اصطلح على تسمية العصر السابق على الإسلام في الجزيرة العربية بالعصر الجاهلي لوضع فاصل بين العرب قبل وبعد الاسلام . وتبع إطلاق مصطلح الجاهلية أتهام للعرب قبل الاسلام بأنهم كانوا يهيمون في الجهل وتسيطر عليهم الخرافة والتخلف.
وكان يعزز هذا التوصيف ذلك الاقتتال المستمر بين العرب بسبب أو بدون سبب ، وأن أغلب العرب لم يعرفوا أقامة الدولة حيث عاش أكثرهم بدوا رحلا يحترفون التنقل طلبا للكلأ يمارسون الرعي أو التجارة بين الشمال والجنوب ،والحياة الرعوية لا تعرف الاستقرار ، والاستقرار قرين التحضر وإقامة الدولة وتأسيس المدن والمجتمعات والنظم والدواوين والكتابة والتدوين ، وهذا ما لم يألفه معظم العرب فكان لا يعرف معظمهم القراءة والكتابة ..
وقد استعاض العرب عن الدولة بالنظام القبلي ، فالقبيلة كانت للعربي دولته المتحركة. والأساس الذي يجمع العربي بالقبيلة هو رابطة الدم والنسب والقرابة ، فعرف العربي التعصب لقبيلته والذوبان في محيطها يدافع عنها وتدافع عنه يفخر بها ويبالغ في فخره ، فكان العربى الجاهلي لا يمل من الفخر بأسلافه والإشادة بهم بالحق والباطل.
وشئون القبيلة في يد كبار العائلات والعشائر ، وأولئك لهم حرمة واحترام وكلمة أحدهم مطاعة ، وقد اشتهر الأقرع بن حابس بأنه كان إذا غضب غضب له مائة ألف سيف دون أن يسأله أحد عن سبب غضبه ، فقيل عنه إنه ( الأحمق المطاع ) فكيف يكون أحمقا مطاعا ؟ هذا يكون عندما يرتبط الجهل بالتعصب القبلى ليزيد من نفوذ شيخ القبيلة حتى لو كان أحمقا .
مصادر التاريخ الجاهلى :
ا ـ الرواية الشفهية
والعلاقات بين القبائل العربية تتراوح بين عداء وتحالف . ونظرا لقلة المرعي والتنافس على الكلأ فإن التنازع مستمر بين قبائل العرب ، بل ربما يثور التنازع من أجل هدف تافه أو بلا سبب فيحدث القتل ثم يكون الثأر والحرب ، وتفني أجيال وأجيال بين القبائل بلا داع ، وتنعكس هذه على رواية الصراع الذي يأخذ شكل الرواية الشفهية فيكون التزيد وقلب الحقائق والمبالغات والأكاذيب ..لقد أشتهر العرب بالقدرة على الحفظ والاستظهار وسادت عندهم الرواية الشفهية في سرد تاريخهم إلا أن الرواية الشفهية في التاريخ الجاهلي لحق بها الكثير من التهويل والكذب والخرافة والبعد عن الحقيقة ، فالرواية الشفهية تعتمد أساسا على الذاكرة ، ومن شأن الذاكرة الإنسانية النسيان والخطأ ومهما قيل عن مقدرة العرب في الحفظ فهم بشر ،ولن يكونوا جميعا على أرفع مستوى في الحفظ والاستظهار.
والجهل منتشر في العصر ( الجاهلي) ،وفي عصور الجهل يحلو للناس رواية الغرائب والأساطير ومن السهل أن يتناقلوا الخبر إذا كان فيه أساطير وغرائب أما إذا حوي حقائق مجردة بدون تهويل كان الإعراض عن روايته . وهكذا ففي المجتمع الجاهلي يتحول الخبر البسيط الحقيقي إلى خبر مركب من أساطير وأقاصيص ليتمكن من الوصول إلى قلوب الناس وعقولهم التي لا تطرب إلا للخرافة والغرابة ..ثم تمر الأيام و السنون ويتكرر فيها رواية نفس الحادثة خلال عشرات الرواة وخلال أكثر من جيل ، فتتطور الحادثة وتتغير ملامحها بحيث لا يبقى شىء من أصلها القديم ، سوى بعض الأسماء لأن كل جيل يضيف للخبر خرافات جديدة . وهكذا يتحول القصة الأصلية البسيطة إلى رواية مختلفة تماما ، تأخذ موضعها كتراث متنقل بين الأجيال يحكيه الأب لكل أولاده ثم يأتي كل ابن ليحكيه بطريقته وعقليته لكل أولاده .. وهكذا ..
