الحمد لله الذي خلق لنا من أنفسنا أزواجا لنسكن إليها وجعل بيننا مودة ورحمة واشهد أن لا إله إلا الله خالق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسنا ومما لا نعلم ، وأشهد أن محمدا رسول الله صاحب المنهاج ، اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى صحبه وآل بيته ومن أهتدى بهديه إلي يوم البعث المحتوم
لا يوجد ما يسمى بعقد الزواج ، لأن الزواج علاقة كونية ، ورابطة ربانية ، بها حفظ الله النوع من الزوال ، وبها دفع الله الناس بعضهم ببعض حتى لا تفسد الأرض ، وسبحانه وتعالى عز من قائل "سبحان &Cc الذي خلق الازواج كلها مما تنبت الارض ومن انفسهم ومما لا يعلمون" يس 36 ، وسبحانه وتعالى يقول "والذي خلق الازواج كلها وجعل لكم من الفلك والانعام ما تركبون" الزخرف 12 ، وأنظر إلي قطبي المغناطيس تجد القطبان المختلفان يتلاصقان ويتجاذبان ، والمتحدان في النوع يتنافران ، حتى الذره المتناهية في الصغر تتكون من تزواج (الإلكترون والبروتون) السالب والموجب ، وكل طرف ينزع إلي نقيضه إحساس بالنقص الذي فيه والذي لا يتم ولا يكتمل إلا بتزاوجه مع نقيضه وهكذا يتم دفع عجلة الحياة.
إذا علاقة التزاوج ليست هي العلاقة التي تربط الرجل بحليلته والمرأة بحليلها ولكنها هي كل علاقة بين متفقين في النوع ومختلفين في الجنس ، حتى أن الله سمى العلاقة بين الأشقاء من الذكور والإناث علاقة تزواج لقوله سبحانه تعالى "او يزوجهم ذكرانا واناثا ويجعل من يشاء عقيما انه عليم قدير" الشورى 50.
ولا يمكن عقلا تصور وجود (عقد) زواج ، لأن العقد ينشأ أوضاعا وحقوقا لكلا الطرفين لم تكن موجودة قبل العقد ، أما علاقة الزواج أو (الأزواج) هي علاقة كونية أبدية بدأت منذ خلق الله الخلق جميعا وتنتهي بحسابهم ودخولهم الجنة أو النار لقوله تعالى " هم وازواجهم في ظلال على الارائك متكؤون" يس 56 ، وقوله تعالى"احشروا الذين ظلموا وازواجهم وما كانوا يعبدون" الصافات 22 ، وقوله تعالى " وكنتم أزواج ثلاثه" الواقعة 7 ، وطبعا من المعروف عقلا ونقلا أنه ليس بالضرورة أن تكون زوجة الصالح صالحة وزوجة الطالح طالحة ، وهذه إمرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين صالحين فخانتهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا ، وهذه امرأة فرعون اذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين ، فهل سيكون فرعون زوجها في الدنيا هو نفسه زوجها في الآخرة؟ حاشا لله .
سيقول قائل ولكن الله سمى حليلة الرجل زوجه على نحو قوله تعالى"فاستجبنا له ووهبنا له يحيى واصلحنا له زوجه انهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين" الأنبياء90 ، وسمى حليل المرأة زوج على نحو قوله تعالى" قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي الى الله والله يسمع تحاوركما ان الله سميع بصير" المجادلة1 ، وأقول زوج لأن العلاقة بينهما علاقة حرث ، ولا يتم ذلك إلا بتزاوج متحدي النوع مختلفي الجنس ، ولذلك جرى العمل على تسمية الحلائل أزواج ، ولكن لا يعني ذلك أن نشأة العلاقة بينهما بعقد زواج ، وقد سمى الله أيضا الحلائل بعول على نحو قوله تعالى "... وبعولتهن احق بردهن... الآية" البقرة 228 ، وقوله تعالى"... الا لبعولتهن او ابائهن او اباء بعولتهن... الآية" النور 31 ، فهل نسمي العقد عقد بعول؟
أما العقد الذي يحكم علاقة التزاوج بين الرجل والمرأة هو (عقد نكاح) ، وكلمة نكاح تعني إقتران زوجين متحدي النوع مختلفي الجنس بعقد يرتب حقوقا وواجباتا لكل منهما ولمن يتأثر بالعقد من الأصول والفروع ، وهي على هذا الشرح لا يكون إلا في حق البشر لأنه لا يجري تكليف على الأزواج من غير البشر ليتناكحوا ، ولكن يكفيهم الوطئ ، وهذا ما يحرم على البشر إلا بعقد نكاح ، فالنكاح هو العقد الذي بمقتضاه تتزاوج الأزواج.
