزهر ينعقون ليل نهار لا كهنوت في الإسلام ، ولكنهم يميزون أنفسهم بثياب كهنوتية ، وهم دائما يدعون العلم اللدني وفهمهم لخفايا الأمور واطلاعهم على بعض الغيب ، ثم تراهم ينتخبون من الشخصيات التاريخية أو من أنفسهم شخصا يمجدوه ويقدسوه ويطلقون عليه الأوصاف ويمنحوه بعض صفات الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، ثم يوهمون العامة بأن لهم قدرة على على جعل علاقتهم بالسماء طيبة فمن أطاعهم من العامة نجا ومن عصاهم هلك ، فمثلا رجال الأزهر في مصر منهم من يبيع الرقية الشرعية ومنهم من يتعامل مع الجن ويكلمهم وهو كاذب في ذلك ويفك الربط والعمل ويشفي المصروع والممسوس ومنهم من يشارك في عمل عتاقة للميت ويقسمون العتاقة للعتاقة الكبرى (مائة ألف الصمدية) والعتاقة الصغرى (عشرة ألاف لا إله إلا الله) ، فالميت ينقطع عمله عند الله ولا ينقطع عند رجال الأزهر وعلمائه
وأخيرا فإن أهم صفة تميز طبقة الكهنة ، هي رد فعلهم تجاه مخالفيهم (يرمونهم بالكفر والزندقة ، ويحللون لأتباعهم دماء مخالفيهم وحرماتهم ، ويحرضون الحكام عليهم ويغرون السلطة بهم) ، ولأنهم لا يستطيعون النقاش بالمنطق ومقارعة الحجة بالحجة ، فإن لديهم دائما تهم معلبة يلصقونها بمخالفيهم وأهم تهمتين (الكفر) و (العمالة) ، في إنتظار أحد اتباعهم المخلصين مغسولي العقول ، عندما يأخذ خطوة التقرب لله بدماء مخالفيهم ، أو قبول الحاكم لوشايتهم به فيقتله حدا تقربا وزلفى
كانت هذه المقدمة مهمة جدا لفهم موضوع المقالة ، والذي سأتعرض فيه لفتوى الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر ، والذي أعتبر فيها القرآنيين مرتدين ، ولكن لطيب قلبه ورقة إحساسه رفض أن يقتلهم الموتورين من أتباعه مكتفيا بتحريض الحاكم بإقامة الحد عليهم ، وقطعا النتيجة واحدة بل في قتلهم قد يجعلهم أبطالا أو ضحايا ، ولكن في إقامة الحد عليهم يجعلهم كفار في الأرض وفي جهنم وبئس المصير ، والسؤال الذي يتبادر للخاطر ، لماذا برأيه هم كفار؟ أي أسباب حكمه بكفر طائفة من المسلمين ؟ ، سنأخذها تهمة تهمة وفقا لما هو منشور في الصحافة
التهمة الأولى:
(إنكار السنة) ، في نقاشه مع الأستاذ الفاضل المهندس على عبد الجواد ، توصل لمعرفة أن القرآنيين ينكرون (السنة) ، ونقول له هذا خطأ فادح ، لأن القرآنيين ينكرون الحديث المنسوب للرسول عليه الصلاة والسلام ، والحديث القدسي المنسوب لرب العزة سبحانه وتعالى ، ينكرون كل نقيصة وكل بلاء ينسبوه للرسول عليه الصلاة والسلام ليشوهوا به الدين الحنيف ، وهذا الإنكار لا يكفر صاحبه ، وبناء على فتوى من الأزهر نفسه أن منكر حديث الآحاد ليس بكافر لأن حديث الآحاد يحمل على الظن ولا يكفر من ينكر الظن ، ويبقى أن تعرف أن كل الأحاديث آحاد فيما عدا ثلاثمائة حديث على أفضل الفروض لأن البعض قال بضع وعشرون حديثا ، وهذه الأحاديث المتواترة في باب مكارم الأخلاق والدعاء وليس فيها أحكام أو عقائد ، ومن العجيب أن خبر الواحد يقول الشيء ويقول ضده في نفس الوقت.
