الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على من اتبع الهدى وبعد :
هذا رد على بعض مقالات الأخ نهرو طنطاوى
قال "وذكرنا فيهما أن الرسالات الإلهية الواردة قصصها في القرآن الكريم، كانت مختلفة من حيث مادة الرسالة ومضمونها ومهمتها وتوقيتها
فكما هو معروف وبين لدى الجميع، أن الأنبياء هم بشر كبقية البشر، أرسلهم الله إلى الناس لتحريرهم من ربقة العبودية للمخلوقات وللنفس والهوى، وأيضا لهدايتهم إلى الفضيلة ومكارم الأخلاق، إلا أن كل رسول كان يأتي قومه بشريعة ورسالة قد تخت&aa;لف في كثير من تفصيلاتها التشريعية عن النبي أو الرسول الآخر،
فكذلك اختلفت أيضا التشريعات التي جاءت بها الرسالات المختلفة، بحيث أن كل قوم جاءتهم شريعة بها تحريم لأشياء لا يوجد مثله في شريعة أخرى، وقد يكون بها شعائر وفرائض ومقدسات لا يوجد مثلها في شريعة أخرى، والسبب في هذا الاختلاف في التشريعات والفروض والمقدسات، يرجع إلى طبيعة هؤلاء القوم وطبيعة انحرافهم العقائدي أو الأخلاقي والسلوكي، فكذلك تختلف تعاليم الأديان عن تعاليم البشر"انتهى
الخطأ الأول يا أخ نهرو هو اختلاف مادة كل رسالة ومضمونها ومهمتها عن رسالات الرسل الأخرين
وهو ما يناقض أن الرسالات عبر الزمان واحدة المضمون والمادة وفى هذا قال تعالى " ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك " وقال " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذى أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه"فالدين واحد المضمون والخلاف فى الأحكام بين الرسالات لا يتجاوز نسبة الواحد فى المائة كحكم السرقة وحكم المحللات فى الزواج فى بداية البشرية وما بعدها ولكن المادة والمضمون واحد وهو عبادة الله بأحكامه
قال "فقد سبق وأن أوضحنا أن الرسالات الإلهية كما وردت في القرآن الكريم، جاءت على نوعين لا ثالث لهما، رسالات عامة مفصلة مركزية كبرى، ورسالات فرعية تجديدية، وعلمنا أن الرسالات العامة الكبرى، تكون في كتاب عام شامل يحوي عدة موضوعات كالعلم بالغيبيات والعقائد الإلهية والوجود والبعث والحساب والجزاء، وأيضا يحتوي على الحكمة وهي قائمة بالسلوكيات والأخلاقيات وبعض الأوامر والنواهي، ويحتوي أيضا على الحكم وهو مجموعة التشريعات والأحكام الخاصة بتنظيم العلاقات بين الناس."انتهى
الخطأ الأول هو تقسيم الرسالات لعامة وفرعية فلا يوجد نص فى المصحف الحالى يدل على هذا التقسيم
الخطأ الثانى هو وجود حكم ووجود حكم غيره والحق هو أن الحكم هو الحكمة نفسها فالسلوكيات المرفوضة والمباحة هى تشريعات فمثلا سلوك الزنى هو حكم الزنى وسلوك الحياء هو حكم الحياء
قال "والمسلمون إلههم فقط هو إله ورب الجزيرة العربية ومن تبع دينهم" انتهى
الخطأ هنا هو أن المسلمين ربهم رب الجزيرة العربية ومن تبع دينهم والمسلمون ربهم هو رب الناس ولا أدرى من أين جئت بقولك هذا ؟ فحتى كتب من تزعم أنهم عنصريون ليس فيها لفظ يدل على أن الله رب العرب
قال "ونسي هؤلاء العنصريون أصحاب الأديان السماوية الثلاث، ووفق منطقهم السفيه والأعرج أن لديهم هم أيضا أوثان وأصنام يعبدونها من دون الله ككعبة المسلمين، وصليب النصارى، وهيكل اليهود، وغيرها من الشعائر والمقدسات المخلوقة والمصنوعة من مواد الأرض التي نعرفها، إذ ما الفرق بين الكعبة المكونة من الحجارة، والصليب المصنوع من الخشب أو الحديد أو النحاس، وبين الهيكل المصنوع من الخشب والحجارة؟؟.
