آحمد صبحي منصور
في
الأربعاء ٠٨ - يناير - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
1 ـ إختيار بنى إسرائيل بالذات لأسباب ، منها أن جزءا من القرآن الكريم فيه خطاب تشريعى ووعظى وقصصى لهم ، وعنهم ،كما إنه يقص عليهم أكثر الذى هم فيه يختلفون ، وأنه تعاقبت فيهم الرسالات الإلهية ، ومع ذلك كان منهم من يقتل الأنبياء والذين يأمرون بالقسط من الناس .
2 ـ جريمة ابن آدم القاتل ليس فقط في أنه قتل شقيقه الذى رفض الدفاع عن نفسه ، بل أيضا لأن القاتل ( طوعت له نفسه قتل أخيه ) أي سوّعت وشرّعت له جريمة القتل .
3 ـ هناك قتل عادى وهناك إستحلال للقتل . القتل العادى جريمة مؤقتة ، أما إستحلال القتل فهو دعوة مستمرة للقتل ، أي جريمة تسرى بتشريع يسوغها ويوجبها ، ولهذا إعتبره رب العزة جل وعلا فسادا في الأرض يعنى قتل الناس جميعا . والعُصاة من بنى إسرائيل الذين كانوا يقتلون الأنبياء والدُّعاة للقسط وقعوا في هذه الجريمة البشعة ، ووقع فيها أئمة المحمديين بتشريعات القتل خارج القصاص مثل حد الردة وحد الرجم وحد تارك الصلاة والمفارق للجماعة ، وقبلهم إستحل الخلفاء من أبى بكر و من تلاه قتل الناس جميعا فيما يعرف بالفتوحات . وجعلوا هذا جهادا في سبيل الله جل وعلا بينما هو أفظع فساد في الأرض .
3 ـ الأئمة الذين إخترعوا أحاديث شيطانية في القتل خارج القصاص ، هم الأكثر إجراما ، حتى لو لم يرتكبوا القتل بأيديهم ، لأن شريعتهم وفتاويهم وأحاديثهم تنشر الفساد في الأرض ، و تجعل سفك دماء الأبرياء فريضة دينية . الإمام إبن تيمية مات وربما لم يقتل أحدا في حياته ، ولكنه في مؤلفاته أوجب قتل معظم البشر ،ومن يخالفه من السنيين ؛ أوجب قتل المسلم السُّنّى المخالف له في الرأي ( وسماه الزنديق ) حتى ولو تاب ، واوجب قتله بلا محاكمة وأوجب قتله عند العثور عليه . لم تنته آراء ابن تيمية بل رددها في عصرنا ابوبكر الجزائرى وسيد سابق . وشرحنا هذا في كتابنا ( حد الردة ) الصادر عام 1993 . وهو منشور هنا بالعربية والانجليزية.
4 ـ الآية الكريمة ليست في تشريع عن القصاص وإنما للوعظ ، مثلها الآية التي يتوعّد فيها رب العزة من يتعمد قتل مؤمن مسالم بجهنم خالدا فيه وغضب الله جل وعلا ولعنته : ( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّـهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴿٩٣﴾ النساء ) . إذا كان هذا جزاء قتل فرد واحد مسالم فكيف بضحايا الفتوحات وضحايا عقوبات الردة والزنا و ترك الصلاة ومفارقة الجماعة
4 ـ بهذا نعرف أن الخطاب الوعظى فى الآية الكريمة موجّه أيضا للصحابة وللمحمديين ، مع الأخذ في الإعتبار ان سورة المائدة من أواخر ما نزل من القرآن الكريم وأنه بعدها بقليل مات النبى محمد وتولى أبو بكر فسعى في الأرض فسادا ، وسار على سُنّته المفسدون اللاحقون . ولا يزالون .