تحية طيبة
هنا في هذا المقال أنا أطرح تسآولات أكثر مما أقدم أجابات.
مقدمة: الفرق الأساسي مابين القرآنيين واللاقرآنيين هو ان اللاقرآنيين يقولون بوجود وحي موازي للقرآن موجود في سيرة النبي, وهم قد الفوا كتبا جمعوا فيها احاديث منسوبة للنبي من طرقهم التي يثقون بها, وأعتبروا هذه الكتب مصدرا للوحي الألهي اللاقرآني, بينما القرآنيون يركزون ويشددون على أنه لاوحي أنزل على الرسول محمد من الله غير القرآن, وعليه فأن أي مجموعة من التعاليم الرسولية أذا لم تكن موجودة في القرآن فهي ليست من الوحي الألهي الذي أنزل على محمد وأنما هي كما أصطلح علية "سنه" يستحب الأخذ بها أذا ثبتت عن الرسول, ويمكن أن لانأخذ بها. فلا يوجد فرض الهي على المسلمين (الموحدين المؤمنين بنبوة محمد) خارج القرآن. ويظهر ذلك الاختلاف جليا عندما نريد أن نفسر الآيات التالية من سورة النجم.
وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى .
حيث يقول اللاقرآنيون بأن "هو" ضمير يعود على كل منطوق الرسول الخاص بالدين الأسلامي. وطبعا يعلم الجميع أن الضمير "هو" الموجود في الآية "إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى " لايمكن أن يعود على مطلق كلام الرسول, لأن ذلك يناقض الآية التالية بصورة صارخة:
واذ تقول للذي انعم الله عليه وانعمت عليه امسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله احق ان تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في ازواج ادعيائهم اذا قضوا منهن وطرا وكان امر الله مفعولا . (الأحزاب-37)
لذا الثابت أنه ليس كل قول للنبي هو وحي من الله. لكن بعض أقوال النبي هي وحي من الله. نحن نعلم ان القرآن هو من هذا البعض, لكن هل هناك بعض آخر من أقوال النبي غير القرآن كان يوحى اليه عن طريق جبريل(شديد القوى).
يقول اللاقرآنيون نعم هناك, بينما ينفي القرآنيون ذلك.
الأمر لايتوقف هنا, بل زاد اللاقرآنيون وقالوا بأن السنة (مجموعة آثار النبي في كتب الحديث الموثوقه عندهم) تنسخ القرآن, أي أنها في الحقيقة مهيمنه عليه, حيث أنها تفصله وتشرحه لا بل وتأتي بأحكام غير أحكامه لابل وتنسخ بعض أحكامه (مثل حد الردة ,ورجم الزناة المتزوجين, والجمع بني المرأة وعمتها, والمتعة وغيرها من المسائل).
يصف القرآن القرآن بأنه في أم الكتاب عند الله, وبأنه مهيمنا على كل الكتب السماوية التي سبقتة.
وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4) (الزخرف)
وانزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما انزل الله ولا تتبع اهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة ولكن ليبلوكم في ما اتاكم فاستبقوا الخيرات الى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون. (سورة المائدة -آية 48)
أذن لايجوز لكتاب آخر غير القرآن أن يعلو على القرآن ويفرض أحكامه عليه.
الصلاة
الآن دعنا نناقش أهم أعتراض على القرآنيين, وهذا الأعتراض يمكن أن أسمية "الأعتراض الفطري" أو ممكن أن نسمية "أعتراض الوهلة الأولى", وأقصد به الأعتراض الذي يجول في ذهن أي أنسان عندما يسمع بمقولة القرآنيين في أنه لاوحي منزل على النبي محمد الا القرآن. وهذا الأعتراض يعرفه الجميع وتكرر لدرجة مملة على الدكتور أحمد صبحي منصور وعلى كل قرآني عندما يقول هذة المقولة.
الأعتراض هو: كيف نصلي؟
القرآن لم يبين تفاصيل الصلاة التي طالب العباد بالمحافظة عليها, فلا عين هيئة ركعاتها, ولاعدد الركعات في كل صلاة؟ فكيف نصلي أذن؟
هناك سؤال آخر أعمق من هذا السؤال, وفي رأيي أهم منه خصوصا فيما يتعلق بالأختلاف الرئيسي مابين القرآنيين واللاقرآنيين الذي أشرت اليه في المقدمة.
