رفع رسوم التقاضي.. كيلو العدالة بكام؟
13/02/2009
«الزيادة في النفقة.. إنما في الرؤية لأ».. هكذا توقع أحد المحامين الشباب، كما بدا من مظهره، قائلا للطرف الآخر الذي يحادثه علي الهاتف بجوار محكمة "عابدين". ثم مضي في حديثه، وبدا أن الطرف الآخر- المواطن- مأخوذ ولا يدري كيف سيتصرف، في حين بدا المحامي نفسه في موقف لا يحسد عليه.
حيث أثارت الزيادات المطروحة في رسوم التقاضي جدلا واسعا داخل اللجنة التشريعية بمجلس الشعب التي تناقش الأمر، حيث يتطرق المشروع إلي إدخال تعديلات كثيرة منها الموافقة علي رفع رسوم التقاضي في الدعاوي مجهولة القيمة بنسبة 10 أضعاف، ونفس القيمة في دعاوي الاستئناف أمام المحاكم الابتدائية والقضاء المستعجل، وكذلك زيادة رسم الطعون بالنقض إلي 150 جنيها وطلبات وقف تنفيذ الأحكام أمام محكمة النقض إلي 80 جنيها. كما تضمن المشروع زيادة رسوم تصوير السجلات والشهادات والأوراق القضائية بنسبة 10 أضعاف فأصبح جنيهاً واحداً عن كل ورقة، وفرض رسم مقداره 40 جنيها علي إيداع العلامات والبيانات التجارية والمواصفات الخاصة بالاختراعات، ورسم مقداره جنيهان علي إيداع مفاتيح المنازل والحوانيت، بالاضافة إلي زيادة الرسوم علي الصور التي تطلب من السجلات والشهادات والملحقات والأوراق القضائية إلي جنيه وبحد أقصي 200 جنيه، والقضايا الجنائية التي تقدم للمحاكم أو التي تصدر فيها النيابة العامة أو أوامر جنائية بنسبة عشرة أضعاف، وزيادات أخري.
ومع هذا الجدل، ترصد «البديل» رأي الأطراف الثلاثة الذين سيطالهم هذا التعديل- إن جري- المواطن والمحامي والقاضي.
-------------------------------------------------------------------------------
ملف يحققه : محمد عبد الرؤوف - عماد نصيف
المحامون: سنرفع أتعابنا.. والمواطن هو الضحية الوحيدة لجباية الدولة
منتصر الزيات: ما يحدث الآن فوضي تشريعية يسعي أعضاء الحزب الوطني لإحداثها
نصت المادة 68 من الدستور المصري علي أن التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلي قاضيه الطبيعي، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا، ويحظر النص في القوانين تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، ونصت المادة 69 من الدستور أيضا علي أن حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول، ويكفل القانون لغير القادرين ماليا الالتجاء إلي القضاء والدفاع عن حقوقهم، إلا أن وزارة العدل تقدمت مؤخرا بمشروع قانون يطالب بزيادة رسوم التقاضي بما يصل إلي عشرة أضعاف أو يزيد علي ذلك، كما تمت المطالبة بأن يسدد المتقاضون في قضايا التعويضات رسم 5: 7% من قيمة التعويض والذي آثار الجدل حول هذه الرسوم وهو ما أكدته الأزمة التي شهدتها اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب يوم الأحد الماضي.
إلا أن المحامين كان لهم رأيهم حيث انتقد منتصر الزيات رئيس لجنة الحريات بنقابة المحامين زيادة رسوم التقاضي قائلا: "ما يحدث الآن تهريج يعبر عن الفوضي التشريعية التي يأخذها علي عاتقهم رجال أعمال الحزب الوطني، حتي ان وزير العدل لم يقبل بما يحدث، وهو ما يعبر عن جهل من المتحكمين في زمام الامور أمثال أحمد عز الذين لا يفكرون في فقراء هذا الشعب الذين يسعون إلي الحصول علي حقوقهم، وحتي هذه الحقوق يري هؤلاء أن الفقراء لا يستحقونها وليس من حقهم المطالبة بها".