ليس هناك أدنى اعتراض في القرآن الكريم على وجود أديان سماوية في أي بقعة من بقاع الأرض قبل بعثة النبي محمد عليه الصلاة والسلام،"انتهى
الخطأ الأول هو وجود أديان سماوية ثلاثة والمصحف الحالى لا يوجد فيه سوى دين واحد مقبول عند الله وفى هذا قال تعالى "إن الدين عند الله الإسلام " وقال " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الأخرة من الخاسرين "
الخطأ الثانى هو أن كعبة المسلمين وثن وصنم وقطعا هذا تخريف فيما لو قصد كعبة الله وأما الكعبة الحالية ففيها أوثان لا تفرق عن غيرها كالحجر الأسود
نجد أن الديانة الإسلامية تتلخص مقدساتها وشعائرها في أرض مكة وما فوقها، كالبيت الحرام والصفا والمروة ومقام إبراهيم وجبل عرفات وغيرها من الشعائر التي تحظى بالقداسة والتعظيم لدى جموع المسلمين"انتهى
الخطأ هنا هو وجود ما يسمى جبل عرفات فى مكة
لا يوجد فى المصحف الحالى شىء يشير لكون عرفات جبل وإنما ما فيه يشير إلى أنه مخرج ومدخل الحجاج لباقى البيت الحرام فالإفاضة من عرفات هى الدخول والخروج
قال "قمنا بجولة سريعة في قصص الأنبياء والرسل الواردة في القرآن الكريم، لوجدنا أن هناك العديد من المقدسات والشعائر والحرمات التي احتوتها رسالات الأنبياء والرسل، ووجدنا أن تلك الشعائر والمقدسات إما بقع أو أماكن محددة من الأرض، وإما حيوانات، أو غيرها،
بل قد جعل الله للهدي أي البهائم والأنعام المهداة إلى البيت الحرام لذبحها نسكا وقربانا لله، والقلائد، والآمين أي القاصدين لبيت الله الحرام من الناس، جعل لكل هؤلاء حرمة وفرض على المسلمين تعظيمهم، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا) (2-
فكما سبق من مقالات رأينا أن الله قد بعث في كل أمة رسولا، وجعل لكل أمة شرعة ومنهاجا، ولكل أمة منسكا، ولكل أمة وجهة هو موليها،
إذن حرمة الأماكن والأشياء والحيوانات وتعظيمها وتقديسها وجعلها من شعائر الله، هي شرائع دينية شرعها الله في كل الأديان وفي كل الرسالات الإلهية لكل أمم الأرض، وكذلك ذبح الذبائح في تلك الأماكن وعند تلك الشعائر المعظمة قربانا لله سبحانه ونسكا وعبادة له، هو أيضا شريعة شرعها الله في كل الأديان بلا استثناء،" انتهى
الخطأ هنا هو أن الله شرع الشعائر والمقدسات والذبائح فى كل الأديان
وقطعا الأخ نهرو هنا مخطىء فهو ينسب تشريعات الأديان كلها لله صحيحها وباطلها وهو ما لا يقوله عاقل لأن الله لم يشرع سوى دين واحد هو الإسلام فقال "إن الدين عند الله الإسلام "
قال "فما الفرق بين كعبة المسلمين وبين ناقة صالح وهيكل اليهود وصليب النصارى وكنائسهم وبقرة الهندوس ونار زرادشت وأرواح أسلاف كونفوشيوس الصالحين؟؟ أليست كلها مقدسات وحرمات وشعائر قد أمر الله بتقديسها وتعظيمها وتعظيم حرمتها؟؟.
إذن، تتلخص بعض المقدسات والشعائر والحرمات لكل الديانات اليهودية والنصرانية والإسلامية، والأديان الشرقية، على النحو التالي:
الديانة الإسلامية: الكعبة، الصفا والمروة، الحجر الأسود، البيت الحرام، البدن، جبل عرفات، مقام إبراهيم. الأشهر الحرم.
