نظرة يا (حُسين)

عثمان محمد علي في السبت ٢٨ - فبراير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

نظرة يا حُسين !!!!

بسم الله الرحمن الرحيم

(وما جعل عليكم في الدين من حرج) الحج 78

 

يريد الله ان يخفف عنكم وخلق الانسان ضعيفا) النساء 28 –صدق الله العظيم .

--

تعقيباً على الحادث الإجرامى  الذى وقع فى ساحة (الحُسين ) بمدينة القاهرة منذ أيام قلائل..

مقدمة 

 بعيدا عن الدخول فى تفاصيل (الحلال والحرام )..لا يوجد عاقل على ظهر البسيطة يُقر أو يُوافق على إرتكاب أى عمل إجرامى ضد الآمنين المُسالمين فى أى مكان فى العالم . بل حتى المقاومة المسلحة ،فإن لها ضوابط وقواعد ونُظم تحكمها ،منها – أنها تكون رداً للإعتداء ،ومحاربة المحتل الغازى الغاصب (مُخرج الناس من ديارهم) ،وأنها لا تخرق معاهدات أو مواثيق أو عهود صدّ ق عليها الطرفين ، وأنها تتبع اللجان السياسية ، فلا تكن مقاومة حمقاء عمياء طرشاء .

ومن هنا دعونا ننظر للعملية الإجرامية الآخيرة من زوايا ثلاث .

أولها الجانب الأمنى – ثانيها – الجانب العقائدى – ثالثها –الجانب التشريعى .

الجانب الأول – الجانب الأمنى .

فقد كشفت هذه العملية عن ترهل مخيف فى الجانب الأمنى المصرى ، وعن عوار وخلل عظيم  فى كفاءة ومنظومة  قوات الأمن المصرية، المنوط بها حماية المواطنين والسواح فى الشوارع المصرية ، وباتت تؤكد على إنسحاب الجانب الأمنى وإقتصاره  على تأمين (الرئيس ،والوريث ،وشجرة الدر،وحرم فخر الدين أقطاى ).وإنتهاك حُرمات الناس الآمنين فى بيوتهم ،وفى مسالخ وساحات التعذيب داخل أقسام البوليس ،ومقرات ـ أجهزة (أمن الدولة ) والمعتقلات ،أى على من يقع من المسالمين فى قبضتهم (داخل ديار البوليس) ،وتفرغ الأمن من مضمونه (وهو إعطاء الإحساس والشعور الحقيقى بالآمان  )وأن  يأمن المواطن على نفسه فى أى مكان (وخاصة فى الشوارع المصرية) ،واظهرت إصمحلال  التدريب الأمنى والكفاءة الأمنية حتى باتت تهدد ،وتنازع (الصفر الكروى الكبير السابق ) على أى منهما يستحق المركز الأول .

وكل هذا ،وببساطة ، لأن  العملية الإجرامية تمت ونُفذت بكل سهولة ويُسر على مقربة من مقر (قوات أمن منطقة الحُسين ) بما يقدر ب(3-أو 4) أمتار ،وأن هذه الساحة الحُسينية تعجُ بضباط وأمناء وعساكر الأمن المصرى ،ومعهم كلابهم البوليسية المدربة على إكتشاف المفرقعات ، وفى وجود خبراء المفرقعات المُنتشرين فى كل مكان بتلك الساحة الحُسينية ،وبالساحة  أكثر من ثلاثين كاميرة للتصوير تحسُبا لمثل هذه الأعمال التخريبية ، فأين كانت كل هذه القوات ،و تلك (الكلاب المُدربة) ،والكاميرات المركبة ساعة وقوع الجريمة ؟؟؟؟

إذاً نحن أمام كارثة أمنية بكل المقاييس ،وامام خواراً أمنياً  حقيقياً بات  يُهدد أمن وإستقرار المصرين وشعورهم بالأمن  على أنفسهم .

ونكرر ونقول أنها كارثة لأنها حدثت داخل (الحرم البوليسى ) الموجود لمنع مثل هذه الجرائم أصلاً ،وليست بعيدة عنه ،أو أنها اُلقيت على (اتوبيس) يسير فى الطريق الصحراوى مثلاً.

الجانب الثانى – وهو الجانب العقائدى .