وطالب الزيات كل النخب السياسية والحقوقيين والمحامين بمحاربة المشروع والتوعية ضده وتصعيد الأمر، لأن زيادة رسوم التقاضي ستؤثر علي مطالبة الشعب بحقوقه.
يضيف الزيات: الداخلية تسعي للضغط علي وزارة العدل بذريعة أنه لا توجد أموال في خزينة الدولة ومن ثم فإنها تحتاج إلي أموال ويتحقق هذا جراء هذه الزيادات في رسوم التقاضي، بل وتصرف الداخلية من القضايا المرفوعة عليها ما لا يزيد علي 50 شيكا، ويتحقق للداخلية أيضا جراء هذه الزيادات منع المعتقلين المفرج عنهم من التقاضي لانهم لا يملكون أموالا ولا حول لهم ولا قوة ومن ثم يضيع حقهم هباء.
وهو ما اتفق معه نجاد البرعي المحامي والناشط الحقوقي الذي رفض زيادة رسوم التقاضي مشيرا إلي أنه لا ينبغي زيادة هذه الرسوم إلا إذا كان الغرض منها تحسين وزيادة الخدمات القضائية من قبل وزارة العدل أما ما طرح في مشروع القانون فلن يقدم خدمات جديدة ولكن مجرد زيادة الرسوم للإنفاق علي الوزارة والمحاكم فهذا أمر مرفوض، وإذا كان الغرض من زيادة نسبة التقاضي تطوير وسرعة إجراءات التقاضي كأن يحصل المتقاضون علي التعويضات في 24 ساعة فلا مانع من وضع الـ 5% رسوماً علي قضايا التعويضات لكن أن تتم إجراءات التقاضي في سنوات فهذا يرهق المتقاضين ماديا ويجعلهم يتغاضون في الكثير من الأوقات عن الكثير من القضايا.
وتطرق البرعي إلي تهالك مباني المحاكم وهو ما يتولاه أعضاء مجلس إدارة أبنية المحاكم حيث يجد الكثيرون المحاكم من الخارج "رخام"، وفي الداخل أبنية منهارة وأوراق ودواليب في الطرقات.
وشدد البرعي علي أنه لابد أن يتم وضع خطة تطوير شاملة لرفع كفاءة مرافق العدالة وليس إرهاق المتقاضين بهذه الرسوم المزمع طرحها، وخاصة أن هذه الزيادات من شأنها أن توتر العلاقة بين المتقاضين ومحاميهم.
ويري محمد منيب المحامي أن زيادة رسوم التقاضي في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية حرمان للمواطن المصري من ممارسة حقه الطبيعي في اللجوء للقضاء كملاذ أخير له، بحيث لا يستطيع اقتضاء هذا الحق المكفول له وهي محاولة مضافة لما هو سائد في المجتمع من التضييق علي المواطن المصري، ويضيف منيب أن المستفيد من إقرار زيادة رسوم التقاضي هو القضاء ذاته ووزارة المالية فنحن أمام حالة جباية مثل ما تم في إقرار قانون المرور "جباية قسرية".
ولكن ما يمكن قوله أننا أصبحنا أمام إسهال تشريعي يحدث كل فترة لمصلحة بعض القوي ولا يعلم عنه المواطن شيئاً، وحتي هذه اللحظة نحن لا نعلم بدقة تفاصيل المشروع وما هي الدعاوي التي سيتم زيادة رسومها أو المحاكم التي ستعفي من زيادة الرسوم، لذلك علي القوي السياسية ضرورة التصدي في مواجهة تلك القوانين.
