على طريقة السودان.. هل تتجه ليبيا نحو التقسيم؟

في الأربعاء ١٠ - يونيو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

يدخل الصراع في ليبيا مرحلة جديدة حاسمة، فبعد 14 شهراً من هجوم قوات المشير خليفة حفتر على العاصمة طرابلس، تغيرت موازين المعركة، ونجحت حكومة الوفاق بدعم تركي في السيطرة على مطار طرابلس وقاعدة الوطية ومدينة ترهونة، وإنهاء أي وجود لواقت حفتر في الغرب، وفقاً لصحيفة واشنطن بوست.

وتشير الصحيفة إلى ان الحرب في ليبيا تحولت بين حكومة الوفاق الوطني وقوات المشير خليفة حفتر إلى حرب بالوكالة بين مجموعة من الدول، فالأولى، على الرغم من الاعتراف بها دوليًا، تدعمها تركيا وقطر، والثانية، التي تقع في شرق ليبيا، تدعمها مصر والإمارات وروسيا وحتى فرنسا، لكن لكل دولة أسباب مختلفة للانخراط في الصراع، ولا يستطيع أي منهم إنهاء الصراع بمفرده.

وقال ولفرام لاشير، خبير ليبيا في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، للصحيفة الأميركية: "سقوط ترهونة يعني نهاية هجوم حفتر على طرابلس، لم يعد لديه الآن فرصة واقعية للاستيلاء على السلطة"، وأضاف: "سيكون لهذا تأثيرات كبيرة على تحالفه، الذي كان يعتمد على فكرة أنه سيسيطر على البلاد، الآن وقد هُزم، سيعيد الكثيرون النظر في تحالفهم معه".

وكان حفتر قد ظهر في القاهرة يوم السبت، برفقة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأعلن التزامه من جانب واحد بوقف إطلاق النار، قبل ذلك بأيام قليلة، ظهر رئيس حكومة الوفاق فايز سراج، في أنقرة إلى جانب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتعهد "بالقضاء على العدو".

حفتر على المحك

من جانبه، صرح طارق مجريسي، المحلل في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، لصحيفة نيويورك تايمز: " جميع الأمور تتغير الآن، من غير الواضح كيف ستبدو بمجرد أن يستقر الغبار، ولكن حفتر على المحك".

وقد شددت كل من تركيا وروسيا على التزامهما بالحل السياسي للصراع، ولكن بعد عدة جولات من المفاوضات الفاشلة، لا يزال الحل السلمي بعيدًا. 

وكتب إميليانو أليساندري من معهد الشرق الأوسط: "مع مطالبة دوائر حفتر الآن بوقف العنف، فقد يعود الحل الدبلوماسي إلى الطاولة"، وقال: "لكن يظهر هجوم حكومة الوفاق الوطني على سرت أن المواجهة بالكاد تنتهي، ولن تبدأ محادثات ذات مغزى إلا بعد استنفاذ المكاسب العسكرية".

وبالنسبة للاعبين الإقليميين المعنيين، فإن ليبيا مسرحا هاما لتنفيذ أجنداتهم، وقد لعبت خلافات الدول الخليجية دوراً عنيفاً في تأجيج الصراع بين الميليشيات الليبية المتناحرة، كما أن انتشار موسكو وأنقرة جعل أوروبا متفرجاً إلى حد كبير. 

ويستدعي المسؤولون الأتراك العلاقات العثمانية مع طرابلس لتبرير تورطهم في الحرب، ولكن العائد الجيوسياسي لتركيا من الاتفاق مع حكومة السراج حول حقوق التنقيب عن النفط في شرق البحر الأبيض المتوسط، هو السبب الرئيسي للانخراط في المعركة.

بدوره، ذكر روبين ديكسون من صحيفة واشنطن بوست: "روسيا تلعب لعبة مزدوجة، تشجع الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتقاسم السلطة، في نفس الوقت الذي ترسل فيه طائرات ومرتزقة لدعم حفتر في الشرق الغني بالنفط".

 


التقسيم

 

أما فيرجيني كولومبير من معهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا، فقد أكدت خلال ندوة عبر الإنترنت يوم أمس الثلاثاء،  أن حكومة الوفاق الوطني لن تكون قادرة على استعادة كامل البلاد بقوة السلاح، موضحة أن العديد من المنخرطين في الصراع الليبي على يقين أن نهاية اللعبة ستكون محصلتها صفر ولا يبدو ان الطرفين مستعدين حقًا لتقديم أي نوع من التنازل.

 

خريطة توضح أماكن نفوذ وسيطرة  طرفي الصراع والدول الداعمة لهما
خريطة توضح أماكن نفوذ وسيطرة طرفي الصراع والدول الداعمة لهما

وحذر كريم ميزران من المجلس الأطلنطي خلال ندوة عبر الإنترنت الشهر الماضي من أن بدون الإرادة الدولية الحقيقية للتوصل إلى سلام ذو مغزى، فإن "التقسيم الفعلي في ليبيا يصبح حقيقة".

وذكر تيد غالين كاربنتر من معهد كاتو الليبرالي في واشنطن أن "السيناريو الذي تتجه له ليبيا ليس لطيفا، فمن المرجح أن يشبه الانفصال الفوضوي للمنطقة الجنوبية في السودان وتأسيس دولة مستقلة"، وقال: "قد تكون الخلافات حول السيطرة على إنتاج النفط الليبي بين دولتي شرق وغرب ليبيا في حال التقسيم، كافية بحد ذاتها لإحداث توترات خطيرة مستمرة".

ويأمل مسؤولو الأمم المتحدة والدبلوماسيون الدوليون ألا يتحقق ذلك، وأضاف ميزران أن إرغام الأطراف المتحاربة في ليبيا على إيجاد حل سياسي، يجب أن يصبح قوة دبلوماسية حقيقية تؤيدها الدول بما ذلك الولايات المتحدة.

لكنه أشار إلى أن إدارة الرئيس الأميركي ترامب "المشتتة" قد لا تمتلك "القدرة أو الاستعداد أو الرؤية السياسية" للتعامل بشكل كافٍ مع أزمة استمرت ما يقرب من عقد من الزمان.

اجمالي القراءات 1746