وهو من المُضحكات المُبكيات ،انها حدثت فى ساحةلحُسين ) وأمام بوابته ،وخلف مخدع (رأسه ) . وهنا تكمُن وتخرُج الضحكات الساخرات الباكيات . (فالحُسين) ومن معه من (اولياء ) التشيُع والتصوف فى مصر من أمثال (البدوى ،والرفاعى ،والشاذلى ،والمرسى ،والدسوقى، والسيدة ،والقناوى،وغيرهم) هم (آلهة الخير ،ودفع الضرر) عند ملايين البُلهاء من المسلمين (السُنة ،والشيعة) على السواء .فمثلا نجد المُسلمين السنة البسطاء ،والمتصوفة يعتقدون إعتقادا جازماً فى (جلب النفعية لهم  ،ودفع الضرر عنهم ) فى معية  أولئك (الأولياء )المزيفين المقبورين ،ولا تخلو ساحة من ساحاتهم ،فى ساعة من ساعات  الليل والنهار ، من طواف حجيجهم  حول قبورهم وكأنهم (يطوفوا بالبيت العتيق ) ،ولا من سؤالهم بالتوسط لهم عند الله (لإنجاح هذا ،او إسقاط ذاك ، أو حمل تلك ،او ولادة عاقر ، أو شفاء هذا ،، أو أو أو ) ،بل وصل بالبلهاء أن يكتبوا رسائل إلى (الإمام الشافعى ويضعوها فى صنوق نذوره ،وينتظرون الإجابة عليها منه وهو (ميت مقبور فى قبره)!!!!!!.

وعلى مستوى التدين الشيعى الأبله ،نجدهم قد إختزلوا الإسلام فى قضية (مقتل الحُسين) وفى شخص الحُسين ،وكأن الإسلام هو الحُسين ،والحُسين هو الإسلام ،ونسوا الإسلام ورب الإسلام (سبحانه وتعالى ) ..

المهُم فى هذا كله ، أن ذلك (الحُسين ) أو (رأس الحُسين المزعومة ) لم تستطع أن تدفع عن نفسها ،ولا عن زوارها ،وعابديها ،ضرر العملية الإجرامية ،بل كأن هذه العملية (تُخرج ) له ولهم لسانها ،وتتحداهم ،فقد كادت أن تهدم  عليهم (معبدهم )  فوق رؤسهم من شدة إنفجارها . فأين (الحُسين ) ؟؟؟ ، (وأين مزاعم نفعه وضرره )؟؟؟ من دفع الضرر عن نفسه ،وعن حجيجه؟؟؟ بل أين كان (الحُسين ) من مقتله على يد إبن سعد بن أبى وقاص فى عهد (يزيد بن معاوية)؟؟؟

فإلى متى تؤفكون  وتُخدعون أيها البسطاء ؟؟ أما أن الآوان أن تعودوا إلى الله وتؤمنوا بكلامه حين قال (ان الذين تدعون من دون الله عباد امثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم ان كنتم صادقين)....وقوله جل جلاله (يا ايها الناس ضرب مثل فاستمعوا له ان الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وان يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب) صدق الله العظيم .

الجانب الثالث --الجانب التشريعى :

وهو رؤية إجتهادية ضمن مشروع ( إجتهادات فى  فقه الأقليات ) .

بعيدا عن الدخول فى الخلافات  القائمة  بين أتباع (البخارى ،والشافعى ،وإبن تيمية ،وسيد قطب ،وحسن البنا ، وشكرى مصطفى ، وغيرهم ) حول حرمة أو حل السياحة والعمل فيها  . فلن نتطرق لهذا الخلاف من قريب أو بعيد الآن ،فله مجال آخر ،ووقت آخر. ولكن  ما يعنينا أن ننظر للموضوع من رؤية قرآنية أوسع وأشمل ، تعتمد على المقاصد العُليا ،وليس على النظرات والنعرات المذهبية الضيقة الأُفق ، معتمدون على قول الله تعالى (وما جعل عليكم في الدين من حرج) ......وقوله تعالى (يريد الله ان يخفف عنكم وخلق الانسان ضعيفا)..فقد تجلى هذا التخفيف ومنع التحرجات فى الدين فى أمور كثيرة حكاها القرآن الكريم ،وأباح لنا أن نستخدمها ونعمل برخصتها عند الضرورة القصوى ، مُحافظة على حياتنا ،وعلى تأدية أوامر الله جل جلاله . فمثلأ أباح المولى جل جلاله لنا أكل الميتة عند الضرورة فى قوله تعالى (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما اكل السبع الا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وان تستقسموا بالازلام ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لاثم فان الله غفور رحيم)..وفى الصلاة أباح لنا صلاة القصر أثناء الحرب ،ووقت الخوف من مداهمة العدو لنا فجأة ،فقال سبحانه (واذا كنت فيهم فاقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك ولياخذوا اسلحتهم فاذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتات طائفة اخرى لم يصلوا فليصلوا معك ولياخذوا حذرهم واسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن اسلحتكم وامتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ولا جناح عليكم ان كان بكم اذى من مطر او كنتم مرضى ان تضعوا اسلحتكم وخذوا حذركم ان الله اعد للكافرين عذابا مهينا)...وفى الحج جعله ربنا سبحانه وتعالى فريضة على المستطيعين إليه سبيلاً فقط ،... وفى باقى مناحى الحياة قال ربنا (لا يكلف الله نفسا الا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت)...