ويؤكد ذلك خالد علي المحامي والناشط الحقوقي الذي أشار إلي أن زيادة رسوم التقاضي من شأنه أن يرهق المحامين، ومن ثم فإنهم سيضاعفون من أتعابهم وهو ما يسبب تراجع الكثير عن رفع القضايا وهو الحق الذي كفله القانون للمواطنين وعلي وزارة العدل أن تحقق هذا المبدأ وأن تحقق العدالة في مصر لأن هذا جزء من واجبها وليس أعاقة التقاضي بهذه الرسوم المزمع تطبيقها والتي سينتج عنها رفض الكثير من المتقاضين رفع قضايا نتيجة عدم امتلاكهم رسومها ،وهو ما يهدم فكرة رفع قضايا التعويض أيضا والتي هي أمر ضروري ورادع للكثير من المنتهكين في الكثير من القضايا.
وانتقد علي نقابة المحامين لغياب دورها في مثل هذه المواضيع الهامة التي من المفترض أن يكون لها الدور الرئيسي في تقرير الرسوم القضائية وخاصة أن هذا سيسبب البطالة بين محاميها في ظل عزوف الكثير عن التقاضي ومن ثم تنتشر البطالة بين المحامين وهو ما يسبب كارثة للمحامين في ظل عدم وجود حد أدني للأجور <
-----------------------------------------------------------------------------
مواطنون: الزيادة خراب مستعجل والفقراء لن يجدوا من ينصفهم
ماجد سرور: بعض المنظمات الحقوقية سيتراجع عن دعم المرأة في قضايا الطلاق والنفقة
جاءت مناقشات اللجنة التشريعية بمجلس الشعب حول إقرار مشروع قانون بزيادة رسوم التقاضي إلي نسبة تصل إلي عشرة أضعاف في بعض الدعاوي، لتثير مخاوف المواطنين من سريانه علي قوانين التأمينات والعمل والأسرة والقضايا محل النزاع أمام المحاكم، بينما أكد المستشار ممدوح مرعي، وزير العدل، أن المشروع الجديد لن يتطرق إلي تلك القوانين حفاظًا علي البعد الاجتماعي.
وإذا كان البعض قد رأي أن مشروع زيادة رسوم التقاضي يهدف إلي تقليص حجم القضايا المقامة لأسباب كيدية ويشجع علي المصالحة بين المتنازعين، فإن أصواتاً كثيرة قالت إن الهدف منه هو تطوير وبناء المحاكم وتمويل رواتب القضاة، ووصفوه بأنه «قانون جديد من قوانين الجباية المقننة».
يقول أحمد عبدالرسول، موظف بإحدي شركات الكهرباء، إن القانون الجديد لا يعلم المواطن تفاصيله حتي الآن، وحتي بعد إقراره في مجلس الشعب من الصعب معرفة الدعاوي التي ستشهد زيادة في رسوم التقاضي، لكن من الواضح أن زيادة رسوم التقاضي في الوقت الحالي هي حيلة جديدة من الحكومة لجمع الأموال لزيادة رواتب القضاة وتمويل وزارة المالية بفلوس المصريين، كما حدث في قانون المرور، فالجميع يعلم حجم القضايا التي تنظر أمام المحاكم، وقانون بمثل هذا الشكل سيدر أموالا طائلة للدولة، خاصة من قضايا المنازعات وإيصالات الأمانة والشيكات وتنفيذ الأحكام وغيرها من القضايا التي تظل منظورة أمام المحاكم لسنوات طويلة.
ويري عادل عمرو، مدرس إعدادي، أن القانون الجديد سيزيد من عبء تكاليف حق التقاضي التي في الأساس من المفترض أن تكون خدمة مجانية مكفولة للمواطن، لكن زيادة الرسوم بمقدار 10 أضعاف في بعض الدعاوي القضائية أمام المحاكم، إضافة إلي أتعاب المحامين ومصاريف تأجيل القضايا عدة مرات- ستجعل من اللجوء إليه مشقة علي المواطن محدود الدخل الذي يري في القضاء جهة تعطيه حقاً سُلب منه، ويقول: المشكلة إذا احتوي قانون زيادة رسوم التقاضي علي الدعاوي التي تنظرها محكمة الأسرة وتصل إلي آلاف القضايا سنويا، لأن تكاليفها مرهقة جدا علي الطرفين سواء الزوج أو الزوجة بسبب تأجيل الحكم ونظر القاضي فيها عدة مرات.
