بداية يجب القيام بعمل مفاهيم إجرائية للعنوان
الإسلام دين، والدين هو كل ما أنا مدان به "هو نفسي وكل ما أملك لمن أدين له " أيا كان سواء كان الله أو الطبيعة أو المصلحة أو شخص أو أيديولوجية.
والإسلام كدين يضع كل ما سبق لله وحده، وعليه وجبت طاعة صاحب الدين " الله " من خلال الإسلام.
السياسي السياسة هي " فن إدارة صراع القيم "، والقيم سواء سلبية أو إيجابية هي منطلقات الحركة بكل أشكالها بما فيها المصالح والدين والأعراق والفئات " لكل تنويعة قيمها " ، والسياسة معنية بهذا جميعه .
ونحن كمسلمين نستقي قيمنا من ديننا فالعقيدة تمتلكنا .
الأردن وطن إسلامي ، والوطن نملكه .
بالنظر إلى المشهد الإسلامي بصفة عامة نجد تتالي الأزمات بين تياراته السياسية وحكوماتها في شتى البلاد والتي طالت الأردن مؤخرا.
فبعد أن كانت جبهة العمل الإسلامي الأردنية والتي تحتل موقع المعارضة الدائمة والثابتة ، والتي كانت تتمتع على مدى 60 عاما بقدر كبير من الحرية – دون أزمات تذكر خلافا لباقي الأحزاب العقائدية الأخرى " حين كانت دعوية خدمية " أصبحت الآن وبعد تمتعها بالشرعية السياسية ولها 17 نائب برلماني من أصل 112 وضعت في أزمة مع الحكومة بحجة الترويج لما يسمى الإرهاب ، وخاصة بعد عزاء أربعة نواب إسلاميين لأسرة ألزرقاوي وما تبعه من تصريحات ، وكذلك قضية الأسلحة التي قيل أنها هربت من منظمة حماس إلى داخل الأردن ، مما يجعل التجربة الأردنية في دمج الإسلاميين بالحياة السياسية ليست بالنموذج المميز الذي كان كمثال يمكن الاهتداء به والسعي لتعميمه في دول أخرى .
وقد يكون من الممكن التوصل لحلول مثل هذه الأزمات ، والتي تعتبر أعراض لأمراض مزمنة ، فتزول الأعراض والأمراض باقية لتظهر أعراض أخري وهكذا ، ولكن ماذا عن التتالي المتسرع لهذه الأزمات دون مجرد التفكير في تلك الأمراض ، فهل ستستمر الأمة في ترك نفسها هكذا نهبا للعواصف الهوجاء الناتجة عن احتكاك أمراضنا مع أنفسنا ومع المجتمع الدولي ، أم المفروض أن تجد لنفسها حماية ما .
إن كل تحولات الجماعة الإسلامية واتجاهها نحو الديمقراطية وحقوق المرأة والأقليات والحريات العامة لم تجدي نفعا لأن هذه الحركات لم تؤهل نفسها لقبول مثل هذه التوجهات .
لذا نجد دائما كلما تسارعت الحياة بالاحتكاك مع العالم تزداد المشكلات وتظهر العقبات ، والكل يبحث ويحاول جاهدا إيجاد حلول لهذه الأعراض دون النظر لأصل الداء والذي يعتبره المجتمع الدولي " هو الإسلام ذاته "، وعليه نشاهد نظرة العالم المتدنية للإسلام والمسلمين في مظاهر عديدة منها أزمة الكاريكاتير الدنمركي ، وكتاب وليمة لأعشاب البحر ، ومقتل المخرج النمساوي ، وكتاب آيات شيطانية ، والفتوى ضد حزب الله والتي قابلتها فتاوى عديدة ضدها ووجدنا الحل في إعلان العداء وسفك الدماء ليس على المستوى الشعبي فحسب ولكن على المستوى الرسمي في بعض بلاد المسلمين ، وذلك لأنهم يرون بنظارات وردية سحبوا بها حقيقة الإسلام على الواقع الأليم وكأنهما سواء .
ألم يكن الأوجب النظر في أسباب هذه النظرة المستهجنة للإسلام ، وإلى متى سيستمر عداؤنا للعالم ولمصلحة من
ذلك لأننا لم نستطع أن نتخلص من الطور التراثي الذي نعيشه ، والذي جعلنا نعيش بأفكار من سبقونا بألف عام " العنعنات " دون محاولة اللجوء إلى الفكر النقدي للوصول إلى طور جديد أساسه المنطق العلمي ونقضي على أمراضنا الاجتماعية المتمثلة في الانغلاق والتسلط ، وبدون ذلك سنظل نلف وندور حول أعراض أمراضنا والتي سرعان ما تتفاقم حتى تقضي علينا .
وكنت لا أود أن ألفت النظر إلى وجوب الثقة في مرجعيتنا الأساسية " القرآن الكريم " وإلآن الكريم " وإلا أصبحنا غير مؤمنين بها ، وبهذه الثقة يكون القرآن أنزل من عند الله خالق كل شيء والعليم به ، وعليه فمنطقيا القرآن مبني بناء علميا كأحسن ما يكون ، وعليه يجب أن نعيد النظر فيه بأحسن ما توصلنا إليه من مناهج علمية .
وكنت أحد المشاركين في مؤتمر الوسطية بالأردن وكان تحت رعاية الملك شارك فيه نخبة من معظم التيارات الإسلامية منذ أشهر قليلة يهدف إلى الإعلان عن تأسيس تيار إسلامي وسطي عالمي.
والأوراق المقدمة لتحقيق الهدف وتحديد أطر الإصلاح قد طالب منها بخمس ثورات على رأسها ثورة فكرية ، وأخرى طالبت بوجوب إيجاد مرجعية نهائية لنا وللآخر " ينبغيات دون تقديم رؤى للتحقيق ، كما لو كنا مصممين على أن تكون توصيات مؤتمراتنا مجرد تعبير عن أمانينا وطموحاتنا - وهذا ما قلته لهم – رغما عن أن إحدى الأوراق المعروضة تقدم " نسق معرفي جديد للفكر الإسلامي ، ولكن قد تكون المشاغل والحراك الشخصي وعدم الثقة حالت دون النظر إلى هذه الورقة .
نحن يا سادة نحتاج إلى أذن واعية تنظر فيما يقدم إليها نظرة نقدية والتي هي شرط أساسي لإنتاج العلم في أي مجتمع، نحن يا سادة نعيش فوضى فهم وبالتالي فوضى سلوك.
يجب إعادة النظر في منظومتنا الفكرية حتى يعمل مليار ونصف مسلم كفريق واحد في ظل التنوع الذي يجعلنا متكاملين ولا يجعلنا متفرقين مختلفين مثلما نعيش الآن ، وهذا ليس ينبغيات أو مجرد أماني بل هو واقع حتمي ، ولكن ما زلنا لا نرى ، ولن نرى إلا إذا توفرت النية الصادقة للإصلاح .