ثم أن القرآن الكريم يرفض خبر الواحد لقوله سبحانه وتعالى "يا ايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق بنبا فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" الحجرات 6 ، فلو إحتج محتج بأن الخبر مخصص على الفاسق دون العدل ، نقول له وما قولك في قوله تعالى "والذين يرمون المحصنات ثم لم ياتوا باربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة ابدا واولئك هم الفاسقون" النور 4 ، فهنا أعتبر الله من يأتي بالخبر دون إشهاد فاسق ، وشهود السرقة والقتل إثنين فأكثر ، والوصية إثنين ، فالقرآن لم يقبل خبر الواحد فيما دون الدين والإسلام والإيمان فكيف نقبله نحن في ديننا؟ ، وخبر الواحد لا يمكن حمله على اليقين فهو خبر ظني ويكفينا قوله سبحانه وتعالى"وما يتبع اكثرهم الا ظنا ان الظن لا يغني من الحق شيئا ان الله عليم بما يفعلون" يونس 36 ، والآية الكريمة جائت في سياق آيات كريمات في سورة يونس كلها تأمر الرسول عليه الصلاة والسلام بفعل الأمر (قل) قل من يرزقكم من السماء ... ، قل هل من شركائكم من يبد ا الخلق ثم يعيده ... ، قل هل من شركائكم من يهدي إلي الحق ... ، ثم جائت الآية بالفعل المضارع (يتبع) ثم بضمير عائد على الجمع (أكثرهم) ، والفعل المضارع يفيد الاستمرار والجمع هنا لا يخصص على قوم دون قوم ، وقد اتبع أكثر المسلمين الظن بروايات الآحاد ودافعوا عنها بدماء إخوانهم المسلمين ، وما زالوا يا شيخ عاشور.
التهمة الثانية:
جائت في قول الشيخ عاشور التالي (بل إنه أنكر القرآن نفسه حينما قال إن القرآن كتبه النبي، محمد صلى الله عليه وسلم) ، وهنا نتحداه أن يأتي بآية من القرآن تقول أن رسول الله عليه الصلاة والسلام لم يكتب القرآن ، ولكن دليله كما نتصور عن قصور في فهمه لقوله تعالى" وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك اذا لارتاب المبطلون" العنكبوت 48 ، فهو (أي الشيخ عاشور) اعتبر قوله سبحانه وتعالى (ما كنت تتلوا) وقوله (ولا تخطه بيمينك) دليل أن الرسول لم يكن يقرأ ويكتب ولكنه كان يجهلهما ، فلو قلنا أن الرسول كتب القرآن بيده الشريفة فإننا نكذب بذلك صريح الآيات القرآنية ، وهذا يكفي لكفر القرآنيين ، وطبعا هذا الفهم يدل على جهل مركب من الشيخ عاشور ، جهل بطبيعة لغة القرآن وأسلوبه وجهل باللغة العربية ، على نحو ما سنقوم بشرحه
من المعروف أن جميع كلمات القرآن قصدية لا أعتباط فيها ، وأنه لا يجوز أن نقول برفع حرف واحد من القرآن مع بقاء المعنى العام دون خلل ، وبمراجعة قراءة الآية الكريمة على هدي من ذلك نرى أن الله سبحانه وتعالى قال لرسوله عليه الصلاة والسلام (من قبله) ، والهاء هنا عائدة على كتاب الله القرآن أي بمفهوم المخالفة أن حالة المنع من القراءة والكتابة قبل نزول القرآن إنتهت بعد نزوله بل أصبحت حالة مختلفة على النقيض تماما يعرف فيها الرسول القراءة والكتابة ، ولذلك جائت الآية الأولى في التنزيل (اقرأ) ، ورغم أنه كان يظن بنفسه أنه مازال لا يعرف القراءة والكتابة فجاء النص ليخبره أن المعلم الذي علمه بعد عدم علم هو الله ، (قرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم) ، تفضل رب العزة سبحانه وتعالى بكرمه على (الانسان) نبيه عليه الصلاة والسلام فعلمه ما لم يكن يعلم ، ثم يعزز هذا الفهم قوله تعالى" وقالوا اساطير الاولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة واصيلا" الفرقان5 ، وهذه الآية تؤكد فعل الكتابة في حق الرسول ، سيقل قائل هو قول الكفار ومردود عليهم ، نقول له هذا عظيم جهل منك باللغة القرآنية ، لأنه وإن كان قول الكفار فان الله سبحانه لم يرد عليهم جزئية كتابة الرسول ، ولكنه رد عليهم جزئية (أساطير الأولين) لقوله تعالى "قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض انه كان غفورا رحيما" الفرقان6 ، والمتتبع للغة القرآن يعلم أن الله سبحانه وتعالى إذا نسب قولا الي شخص أو جماعة ولكنهم كاذبون يرده عليهم رب العزة حتى لو كان القول في متنه صحيحا وأصدق مثال على ذلك قوله سبحانه وتعالى" اذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد ان المنافقين لكاذبون "المنافقون1 ، رغم أن الشهادة للرسول بالرسالة حق ، إلا أن الله رد عليهم شهادتهم لكذبهم بعدما أكد متن الشهادة بعلمه أنه رسول الله ، وبتطبيق القواعد سالفة البيان على الآية نرى أن الله لم يرد قولهم (اكتتبها) ، كما لم يرد قولهم (تملى عليه) ، ولكنه سبحانه رد قولهم (أساطير الأولين) بما يؤكد على صحة كتابته للقرآن ، وإملاء الوحي عليه ، وأخيرا في هذا الموضوع ، فإن القرآن علمنا أن لكل نبي دليل نبوة ، يعرف بهذا الدليل أنه نبي حق ، فموسى عليه السلام دليل نبوته العصى ، واليد البيضاء ، وعيسى علي السلام دليل نبوته طريقة مولده ويكلم الناس في المهد ، ومحمد عليه السلام دليل نبوته معرفته القراءة والكتابة بعد جهل بهما ، والله تعالى أعلم ، فهل نحن بذلك ننكر القرآن – حاشا لله – أم نتدبره مصداقا لقوله تعالى " افلا يتدبرون القران ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا" النساء 82
والتهمة الثالثة:
(كذلك أنكر عبدالجواد العشرة المبشرين بالجنة) ، ونقول له هذا بهتان وظلم عظيم ، فهو لم ينكر العشر المبشرين بالجنة ، ولكنه أنكر الحديث الذي يزعم أن هناك عشرة تم تبشيرهم بالجنة ، لأن الله لم يذكر لنا شيء عن ذلك ، كما أن التبشير بالغيب لا يدخل في حدود علم النبي ، ويتخطاه إلي علم الله الواحد الأحد ، والذي لو أراد إطلاع نبيه على الغيب لأطلعه من القرآن على نحو قوله تعالى (غلبت الروم) ، وعلى نحو قوله تعالى (ذلك من أنباء الغيب) [آل عمران44 ، هود 49 ، يوسف 102] ، ولكن الأصل بالنسبة للرسول عليه الصلاة والسلام في قوله سبحانه وتعالى" قل لا اقول لكم عندي خزائن الله ولا اعلم الغيب ولا اقول لكم اني ملك ان اتبع الا ما يوحى الي قل هل يستوي الاعمى والبصير افلا تتفكرون" الأنعام 50 ، والله وحده عنده مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا هو وهو عالم الغيب والشهادة سبحانه وتعالى.
ولكن يجب أن نقرر أن الله سبحانه وتعالى لا يسأل عما يفعل فلو أراد بشرى لأحد من خلقه بالجنة ، فلا راد لرحمته يمنحها من يشاء من عباده ، ولعل هناك من الصحابة الأبرار من بشر بالجنة وحيا من الله لرسوله عليه الصلاة والسلام والرسول بلغها ، ولكن لا دخل لذلك بالإيمان والكفر فمن أنكرها لا يكفر ومن آمن بها أيضا لا يكفر ، طالما أنها لم تأتي نصا في القرآن وجائت ضمن خبر الآحاد.
التهمة الرابعة:
(أنكر الحدود في القرآن) ، هو لم ينكر الحدود ولكن أنكر تسميتها بالحدود على خلاف تسمية رب العزة لها ، فلم تأتي كلمة حدود في القرآن لتشير إلي العقوبات المفروضة على المذنبين ، ولكن جائت نصوص العقوبات كنصوص منفرده وفي أضيق الحدود ولمخالفات خطيرة لا يمكن السكوت عنها كعقوبة الحرابة ، والزنا (العلني) الذي يشهده أربعة فأكثر ، أما كلمة حدود فهي في وله سبحانه وتعالى "... تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله اياته للناس لعلهم يتقون" البقرة 187 ، وقد ذكرت في تسع آيات بينات كلها عن العلاقة بين العبد وربه ، وإقامة العلاقات الزوجية على تقوى الله ، وليس فيهاعقوبة واحدة ، فما يعني قوله انكر الحدود في القرآن؟ ، وما هي الحدود التي أنكرها؟ هذا لا يعدوا كون أكثر من كلام إستعدائي يستعدي به الغير على القرآنيين ، أو جهل لا يعرف صاحبه معن الحدود القرآنية ومد إختلافها عن حدود العصر العباسي.