وقديما قال الشاعر: ولا تقربن من جارة إن سرها ....عليك حرام فانكِّحن او تأبدا
والحقيقة أن كلمة نكاح أثارت الكثير من الشبهات لتقارب متنها من متن معنى الوطئ عند العامة خاصة وفقا للعامية المصرية ، وهذا لا يعيب الكلمة في شيء لأنها لا تعني أكثر من عقد التزاوج ، والحقيقة أن كل اللغات بها هذا التقارب في متن بعض الكلمات ولا يعيب ذكرها إذا قصد بها المعنى الطيب وليس المعنى الخبيث ، لذا لزم الإشارة إلي أن بعض الجهال والذين ليس لهم حظ من العلم اللغوي عابوا على الإسلام ذكر كلمة نكاح ومشتقاتها في القرآن ، أو نسبة بعض الأحاديث للرسول عليه الصلاة والسلام تحتوي على الكلمة ومشتقاتها ، ورغم موقفنا من الأحاديث عامة فإنه لا يضير الرسول أو المسلمين أو الإسلام ذكر لفظ النكاح فدلالته في غاية الأدب بل وترفع من شأن العلاقة بين الأزواج لتصبح علاقة تزاوج ترتب الحقوق والواجبات على كل طرف وتحفظ حقوق الأصول والفروع الذين شهدوا أو لم يشهدوا العقد.
ودليلنا من القرآن قوله تعالى " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء او اكننتم في انفسكم علم الله انكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا الا ان تقولوا قولا معروفا ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب اجله واعلموا ان الله يعلم ما في انفسكم فاحذروه واعلموا ان الله غفور حليم" البقرة 235 ، وقوله تعالى" قال اني اريد ان انكحك احدى ابنتي هاتين على ان تاجرني ثماني حجج فان اتممت عشرا فمن عندك وما اريد ان اشق عليك ستجدني ان شاء الله من الصالحين" القصص 27 ، والآيات كثيرة جدا فقد وردت كلمة نكح ومشتقاتها 19 مرة في القرآن الكريم.
إذا فالعقد عقد نكاح فما شروطه من القرآن الكريم؟
الأصل في العقود التراضي ، طالما لم يتم الاتفاق في العقد على ما يخالف الأوامر والنواهي القرآنية فإذا حدث وتم الاتفاق في العقد على شرط يخالف كتاب الله ، كأن يتفقا على أن المهر رأس فلان ، أو يفرض أحد الزوجين على الآخر أن يعاشر شخص آخر ، كأن يقول الرجل للمرأة: أتزوجك على أن أستمر في معاشرة خليلتي ، أو تقول له أتزوجك على شرط يوم في الأسبوع يكون لصديقي ، أو يتفقا في العقد على وأد الذرية ، فكل هذه الشروط تكون باطلة ولا يبطل العقد الأصلي ، لأن الأصل في عقد النكاح الإباحة ، فلا يؤثر بطلان الشرط على هذا الأصل وإلا نكون قد حكمنا بإنسلاخ حكم الفرع على الأصل بما يخالف المنطق والمعقول.
ويبقى بعد ذلك كل إتفاق في العقد سليم وكل شرط يجب الإلتزام به من كلا الطرفين ، لأن الله سبحانه وتعالى يقول "يا ايها الذين امنوا اوفوا بالعقود... الآية" المائدة 1 ، ويحمل الأمر بالوفاء على الوجوب لعدم وجود تقيد لمطلق الأمر إلا فيما يخالف الشرع الصريح لقوله تعالى"ان الله يامر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون" النحل 9 ، ويقول سبحانه وتعالى "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله اولئك سيرحمهم الله ان الله عزيز حكيم" التوبة 71 ، فيكون الأصل الطاعة ، ويقيد مطلق الوفاء بالعقود شرط عدم الوقوع في المعصية .
