هذه الكراهية المقدسة للغرب.. لماذا ؟!!

آحمد صبحي منصور في الأحد ٠١ - فبراير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

تأتى تعقيبات على مقالاتى السياسية تتهمنى بالتعاطف مع الغرب وأمريكا وتزعم أننى أمتدح اسرائيل وتطالبنى بالهجوم عليها وعلى الغرب وأمريكا .
وأرد بالآتى :
أولا :
1 ـ إن مهمتنا هى اصلاح المسلمين وليس اصلاح الاسرائيليين أوالغربيين والأمريكيين . غيرنا يقوم باصلاح نفسه والاستفادة من أخطائه وقلما تجد هناك من يتغزل فى حاكم أو يمدحه لأن جل كتاباتهم فى النقد وملاحقة المفسدين. أما نحن ـ وفينا كل شرور العالم ـ فلا نملّ من التغنى بأمجادنا ، وما يتبقى من وقتنا فهو فى نقد الغرب والهجوم على امريكا ولعن اسرائيل ، ولو كان اللعن والسب والهجوم اللفظى هو سبيل الانتصار والتفوق لكنا أعظم أمة فى العالم ، فليس فى العالم من هو أطول منا لسانا ولا أخبث منا بيانا.
والمضحك أن الغرب الذى ننقده هو الذى يتقدم باستمرار وهو الذى نعتمد عليه فى الغذاء و الدواء ، نستورد منه السلاح الذى نقتل به أنفسنا ، وتأتينا منه المساعدات التى يلتحف بها فقراؤنا ، والى بنوكه تذهب أموالنا التى يتفضل بسرقتها حكامنا. والذين يهاجمون الغرب يستعملون كل منتجات الغرب وكل اختراعات الغرب ، بدءا من الساعة والميكروفون الى وسائل المواصلات وأجهزة الاتصال ،ولولا الغرب لظلوا فى عراء الصحراء يرددون شعر امرىء القيس فى البكاء على الأطلال.
واسرائيل التى نلعنها صباح مساء هى التى تهزمنا فى كل معركة ، ونحن استرحنا الى الرد باللعن والصراخ ،فإذا قام من بيننا ناصح يبغى الاصلاح وينقد أحوالنا ويفسر لماذ ينتصر العدو علينا ولماذا ننهزم قبل كل معركة وبعدها ـ واجهته الاتهامات بانه يمدح العدو بدلا من أن يلعنه.
2 ـ لنتذكر أنه منذ السلطان العثمانى ونحن نسمع فى خطب الجمعة الدعاء لعساكر السلطان بالنصر ، وكلما إزداد الدعاء للسلطان الطاغية بالنصر عاد دعاؤه علينا نحن وليس على الآخر ، فالطاغية هو الذى ينتصر علينا .وكلما ارتفع الدعاء له بالنصر على الكفار وان تكون اموالهم و( نساؤهم ) غنيمة للمسلمين تحقق فينا الدعاء علينا ، فالطاغية المسلم حتى هذا العصر هو الذى يستحل أموالنا ودماءنا واعراضنا ، ثم يأمرنا أن نمدحه وأن نشكره وأن نحمده على أنه تفضل فسلط علينا قواته المسلحة وقواته المشلحة تقهرنا و تعذبنا و تغتصبنا ، وبدلا من أن نوجه غضبنا نحوه نولى وجهنا لاسرائيل والى امريكا والغرب لعنا وسبّا.
3 ـ والعجيب ـ ونحن أمة العجائب ـ أننا نطالب حكام الغرب بالعمل لمصلحتنا والسهر على رعايتنا ، فكأننا نحن الذين انتخبناهم واخترناهم لخدمتنا ، وننسى أن الرئيس الغربى قد انتخبه شعبه لخدمة شعبه ، وأن وظيفته فى السعى لارضاء شعبه وليس لارضائنا ، وأن الذين يجب عليهم خدمتنا هم الحكام الذين يجثمون على انفاسنا ، وبدلا من أن نطلب من أولئك الطغاة خدمتنا فإننا نطلب ذلك من حكام الغرب.
