لماذا بنو اسرائيل ؟

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٠٨ - يناير - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
في قصة ابناء ادم وبعد ذكر القصة يقول الله تعالى "مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ 1- هل كتب هذا فقط على ابناء اسرائيل ، الم يكن غيرهم مسرفون في الارض يقتلون الناس من غير سبب مثل فرعون مثلا .. 2-ما علاقة ابناء ادم ببني اسرائيل 3-في قوله " من اجل ذلك " .. هل تعني من اجل ان احد الاخوين قتل الاخر كتبنا على بني اسرائيل عقوبة من يقتل نفس بغير نفس او فساد في الارض . هل هذا يعني ان قتل الاخ لاخيه عاد بعقوبة لاحقة على بني اسرائيل من غير باقي البشر .. لانه على الاكيد كان هناك من غير بني اسرائيل اقوام تفسد في الارض وتقتل من غير وجة حق.. اسف للاطاله.
آحمد صبحي منصور

1 ـ إختيار بنى إسرائيل بالذات لأسباب ، منها أن جزءا من القرآن الكريم فيه خطاب تشريعى ووعظى وقصصى لهم ، وعنهم ،كما إنه يقص عليهم أكثر الذى هم فيه يختلفون ، وأنه تعاقبت فيهم الرسالات الإلهية ، ومع ذلك كان منهم من يقتل الأنبياء والذين يأمرون بالقسط من الناس .

2 ـ جريمة ابن آدم القاتل  ليس فقط في أنه قتل شقيقه الذى رفض الدفاع عن نفسه ، بل أيضا لأن القاتل ( طوعت له نفسه قتل أخيه ) أي سوّعت وشرّعت له جريمة القتل .

3 ـ هناك قتل عادى وهناك إستحلال للقتل . القتل العادى جريمة مؤقتة ، أما إستحلال القتل فهو دعوة مستمرة للقتل ، أي جريمة تسرى بتشريع يسوغها ويوجبها ، ولهذا إعتبره رب العزة جل وعلا فسادا في الأرض  يعنى قتل الناس جميعا . والعُصاة من بنى إسرائيل الذين كانوا يقتلون الأنبياء والدُّعاة للقسط وقعوا في هذه الجريمة البشعة ، ووقع فيها أئمة المحمديين بتشريعات القتل خارج القصاص مثل حد الردة وحد الرجم وحد تارك الصلاة  والمفارق للجماعة ، وقبلهم إستحل الخلفاء من أبى بكر و من  تلاه قتل الناس جميعا فيما يعرف بالفتوحات . وجعلوا هذا جهادا في سبيل الله جل وعلا بينما هو أفظع فساد في الأرض .

3 ـ الأئمة الذين إخترعوا أحاديث شيطانية في القتل خارج القصاص ، هم الأكثر إجراما ، حتى لو لم يرتكبوا القتل بأيديهم ، لأن شريعتهم وفتاويهم وأحاديثهم تنشر الفساد في الأرض ، و تجعل سفك دماء الأبرياء فريضة دينية . الإمام إبن تيمية مات وربما لم يقتل أحدا في حياته ، ولكنه في مؤلفاته أوجب قتل معظم البشر ،ومن يخالفه من السنيين ؛ أوجب قتل المسلم السُّنّى المخالف له في الرأي ( وسماه الزنديق ) حتى ولو تاب ، واوجب قتله بلا محاكمة وأوجب قتله عند العثور عليه . لم تنته آراء ابن تيمية بل رددها في عصرنا ابوبكر الجزائرى وسيد سابق . وشرحنا هذا في كتابنا ( حد الردة ) الصادر عام 1993 . وهو منشور هنا بالعربية والانجليزية.

4 ـ  الآية الكريمة ليست في تشريع عن القصاص وإنما للوعظ ، مثلها الآية التي يتوعّد فيها رب العزة من  يتعمد قتل مؤمن مسالم  بجهنم خالدا فيه وغضب الله جل وعلا  ولعنته : ( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّـهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴿٩٣﴾ النساء  ) . إذا كان هذا جزاء قتل فرد واحد مسالم فكيف بضحايا الفتوحات وضحايا عقوبات الردة والزنا و ترك الصلاة ومفارقة الجماعة
4 ـ بهذا نعرف أن الخطاب الوعظى فى الآية الكريمة موجّه أيضا للصحابة وللمحمديين ، مع الأخذ في الإعتبار ان سورة المائدة من أواخر ما نزل من القرآن الكريم وأنه بعدها بقليل مات النبى محمد وتولى أبو بكر فسعى في الأرض فسادا ، وسار على سُنّته المفسدون اللاحقون . ولا يزالون .

اجمالي القراءات 3900