وفي عصر الجهل يصبح الناس على استعداد تام للتصديق بل والاحتفال بالخرافة ويقل استعمال العقل ويكثر احترام الكبار – كبار السن وكبار القبيلة – وأولئك هم الرواة والاعتراض عليهم مرفوض ممنوع ، حتى لو وجد هناك عقل ليعترض فان المجتمع يرفض اعتراضه ..
ولقد كانت الحروب القبلية هي العملة السائدة في المجتمع الجاهلي ، فأبرز التاريخ الجاهلي هو (أيام العرب) وهي الحروب العظيمة التي اقتتلت فيها القبائل ،وسارت بذكرها الركبان ترويها للأجيال ، ومن الطبيعي أن تتأثر الرواية الشفهية لتلك الحروب بالتعصب القبلي ، فالراوي يحاول أن يهول من انتصارات قبيلته وأن يضخم من بطولات قومه بنفس القدر الذي يتحامل فيه على أعدائه فيهون من انتصاراتهم ويحقر من إنجازاتهم ، ويتجاهل مواضع النقص فى قومه ، ويحاول أن يجد له عذرا و تبريرا . وإذا حدث واشتهر بعضهم بالفروسية في أحدى الحروب فان الأساطير تلاحقه وتظهره عملاقا يفوق البشر قوة وشجاعة كما ظهر في تاريخ الشاعر عنترة بن شداد العبسي الذي تحولت سيرته إلى أسطورة أصبحت تراثا تتناوله الأجيال لمجرد أنه أظهر بطولة في الدفاع عن قبيلة (عبس) ..
وكل ما ذكرناه عن العصر الجاهلى وروايته الشفهية ينطبق على العرب المسلمين فى العصر الأموى.!!
ولو تذكرنا أن الفترة الحقيقية للاسلام كانت فى حياة النبى محمد عليه السلام فى المدينة ، ولو تذكرنا أن التاريخ الجاهلى هو الذى ساد قرونا قبل نزول القرآن الكريم وكان يقود المعارضة للاسلام فى حياة النبى محمد عليه السلام ، وأن أعدى أعداء النبى محمد ـ وهم الأمويون ـ ما لبث أن تحكموا فى المسلمين بعد موت النبى محمد بقليل وأقاموا دولتهم الأموية وأعادوا العصبية القبلية والفخر بالقبيلة والشعر العربى وكل مستلزمات الحياة القبلية العربية المخالفة للاسلام ومنها الرواية الشفهية، ولو تذكرنا أن أيام العرب وحروبهم القبلية ليست شيئا بالمقارنة بما وقع فيه المسلمون العرب من تقاتل بدأ فى الفتنة الكبرى ولا يزال مستمرا ـ لو تذكرنا ذلك كله لوجدنا أنه من الظلم وصف العرب بالجاهلية قبل الاسلام ـ فقط ـ ، فقد عادت الجاهلية (ثقافيا ) بالدولة الأموية ، ثم ما لبث أن عادت الجاهلية ( دينيا) بتقديس الأولياء وشتى معالم التدين الجاهلى فى العصر العباسى ، وتطور وساد فى العصر المملوكى.
نقول هذا رفقا بالعصر الجاهلى الذى لا يزال يتلقى الصفعات بينما عصور المسلمين التالية والأشد انحرافا ـ مع وجود القرآن ـ لا تزال تتمتع بالتقديس.
لقد بلغ من شدة تاثر العرب فى الدولة الأموية بالثقافة الجاهلية أن إستمرت الرواية الشفهية ، مع أنه لم يكن هناك أى مبرر لاستمرارها فى العصر الأموى ، فقد اختفت التشرذم العربى القبلى ، وأصبح للعرب ـ جميعا ـ ليس مجرد دولة بل امبراطورية متسعة الأرجاء تمتد من أواسط آسيا الى جنوب فرنسا وتسيطر على البحرين المتوسط والأحمر ، وتسيطر على شعوب تألقت فيها الكتابة والحضارة ، بل وجاء الاسلام بكتاب مدون مكتوب هو القرآن ، واحتاج الأمويون الى الكتابة فى تسيير شئون دولتهم الواسعة.. كل ذلك مبرر للقضاء التام على الرواية الشفهية واستبدال الكتابة مكانها . ولكن تأثير الجاهلية الثقافى ظل سائدا فى العصر الأموى مما أسهم فى تأخير التدوين المنظم .