وهنا يكمن تساؤل هام وهو: هل من فارق بين كعبة المسلمين، وبين صليب النصارى وهيكل اليهود، وبقرة الهندوس، وأرواح أباء الكونفوشيين، ونار الزرادشتيين؟؟. الجواب: بالتأكيد لا، لا فرق على الإطلاق بين أي مقدس لأي ديانة من الناحية التكوينية والطبيعة لهذا المقدس أو ذاك"انتهى
الخطأ هنا أن الأخ نهرو نسى بعض الحرمات فى الإسلام مثل حرمة قتل النفس إلا بالحق وحرمة الشرك وكل الفواحش فى قوله تعالى " "قل تعالوا اتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون"
ومن ثم فالمحرمات معظمها لم يذكره الأخ نهرو
زد على هذا أن المقدس فى الإسلام فى المصحف الحالى هو الوادى المقدس طوى وهو الوادى الموجود فيه الكعبة الحقيقية فى مكة وفى هذا قال تعالى " إنك بالواد المقدس طوى " ولا يوجد وصف لشىء أخر بأنه مقدس سواه وهو يشمل القواعد وهى مقام إبراهيم والصفا والمروة وعرفات والمشعر الحرام
قال "الجواب الذي يقره القرآن الكريم، هو أن ما من أمة من أمم الأرض التي أوحى الله إليها برسالة عامة كبرى إلا وجعل لها مكانا مقدسا مطهرا، وله حرمة عن غيره من الأماكن، وجعل لكل أمة منسكا هم ناسكوه، ولكل أمة شعائر لها تعظيم في قلوب أفراد هذه الأمة أو تلك".انتهى
الخطأ هنا هو أن الله جعل لكل أمة مكان مقدس خاص بها فى القرآن ولا يوجد فى المصحف الحالى ذكر لمكان مقدس سوى الوادى المقدس طوى فمن أين جاء الأخ نهرو بتلك الخرافة ؟
أضف لهذا أنه فهم خطأ أن لكل أمة منسك أى مذبح غير مذبح الأمة الأخرى والحق أن كلمة الأمة تطلق على الجيل الذى يعيش فى عصر معين كما قال الله عن إبراهيم (ص) وإسماعيل (ص) وإسحق (ص) ويعقوب (ص) والأسباط (ص) "تلك أمة قد خلت "فالمنسك واحد لكل الأمم عبر العصور ولو أخذ تفسير الأخ نهرو على وجود مذبح واحد لكل أمة لوجدنا أن الأمم الحالية وبعض من السابقة لهم مذابح متعددة وهناك أمم ليس لها مذابح على الإطلاق وهو ما يناقض تفسيره
قال "ما حدث يكمن في أن الإنسان قد انحرف وحرف المقصد الحقيقي للأديان، فقد انحرف بالأديان إلى الوثنية ليرضي أطماعه وأهوائه وأنانيته وشهوانيته وطغيانه"انتهى
الخطأ هو وجود أديان متعددة حرفها الناس وهو قول خرافى لن معناه أن الله أنزل عدة أديان وكلها صحيحة وقطعا هذا يخالف لأن لله دينا واحدا ارتضاه هو دين الله سواء سميناه نحن المسلمون الإسلام أو سمى غيرنا اسم أخر ولو قال أنزل عدة رسالات كلها حرفها الناس لأصاب
قال "وأصبحت كلمة الإسلام وثن يعبده المسلمون" انتهى
الخطأ هو أن كلمة الإسلام أصبحت وثن يعبده المسلمون ولا أدرى كيف تعبد كلمة واحدة ليس بها تحليل أو تحريم وهو ما تقوم عليه كل الأديان صحيحها وباطلها ؟ قطعا هنا هو لم يفهم معنى العبادة
قال "والمطالع لقصص الأنبياء والمرسلين في القرآن الكريم، يجد أن كل نبي كانت رسالته وشريعته تركز على معالجة خطأ بعينه أو عدة أخطاء بعينها، هذه الأخطاء قد تكون غير موجودة لدى قوم النبي الآخر، ونلحظ ذلك في قصص أقوام كل الأنبياء الذين ذكر القرآن قصصهم مع أقوامهم.
