البروستاتا

شريف هادي في السبت ٣١ - يناير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

تلك الغده الموجوده في مؤخرة الرجال والمسئولة الأولى عن قدرة الرجل الجنسية ، والتي يصيبها الشيخوخة رويدا فتقل القدرة الجنسية للرجل حتى تنتهي بتضخم هذه الغدة ، والرجل عادة إذا مرضت بروستاتته يصاب بالأمراض النفسية بدأ بالإكتأب وحدة التصرف والعصبية مرورا بمحاولات العلاج والرفض التام لوصوله لمرحلة الشيخوخة وصولا لليأس والاستسلام حتى يصبح بركة المنزل وكم مهملا في ركن من أركانه خاصة المنزل الشرقي الذي يمثل الرجل فيه الفحولة ، وإعتبارها من مقتضيات الرجو&aa;له ، لذلك فمريض البروستاتا لا يقوى على مواجهة زوجته ، والتي تصاب أيضا بالعصبية ويعلوا صوتها دائما وبقدر علو صوتها ينخفض صوته أكثر وأكثر حتى يتلاشى إحساسا بالدونية وبفقدان الرجولة
أشعر بالدهشة لديكم ، لماذا الحديث عن البروستاتا ، والحقيقة أن البروستاتا مرض عام يصيب المتقدمين في السن ، وكما يصيب الدهماء والعامه ، فهو يصيب الزعماء والساسه ، والعلماء والقاده ، وبما أن في عالمنا العربي السعيد يبقى الزعيم زعيما إلي أن يلقى عزرائيل بغتة ، ويظل الفقيه يتكلم في كل شيء وأي شيء حتى تكون آخر فتاويه على فراش الموت ، فقد عرفنا نوع جديد من السياسة هو (سياسة البروستاتا) ، ونوع جديد من الفقه هو (فقه البروستاتا)
ومن الأمثلة على سياسة البروستاتا ، رد فعل السيد أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري عندما أعلنت السيدة ليفني الحرب على غزة من القاهرة حاضرة العالم العربي والإسلامي وعاصمة العروبة النابضة إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها ، فهذا الرجل أثبت أن لديه مرض عضال بالبروستاتا وتضخم يصعب الشفاء منه ، فوقف بجوار ليفني ، يشعر بالصغر والدونية ولديه أحساس بالعجز أجارنا الله منه ، فلم يرد لها كلمة وظل ينظر إليها بإبتسامته البلهاء ، ويساعدها حتى لا تقع على درجات السلم ، وأنا على يقين لو كان الرجل بروستاتته سليمة ، لما إنتابه الإحساس بالعجز أمام هذه الشمطاء ، ولصاح في وجهها أغربي عنا بوجهك التعس ، لن تصبح مصر أبدا بوقا لكي ولأمثالكي ، ولكن الرجل معذور فاستخدم سياسة البروستاتا ، ورئيسه المفدى طوال الحرب على غزة وهو مصمم على إغلاق معبر رفح في وجه المساعدات الإنسانية متخذا وجهة نظر السيدة كونداليزا ، وأظنه إتخذ هذه السياسة ليأسه من علاج البروستاتا ، فشعر بذات العجز الذي يشعر به وزير خارجيته ، فلم يتمكن من مخالفة كونداليزا
ولم يقتصر الأمر على مصر فقط فعجز البروستاتا العربية ظهر واضحا في حرب غزة الأخيرة ، فمهما قيل عن تهور (حماس) ، والحقيقة في رأيي عكس ذلك ، ومهما قيل عن شرعية السلطة الفلسطينية (رغم عدم شرعيتها الواضح) والرئيس عباس ، الذي أكتسب أسمه من عبوسه في وجه أبناء جلدته من الفلسطينيين ، ولو نظرت إليه وهو يقابل أسياده اليهود والاسرائليين لتغيير أسمه إلي بسام ، لكونه بسوما في وجوههم ، فحرب غزة هي عبارة عن هجوم لآلة حرب جهنمية على مليون ونصف أعزل إلا من بعض البواريد والألعاب النارية التي تستخدم في المناسبات السعيدة ، هجوما لم يراعي حرمة الجنس