القواعد القرآنية الآمرة ، والقواعد المكملة والمفسرة:
القواعد الآمرة هي التي لا يجوز الاتفاق بين المتعاقدين على ما يخالف أحكامها ، والمكملة هي التي يجوز بين المتعاقدين الأتفاق على التنازل عن الحقوق أو الواجبات التي ترتبها لطرف على الطرف الآخر
يجدر الإشارة هنا أن هناك قواعد آمرة في القرآن كقوله تعالى "والذين لا يدعون مع الله الها اخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق اثاما"الفرقان 68 ، هذه الآية تحمل ثلاث نواهي هي من قبل القواعد الآمرة ، الأمر الأول بعدم الشرك بالله بتوجيه الدعاء لإلاه آخر ، والأمر الثاني بعدم قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ( القصاص) ، والأمر الثالث بالنهي عن الزنا ، فلا يجوز الاتفاق بين المتعاقدين في أي عقد بما في ذلك عقد النكاح على ما يخالف هذه القواعد الآمرة وإلا وقع بطلان الشرط ولا يلزم المكلف بتنفيذه ، كما أنه توجد قواعد مكملة وليست آمرة في القرآن الكريم على نحو قوله تعالى "...فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع... الآية"النساء 3 ، فهذا الأمر القرآني لا يحمل على الوجوب ولكن يحمل على السعة والجواز ، لأن الله سبحانه وتعالى بدأ الأمر بأداة الشرط (ان) وفعل الشرط (خفتم) فأصبحت الجملة المبتدأة بفعل الأمر (فإنكحوا) جوابا للشرط فلا يمكن حملها على الوجوب ، وهذه القواعد يجوز الاتفاق بين المتعاقدين على مخالفتها ، فإذا إشترطت المرأة على الرجل في عقد النكاح ألا يتزوج بغيرها وإلا يبطل العقد أو يفسخ بقي الشرط صحيحا ولزمه تنفيذه والوفاء به وليس له في هذه الحالة أن يتزوج عليها.
القوامة:
القوامة من القواعد المكملة والمفسرة في القرآن فيجوز الاتفاق على نقلها من الرجل للمرأة لقوله سبحانه وتعالى " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من اموالهم... الآية " النساء 34 ، نرى أن الله سبحانه وتعالى ذكر العلة من قوامة الرجال وهي التفضيل والأنفاق ، والقاعدة الأصولية لو إنتفت العلة إنتفى بالتبعية المعلول ، فلو أنفقت المرأة من مالها أصبحت قوامة على الرجل ، ثم بتطبيق قاعدة أن جميع الأحكام القرآنية لها مقاصد نستخلصها من القرآن نفسه وتكون دائما المقاصد تالية للأحكام ، فلو كان الحكم من النص بقوامة الرجال ، فإن مقصدة هو التفضيل والأنفاق ، فلو أنتفى المقصد تعطل الحكم.
شروط عقد النكاح
تنقسم شروط عقد النكاح إلي نوعين أولهما شروط صحة العقد فلا يتم العقد إلا بها ، وشرط لا يؤثر غيابها في صحة العقد ، ونتعرض هنا لتلك الشروط التي لا يتم العقد إلا بها ومستخلصة من كتاب الله ، أما باقي الشروط كالكتابة والإشهاد فهي للإثبات وليست لصحة العقد.
الشرط الأول: طرفي العقد:
فعقد النكاح لا يتم إلا بوجود طرفين للعقد أحدهما رجل والآخر إمرأة ، ولا يتم العقد إلا بوجود رجل وإمرأة ويكون معدوما حال قيامه بين رجلين أو إمرأتين ، أو قيامه بين أكثر من رجل مع إمرأة واحدة ، أما إذا كان بين رجل واحد وأكثر من إمرأة في الحدود الشرعية ، فيصح العقد ويعتبر في حق كل واحدة عقد مستقل يرتب إلتزامات وحقوق متبادلة بين الرجل وكل إمرأة على حدا.