ويبدي المهندس عصام فاروق موافقته علي فكرة المشروع، حيث يقول: إن زيادة رسوم التقاضي إشارة واضحة علي اتجاه الحكومة إلي تخفيف عدد القضايا المهول التي تنظرها المحاكم سنويا، خاصة في القضايا الكيدية التي يقيمها البعض من خلال شكاوي ومحاضر في نزاعات علي عقارات ومشاجرات وخلافه، وكذلك سيواجه القانون الجديد -بالطبع- جرائم العنف والبلطجة واستخدام القوة بتحويلها إلي جلسات صلح وتراضٍ بين الأطراف، ويكمل "فاروق" كان من الطبيعي دراسة زيادة رسوم التقاضي وفي الغالب فإن دراستها ليست وليدة تلك اللحظة، فليس من المعقول ان تتكلف صحة توقيع عقود ملكية سيارة أو عقار يصل ثمنه إلي ملايين- خمسة جنيهات فقط، فالقانون الجديد سيعيد النظرفي تلك المسائل بزيادة لن تؤثر كثيرًا علي المواطن العادي.
وبينما يري عصام أن زيادة رسوم التقاضي لن تتسبب في ارهاق أصحاب الدعاوي القضائية، فإن سيد شحاتة، صاحب احد محلات الأجهزة الكهربائية، يرفض القانون ويقول: «ده خراب بيوت.. هي الحكومة عايزة تاخد فلوس علي قفا الناس.. يعني صاحب محل اجهزة كهربائية يبيع بضاعته بالقسط لأن ظروف السوق اجبرته علي كده، بيتعرض لنصابين كتير وبيرفع في الشهر الواحد خمس قضايا إيصالات أمانة لأن المحكمة هي اللي بتجيب له حقه، يلاقي رسوم القضايا زادت لعشرة أضعاف غير الدمغات وتصوير المستندات واتعاب المحامين.. هي الناس هتلاحق علي ايه ولا ايه.. ده احنا بنبيع البضاعة بالعافية، لازم الحكومة تعرف بجد إن فيه كساد في السوق، وتخف علي الناس شوية وكفاية أوي فواتير الميه اللي زادت أكتر من خمس أضعاف».
أما ماجد سرور، الناشط الحقوقي، فيقول: إن القانون كفل للمواطنين حق التقاضي وتوفير محاكمات عادلة وزيادة، رسوم التقاضي سوف يؤثر علي سير القضاء بشكل طبيعي ومن ثم علي العدالة، حيث سيعطي القانون الجديد للمحامي حق رفع أتعابه لتسديد الرسوم، والأخطر من ذلك ان هناك بعض المنظمات الحقوقية يساعد النساء في قضايا الطلاق والنفقة من خلال تشكيل وحدات لتقييم المساعدة القانونية ودفع رسوم التقاضي اليهن، ولكن مع تلك الزيادة التي ستصل إلي 10 أضعاف في بعض القضايا وأمام المحاكم، فإن تلك المراكز ستتردد في مساعدتهن بالشكل المطلوب، ويضيف "سرور" تلك الزيادات لن تنعش خزينة وزارة العدل كما هو متخيل وهي ليست في حاجة إليها بالأساس لأنها تعتمد في مواردها علي خزينة الدولة، وإذا كان هناك 4 ملايين مواطن لا يستطيعون دفع 15 جنيهاً رسوم استخراج بطاقات الرقم القومي، فكيف يقومون بتسديد الزيادة في رسوم التقاضي التي سيقرها بالتأكيد مجلس الشعب؟!