ومن العجب أن عدم احتفال الأمويين بالكتابة واستمرار تعويلهم على الرواية الشفهية واتخاذها مادة للسمر والقصص والدعاية قد واكبه احتفالهم بالشعر فازدهر فى عصرهم لنفس الغرض وهو التسلية والفخر ومدح الخليفة والتسرية عنه.
ب- الشعر الجاهلي
الشعر الجاهلي هو ديوان حياة الجاهليين الذي عكس سائر أنشطتهم وأحلامهم وثقافتهم وعاداتهم ومعتقداتهم ، ففيه الفخر والهجاء والمدح والغزل والوصف ، منه تتعرف على ما وقع بين القبائل من حروب ومعارك وتحالف وشقاق ،وما ساد بينهم من حب للقبيلة ودفاع عنها وهجوم على أعدائها ، وما تعارفوا عليه من علاقات أسرية ولقاءات وعادات كريمة كالكرم والنجدة والشجاعة والوفاء وما اتهموا به من فجور ووأد للبنات وكراهية للإناث وظلم للقوى على الضعيف ..
لقد كان الجاهليون يعبرون بالشعر عن الأحداث والمواقف الهامة حين الدعوة للحرب أو الدعوة للصلح وحقن الدماء أو الأخذ بالثأر أو هجاء الأعداء ، وهذا ما تعكسه المعلقات السبع أشهر قصائد العرب . وليس هذا غريبا على مجتمع الجاهلية فالشاعر فيها كان لسان قومه أو وزير الإعلام فيها ، والقبيلة تحتفل بشاعرها وتتناشد شعره وتحفظه تراثا لها وتفاخر به القبائل كما يفاخر بها ـ هو ـ القبائل .
ولقد كان الشعر يحفظ في الصدور جيلا عن جيل أي كان يروي بالرواية الشفهية ،إلا أنه كان أقرب للضبط والدقة من الرواية الشفهية ، فالرواية الشفهية حوادث قابلة للزيادة والنقص والتهويل والاختلاق ، أما الشعر فأبيات ذات وزن وقافية وروي ، إذا زادت بيتا عرف أنه دخيل على بناء القصيدة ، والعرب أعرف بالشعر ونقده فالتزيد هنا مفضوح مكشوف،أما الرواية الشفهية فيتناقلها البعض عن البعض دون راو محدد بالاسم ، وإنما تتنقل كتراث بدون إسناد فلا يقال ( حدثنا فلان عن فلان عن فلان ..كذا ) أى كانت الروايات عن العصر الجاهلى بدون مصدر معروف ، أما الشعر فقصائد معينة لقائل معروف مشهور .
ومع هذا فلم ينج الشعر من آفة الكذب والتهويل ..
فالشعر خيال ، وأعذب الشعر أكذبه كما قيل ، والرؤية الشعرية تجنح للمبالغة وتخاطب العاطفة والواجدان أما الرؤية التاريخية فتلتزم الصدق والأسلوب العلمي العقلي ..
وإذا تذكرنا أن الشاعر الجاهلي كان المعبر عن قبيلته في الفخر والهجاء أدركنا أنه أستخدم كل مبالغات الشعر في الدعاية لقبيلته بالحق أو بالباطل ..
وبعض الباحثين تشكك في نسبة كل الشعر الجاهلي للعصر الجاهلي ، وبعض الرواة في العصر العباسي كان يختلق قصائد ينسبها للشعراء الجاهليين كحماد الرواية .. ومع هذا فلا مفر من الاعتراف بالشعر الجاهلي كمصدر وثيق الشأن بالعصر الجاهلي معبر عنه في تاريخه وثقافته وحضارته ..