ودليلنا على بطلان الزواج المثلي ، أن جميع الأوامر والنواهي القرآنية في موضوح النكاح ، إذا كانت موجه للرجل فيكون الأمر أو النهي بنكاح النساء ، وإذا كان الأمر موجه للمرأة فيكون بنكاح الرجال أمرا أو نهيا ( البقرة 221 ، 230 ، 232 ، النساء 3 ، 22 ، 25 ، 127 ، النور 3 ، 32 ، القصص 27 ، الأحزاب 49 ، 50 ، 53 ، الممتحنة 10)
الشرط الثاني: الإيجاب والقبول:
وهذا الشرط مرتبط بالشرط الأول فيجب أن يصدر إيجابا من أحد الطرفين يقابله قبول من الطرف الآخر ، ولصحة الإيجاب والقبول يجب أن يكونا عن إرادة واعية فلا يصح أي منهما عن إكراه أو غيبة أو إنعدام إراده ، وبالنسبة للقاصر أو المريض أو المجنون فيكون له وليا أو وصيا أو قيما يعتمد عليه في إتمام العقد شرط أن تكون له مصلحة ظاهرة في هذا العقد
وشرط الإيجاب والقبول الصحيحين عن إرادة واعية ونية صادقة يستشف من قوله تعالى"...فلا تعضلوهن ان ينكحن ازواجهن اذا تراضوا بينهم بالمعروف... الآية" البقرة 232 ، فالأصل في عقد النكاح هو التراضي
الشرط الثالث: محل العقد:
هو تمتع كل منهما بالآخر ، فلا يجوز الاتفاق في عقد النكاح على عدم المعاشرة الزوجية ، ذلك لقوله تعالى " نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم انى شئتم وقدموا لانفسكم واتقوا الله واعلموا انكم ملاقوه وبشر المؤمنين" البقرة 223 ، والحرث محلة الزرع والإنبات وذلك للحفاظ على النوع فيبطل كل شرط على خلاف ذلك وينعدم العقد إذا إتجهت النية لعدم المعاشرة الزوجية لإنعدام محله ، فلو قال قائل يمكن إستخدام وسائل العلم الحديث للزرع والإنبات دون المعاشرة نقول له قوله سبحانه وتعالى " ومن اياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لايات لقوم يتفكرون" الروم 21 ، فالعلاقة الزوجية المترتبة على عقد النكاح تتأرجح بين السكن والمودة والرحمة والمعروف والإحسان ولا يكون ذلك بالهجر وعدم المواطئة للطرفين.
الشرط الرابع: المهر (ثمن العقد)
والمهر هو الجعل والأجر الذي يجب على الرجل منحه للمرأة قبل أن يتمتع بها وتتمتع به لقوله سبحانه وتعالى "... فما استمتعتم به منهن فاتوهن اجورهن فريضة... الآية " النساء 24 ، فأصبح المهر فرضا واجبا
وليس للمهر حدا أو شكلا لقوله تعالى" وان اردتم استبدال زوج مكان زوج واتيتم احداهن قنطارا فلا تاخذوا منه شيئا اتاخذونه بهتانا واثما مبينا" النساء 20 ، وقوله سبحانه وتعالى" قال اني اريد ان انكحك احدى ابنتي هاتين على ان تاجرني ثماني حجج فان اتممت عشرا فمن عندك وما اريد ان اشق عليك ستجدني ان شاء الله من الصالحين" القصص 27
ولكن يجدر الإشارة هنا إذا كان في المهر آجل أصبح دينا وهنا وجب الكتابة لقوله سبحانه وتعالى " يا ايها الذين امنوا اذا تداينتم بدين الى اجل مسمى فاكتبوه...الآية" البقرة 282
الشرط الخامس: الإشهار:
والإشهار حتى يؤتي العقد ثماره ويرتب إلتزاماته ويكون المجتمع هو الحارس الحقيقي للعلاقة بين الزوجين والمراقب لتنفيذ كل زوج لواجباته تجاه الطرف الآخر وتمتعه بحقوقه ، والإشهار من شروط صحة العقد لقوله تعالى "... محصنات غير مسافحات ولا متخذات اخدان... الآية" النساء 25 ، فعقد النكاح السري غير المعلن هو صورة من صور إتخاذ الأخدان وهو منهي عنه قرآنيا ومحرم إسلاميا ومجرم عرفا في كثير من المجتمعات