التهمة الخامسة:
(أنكروا ما هو معلوم من الدين بالضرورة) ويقصد بذلك الحديث ، وقد أثبتنا أن الحديث ليس معلوما من الدين بالضرورة ، ذلك لأن تواتر الحديث مقطوع بينه وبين الرسول مائتان من السنين ، على خلاف كتاب الله القرآن الذي كتبه الرسول وحفظه صحابته الأبرار وآل بيته الأطهار ، أو حتى على زعمهم فقد كان مكتوبا متفرقا على عصر الرسول وجمعه صحابته بدأ من أبي بكر ، ووحد رسمه عثمان ، ورغم رفضنا لرواياتهم المزعومة فهي رغم ما فيها من قصور تثبت تواترا للقرآن غير منقطع من عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام إلي عهدنا هذا ، أما ماكان فيه قال حدثنا فلان عن فلان وأخبرنا فلان فكل ذلك جملا خبرية منسوبة لمن قالها ورواها وليست لرسول الله وعلى أفضل الأقوال تفيد الظن.
هذا بالأضافة إلي أنه طبقا للعلم الذي وضعوه للحديث فإن الجرح أسبق من التعديل ، بمعنى لو عدل (راو) للحديث جماعة وجرحه واحد فوفقا للقاعدة التي وضعوها هو (مجروح) ولو طبقنا هذه القاعدة بصرامة لن تجد (عدل) واحد في الرواة ، حتى البخاري نفسه اتهموه بالقدر فهو على قاعدتهم مجروح ومع ذلك اعتبروا كتابه (((أصح))) كتاب بعد كتاب الله ، ما لهم كيف يحكمون؟؟؟ ، ثم بعد كل هذا يعتبرون رفض الحديث رفضا لما هو معلوم من الدين بالضرورة ، وسؤالنا أي دين وأي علم وأي ضرورة؟ أ بالظن تستحل أنفس الناس وتنتهك حرماتهم؟
التهمة السادسة:
(إنكار الوحي الألاهي) ، والحقيقة لا أجد تعليقا مناسبا على هذه التهمة ، فنحن خدمة كتاب الله الكريم وسدنته ، نذب عنه كيد الكائدين وحقد الحاقدين ، فنرفض أن ينسخ الحديث المزعوم آياته وأحكامها ، ونرفض أن يكون الحديث قاضيا على القرآن ، يخصص عامه ويقيد مطلقه ويضيف في أحكامه أو يعطلها ، فمن هو الذي ينكر الوحي الألاهي؟ نحن أم هم؟ ولله في خلقه شئون
وبعد أن فندنا التهم الموجهة للقرآنيين يثبت انها تهم مختلقة وموضعة ، فنحن آمنا بكتاب الله عملا بقوله سبحانه وتعالى"واذا يتلى عليهم قالوا امنا به انه الحق من ربنا انا كنا من قبله مسلمين" القصص53 ، ونحن نحب كتاب الله ونحترمه ونكتفي به عملا بقوله تعالى"اولم يكفهم انا انزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم ان في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون" العنكبوت51 ، ونتدبر أحكامه ونلتزم بها وفقا لأمر الله سبحانه وتعالى"افلا يتدبرون القران ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا" النساء82 ، ونؤمن بأنه لا ناسخ ولا منسوخ في القرآن ولا يوجد ما يمكن أن يقضي على القرآن بالحذف والأضافة والتخصيص والتقييد ، لأنه كتاب حق لا هزل فيه مصداقا لقوله سبحانه وتعالى"انه لقول فصل(13) وما هو بالهزل(14) الطارق ، وقوله تعالى "وبالحق انزلناه وبالحق نزل وما ارسلناك الا مبشرا ونذيرا" الاسراء 105
وأخيرا نقول لوكان هذا هو حال وكيل الأزهر فكيف يكون حال الباقين؟ وحسبنا الله ونعم الوكيل
شريف هادي

اجمالي القراءات 21235