وكلنا يعرف أن الحرية لا تمنح ( بضم التاء ) ولا تعطى ( أيضا بضم التاء ) ولكن تؤخذ ( أيضا بضم التاء ) أو كما قال أحمد شوقى :
وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدقّ
أى لا بد لنا من الدخول فى معارك ومجازر لكى ننتزع حريتنا من الاحتلال المحلى الذى يمثله الطغاة فى كل بلد عربى ومسلم . فالاحتلال المحلى لن يستسلم بسهولة ، وكل طاغية يعلم أنه لو تراجع شبرا فسيدخل فى مسلسل التنازلات وينتهى الى السجن و القتل ، فلا بد أن يتشبث بمقعده حتى الموت ـ أى موت الشعب وليس موته هو .
هى مواجهة لا مفر منها ، ومجازر قادمة لا محيص عنها ، وتأجيلها لا يعنى تفاديها ولكن يعنى أن ستكون أشد وأقسى ، فكل يوم إضافى فى حكم الطغاة يعنى المزيد من السرقة ومن القتل والمزيد من المقابر الجماعية ، وأن تعلو صرخات الملايين تعذيبا وقهرا.
وكل ما يستطيع الغرب تقديمه ـ مع الأمنيات الطيبةـ هو أن يساعدنا فيما نفعل لا أن يقوم عنا بالفعل وننام نحن. لا ننتظر منه أن يتعب من أجلنا ونحن قعود،أو أن يأخذ لنا حقنا من المحتل المحلى فى الوقت الذى نهتف فيه للطاغية بطول العمر ونلعن فيه الغرب الى آخر العمر.!!
لقد كافح الغرب قرونا حتى تخلص من تحالف الاكليروس ، ومن طغيان الحكام وتحكم الكنيسة والاقطاع والنبلاء ، ولا يزال مثقفو الغرب فى عملية اصلاح مستمر ، وهم الذين قلموا أظافر الرأسمالية الفجة ، وهم الذين إنتزعوا الحقوق المدنية للأقليات والملونين، وهم الذين وقفوا مع حقوق العمال والفقراء ، ثم هو الآن الذين يقيمون منظمات حقوق الانسان والشفافية والديمقراطية والدفاع عن الحرية خارج بلادهم ، ونحن الذين ننظر بالشك الى الخير الذى يفعلونه معنا، ونعتبره تآمرا وتدخلا فى شئوننا ، كما لو أن قهر المحتل المحلى ( الطغاة ) لنا هو من صميم قوميتنا وكرامتنا وسيادتنا فى بلادنا.
4 ـ إننا الظالمون لأنفسنا بالخمول والخنوع والخضوع ، فازداد الطاغية قوة بضعفنا ، وازداد عزلة بانفراده بالسلطة وجلوسه وحده على القمة ، فليس له صديق صدوق فى الداخل ولا فى الخارج، فهو لا يأمن شعبه ولا يأمنه شعبه،هومحاصر بين كراهية شعبه له واحتقار الغرب له . وفى وسط هذه المأساة التى نعيشها يتجه الغضب الى من يريد كشف عيوبنا أملا فى الاصلاح ، والاصلاح لا بد أن يبدأ بتوصيف المرض بدقة ، وهذا ما نحاول أن نفعله ، وهى قطرة لا تعد ولا تحصى امام محيط المدح والنفاق وجبال الأكاذيب والافتراء.
5 ـ ثم إن القرآن نفسه هو الذى يأمرنا بأن نقول كلمة الحق وبالعدل حتى لو كانت فى صالح الخصم والعدو أو كانت ضد مصلحة القريب : ( النساء 135 ) ( المائدة 8 ) ( الانعام 152 ).