ج- التدوين
وإلى جانب الرواية الشفهية التي حكت تاريخ الجاهليين فى أساطير وأشعار فقد وجد هناك بعض التدوين حيث أستقر العرب في اليمن وأقاموا حضارات ودولا كالدولة الحميرية والدولة السبأية . لقد أشتهر عرب الجنوب (بنو قحطان) بالزراعة وإقامة السدود وعرفوا الخط المسماري فسجلوا به تاريخهم على منشئاتهم ، ثم إنهار سد مأرب وتفرق عرب الجنوب فهاجروا إلى يثرب وأطراف الشام والعراق الجنوبية وأسسوا لهم دولا كدولة الغساسنة ودولة المناذرة .. وقد جمع أولئك بين الحضارة العربية الجنوبية مع الاتصال بالمؤثرات الفارسية والرومانية وانعكس ذلك على تاريخهم الذي كتبوه باللغة النبطية وغيرها مما كان أساسا للكتابة العربية التي نعرفها الآن ..
د- القرآن الكريم
أشار القرآن الكريم لكثير من أخبار العرب السابقين في حديثه عن الأنبياء وأقوامهم كما في قصة هود عليه السلام وقومه عاد وصالح عليه السلام وقومه ثمود ومجيء إبراهيم بابنه إسماعيل إلى مكة والعلاقات بين سليمان عليه السلام وبلقيس ملكة سبأ وما أصاب مملكة سبأ حين أنهار عليهم سد مأرب وأصحاب الأخدود وأصحاب الفيل ..
إلى جانب تفصيلات كثيرة عن حياة العرب الدينية والاجتماعية ومعتقداتهم وآلهتهم وعباداتهم وطقوسهم .. إلا أن القرآن الكريم توخي في عرضه جانب العظة والعبرة باعتبار أنه أساسا كتاب في التوحيد ومن خلال الدعوة للتوحيد كان يأتي بقصص السابقين وما حدث لهم ليتعظ السامع بما حدث لهم فيؤمن ويستجيب ..
ولهذا فالقرآن الكريم لم يهتم كثيرا بالتفصيلات التي تهم المؤرخ كالموقع والتوقيت الزمني والتفصيلات الهامة للأحداث وأسماء الأشخاص ... الخ .. برغم أن بعض القصص تكرر في أكثر من موضع .. فقصة عاد وثمود تكررت على نسق واحد تقريبا هو بيان تكذيبهم للرسل وما حاق بهم من تعذيب (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاء رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنصَرُونَ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ) ( فصلت 13 : 18 )
فالقرآن الكريم لم يحدد بالضبط الموقع الذي عاش فيه قوم عاد وقوم ثمود أو المدة الزمنية التي عاشوا فيها أو متى هلكوا بالعذاب أو أسماء الزعماء في القبيلتين أو أسماء المؤمنين ممن اتبع المرسلين ... الخ ..
إلا أنه وردت بالقرآن الكريم أشارات تنبئ عن الموقع كقوله تعالى عن عاد ( وإذ كر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف) فالأحقاف هي الرمال أي أنهم كانوا في منطقة صحراوية رملية .
ويقول تعالى عن ثمود ( وثمود الذين جابوا الصخر بالواد ) أي الذين كانوا يقطعون الصخور في واديهم أي يعيشون في منطقة جبلية .. كما أورد القرآن الكريم أشارات عن مدنهم وحضاراتهم التي تفوقوا فيها فكانوا يعيشون في بيوت منحوتة في الصخر وأن قوم عاد أقاموا لهم مدينة ذات عماد لم يخلق مثلها في البلاد ..
وهكذا الشأن في قصة بلقيس وسبأ ، ففي سورة النمل تفصيلات شتى تدور في أطار واحد هو الدعوة للتوحيد دون تركيز على ما يهتم به المؤرخ من تحديد للموقع أو للزمن أو للأسماء والشخصيات ..
ومع ذلك فالقرآن الكريم أصدق مصدر فى التاريخ ، فالحقيقة فيه مطلقة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها . ثم إن القرآن الكريم أنفرد ببعض هذا القصص فلولا القرآن ما عرف الناس ما حدث للعرب البائدة (عاد وثمود) الذين أفنتهم الصاعقة والريح ولم يبق من نسلهم شيء ، يقول تعالى (كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ )(الحاقة 4-) ويقول جل وعلا (وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى )(النجم 51 ). ولولا القرآن الكريم لما عرفنا دقائق الحوار وتفصيلاته بين الرسل وأتباعهم حيث لم يكن شاهد ليذكر ذلك كله بتفصيلاته البالغة أتم الصدق ..