.ومن هنا ،ومع هذه التخفيفات لو نظرنا إلى أحوال المصريين ،فإننا نجد أن ما يزيد عن (العشرين مليوناً من المصرين )  يقبعون  تحت خط الفقر المدقع ،الذين بات يهددهم بالفناء ،ولم يعودوا يحلمون سوى  ببقائهم أحياءاً فقط ،وأصبحت حياتهم  على الماء والخبز والملح ،و خرجت من قاموس حياتهم ،ومنظومتهم الغذائية  كل ما يعتبر من اساسيات الغذاء من(بروتينات  حيوانية ونباتية ،وخضروات طازجة،وفاكهة بكل أنواعها ) .فألا يستحق هؤلاء المصريين  المساكين  الفقراء أن نتخلى عن خلافاتنا المذهبية الجدلية حول (حل أو حرمة العمل السياحى ) ونضعها جانباً ،وننظر للسياحة على أنها إحدى مصادر إطعام هؤلاء الفقراء المساكين ؟؟؟

، ولنعتبرها (مرحليا) تحت بند (المُباح  ) و(المُخففات فى الدين ) لنُطعم منها الفقراء والمساكين ،قبل أن يموتوا جوعاً وكدماً وحُزناً على حياتهم ،ونحن ننظر إليهم ،وما زلنا نتصارع على هل السياحة حلال أم حرام وهل العمل فيها مباح أم ممنوع ؟؟

. وقد يقول قائل ،إن العائد المادى من السياحة  يعود على (المُتخمين) من اصحاب الشركات السياحية ،وكبار رجال الدولة ،ولا يصل الفقراء منه شيئاً . فلربما يكون فى كلامه قدر كبير من الصحة ،ولكن ،يا صديقى ، لا تنسى أن هناك خدمات مصاحبة للخدمات السياحية ،منها على سبيل المثال ،المنتجات الزراعية التى (ينتجها الفلاحون) التى تستخدم فى المطاعم والفنادق السياحية ، وهناك العمالة الصغيرة فى الأعمال السياحية ،والتى يقوم بها أبناء المصريين البسطاء ،من أبناء الفلاحين والعمال فى الفنادق ،والمطاعم والبازارات ،وغيرها ، ثم يعودون بأجورهم ومكاسبهم على أهليهم وذويهم من البسطاء والفقراء . وهناك ما يُدفع من أموال شركات السياحة فى الضرائب ،والتى تساعد بالتأكيد فى إنقاذ ما يمكن إنقاذه فى إطعام أو علاج هؤلاء الفقراء والمرضى المساكين ....إذاً ومن هذه النظرة وهذا المنطلق .ألا تقع ضرورة السماح بالسياحة والعمل السياحى ضمن الضرورات التى تبيح المحظورات ،وأنها قد تقع تحت قانون (التخفيف الإسلامى )على الناس جميعاً ،وأن العمل بها فى هذه الظروف لا حرج فيه على الإطلاق .وآلا يُعتبر من قتل نفساً تعمل فيها فقد قتل أولئك الملايين الذين تعود عليهم أموالها بالنفع والإطعام والعلاج ؟؟

....إخوانى كانت هذه نظرة سريعة للموضوع ووجهة نظرى فيه  ،بعيداً عن الإستغراق فى تفنيد  أقوال وأسباب تحريم من يُحرم  السياحة والعمل فيها ،والإقتراب منها ،فللرد عليهم وقت آخر وكتابات آخرى تفصيلية قد تُنشر  فى حينها .فما رأيكم بارك الله فى أعماركم وأراءكم .

اجمالي القراءات 14424