ويري أحمد محمود، محامٍ، أن القانون الجديد الهدف منه هو الإنفاق علي المحاكم وتوفير مرتبات ومكافآت العاملين في الخدمة القضائية، وهو ما تنافي مع الحق الدستوري في تيسير عملية التقاضي للمواطنين، وتكفل الدولة من خلال ميزانيتها في الإنفاق علي تطوير المحاكم باعتبارها مرافق خدمية، كما أن وضع حد اقصي للرسوم في المادة 30 التي تفرض رسما قدره جنيه واحد عن كل ورقة تطلب من السجلات و50 قرشاً عن كل ورقة تطلب من الأوراق القضائية أمر ضروري جداً لعدم إرهاق المواطن من كثرة استخراج الأوراق والمستندات في القضايا والإبقاء علي القيمة القديمة والمتبعة حالياً. <
------------------------------------------------------------------------------
القضاة: هل يعقل أن يدفع المظلوم كي يحصل علي حقه؟
محمود الخضيري: زيادة رسوم التقاضي تعني مصادرة حق التقاضي.. وهو أبسط حقوق المواطن المصري
أحمد مكي: العدالة رسالة الدولة وعليها أن تساهم في تحقيقها وليس تعطيلها بزيادة الرسوم
أمير رمزي : لابد من وضع ضوابط ومعايير سهلة للمتقاضين من أجل تحقيق العدالة وتطبيق مبدأ المصلحة للناس
اتهم البعض وزارة العدل بأنها تعرقل سير وتحقيق العدالة نتيجة طرحها مشروع قانون زيادة الرسوم للمناقشة امام مجلس الشعب، ورأي المنتقدون للمشروع أنه من شأنه أن يؤثر علي سير العدالة نتيجة إحجام الكثير من المتقاضين عن رفع قضاياهم والمطالبة بحقوقهم، وهو ما جاء من رصد آراء بعض المتقاضين ومحاميهم، واتفق معه أيضا قضاة مصر المنوط بهم تحقيق هذه العدالة حيث انتقد المستشار محمود الخضيري زيادة رسوم التقاضي قائلا: "أنا ضد زيادة رسوم التقاضي بشكل عام لأن هذا يعني مصادرة حق التقاضي وهو أبسط حقوق المواطن المصري الفقير، ولابد أن تكون رسوم التقاضي رمزية وليست هذه الزيادات التي تم طرحها، فهذا أمر غريب وضد الدستور الذي كفل لكل مواطن حق التقاضي وهو مرفق من مرافق الدولة العامة والتي عليها أن تقدمها لخدمة عامة مجانية وليس أن تعرقلها، فأنا كمواطن فقير غلبان أريد الحصول علي حقي عن طريق القضاء أروح فين بعد زيادة هذه الرسوم".
وأشار الخضيري إلي أن الرسوم التي تحصلها الدولة لا تدخل إلي خزينة وزارة العدل ولكن تدخل خزينة الدولة فمن ثم ليس من حق وزارة العدل أن تطالب بهذه الزيادة وإلا فقدت أهم ما يميزها وهو تحقيق العدل بين المواطنين، ولكن هذه الزيادات تحول دون تحقيق مبدأ العدالة، وخاصة زيادة الرسوم المقترحة علي قضايا التعويضات، فلابد أن يكون التقاضي مجانا مثل العلاج المجاني أو الخدمات الأخري التي يحتاجها المواطن.
وهو ما أكده المستشار أحمد مكي الذي صب غضبه علي الدولة مشيرا إلي أن مسألة استطلاع رأي الشعب قبل إقرار القوانين مسألة مفقودة في مصر تماما وما يحدث هو إرادة السلطان، والاستخفاف بالإرادة الجماهيرية.