ثم إن القرآن الكريم هو المصدر الأساس – وربما الوحيد- للحياة الدينية الجاهلية فقد فصل القرآن الكريم في عقائد العرب في الأولياء والأصنام والأنصاب والأوثان ومدى معرفتهم بالله ونذرهم لله والأولياء وحجهم للأنصاب وذبحهم عليها وما اعتادوه من عادات ذميمة كقتل البنات والأولاد خشية العار أو الفقر ... الخ ..
هذه المقالة تمت قرائتها 595 مرة
التعليقات (6)
[25942] تعليق بواسطة حسام علم الدين - 2008-08-20
لماذا تستثنى القران ؟
استاذي الفاضل
الدكتور احمد صبحى منصور
تحيه طيبه
رغم اننى لا اكتب كثيرا فى الموقع لكننى لم افوت مقال لسيادتكم او حتى تعليقا
ورغم اننى لم اعتد ان امدح احدا على اعتبار ان مادحك قاتلك لكننى يا سيدي اود ان اقول انك من القلائل الذين يجتهدون سواء اتفقت معهم او اختلفت
اعود لتعليقى
مقاله رائعه عن العرب قبل الاسلام ذكرتى لمقوله لمستشرق لا يحضرنى اسمه الان هو ان سيدنا محمد قد اتى بين قومه يحمل ثوره جديده تتمثل فى كسر السلطه الابويه فقيامه بذلك الامر ونجاحه فيه كان اعظم انجاز
واعود لسؤالى
حين قرات مقالتك وجدت سيادتكم قد قسمتم مقالك ليخرج القارئ بنتيجه معينه هو ان النقل الشفهى لابد وان يصيبه العوار ولا شك انه لن يخلو من المبالغات
وان امه كانت تعيش فى ذلك الوسط القبلى لابد وان تحمل كما لابأس به من المبالغات والتى تجعل من مجرد العمل العادي عملا بطوليا
هنا ياسيدي يكمن سؤالى
لو نظرنا الى تحليل سيادتكم العلمى لوقائع التاريخ واعتمدنا المنهج العلمى المجرد فلما نستثنى القران الكريم من تراث العرب رغم ان القارئ له يري ان به كم من القصص قد لا يتقبلها عقله وقد يعتقد انها تحوي كما من المبالغات فهذه نمله تكلمت الى انسان وهذا حوت ابتلع انسان ولم يأكله بل ولفظه وهذه جماعه من الناس تعيش بمعزل عنا لا يفقهون حديثا بيننا وبينهم سدا سوف ينهار يوم اخر
سؤالى يا سيدي الفاضل واعلم انه ليس بسؤال جديد سأله من قبل كفار قريش
لما تستثنى القران الكريم من هذا التحليلى التراثى الرائع؟؟؟؟؟؟
[25957] تعليق بواسطة رضا عبد الرحمن على - 2008-08-20
الأخ الفاضل / حسام علم الدين يقول تعالى( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)
الأخ الفاضل / حسام عليم الدين
حضرتك تسأل سؤال بحسن نية ، وكما تفضلت وقلت أن السؤال ليس بجديد ، وهو فيما معناه ــ لماذا لم يتم تحريف القرآن ، وقد وصلنا بنفس الطريقة التي وصلتنا بها كتب التراث والتاريخ ، والإجابة بكل بكل بساطة قول الله جل وعلا ) إِنَّا نَحْنُ نَـزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)الحجر:9 ، وأعتقد أن هذه الآية القرآنية العظيمة لم ينزل مثلها في أيِ من كتب التاريخ ، وعندما يتولى المولى عز وجل حفظ شيء فهو قادر على فعل هذا ، لأن قدرته جل وعلا وسعت كل شيء، وسؤال حضرتك عن المعجزات التي ذكرت في القصص القرآني ، ويوجد غيرها العديد مثل نوم أهل الكهف ثلاثمائة عام وتسع ، وقصة الرجل الذي أماته الله مائة عام ثم أحياه ، وقصة يد نبي الله موسي وعصاه التي تحولت ثعبان حقيقي ، الحجر الذي انفجرت منه اثنتا عشرة عينا ، فكل هذه المعجزات للموعظة ، ولي يتفكر الإنسان في قدرة الله جل وعلا ، وليس بغريب أن خالق هذا الكون بكل ما فيه من مجرات ونجوم وسماوات وأنهار وبحار ومحيطات وجبال وهضاب مخلوقات أن يخلق مثل هذه المعجزات البسيطة التي أشار إليها في القصص القرآني ، الله خالق كل ، ومن عظيم قدرته ، أنه يقول للشيء كن فيكون أو إذا أراد أمراً أن يقول له كن فيكون ، فهل يا أخي الفاضل تستغرب على الله القارد العظيم أن يحفظ القرآن بلا عبث أو تحريف إلى يوم الدين .؟ ، او تسأل عن المعجزات البسيطة التي ذكرت في القصص القرآني ، وهناك آية عظيمة يجب أن نؤمن بها يقول تعالى(لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ)الأنبياء:23 صدق الله العظيم
هدانا وهداكم الله والله جل وعلا هو المستعان
رضا عبد الرحمن على
[25963] تعليق بواسطة محمد حسين - 2008-08-21
الأستاذ حسام علم الدين
نقطة جيدة سيدى عن استثناء القرآن من البحث.