ولم أقل الا الحقائق عن اسرائيل وعن حماس ، وكلها حقائق مكتوبة ومنشورة ومفهومة .
ثانيا :
1 ـ هذه الكراهية ( المقدسة ) للغرب ترجع لعاملين أساسين : المحتل المحلى (الطغاة المستبدون) وثقافة الوهابية التى نشرها الاخوان المسلمون فى ربوع ما يسمى بالعالم الاسلامى. ويتجمع العاملان فى الدولة السعودية حيث منشأ ومنبع الوهابية وحيث يصل الاستبداد الى درجة هائلة من (الاستعباد) لشعب بأكمله تسميه باسمها الأسرة التى تحكمه وتملكه ، وفيها يصل (الاستبعاد ) الى مداه حيث تتعامل الأسرة السعودية التى تملك شعبها ( السعودى) مع هذا الشعب وفق درجات ، أقربها من تصاهرهم الأسرة السعودية وأبعدها من تستبعدهم الأسرة السعودية بسبب المذهب ( الشيعة ) أو بسبب العنصر مثل سكان الجنوب .
2 ـ تحت اسم القومية والوطنية قادت الأحزاب والجيوش حركة التحرر من الاحتلال الأجنبى ، واستمرأت الجلوس على كرسى السلطة ، ولم ترض بالتخلى عنها ، لذا كان لا بد بعد الاستقلال وزوال الاحتلال الأجنبى من استمرار الاصرار على عدائه ، وأن يرضع الشعب بالتعليم والاعلام ثقافة المؤامرة ، بأن الغرب المستعمر لا يزال يتآمر علينا.
وازدادت الحاجة الى تكثيف كراهية الغرب مع تأصل الفساد والفشل و العجز فى الأنظمة الحاكمة. فشل إستبدادها الذى فاق الحد فى تحقيق شعاراتها ، بل عجزت عن توفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة بحيث صودرت أحلام الشباب فى الحصول على عمل وسكن و تكوين أسرة . خوفا من تحول الغضب والاحباط الى ثورة قادمة كان لا بد من توجيه هذه الطاقة الغاضبة نحو الغرب وامريكا واسرائيل، وكان لا بد من تفسير كل مصيبة تحدث فى ضوء تآمر الغرب وأمريكا واسرائيل علينا بحيث أصبح البعض يعتقد أنه لا عمل للغرب وأمريكا بالليل والنهار سوى التآمر على العرب والمسلمين ، وأنه قد تفرغ لهذا التآمر وقدّم استقالته من الاختراع والتقدم والبناء لكى يعطل المسيرة المزدهرة للعرب والمسلمين.
3 ـ ومع الصراع السياسى بين طغاة العسكر والاخوان المسلمين وشتى تنظيماتهم العلنية و السرية إلا إنهما يتفقان فى نشر ثقافة الكراهية للغرب . وللاخوان المسلمين والوهابيين دوافعهم الدينية و السياسية ، فهم الذين استرجعوا الى عصرنا الحديث ـ عصر ثقافة حقوق الانسان والقرية الكونية الواحدة ـ ثقافة العصور الوسطى من الحروب الجهادية والحروب الصليبية ، وما أنتجته من تشريعات كانت تقسم العالم الى معسكرين : دار السلام ودار الحرب ، وبالمساجد و التعليم والاعلام نشرت الوهابية تلك المفاهيم السلفية ، وتبتغى بها إقامة دولة (اسلامية ) موحدة تسترجع عصر الخلافة الأموية أو العباسية أو حتى العثمانية ، وتمثل معسكر الايمان فى مواجهة الغرب معسكر الحرب و الكفر و العصيان.