واستطرد مكي قائلا :"إذا كنا نحن القضاة عندما نطالب بتعديل قانون صادر عن وزارة العدل يكون ردهم علينا أنكم تريدون أن تفرضوا علينا الوصاية، وهذه هي فلسفة الحكومة- العناد- حيث ترفض رأي الشعب معللة ذلك بأنه لا أحد يفرض رأيه عليها فلا تستجيب لما يحتاجه الشعب، ففكرة الحكم هنا الاستعلاء وتعطيل العدالة ومؤسسات الرأي وحق التقاضي وحق التظاهر ".
وأشار مكي إلي أن العدالة رسالة الدولة وعليها أن تساهم في تحقيقها وليس تعطيلها فإذا كان التعليم بالمجان فيستطيع المواطن أن يعلم ابنه لكن لا يستطيع الفصل في الخصومات بل هذا يعد من المستحيلات، وزيادة هذه الرسوم قد لا يؤدي إلي مزيد من العدل لأن الناس سوف تحجم عن التقاضي ولذا لن يلجأ أحد إلي أخذ حقوقه بالقانون.
ويري مكي أن زيادة الرسوم الثابتة هي الكارثة الحقيقية بخلاف الزيادات الأخري مثلا 10 قروش أن تصبح جنيها فهذا طبيعي في ظل التطور وارتفاع الأسعار، كما أن الوضع الحالي وارتفاع أسعار أحكام العدالة العاجلة " الابتدائي والجزئي "يحتاج إلي تخفيض وليس إلي زيادة، ولكن التقاضي واللجوء إلي محكمة الاستئناف والنقض رسومه الحالية تحتاج إلي زيادة لأن أغلب الشعب يلجأ إلي محكمة الدرجة الأولي، ومن ثم فهذه القضايا تحتاج إلي التخفيض وليس إلي الزيادة بعكس الاستئناف والنقض.
واختتم مكي بأنه ضد زيادة الرسوم بشكل عام لأن ذلك لا يؤدي إلي مزيد من العدل لأن الناس سوف تحجم عن اللجوء إلي القضاء والحصول علي حقوقها بالقانون.
بينما تحدث المستشار أمير رمزي قائلا :" رسوم التقاضي سلاح ذو حدين فهي رسوم واجبة حتي لا يقوم المتقاضون برفع قضايا بشكل عشوائي وخاصة القضايا الكيدية، وهذه الرسوم تضبط هذه الدعاوي وتضمن أن يحصل أصحاب الحقوق علي حقوقهم بأمانة وعدالة وهذا هو الطريق الصحيح لتحقيق المساواة والعدالة، علي الجانب الآخر أحيانا قد يصيب القاضي أو يخيب في أحكامه ومن ثم يظلم أحد المتقاضين ولا يستطيع أن يقدم أدلة تثبت واقعته ومن ثم يحكم عليه فيخسر الدعوي، ويدفع رسوم التقاضي وهنا يشعر بالظلم أكثر، علي الجانب الآخر يتكبد الظالم ويحكم عليه بدفع الرسوم وهذا نوع آخر من العقوبة "
وانتقد رمزي تقدير الرسوم من خلال الموظفين في المحاكم لأن هذا من شأنه أن يظلم البعض خاصة إذا أخطأ محام فان المتقاضي هو الذي يدفع الثمن ويتحمل التكاليف.
وطالب رمزي بأن يتم وضع ضوابط ومعايير سهلة للمتقاضين من أجل تحقيق العدالة وتطبيق مبدأ المصلحة للناس، وألا تتم المغالاة في التقديرات حتي لا يعزف الناس عن المقاضاة ولا يتم ظلمهم بسبب الرسوم، وأن يتم ضبط الرسوم النسبية والتي تحتاج إلي أن يتم وضع قواعد لتقديرها ليس أن تترك لتقدير الموظفين <
زيادة رسوم التقاضي ضد الدستور لأنها خدمة عامة مجانية وهناك ضرورة
لعدم عرقلتها
-----------------------------------------
زيادة الرسوم ستدفع الناس
إلي أخذ حقها بنفسها دون اللجوء للقانون