ابدأ شاكرا الدكتور احمد على البحث الرائع. واشكر الاستاذ رضا على تعليقه.
وسأتواصل مع تعليقك استاذ حسام قائلا التالى: القرآن الكريم -وغيره من الكتب- هو كتاب يتم تناوله بأيدى مختلفة ، أيد غريبة عليه ، وأيد تظن انها ليست غريبة عليه. وينقسم اثنتاهما "وغيرهما" الى انواع شتى ، منها ما هو مستكشف ، واخر مهاجم ، واخر وارث له "وهذا هو السواد الاعظم فى كل الاديان" ... الخ.
اعتقد ان معظم الباحثين فى القرآن بعضهم يدخل عليه وقد آمن به بعد تدبر "وهذا ظنا منى" واخرين يدخلون عليه محاولين المؤالفة بينه وبين الاحداث والظواهر المحيطة ، تاريخا قديما كانت ام حاضرا ، وهناك البعض يدخل مهاجما معجزا فى آياته "وطبعا الله اعلم بنوايا كل من هؤلاء".
يرد الاستاذ الفاضل رضا فى تعليقه بآية "انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون" وهى اية رائعة لمؤمن بها ، ولكنها ليست اثباتا لباحث او مستكشف ، ففى غالب الظن عندما ياتى احدهم باحثا يحمل الشك فى شئ ، فان قاعدته لن تكون من محتويات هذا الشئ مطلقا ، وهذا منطق البحث. فان قلت انا (اثبت لى من فضلك ان القرآن قد تم حفظه من التحريف) فمن غير المنطقى ان ترد على بـ (انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون. فأنا اشك فيه ، فكيف يقنعنى قولا منه؟!
عودة الى السيد حسام ، يقول المولى عز وجل فى القرآن (افلا يتدبرون القرآن؟ ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا). اى انه اذا اصابك الشك او احتمال وجود ما يظهر لخاطرك كـ "لا منطقيات" فإنه عليك البحث اما عن طريق اثباتات (علمية كانت او عقلية او منطقية) او البحث بذاتك انت.
واكاد اجزم ان احدهم لا يستطيع ان يلم بالكتاب كلية ، والايمان يحتاج الى يقين ، ولهذا فان القاعدة الايمانية تبدأ بالظواهر التى يهون فيها البحث ويكون يسيرا ، ثم تصعد فى الهرم الايمانى (ان تصورنا ان له هرم) حتى تتعامل مع الغيبيات فى علاقة طردية يتعاظم معها تعقيدات البحث والنتائج.
ولهذا فهناك حلان ، اما ان تأخذ القرآن غيبا كاملا لا فرق بينك وبين اى متدين اخر ثم تجعله قاعدة تنطلق منه حيث ترسو معك سفينة الاسئلة على بر من الاجابات ، وفى تلك الحالة ستحاول اخضاع المحيط لما تحوزه خلفيتك الفكرية "التى هى قاعدة القرآن المؤمن به مسبقا" ، او انك تتعامل من حيث التدبر وهذا يتطلب التخلص من اى خلفية وتعود غالبا الى الصفر ثم تبدأ رحلتك واحدة تلو الاخرى بحثا فى القرآن حتى تصل الى نقطة تقترب قدر الامكان من الايمان الكامل.