فمثلا نوح كان من صلب رسالته نبذ عبادة الأصنام من دون الله والاعتقاد بوحدانية الله دون غيره، حيث كانت خطيئتهم الكبرى هي الوثنية العقائدية وذلك لاعتقادهم في بعض المخلوقات بأنها آلهة مع الله، وقد عرض القرآن قصتهم على النحو التالي:
(قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا * وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا * وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا) (سورة نوح- الآيات 21: 24) .
إذن لم تكن رسالة المسيح عليه السلام رسالة لقوم يعبدون الأصنام والأوثان ولم تكن رسالة عقائدية إلهية كرسالة نوح وإبراهيم ومحمد، وإنما كانت رسالته روحية سلوكية تقويمية.
ولوط عليه السلام كذلك لم تكن رسالته في صلبها دعوة للتوحيد وترك الوثنية وعبادة الأصنام، ولم تتناول أو تناقش العقائد الإلهية، بل كانت رسالة لوط عليه السلام في المقام الأول رسالة سلوكية أخلاقية تقويمية تدعو إلى العفة والطهارة والبعد عن الشذوذ الجنسي بين الرجال، ولم تتعرض رسالته إطلاقا للجانب العقائدي الإلهي،
إلا أن رسالة شعيب قد نادت بالتوحيد وترك عبادة غير الله، لكنها ركزت في شقها الأكبر على تقويم الانحرافات السلوكية التي كانت شائعة ومنتشرة في البيع والشراء كالنقص في الميزان والمكيال، والغش في البيع والشراء، وبخس الناس أشياءهم، والإفساد في الأرض،
فحسب تفشي نوع الخطيئة تكون رسالة النبي، فإن كان الغالب على القوم الوثنية الصنمية الكوكبية وعبادة غير الله بالمعنى العقائدي تأتي الرسالة واهتمامها الأول العقائد التوحيدية، وإن كان الغالب على القوم الطغيان والجبروت من الحاكم واستعباد الشعب تأتي الرسالة بالثورة على الطغيان كما في حالة موسى مع فرعون وملئه، وإن كان الغالب على القوم قسوة القلب وغلظة الطباع تأتي الرسالة واهتمامها الأول ترقيق القلوب وإحياء الأرواح كما في حالة المسيح مع اليهود من بني إسرائيل، وإن كان الغالب على القوم الفساد والانحراف الجنسي وفساد الفطرة، تأتي الرسالة واهتمامها الأول الطهارة والعفة والاعتدال كما في حالة لوط مع قومه، وإن كان الغالب على القوم الفساد المالي والأخلاقي كالغش ونقص الميزان والمكيال وبخس الناس أشيائهم، تأتي الرسالة بالأمر بالقسط والعدل وإصلاح الذمم في البيع والشراء وحسن التعامل بين الناس، كما في حالة شعيب مع قومه، وهكذا."انتهى
الخطأ هنا هو أن رسالات الرسل كانت حسب حالة القوم فهى تركز على نواحى الفساد عندهم فمن عنده خطيئة كزنى الرجال ببعضهم تركز رسالة رسولهم على تلك الناحية ومن عندهم غش وتطفيف نفس الأمر وهكذا وقطعا هذا كله قول باطل فرسالات الرسل واحدة وكلها تقوم فى الأساس على فكرة التوحيد لأن كل الخطايا نابعة من عدم الالتزام بالتوحيد الذى هو معرفة أن الخالق واحد أحد ومن ثم فهو يعمل بحكمه وحده ومن ضمنه كل تلك النواحى وقد فات الأخ نهرو أن الخطايا مرتبطة ببعضها حيث يجر هذا إلى ذاك فمثلا زنى الرجال ببعضهم يستلزم ارتكاب جرائم أخرى كانتهاك حرمات المنزل مثلما دخلوا على لوط (ص) ليفتشوا عن ضيوفه ليرتكبوا معهم الفاحشة ومثل انتهاك حرمة الشارع بممارسة الفاحشة فيه ومثل انتهاك حرمة اللباس حيث يظهرون العورات ومثل جريمة عدم جماع الزوجات وتحريمهن بدليل رفضهم زواج بنات لوط (ص)
إن دائرة الخطايا تجر لبعضها فخطيئة واحدة تجر لارتكاب الخطايا الأخرى