السحر السياسي.
الإنسان القديم التجأ إلى السحر والسحرة, خوفا من الغيب , ولعدم مقدرته على تفسير الظواهر الطبيعية و من أجل حماية نفسه من الأمراض والكوارث ,وبحثاً عن الأمان واستجلاب الحظ .وبرع في القديم السحرة ,وكان السحرة يمثلون القوة الخفية التي كانت تدَّعي استحضار الغيب الغريب على فهم الإنسان والبعيد عن تصوراته , ومع تطور البشرية صار الساحر هو الكاهن . لأنه اعتمد في ممارساته على العقيدة والممارسة اليومية, ليخلق منها علماً أسمه السحر. العقيدة موجودة بال&IuIuml;ين , والممارسة موجودة في الحياة اليومية .وأصبح الكاهن الساحر يقرر أمور الحرب والسلم , النصر أو الهزيمة ,الصحة والمرض ,السعادة أو الشقاء.إلى أن تقمص الساحر شخصية الداعية إلى المعتقد أو إلى الفكر وبذلك جمع موهبة السحر والكهنوت والكاريزما.و في عصرنا هذا تحول السياسي إلى الساحر القديم الحديث الذي يتلاعب اليوم بعواطف الشعوب والجماهير مدعوماّ بإيديولوجية دينية أو أرضية لتحقيق الأهداف السياسية المصلحية .وقد ابتلت الإنسانية بالكثير من هؤلاء السحرة السياسيين من أمثال هتلر ,و موسوليني وغيرهما الذين استطاعوا بسحرهم السياسي جر شعوبهم وشعوب العالم التي انجرت ورائهم كالقطيع إلى الويلات . وكبدتهم خسائر مادية وبشرية كبيرة حتى على التصور. ومع ذلك مازال العالم من خلال مراكز أبحاثه الاجتماعية يبحث عن السبب في انقياد البشرية إلى هذا النوع من السحر السياسي. يبحثون كيف يمكن للإنسان أن تُعمى بصيرته عن حقيقة هذا السحر.
اليوم نحن أمام مشهد أخر من هذا السحر السياسي .أو الشعوذة السياسية التي أصبحت تجارة رابحة في أوساط جماهير الشعوب العربية والإسلامية ,بحيث ساهمت أيضاً في جعل الشعوب تنقاد إلى المجهول تنفيذا لمطامع السحرة السياسيين .من أمثال
السيد حسن نصر الله ومشعل ونجاد الفقيه المعصوم وغيرهم الذين ومن على شاشات التلفاز , يمارسون لعبة السحر السياسي.ويدعو حسن نصر الله من جهته مرة أخرى شعب مصر إلى الانتفاضة على الحكم , ويتهم الحكومة المصرية بالعمالة لإسرائيل وأمريكا.ويتهمها بالكذب والتلاعب بعواطف الجماهير ,كونها حتى هذا اليوم لم تفتح معبر رفح.(وهل القضية الفلسطينية قد اختزلت إلى فتح معبر رفح؟)
لست مع مبارك . ولست مع أي نظام عربي استبدادي . لكني أقف مع مصر في محاربتها , وتصديها للبرنامج الإيراني السياسي المغلف بولاية الفقيه المعصوم عن الخطأ .والذي يطمع في السيطرة على المنطقة وتحويلها إلى ولايات تابعة لسياسات الملالي في قم وطهران.ما يدعو إليه حسن نصر الله يستدعي الاستغراب في كونه يركز على دولة بعينها مستقرة سياسيا رغم وجود التذمر الداخلي ليحدث فيها حالة من الفوضى التي ستسهل في حال حدوثها خلخلة التوازن السياسي في المنطقة الذي يعمل ضد مصالح ومطامع ايران.
حسن نصر الله هذا الساحر السياسي المفوه والخطيب المتخفي وراء الشاشات. لماذا لا يطلب من سوريا فتح جبهة الجولان ,او على الأقل إعلان تشكيل منظمة جهادية مقاومة لتحرير الجولان مثلاً. وأقول إعلان ,لأن سوريا لن تسمح بإطلاق ولو رصاصة من جبهتها اتجاه إسرائيل.وسوريا لا تربطها مع إسرائيل أية اتفاقيات تحد من حركتها ومقاومتها للاحتلال.
