رسام مصري يفضح تعذيبه وتهديد الشرطة باغتصابه

في الجمعة ١٧ - يناير - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

كشف عضو "رابطة فناني الثورة"، الرسام الشاب "ياسين محمد"، واقعة احتجازه وتعذيبه، وتهديده بـ"الاغتصاب" من قبل قوات الشرطة، في أعقاب القبض عليه بنقطة تفتيش أمني، في وقت متأخر من الليل.

و"محمد"، يبلغ من العمر 26 عاماً، قضى خمسة أعوام منها في السجن، بعد إلقاء القبض عليه بتهمة التظاهر عام 2013، ورسم خلالها العشرات من الصور التي تُعطي لمحة عن الحياة داخل السجون المصرية، من خلال تصوير المحتجزين السياسيين داخل الزنازين المكتظة وأمتعتهم المعلقة في أكياس على الحائط.

وقال "محمد"، في تدوينة، له عبر حسابه بموقع "فيسبوك"، الجمعة: "من يوم ما خرجت من السجن، وأنا بجازف عشان أعرف أتعامل مع الروتين اليومي، وكشخص معاه كل الأوراق اللي بتثبت للدولة إنه واحد عايز يعمل مستقبل، وماشي جنب الحيطة زي ما عاوزين (...) وبدأت أروح المحاكم عشان أطلع أوراق تثبت إني خلصت كل القضايا اللي عليا، وأنكر إنه شرف وفخر لأي حد اتحبس في قضايا من النوعية دي عشان أعرف أخرج من البلد دي بسلام، واللي ما شوفتش فيها غير هموم الدنيا كلها".

وأضاف: "نفسي أحس بطعم الحرية اللي كلكم حاسين بيها، ومن شهر سبتمبر اللي فات، وأنا خايف أخرج من البيت، بسبب حادثة حصلت معايا، وأنا رايح أسهر مع صحابي بعد 12 بالليل... وكنت راكب تاكسي، ومعايا شهادات أصلية ومختومة بتثبت إني شخص خلص كل اللي عليه، وماشي سليم... واللي يعرفني كويس فاهم إني واحد بيحب يكون مظهره لطيف، وبيخاف يعمل مشاكل من أي نوع".

 

 

وتابع "محمد": "وقفوني في كمين (نقطة تفتيش) على كورنيش النيل، وكشفوا على بطاقتي زي ناس كتير وقفوهم، ولقوا عليا 3 قضايا، وقولت إني معايا الشهادات بتاعتهم... قالوا لي هانشوف الموضوع في قسم الشرطة، وده لما اكتشفوا أني واحد شكله مريب بالنسبة لثلاث قضايا سياسية كبار".

وزاد الرسام الشاب: "فجأة لقيت الضابط بيأمر المخبرين يكلبشوني في البوكس، ولما حاولت أسأل عن السبب، قال لي إني مطلوب في أمن الدولة (الأمن الوطني)، وبقيت أفكر طب أنا فعلاً عملت حاجة، ووقعت في هيستريا من العياط (البكاء) قدام كل اللي واقفين في الكمين... مش لسبب أكثر من إني حسيت بظلم كل واحد اتأخد، ومش فاهم ليه!".

واستدرك قائلاً: "حسيت إني مش هاشوف الشمس تاني، وكل ما أحاول أتماسك عشان ماحدش يشوفني ضعيف أبكي أكثر، لدرجة إن الشاويش كان هايعيط من الموقف، إلا أن الضابط كان فخورا بنفسه، وبيضحك، وهو واخد حد بيعيط قدام كل الناس... قعدت في بوكس الشرطة حتى 6 صباحاً، وبعدين اتحركنا إلى قسم مصر القديمة، وهناك كل اللي اتمسكوا معايا خرجوا عدا أنا، وقلت خلاص كده مش هاشوف الشمس".

وتابع قائلا: "لما حاولت أتكلم مع الضابط، وأقول إني فعلاً ماعنديش مشكلة مع حد، قالي شايف كل الناس دي، لو ماسكتش هاخليهم (يغتصبوك) كلهم واحد واحد، فاسكت خالص... وأخذوني في ممر ضيق، وكلبشوني متعلق في علبة كبيرة اللي فيها خراطيم المطافئ... مش عارف أقعد، ولا أقوم من كتر الوجع والعياط، عشان قافلين الكلابشات على إيدي اللي اتجرحت، ومانعين أي حد يقرب مني".

 

 

وواصل: "رفضوا يجيبوا لي مياه للشرب، وكل الضباط تيجي تشتمني من غير أسباب، ولا يعرفوا أي حاجة غير بس إني سياسي... وجالي نفس الضابط، وحاولت اتكلم معاه تاني قالي هاخليهم (يغتصبوك) لو ماسكتش يا (...)، وسابني ومشي... بقيت قاعد في ممر قدامي كاميرا في نهايته بيشوفها رئيس المباحث، وطول الفترة اللي اتحجزت فيها كل حاجة بقت ضلمة، وفقدت الإحساس بنعمة الحياة".

واستكمل: "طلعت لي أمراض في يدي، وشعر ذقني معظمه وقع، وبقى عندي حفر فاضية في وشي من كتر الخوف... وقلت الناس دي هاتعمل معايا إيه، وبقيت استعد للسجن والتعذيب، وكل مشهد شوفته، وعشته أيام السجن عدى على بالي... والمرة دي أصعب، لأني فعلاً ماعرفش إيه اللي بيحصل، وكانت حياتي ماشية كويس جداً، وماكنتش حتى بتكلم في أي حاجة تخص البلد، ولا بهتم!".

وزاد: "بعد 24 ساعة اكتشفوا إن الأوراق كانت سليمة، وأمن الدولة بعت إشارة إني أخرج، ولما طلبت الأوراق قالوا لي طلع غيرها، لم أهتم وخرجت بسرعة، وبقيت أجري لحد ما نفسي اتقطع على الكورنيش من شدة الخوف... ولما رجعت البيت قررت إني مش هاحاول أخرج تاني، لا بالليل ولا بالنهار، عشان مايجيش حد يعمل معايا موقف زي ده تاني... ومش هاتمرمط في المحاكم تاني، ولا هخرج أي أوراق، وهأقعد لحد ما أموت أو انتحر في البيت!".

وختم بالقول: "مهما عملت هأفضل بالنسبة لهم مجرم، ومش هاخرج من البلد دي، ولحد النهارده كل يوم بكتئب، وبشوف الناس مبسوطة أد إيه، وأنا مش عارف انبسط وأعيش كويس... واللوحة دي رسمتها بعد ما خرجت بفترة قصيرة لوضعي في الوقت ده".

اجمالي القراءات 1692