الولي ليس من شروط عقد النكاح ولا يؤثر فيه:
نرى أن الفقه السلفي ، لا سيما الأمام الشافعي قد غالى في مسألة الولي بشكل مبالغ فيه لدرجة أنه أعتبر أن الزواج بدون ولي (زنا) لا يقام به حد لوجود شبهة الأحناف الذين لم يشترطوا الولي لصحة العقد ، وهم بمغالاتهم هذه قد نزلوا بالمرأة درجة وأعتبروا المحصنة والحرة كالعبدة وملك اليمين سواء بسواء بل إنهم نزلوا بالاثنتين درجات دنيا ، على خلاف الشرع الحنيف والنص القرآني العظيم ، فحتى في ملك اليمين قال الله سبحانه وتعالى (بإذن أهلهن) ، وعلماء الفقه السني قالوا (بأمر وليهن) ، وإذن الأهل في موضوع ملك اليمين لوجود حقوق خاصة للأهل على ملك اليمين ، وعقد زواجها قد ينشأ مراكز قانونية ومالية تؤثر بشكل مباشر في أهلهن لذا لزم الإذن ، أما إستحداث شرط الولي فهو تطويع للنص وتحميله ما لا يحتمل حتى يشبع غرور الرجل وساديته في المجتمعات الشرقية المنغلقة هضما لحقها وتحقيرا من شأنها بما لا يرضى عنه الله ، وجميع الآيات القرآنية تنسب العقد للمرأة لأنها أحد طرفي العقد ، وليس أدل على ذلك من قوله سبحانه وتعالى( أن ينكحن) فأصبحت نسبة العقد للمرأة مباشرة ويكون ذلك عن تراض ، والتراضي يجب أن يكون من الطرفين ، وسبحانه وتعالى قال (تراض) ولم يقل (رضا) لأن الرضى قد يكون أحادي الجانب ، أما التراض فهو ثنائي بين الزوجين.
والعجيب أن الفقه السني إستدل بحديث أخترعوه ونسبوه للرسول عليه الصلاة والسلام يقول (لا زواج إلا بولي وشاهدي عدل) ، وهم بذلك إختزلوا إرادة المرأة في إرادة وليها بالمخالفة للنص القرآني (تراض) ، وأختزلوا الإشهار في شاهدين فقط ، فأصبح من السهل إخفاء العقد ودخوله مرحلة السرية بالمخالفة للقرآن أيضا ، وما مقياس عدول الشاهدين عندهم؟
الحقيقة أن الدين الإسلامي السماوي عظيم ويحفظ حقوق الجميع ، ولكنهم أحالوه لدين أرضي يختزل الحقوق ويستعبد النساء ، دين عنصري قائم على إزدراء قسم من البشر وهن النساء لجنسهن ، ونستغفر الله ونعوذ به من هذا الدين الأرضى ، ونحمده سبحانه على نعمة القرآن والهداية به والاكتفاء به عمن سواه.
والعجيب رغم تمسكهم بالنص المزيف يسوقون رواية أن السيدة عائشة رضي الله عنها زوجت ابنة أخيها عبد الرحمن بدون إذنه لأنه في سفر ولما عاد أقر الزواج ، وهل كان له ألا يقره؟ ويرد ابنته بعد أن وطئها آخر؟
الكتابة شرط إثبات وليس شرط صحة
يجوز كتابة العقد كما يجوز عدم كتابته إلا في حالة الآجل من المهر أصبح دينا وجب الكتابة على نحو ما أسلفنا ذكره
وأخيرا فإن عقد النكاح والذي يطلقون عليه لفظ (عقد الزواج) كنوع من الخطأ الشائع هو عقد قائم على التراضي والحفاظ على حقوق الطرفين لاسيما النساء لضعفهن ، وأدعوا الله أن يكون قد وفقني في كتابة هذه المقالة لتقطع الجدل الدائر حول وجود عقد الزواج ومدى مشروعيته
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شريف هادي