4 ـ وفيما يخص نشر ثقافة العداء للغرب فلم يعد الأمر مجرد توافق بين طغاة العسكر والطامحين لانشاء دولة دينية وهابية ، فقد تعدى ذلك أحيانا الى التنسيق الضمنى والمباشر بينهما ، بل قد يتحول التنسيق الى تنافس بين الخصمين كل منهما يزايد على الآخر فى الايمان والدفاع عن (الاسلام) ولكل منهما قطيع من الشيوخ الرسميين أو الشعبيين من محترفى التلاعب بالدين . وبالتنسيق وبالمزايدات بينهما أصبحت الثقافة السائدة المسيطرة هى ثقافة الوهابية ، يتمسك بها الطاغية العسكرى على أنها الاسلام ، ومعه قطيع الشيوخ الرسميين ، كما يتمسك بنفس الوهابية الزعماء والقادة للحركات الدينية السياسية ، ويزايد كل منهما على الاخر فى المساجد و مؤسسات الدعوة والتعليم وفى الفضائيات وعلى الانترنت .
لذا لا تعجب أن يقسو طاغية عسكرى مثل حسنى مبارك على القرآنيين المسالمين لأن دعوتهم تضرب جذور الدين السّنى نفسه ، وهذا الطاغية يحارب الاخوان المسلمين كتنظيمات عسكرية و سرية يستخدم ضدهم المشير طنطاوى ، ولكنه فى نفس الوقت يدافع عن ثقافة الاخوان الدينية ، ومعه شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوى. وبهذين الطنطاووين وبالاضافة الى وزير التعذيب الثعبان الأصلع يقف مبارك فى مواجهة القرآنيين .
وفى كل الأحوال فان السخط العام يجرى توجيهه الى الغرب (المتآمر على العرب و المسلمين ) وتذهب شظايا من هذا السخط الى العاملين فى مجال الاصلاح من القرآنيين ومنظمات حقوق الانسان والمجتمع المدنى بزعم أنها تتآمر مع الغرب ، والحجة المفضلة لدى الطغاة هو التمويل الغربى لأولئك النشطاء .
ثالثا :
كنت أدير الندوة الأسبوعية لمركز ابن خلدون مساء كل ثلاثاء ، فيما بين 2 يناير 1996 الى أواخر يونية 2000 . فى احدى الندوات عام 1997 ناقشنا ما كان مثارا عن عزم بعض قيادات الأقباط إنشاء جامعة قبطية . دعوت للنقاش قادة من الأقباط كان منهم حسبما أتذكر اللواء ألفى أنور عطا الله ، والاستاذ رمزى زقلمة والدكتور وسيم السيسى. لم أكن أميل الى المشروع وأرى فيه تقسيما واستقطابا جديدا للمصريين بين مسلمين ومسيحيين ، لذا اقترحت ان يكون البديل هو اصلاح التعليم القائم خصوصا مادة التربية الدينية التى يتم فيها التفريق بين أبناء الوطن الواحد ،ومواد أخرى كالتاريخ الذى يهمل الحقبة القبطية من تاريخ المصريين ، ومادة القراءة التى تهمل المكونّ القبطى فى الشعب المصرى . وجد الاقتراح صدى طيبا حتى من مندوب مباحث أمن الدولة الذى كان يسجل ما يقال . ونشرت فى روز اليوسف مقالا اطالب فيه باصلاح مناهج التعليم الدينى فى المدارس المصرية ووضعت أسس هذا الاصلاح باختصار وناديت بان يكون الاصلاح المنشود خطوة فى اصلاح الأزهر نفسه .
