عاد 11 طالب لجوء سوريين، كانوا قد تعرَّضوا للترحيل قسراً من المملكة المتحدة إلى إسبانيا قبل 9 أيام على متن رحلة جوية مستأجرة وتُركوا بمفردهم في شوارع مدريد، عادوا جميعاً إلى مدينة كاليه الفرنسية؛ على أمل الوصول مُجدَّداً إلى المملكة المتحدة، وفق ما نقلته صحيفة "The Guardian".
تركوهم في العراء: حسب تقرير للصحيفة البريطانية، السبت 12 سبتمبر/أيلول 2020، فقد صرح أحد أفراد تلك المجموعة المُرحَّلة، الذي عاد إلى كاليه مساء الجمعة 11 سبتمبر/أيلول: "لقد تُركنا في الشارع بعد أن قامت وزارة الداخلية البريطانية بترحيلنا يوم الخميس 10 سبتمبر/أيلول".فيما قال شخص آخر، كان قد فرَّ من المنطقة نفسها من سوريا: "بعد هروبي من الحرب في سوريا، كانت رحلة صعبة للغاية. أمضيت عامين حتى وصلت إلى المملكة المتحدة، لكن السلطات البريطانية أنهت كل شيء بالنسبة لي في ساعة واحدة فقط. سأواصل المحاولة للوصول بعائلتي إلى بر الأمان".
كما أشار إلى أنَّ الـ11 طالب لجوء السوريين كانوا قد سافروا في مجموعات صغيرة عبر الحدود من إسبانيا إلى فرنسا واستخدموا الحافلات للعودة إلى كاليه. وقال: "نحن ننتظر فقط العبور مُجدَّداً إلى المملكة المتحدة. هناك الكثير من المُهرّبين في كاليه حالياً ما دام النظام ضدنا".تحدثت صحيفة The Guardian في مدينة كاليه مع طالب لجوء جرى ترحيله على متن رحلة مستأجرة متجهة إلى فرنسا وألمانيا في 26 أغسطس/آب. قال: "أعادتني وزارة الداخلية إلى ألمانيا، لأنَّ بصمات أصابعي أُخذت هناك. لكنني لم أطالب باللجوء قط في ألمانيا. لقد أمضيت فيها ساعة واحدة فقط أثناء محاولتي الوصول من خلالها إلى المملكة المتحدة، لكن الشرطة الألمانية ألقت القبض عليَّ وأخذت بصمات أصابعي".
يشعرون باليأس: تُعد عملية الترحيل مُكلّفة جداً بالنسبة لحكومة المملكة المتحدة، يُنقل طالبو اللجوء غير القانونيين إلى أماكن إقامة مؤقتة لعدة أسابيع أو أشهر قبل أن يجري تجميعهم ووضعهم في مكان الاحتجاز، حيث تبلغ التكلفة 95 جنيهاً إسترلينياً للفرد في اليوم الواحد (نحو 121 دولاراً أمريكياً)، ثم يُنقلون على متن طائرات في رحلات خاصة مستأجرة مع مرافقين بتكلفة باهظة.
قالت كلير موزلي، مؤسِّسة مؤسَّسة "Care4Calais" الخيرية لدعم طالبي اللجوء في شمالي فرنسا: "من المزعج أن تلتقي أشخاصاً في كاليه تعرضوا للترحيل قسراً من المملكة المتحدة ويحاولون العودة إلى هناك مرة أخرى رغم الخطر الشديد على حياتهم".
وتضيف: "هذا يبرز بوضوحٍ مستوى اليأس الذي يشعرون به، وأنَّه ليس لديهم خيار آخر. سيحاولون مُجدَّداً مهما كانت فرصتهم في النجاح ضئيلة، لأنَّهم ببساطة لا يستطيعون العودة إلى وطنهم".إصرار بريطاني على الترحيل: من جانبها، تقول وزارة الداخلية البريطانية إنَّها تعمل على إعادة ما يقرب من ألف طالب لجوء في المملكة المتحدة إلى الدول الأوروبية الأخرى التي دخلوا البلاد عبرها، وذلك بموجب لوائح اتفاقية "دبلن" المعمول بها داخل الاتحاد الأوروبي.
ويجب الانتهاء من جميع عمليات الترحيل قبل 31 ديسمبر/كانون الأول، وقتما تكتمل جميع إجراءات انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
في الجهة الأخرى، وافقت دول الاتحاد الأوروبي الأخرى على 7% فقط من الطلبات التي قدمتها إليهم إدارة شؤون الهجرة بوزارة الداخلية البريطانية لإعادة الأشخاص بموجب اتفاقية "دبلن" والبالغ عددها 18.953 طلباً في الفترة ما بين عامي 2015 و2018.
عدد مرعب: كانت المملكة المتحدة قد تلقت العام الماضي، 34.354 طلباً للجوء، وهذا عدد أقل، مقارنةً بدولٍ مثل ألمانيا التي تلقت 142.400 طلب للجوء، وفرنسا بـ119.900 طلب، وإسبانيا بـ115.200 طلب.
كانت وزيرة الداخلية البريطانية، بريتي باتيل، قد تعهدت بوقف تدفق المهاجرين غير القانونيين الذين يعبرون من فرنسا إلى بريطانيا عبر القناة الإنجليزية (المانش). وقالت إنَّ أعداد الوافدين بهذه الطريقة "مرعبة ومرتفعة بشكل غير مقبول".
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية: "يعمل المُهرّبون المجرمون على تسهيل المرور عبر هذه المعابر بشكل غير قانوني. هم على استعداد للمخاطرة بحياة الناس من أجل المال. تُعد فرنسا وإسبانيا من الدول الآمنة التي تمتلك أنظمة لجوء فعَّالة تماماً. لذا، يستطيع طالبو اللجوء تقديم طلباتهم للسلطات المختصة، بل ينبغي لهم فعل ذلك".