وفى النهاية "افلا يتدبرون القرآن" هى دعوة صريحة من هذا الكتاب ، سواء ان كان من يتعامل معه مؤمنا به ام لم يؤمن بعد. واريد ان اذكرك سيدى الفاضل ان الوضع فى النهاية يخضع للنوايا والضمير ، فهل انا ابحث فى الكتاب باحثا عن الله؟ ام اننى ابحث لحاجة فى نفس يعقوب؟
شكرا جزيلا مرة اخرى للدكتور احمد والسيد الرضا والسيد حسام.
محمد حسين
[25967] تعليق بواسطة حسام علم الدين - 2008-08-21
اساطير الاولين !!!!!
السلام عليكم
اخواي الكريمين
شكرا على تعليقكما ......... ولكن احب ان انوه اننى لم اقصد تحريف القران منذ نزوله وحتى الان فدعونا من هذه النقطه لو سمحتم
اننى اتساءل .....ان القارئ لمقاله الدكتور احمد يستنتج منها ان العرب بطبيعتهم مياليين الى المبالغات يتناقلون قصصهم عبر الاجيال متعصبون فيها لقبيلتهم وعشيرتهم الامر الذي يصيب هذا القصص بالتهويل وتضحى مجرد قصه بسيطه قصه خارقه وضرب لنا الدكتور احمد مثال لعنتره بن شداد الذي كان يدافع عن قبيلته عبس لكن تلك القصه تحولت الى اسطوره تصف عنتر بالرجل الخارق
واذا اخذنا هذه النتيجه قاعده علميه فلماذا علينا ان نصدق ان الملك سليمان مثلا حشر له جنود من الانس والجن وان الريح كانت مسخره بامره وانه علم منطق الطير .........لماذا لا نقول انه كان مجرد ملك قوي عادل الا ان طبيعه البيئه كما سبق وان انتهينا فى بحثنا العلمى تقر بان المبالغات هى سمه النقل عبر الاجيال لاسيما وان النقل من اليهوديه لهذا القصص قد نجد فيه اختلافا وتعديلا
ان كفار قريش قد سألو هذا السؤال وقد اورده القران فى اكثر من موضع فى القران الكريم بقولهم اساطير الاولين لكن الله فى معظم الايات توعدهم بالعذاب جزاء عدم تصديقهم
وهو بالطبع تهديد نابع من وجوب ايمان غيبى تتميز به الاديان عموما ........... ولكننا اذا اخضعنا هذا الايمان الغيبى للبحث العلمى كما فعل الدكتور منصور فاننا نجد ان هذا السؤال لا نجد له اجابه تتسق مع المنهج العلمى
وهنا يثور سؤالى مره اخري لما تستثنى القصص القرانى من التحريف الذي وسمت به معظم القصص التى رويت فى الجزيره العربيه بينما المقوله التى اعتمد عليها اهل السنه بان العرب اهل حفظ تميزوا عن غيرهم من الامم بحفظ تراثهم عبر الروايات الشفهيه هى نتيجه تبعث على الثقه اكبر فى القران وقصصه
[25970] تعليق بواسطة محمد حسين - 2008-08-21
الاستاذ حسام مرة اخرى
اجد نفسى اجيب بنفس الطريقة فى تعليقى السابق ولكنى ساختصرها هنا فى بعض الكلمات. ولكن بداية سوف اعلق على جملة صغيرة لسيادتكم فى تعليقكم الاخير
(لماذا لا نقول انه كان مجرد ملك قوي عادل الا ان طبيعه البيئه كما سبق وان انتهينا فى بحثنا العلمى تقر بان المبالغات هى سمه النقل عبر الاجيال لاسيما وان النقل من اليهوديه لهذا القصص قد نجد فيه اختلافا وتعديلا)
هنا اقول اذا كنا نتعامل امام نص ما - سواء ان كان فى القرآن او اى كتاب اخر- بطريقة بحثية تجعلنا نخضع الحدث مجال البحث لقواعد المنطق والعلم (كما فى حالة سليمان والهدهد على سبيل المثال) ، فلا يصح ان نتعامل بفرضيات. اعنى ان الفرضيات هى مجال لا نهاية له ، والبحث على النقيض يحتاج لدلالات واجابات قاطعة. ففرضك يمكن ان يقابل بفروض عدة لا نهاية لها ، وهو (كيف لا نقول ان الكتاب نزل بتلك الصورة ولم يسع لاحد ان يحرف فيه لذلك لجأوا الى كتب السنة والشيعة!) او (لماذا لا نقول ان الله حفظه) او (لماذا لا نقول كذا وكذا وكذا...) وسندخل فى جدال لا مجال له لا فى المنطق ولا المفهوم ، وسندور ساعتها فى دائرة مغلقة من الفرضيات لا نهاية لها ولا بداية.