مصر لم تترجى أحداً من أطراف الصراع الحضور إليها من أجل حل مشكلة التهدئة وبناء غزة. بل العكس الجميع يلجأ إلى مصر. والغريب في الأمر حتى حماس الداخل المحسوبة على إيران وحزب الله ومن والاهم ,تسارع بطلب النجدة من مصر.وتشكر مصر على جهودها وتنسيقها مع أنقرة والعالم لإيجاد مخرج للازمة.
حسن نصر الله .بسحره السياسي انكشفت أوراقه عندما صرح أن حزب الله هو إيران في اللبنان. وأنه يمثل ولاية الفقيه .انكشف سحره السياسي عندما لم يستطع مساعدة حليفه في المقاومة خالد مشعل باطلاق صاروخ أو صاروخين على الأقل ليرهب العدو الإسرائيلي.لكنه استخدم أسلحته في حصار بيروت لفرض شروط وأوامر الفقيه المعصوم.
حتى اليوم ما زالت القيادة السياسية في مصر تتعامل مع هذا الساحر ودعواته المشبوهه ,بضبط النفس .والشعب المصري استطاع أن يميز ما بين مصلحته في التغير بوسائل ديمقراطية ,ورفضه للفوضى السياسية التي يدعوا إليها حسن نصر الله. وباءت دعوته بالفشل. الشعب المصري ممثلاً بقواه السياسية ومثقفيه , التي اختبرت كل المشاريع المشبوهة أصبحت تدرك مرامي وأهداف أصحاب الملالي السياسية وما فعلته في العراق الحبيب. لكن على الشعب المصري أن يقول كلمته في النهاية ويعلن رفضه التام للمغامرات السياسية الغير محسوبة ,ويعلن موقفه الواضح ضد المخططات الإيرانية الهادفة إلى جر الأمة العربية لصراع تقوده إيران ضد الولايات المتحدة الأمريكية صراع مصالح,وذلك من اجل فرض ورقة تفاوضية هدفها تحسين صورة إيران في العالم وكسب ورضا أمريكا.من خلال سياسة كسر الإرادات.
مقياس العمالة والوطنية.
اليسار العربي وبعض القوى السياسية القومية والمذهبية ما زالت على موقفها القديم الحديث في اعتبار أن كل من يقترب من السياسة الأمريكية هو عميل .وكل من يسافر إلى روسيا الاتحادية هو وطني . مع العلم أن النظام السياسي الروسي هو نظام مافيات ورأسمالية طفيلية هدفها أيضاً توسيع مناطق نفوذها وتعمل بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية في الكثير من المواقف السياسية العالمية .والمراقب للأنظمة العربية الممانعة والشمولية تهافتها على التقارب مع أمريكا يدرك مدى العهر السياسي لهذه الأنظمة .
السحر السياسي والكارزما السياسية والخطابات الثورية والعبارات الرنانة.... .أما انتهى زمنها ؟.أم أنها حاجة شعبية للتنفيس عن الاحتقان .أما أن الأوان أن يتعلم السحرة من أمثال حسن نصر الله ومشعل وهنية وشلح ونجاد وغيرهم من الحكام الممانعين أن الشعب الفلسطيني قد مل الخطابات. الشعب الفلسطيني يريد أن يُسال على الأقل هل يريد أن يموت أو أن يحى .الشعب الفلسطيني يدرك خطورة السياسة الصهيونية على مصالحه ,لكنه يرفض التجارة بالدم الفلسطيني والقضية الفلسطينية. الشعب الفلسطيني عليه الخروج من معابد السحرة السياسيين ليقول كلمته للجميع أن ما حققه هذا الشعب بنضاله العسكري والسياسي لايمكن أن يمحى بتصريح أو خطاب رنان.