البشري ، فكانت حرب إبادة لم يسلم منها طفل أو شيخ أو إمرأة حتى الأجنة في بطون أمهاتهم مستخدمين أحدث ما وصل إليه العلم الحديث (الشيطاني) من أسلحة محرمة فسفورية وعنقودية لإحداث أكبر ضرر ممكن ولتدمير المدنيين دون غيرهم ، مما أثار غضب الشرفاء في العالم لاسيما رئيس وزراء تركيا ورئيس فنزويلا ، وخرجت المظاهرات الغاضبة حتى في عواصم العالم الغربي المعروف بمساندته التقليدية لإسرائيل ، بل وفي واشنطن شريكة إسرائيل في هذه الحرب ، حتى أن أحد الشرفاء اليهود وقف في قلب عاصمة الضباب لندن وأمام سفارة إسرائيل ليمزق جواز سفره ، ويعلن أنه لا يتشرف بحمل هذا الجواز بعد أن تلطخت سمعة إسرائيل بدماء الأبرياء ، ولكن القادة والزعماء العرب وصل عجز البروستاتا السياسي لديهم حتى على القدرة على عقد مؤتمر قمة يشجب ويستنكر ويندد كما كان أيام بداية المرض البروستاتي ، ولا أستثني منهم أحدا من قذافي إسراطين إلي خارب الحرمين ، كانت كل أفعالهم وأقوالهم ضد رغبة شعوبهم وتوجهها ، والسؤال : هل الشعوب العربية هي الأخرى مصابة بتضخم البروستاتا يائسة تنتظر ملك الموت ليرحمها من خزي الضعف والاستكانه لعجز البروستاتا، أم أنها ستثبت أنها مازالت شعوب شابه تستطيع الوقوف والانتصاب في وجه الحاكم الغاشم؟ هذا ما سترد عليه الأيام.
أما عن فقه البروستاتا ، فحدث ولا حرج ، فهذا الفقيه الذي أفتى بحرمة المظاهرات لصالح ضحايا غزة ، وأفتى بحرمة مقاطعة بضائع المعتدين ، لا أتصور أبدا أن هاتين الفتوتيين خرجتا من عقله ولكنهما خرجتا من مؤخرته التي تم إستإصال غدة البروستاتا منها تماما ، فأصبح لديه يأسا مركبا فأمسى يفتي لصالح سيده الزعيم ، محاولا ستر مرضه (أي الزعيم) البروستاتي لعل ذلك يكون مدعاة لستره هو أيضا.
والفقه البروستاتي يتسم بعداء تام وظاهر لكل إصلاح ، وليس فتوى إباحة القبض على القرآنيين ومأساة رضا عنا ببعيد ، كما إنه لا يقبل الغير وغير متسامح بالمرة ، ينطلق من نفسية عدوانية ، ويرحب بالشاذ والغريب ، وتختلط لديه المفاهيم فيصبح الشرك توحيدا ، والوحدانية شركا ، ويتربع الكثير من علماء الأزهر جنبا إلي جنب مع علماء آل سعود على قمة هرم الفقه البروستاتي ، تعلوهم جميعا منصة شيخ الأزهر لمكانته الظاهرة في الدفاع عن هذا الفقه.
وتصبح البروستاتا طريقة للحياة ووسيلة للفهم ، وإلا بما يمكن أن نعلل ، كل الاستسلام والتسليم لأمريكا ومن ورائها إسرائيل الذي يقوم به حكامنا ليل نهار حتى أصبحوا يتسولوا الأوامر منهم وينفذوها حرفيا وهي على طول الخط ضد مصلحة شعوبهم ، ويسمى كل ذلك وطنية الزعيم وحكمة الزعيم وبعد نظر الزعيم ، في الوقت نفسه يعتبر لقاء بين الدكتور سعد الدين إبراهيم ورئيس أمريكا على هامش مؤتمر وتصريحات علنية تنم عن وطنية صاحبها ودفاعه عن حرية شعبه وديمقراطيته ، يعتبر خيانة عظمى يحاكم صاحبها جنبا إلي جنب مع القتلة واللصوص ، لا يوجد تفسير لدي لهذه الظاهرة غير أسلوب البروستاتا في الفهم الذي يجعل المريض يعيش في أوهام الشفاء المستحيل فيقلب الحق باطلا والباطل حقا
ونحن الآن أمام حلين إما أن نتحرر من الرق في قلعة البروستاتا ، أو نعترف بأننا شعوب خلقت لخدمة البروستاتا.

اجمالي القراءات 21309