بمعنى اخر ، اذا كنا سنقف امام حادثة كتلك (اعنى مرة اخرى سليمان والهدهد على سبيل المثال) فيجب علينا ان نخضعه للبحث سواء بالعلم او بالاثباتات. على سبيل المثال ، يوجد الآن اناس متخصصون يعلمون منطق الحيوان (اى طريقة ما يتعاملون بها مع الحيوان يجعلهم يفهمون ما يريدون توصيله للمتلقى). فى امريكا مثلا يوجد بعض المتخصصين فى لغة الحوار مع الكلاب بما ان الشعب الامريكى شعب رؤوف بالحيوان وخصوصا الاليفة منها ، مما جعلهم يدرسوا لها ويبحثوا حتى وصلوا الى تلك الطرق. وبعضهم بالخبرة.
فعلميا يمكن القول ان بممارسة ما وبطريقة ما تستطيع ان تعلم منطق الحيوان.
دعنا من العرب فهم لا يتفقون مع القرآن الا فى اللغة. الان نحن امام حالة بحثية فى مواضع معينة (او عدة) فى القرآن ، الفيصل فيها ان تخضعها للبحث وليس الفرضيات. خصوصا وانك تتعامل مع نص من المفترض او المعلوم عنه انه ايمانى.
هل وصلت يا سيدى الكريم؟
[25972] تعليق بواسطة حسام علم الدين - 2008-08-21
فكره واحده ومنهجين
الاخ الفاضل
تحيه طيبه
اعتقد يا سيدي الفاضل انها لم تصل الى !!!! لان فكرتى من الواضح انها لم تصل اليك من البدايه فاوصلت الى فكره اخري وتخاطبنى بها على ارضيه اخري ومن وضوح فكرتك فى ذهنك تري ان الامر واضح يجب ان يصل الى حتى انك تخاطبنى فى نهايه حديثك بسؤال تعجبى وصلت!!!
والحق يا سيدي لعلى لم اعرض فكرتى بشكل واضح ولذا سأعيد صياغتها للمره الاخيره بشكل اوضح واعلم اننى لا ابغى الا الحقيقه لاغير
ان الورقه البحثيه التى عرضها الدكتور احمد هى نتاج بحث علمى متأصل وهو فيها بدأ بتحليل الوقائع ثم مقارنه النتائج ثم الوصول الى نهايه البحث بالفكره الجديده التى يطرحها وهو فى هذه الورقه البحثيه اتبع كل الاصول العلميه المرعيه فى هذا الشأن الا انه استثنى منها القصص القرانى جاعلا من ثبوت صحته فرضا لا نقاش فيه
وانا يا سيدي افصل تماما بين البحث العلمى والايمان بشكل عام وهو ما يجعلنى اتساءل ما هو سر اختلاف القصص القرانى عن القصص التراثى الذي انزلنا عليه كل خطوات البحث هل القصص القرانى يتميز بشئ يجعله خارج خطوات البحث
بمعنى اننا لو انزلنا خطوات البحث العلمى التى اتبعها الدكتور منصور على القصص التراثى وطبقناها على القصص القرانى فلعلنا كنا سنصل الى ذات النتيجه
وسؤالى مازال يحمل علامه استفهام هو هل استثناء القصص القرانى مرجعه الى نتيجه علميه متبع فيها ذات الخطوات العلميه المتبعه قبل القصص التراثى ام ان مرجعه الى وجوب الايمان بالقصص القرانى باعتباره جزء لا يتجزء من الايمان بالغيب دون نقاش او دون اعمال العقل
هذا سؤالى وهذا عرضى وهو يختلف تماما يا سيدي عما طرحته من اجوبه