قالت صحيفة لوموند Le Monde إن فرنسا والعالم الغربي لا يمكنهما أن يظلا صامتين أمام المأساة التي يعيشها سكان كشمير، وأمام "الرجعية" القومية التي تشهدها الهند مع حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي.
ولفتت إلى أن هذا اليوم (الخامس من أغسطس/آب 2020) يوافق الذكرى الأولى للعملية العنيفة التي قام بها مودي في منطقة جامو وكشمير التي تسيطر عليها الهند، تلك الولاية ذات الأغلبية المسلمة الواقعة في الهيمالايا، والتي تمتعت منذ عام 1949 بحكم ذاتي منصوص عليه في الدستور الهندي.
وأضافت الصحيفة الفرنسية أن مودي وضع في الخامس من أغسطس/آب 2019 وبوحشية هذا الإقليم تحت السيطرة المباشرة لنيودلهي وعزله عن العالم، وتم قطع جميع اتصالاته بالعالم الخارجي ووضع سكانه تحت حصار محكم لمدة شهور، وذلك قبل فترة طويلة من انتشار وباء كوفيد-19.
وقالت أيضا إن مبعوثها الخاص إلى الإقليم أكد أن الحكومة الهندية مارست في كشمير شتى أنواع التعذيب والاعتقالات التعسفية كما زجت بالمسؤولين المنتخبين والمحامين والصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان والمواطنين العاديين في السجون، ناهيك عن استبدالها المسلمين بالهندوس في المناصب الإستراتيجية في الإقليم.
وأشارت لوموند إلى أن المنطقة تشهد منذ ثلاثة عقود تمردا مدعوما من باكستان المجاورة، لكنها أكدت أن التسلل عبر الحدود انخفض بشكل حاد، غير أن الممارسات التعسفية للحكومة المركزية هي التي ما فتئت تعزز المشاعر المعادية للهند.
وأضافت أن ما يذكي العنف في الواقع هو الإذلال المتكرر الذي يتعرض له المسلمون الكشميريون رغم أنهم أصلا اختاروا الانضمام للهند، مما اعتبر حينها دليلا على أن الهند بلد متعدد الديانات والأعراق الأمر الذي كان شديد الأهمية لدى جواهر لال نهرو أول رئيس لحكومة الهند بعد الاستقلال عن بريطانيا.
وهذه الهند بالذات المبنية على مبادئ العلمانية والمساواة هي، وفقا للصحيفة، ما يعمل رئيس الوزراء الحالي على هدمها، باسم المشروع القومي: Hindutva أو الهند الهندوسية، ولفرض ذلك، لا تتورع حكومة مودي عن فعل أي شيء، بما في ذلك طمس تاريخ التراث الإسلامي وتاريخ نهرو، وتكميم أفواه المثقفين والتلاعب بالديمقراطية عن طريق شراء أصوات النواب.
خطأ الغرب
وشددت لوموند على أن الغرب كان مخطئًا في غض الطرف عن المأساة الكشميرية، لأن ما قامت به حكومة مودي القومية لم يكن سوى الخطوة الأولى في أجندة موجهة بالكامل ضد المسلمين.
ودليلا على ذلك، قالت لوموند إن مودي أصدر في ديسمبر/كانون الأول الماضي قانونا يمنع اللاجئين المسلمين دون غيرهم من الحصول على الجنسية الهندية، كما بلغ هذا الهوس ضد المسلمين ذروته نهاية فبراير/شباط الماضي عندما اندلعت أعمال عنف في المناطق الشمالية من نيودلهي أودت بحياة حوالي 50 مسلمًا وفقد الكثير منهم أعمالهم ومنازلهم.
وها هو مودي، تضيف لوموند، يختار الذكرى السنوية لانقضاضه على كشمير لتدشين المشروع المثير للجدل الذي دام عقودًا في أيوديا لبناء معبد هندوسي بدلاً من مسجد كان مشيدا هناك.
ونددت لوموند باستمرار فرنسا، التي تدعي أنها مهد حقوق الإنسان، في الصمت وهي تشاهد التراجع القومي لبلد يقدم نفسه على أنه أكبر ديمقراطية في العالم، مشيرة إلى أن باريس تبدو مهتمة فقط ببيع المزيد من طائرات رافال للجيش الهندي. أما الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فهو شغوف بأن يقدم نفسه كصديق لرئيس وزراء بلد مفيد للغاية لمواجهة النفوذ المتزايد للصين، وفقا للصحيفة.
وختمت بقولها إن العصر الحالي الذي يتسم بعدم الثقة في بكين قد يدفع الغربيين للتغاضي عن التطور المقلق للديمقراطية في الهند لفترة طويلة قادمة، حيث إن شبه القارة الهندية في وضع جيد لتصبح المصنع الجديد للعالم بدلا من الصين، وبالتالي فإن هناك خطرا في أن يكون الكشميريون ضحايا السياسة الواقعية الغربية بآسيا، والواقع أنه لا يمكن النظر لقضية هذه الأقلية بوصفها "مشكلة داخلية" بسيطة، كما هي رغبة مودي، لأنه لا يوجد سلام دائم ولا ديمقراطية جديرة بالاسم مبنية على انتهاكات حقوق الإنسان، على حد تعبير الصحيفة.