فى العام التالى جاء تمويل لمركز ابن خلدون لمشروع اصلاح التعليم المصرى ، وعملنا فيه عاما كاملا ، جهزنا مواد بديلة كمقترحات فى مواد التاريخ والقراءة ، ومادة التربية الدينية ، وقمت بنفسى بكتابة مقترحات التربية الدينية (ثلاثة كتب للتعليم الابتدائى والاعدادى والثانوى ) مع كتاب لتوجيه المعلم لمادة التربية الدينية ، وكتبت سيناريو عن التسامح الدينى من واقع قصة تاريخية حدثت فى مصر فى العصر العباسى ، كما كتبت سيناريو لفيلم تسجيلى عن احتفال المصريين بمولد السيدة العذراء فى كنيسة مسطرد ، حيث يكون أغلبية الرواد من المسلمين فى إشارة الى وجود تسامح فى القاعدة الشعبية المصرية يجب تنميتها. وأرسلنا بما كتبناه وما أنتجناه من أفلام الى الأزهر والكنيسة ووزارة التعليم واجهزة الاعلام ومجلس الشعب وأعلام المفكرين والمثقفين نرجو النقاش والتوجيه فقامت علينا قيامة التكفير.لم نضعف فاستمر المشروع عمليا باستضافة مدرسين لمناقشته ، ثم اختيار مدرسين لتدريسه على نخبة من الطلبة فى المراحل المختلفة وقت اجازة نصف العام . واشتد الهجوم علينا ، وانتهى الأمر بالقبض على د. سعد واغلاق المركز وهربت لأمريكا بينما تمت الموجة الثانية من القبض على القرآنيين والحكم عليهم بالسجن بتهمة ازدراء الدين.
لماذا أحكى هذا هنا ؟
لأستشهد بما حدث فى لقائنا مع نخبة من المدرسين الذين قبلوا ان يناقشوا المقترحات معنا . حجزنا لهم فى فندق فاخر فى العين السخنة على قناة السويس طيلة أيام المؤتمر ، مع مكافأة مالية تعادل مرتب شهر تقريبا لكل منهم،واستقدامهم وارجاعهم على نفقة المشروع،مع هدايا من المركز من كتب وخلافه ، وكان المطلوب منهم ـ بعد قراءة المقترحات التى كتبناها ـ أن يناقشونا فيها ، أى أن يتحدثوا هم ونسمع نحن لنعرف الاجابة على سؤال هام : هل يمكن فعلا تدريس هذه المقترحات البديلة ام لا ؟ وهل هى أفضل أم الكتب الدراسية الموجودة فعلا أم لا ؟.
المفاجأة أن يتحول النقاش الى محاكمة لنا نحن فى صورة سؤال ظل يتردد عن تمويل المشروع والهدف منه ، ودور مركز ابن خلدون والتمويل الذى يأتيه، وهل هذا المشروع حلقة فى التآمر الغربى الأمريكى على الاسلام و المسلمين ؟ .
قلت لهم الآتى وكررته حتى الملل :
1 ـ تمويل المشروع ليس من امريكا بل من هولنده ، وليس لهولندة أطماع فى مصر أوغير مصر .
2 ـ تمويل المشروع تم طبقا لاتفاقات رسمية وبعلم الحكومة المصرية ، وحساباته تخضع للتدقيق من أجهزة الدولة التى تتمنى الايقاع بمركز ابن خلدون بأى وسيلة ، ولو فيه ثغرة لاستغلوها ضد المركز والعاملين فيه .
3 ـ التمويل الأجنبى تقوم عليه سياسة الحكومة المصرية فهى التى تستأثر بالبلايين التى تأتيها معونات من أمريكا وغير أمريكا ، وهذه البلايين لا يصل منها شىء للشعب المصرى ، أما التمويل الذى يأتى لكل المراكز العاملة فى حقوق الانسان وللدفاع عن الشعب المصرى والنهوض به فهى خلال العشر سنوات الأخيرة لا تتعدى النصف فى المائة من المعونات الى يحصل عليها أرباب الحكومة المصرية فى عام واحد ، وفى الوقت الذى ينهب فيه الحكام تلك البلايين فان الملاليم التى تاتى للمنظمات الحقوقية يتعيش منها آلاف العائلات من الباحثين والنشطاء والعاملين العاديين نظير عمل حقيقى صالح للمجتمع يقومون به، والمثال هو ما يحدث لكم الآن . فنحن وانتم فى ضيافة هذا المشروع ننفق من التمويل الذى جاء له وهو لا يقارن بما يحصل عليه لنفسه أحد وكلاء الوزراء من التمويل الأجنبى الذى يرد لوزارته.