السؤال هو: هل تفاصيل الصلاة الرئيسية (مثل هيئة الركعات وعددها في كل صلاة) المتفق عليها من قبل أغلب الأمة الأسلامية سابقا وحاليا, هل هذه التفاصيل هي وحي الهي للرسول؟ أم هي سنه نبوية (أبراهيمية أم محمدية لافرق)؟
أي بشكل آخر مثلا هل هيئة الصلاة من قيام ثم ركوع ثم قيام ثم سجود ثم قعود ثم سجود في كل ركعة, هل هذه الهئية قد أمر الله بها النبي ؟ أم هي سنة نبوية حظيت بالموافقة الألهية؟
هذا السؤال مهم جدا وخطير, حيث أذا كانت هيئة الصلاة وعدد ركعاتها في كل صلاة هي سنة نبوية فهذا يعني بأننا أحرار في أن نصلي بطريقة أخرى.
السؤال المرتبط بهذه القضية أيضا هو هل الأوقات الخمسة المشهور للصلاة هي سنة نبوية أم تحديد الهي؟
المشكلة هي أننا أذا أجبنا بالقول بأن هذه التفاصيل أنما هي الهية المنشأ, أي هي فروض الهية, فأننا بهذا نعزز مقولة الوحي الموازي لللاقرآنيين, ولايمكن الالتفاف على ذلك بالقول مثلا بأن هذه التفاصيل جاءت في صحف أبراهيم من الله, وتوارثتها الأجيال منذئذ, وبأنها كانت واقعا أيام الرسول. لأن ذلك ليس واضحا في القرآن, ولايتعدى كونه حلا أفتراضيا لادليل عليه. وحتى عندئذ تكون السنة وليس القرآن هي من أوضحت لنا ذلك, وعندئذ لابد من قول للرسول يأمر بأتباع تفاصيل الصلاة المعروفة عندئذ, وبذلك فأن ذلك يعتبر وحي الهي من أقوال الرسول غير موجود في القرآن, وبالتالي يعزز مقولة اللاقرآنيين, هذا ناهيك عن أن كون هذا الأفتراض مجرد زعم لادليل قاطع عليه.
أذا بالضرورة العقلية يجب على القرآنيين القول بأن هذه التفاصيل الغير مذكورة في القرآن هي مجرد سنة نبوية(أي ان الرسول قد حددها), ممكن الأخد بها من عدمه, الا اننا نأخذ بها تأسيا بالرسول وبالمحافظة على أجماع الأمة, ولكونها لاتناقض القرآن, ولكن سيكون المجال طبعا مفتوح لمن يريد أن يصلي بشكل آخر بشرط ان تكون صلاته موافقة للشروط الألهية للعبادات المذكورة في القرآن من خشوع وقنوت الخ...
بعض الأجوبة على الأسئلة المطروحة أعلاه.
سؤال أوقات الصلاة:
الأجابة: بخصوص أوقات الصلاة نلاحظ بأن القرآن في الحقيقة قد أشار بصورة قوية لكل أوقات الصلاة المعروفة عدا صلاة الظهر.
سورة هود - سورة 11 - آية 114
واقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ان الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين.
النهار قرآنيا يمتد من الفجر الى المغرب (لحظة أختفاء الشمس كليا تحت الأفق), ويستطيع أي أنسان أن يبرهن على ذلك بنفسه, وبالتالي فأن طرفا النهار هما الفجر والعصر (الغداة والأصيل=البكرة والعشي(العشي=العصر وليس العشاءولا المغرب)) ولايخفي تركيز القرآن على هذين الوقتين. زلفا من الليل معناها الفترات الأولى من الليل, وهي المغرب والعشاء.
لكن كما نشاهد لاوجود لصلاة الظهر.
لكن الآية 78 من سورة الأسراء: اقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل وقران الفجر ان قران الفجر كان مشهودا.
تذكر الدلوك. وقد أختلف في معنى الدلوك والمعنى الأشهر هو الغروب, أي أن دلوك الشمس غروبها, لكن قال البعض بأن معناه الزوال, أي زوال الشمس عن قمة مسارها اليومي في السماء, وبذلك يكون معنى الدلوك الظهر, وقسم آخر قال معنى الدلوك العصر عندما تبدوا الشمس فعلا نازلة بأتجاه الغروب. ورويت روايات مختلفه عن الرسول بهذا الشأن.
الآن أذا أتبعنا الطريقة القرآنية الصرفة في الأستنتاج: اي تفسير الآية بصورة غير مسبوقة , أي عدم فرض آراء لاقرآنية مقدما على الآيات, أو كما يقال عدم لوي عنق تفسير الآيات بأتجاه رأي مسبق.
أقول أذا أتبعنا هذه الطريقة الصرفة لوصلنا الى أن الدلوك معناه الأصيل (العصر). وذلك لمطابقة هذه الآية مع الآية 114 من سورة هود.
أي لحد الآن لانملك دليل قويا على صلاة الظهر من القرآن. فهل صلاة الظهر سنة؟
ربما الحل الأمثل هو الأحتياط ! أي القول بأن نفسرالدلوك المذكور في الآية 78 من سورة الأسراء على أنه الظهر أحتياطا,وبالتالي تصبح صلاة الظهر فرضا الهيا بسبب الأحتياط. وأنا شخصيا أعتقد بأن هذا الحل مقبول.
أذن مسألة أوقات الصلاة محلولة قرآنيا. لكن تفاصيل هيئة الركعات تبقى غير محلولة ولايمكن أستنباطها من القرآن.
وهنا يبدوا أنه لامفر من القول بأن تلك التفاصيل سنة نبوية أبراهيمية أم محمدية أوربما أقدم, المهم أنها سنة وليس فرض الهي!
وبهذا يمكن للأنسان أن يعمل تحويرات على هيئة الركعات بما يعتقده الأفضل, مثل السجود بعد الركوع مباشرة, أو عمل سجدة واحدة في الركعة, أو غيرها.
لكن يبقى القول بأننا الأفضل لنا أن نتبع الهئية المعروفة للصلاة, وذلك لكونها مثبوتة عن النبي من العقل الجمعي للأمة الأسلامية, ولكونها حظيت بالموافقة الألهية في القرآن, ولا ننسي بأن الأنبياء من صفاتهم أقام الصلاة بوحي من الله.
سورة الأنبياء - سورة 21 - آية 73
وجعلناهم ائمة يهدون بامرنا واوحينا اليهم فعل الخيرات واقام الصلاة وايتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين
فهنا "أوحينا" تبدوا أقرب مايكون الى شيء ك- "الألهام". أي أن الله جعل في طبعائهم أقام الصلاة وأيتاء الزكاة.
لذا الأفضل لنا أتباع هيئة الصلاة المعروفة حتى وأن كانت سنة, وذلك لأننا نعلم يقينا بأن الله وافق عليها قرآنيا, وخير لنا أن نتبع شيء مجرب تم قبوله من الله من أن نجرب محاولاتنا الشخصية للصلاة.
ولكن يبقى لمن أراد ان يجازف ولايصلي الظهر مثلا قائلا بعد وضوحها من القرآن, وكذلك يريد هيئة مختلفة للركعات مثل بعض التحويرات البسيطة على الركعات, يبقى أننا لانستطيع ان نقول له بأن صلاته غير مقبولة أو غير جائزة, لأنه تبقى تفاصيل هيئة الصلاة الغير موجودة في القرآن تبقى هذه التفاصيل سنة وليس فرض, ونقول لهذا الشخص هذا مابينك وبين الله, والله أعلم.
أذن أجاباتي على الاسئلة بأختصار.
كيف نصلي؟
نصلي كما صلى الرسول , ونعلم ذلك مما أتفق علية العقل الجمعي للأمة الأسلامية, أما مالم يتفق عليه فهو سنة وليس فرض.
هل هيئة الركعات وعددها فرض الهي أم سنة نبوية؟
هي سنة نبوية, ولكن الأفضل أتباعها تأسيا بالرسول كما أمر القرآن, ولكونها مجربة وحظيت بالموافقة الألهية في القرآن.
هل نصلي الظهر وهل هي فرض أم سنة؟
الأفضل أدائها, ولانعلم يقينا فيما أذا كانت فرضا أم سنا, لذلك نعتبرها أحتياطا كفرض ونؤديها على هذا الأساس.
قد يقول قائل, لكنكم بذلك أيدتم اللاقرآنيين في مزاعمهم. أقول كلا فنحن لم نزعم بأن التفاصيل المتعلقة بالصلاة الغير مذكورة في القرآن هي وحي بل قلنا بأنها سنة يستحب أتباعها تأسيا بالرسول. وعرفنا أن الرسول أقام الصلاة بهذه الهيئة من العقل الجمعي للأمة الأسلامية وهو دليل قاطع وليس من الأسانيد كما يفعل اللأقرآنيون من طرقهم الظنية الدلالة.
مع التقدير