4 ـ ثم انكم تتكلمون عن التمويل الغربى الذى يهدف الى الاصلاح ويأتى فى العلن ـ فكيف بالتمويل السعودى والذى به تنتشر مساجد الارهاب وتنتشر ثقافة التطرف والتعصب؟ وهو تمويل مجهول يجرى بلا رقابة ، وقد رجع بمصر الى الخلف ، ونثر الشقاق بين المصريين واشعل الفتنة الطائفية وحركات الارهاب المسلح التى وصلت ذروتها فى اوائل التسعينيات ، ونشرالجهل مكان العلم مما استدعى علاجه بهذا المشروع عن اصلاح التعليم ؟
5 ـ ثم أين التآمر هنا ؟ التآمر يجرى عادة فى الخفاء ، ونحن لا نعمل أبدا فى الخفاء لأن الاصلاح يقوم على العلانية . لقد تم الاعلان عن المشروع ، وأرسلنا نسخا من كل ما عملناه الى الجهات المسئولة والىالصحف والمفكرين والتربويين وأساتذة الجامعات والأزهر والكنيسة ووزارة التربية والتعليم نطلب رأي الجميع فيما كتبناه ، وقلنا أنه مجرد مقترحات غير ملزمة ، ولكن تحتاج للنقاش ؟.
ثم كيف تقولون أنتم بالتآمر وأنتم انفسكم شهود على انفسكم ؟ لقد أتيتم الينا بمحض ارادتكم ، وقدمنا لكم كتبا نحن الذين ألفناها ، ونحن الذين نطلب منكم مناقشتها لنسمع منكم ، وفى كل ما قرأتموه لم تجدوا شيئا غريبا يدل على تآمر غربى ، وأنا مؤلف المقترحات الخاصة بمواد التربية الدينية،وهى كلها مستقاة من القرآن الكريم وتظهر فيها عظمة الاسلام وتسامحه ،فهل يتآمر علينا الغرب ليثبت قيام الاسلام على التسامح و السلام و حقوق الانسان ؟ ثم أنتم فى النهاية سترجعون آمنين فى سلام الى بيوتكم ، وقد قضيتم وقتا سعيدا ونزهة رائعة وكسبتم أجرا ماليا لا بأس به .. فاذا كان هذا تآمرا عليكم فما أحلى هذا التآمر .!!
6 ـ ثم هذا التمويل هو أموال نأتى بها هنا لكم من الغرب لتتمتعوا بها معنا مقابل عمل صالح مثمر لمصر. لماذا لا تقارنوها بأموال الشعب المصرى التى يسرقها منكم الحكام ويقومون بتهريبها الى الغرب ؟ فمن يتآمر هنا ؟ ومن يسرق ؟ ومن يستحق المساءلة و العقاب ؟
7 ـ فى النهاية..لماذا تتآمر علينا أمريكا ؟ أمريكا قد تتآمر على من ينافسها أو يحاربها ، لكن لماذا تتآمر على مصر التابعة لأمريكا والتى تعتمد على أمريكا فى السلاح وفى الغذاء ؟ بدون الحاجة الى أى تآمر فان الرئيس المصرى ينفذ الأوامر التى يتلقاها بالتليفون من واشنطن .
هل يمكن ان يتآمر العمدة فى قريتكم على الخفير الذى يعمل عنده ؟ وهل إذا تصدق العمدة على الخفير بالمعونات المالية والعينية يكون متآمرا عليه ؟
تعبت من تكرار هذا الكلام بلا فائدة ..
وأخيرا نظرت لهم باشفاق .. فهؤلاء المدرسون أنفسهم هم ضحايا لتعليم فاسد وثقافة ساقطة ..
كان هذا عام 1999 .
ومن أسف أن هذه الثقافة لا تزال فى انتشار.

اجمالي القراءات 19580