يُعدّ الشاي من المشروبات الضرورية لدى العرب، وسائر دول العالم، وهو أحد أشهر مشروبين في العالم بعد القهوة بالطبع. ولكن أيهما أفضل: الشاي الأخضر أم الأسود؟
الأمر يعتمد على الغاية من شربه!
فكُل من الشاي الأخضر والأسود مصنوع من أوراق نبات كاميليا سينينسيس، والفرق الرئيسي بين الاثنين هو أن الشاي الأسود يتعرض لعملية الأكسدة والشاي الأخضر لا تحدث له هذه العملية.
لصنع الشاي الأسود، يتم لف الأوراق أولاً ثم تتعرض للهواء لبدء عملية الأكسدة، يؤدي هذا التفاعل إلى تحوُّل الأوراق إلى اللون البني الداكن، ويسمح أيضاً للنكهات بالظهور بشكل مُكثف أكثر.
من ناحية أخرى، تتم معالجة الشاي الأخضر بطريقة تمنع حدوث الأكسدة؛ ومن ثم يُصبح أخف بكثير في اللون من الشاي الأسود.
نتعرّف في السطور التالية على فوائد الشاي الأخضر والأسود، لتحديد أيهما أكثر صحة.
فوائد مشتركة بين الشاي الأخضر والأسود
على الرغم من اختلاف الشاي الأخضر والأسود، فإن كليهما قد يشترك في توفير بعض الفوائد الصحية نفسها، ومنها:
1- حماية القلب:
كل من الشاي الأخضر والأسود غني بمجموعة من مضادات الأكسدة الواقية تسمى البوليفينول، على وجه التحديد.
يحتويان على مركبات الفلافونويد، وهي مجموعة فرعية من البوليفينول، ويُعتقد أن الفلافونويدات في الشاي الأخضر والأسود تساعد على حماية قلبك.
فقد وجدت إحدى الدراسات التي أُجريت على الحيوانات، أن الشاي الأخضر والأسود كان لهما القدر نفسه من الفاعلية في منع تصلُّب الشرايين بنسبة 26% عند الحصول على جرعات قليلة، وحتى 68% عند الحصول على جرعات أعلى من الشاي.
ووجدت الدراسة أيضاً أن كلا النوعين من الشاي ساعد في تقليل الكوليسترول الضار LDL، والدهون الثلاثية.
بالإضافة إلى ذلك توصلت مراجعتان فحصتا أكثر من 10 دراسات، إلى أن شرب الشاي الأخضر والأسود يمكن أن يُقلل من ضغط الدم.
ووجدت مراجعة أخرى لدراسات الشاي الأخضر أن الأشخاص الذين شربوا 1-3 أكواب في اليوم كان لديهم خطر الإصابة بنوبة قلبية وسكتة دماغية أقل بنسبة 19% و36% على التوالي، مقارنة مع أولئك الذين تناولوا أقل من كوب واحد من الشاي الأخضر في اليوم.
وبالمثل، فإنَّ شرب 3 أكواب من الشاي الأسود على الأقل قد يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 11%.
2- يُعزز وظائف المخ:
يحتوي كل من الشاي الأخضر والأسود على مادة الكافيين، وهو منبّه معروف، لكن يحتوي الشاي الأخضر على كمية أقل من الكافيين من الشاي الأسود، نحو 35 ملليغرم لكل 8 أوقية (230 مل)، مقارنة مع 39-109 ملليغرام للكمية نفسها من الشاي الأسود.
الكافيين يُحفز جهازك العصبي، كما أنه يساعد على إطلاق الناقلات العصبية المعززة للحالة المزاجية الجيدة مثل الدوبامين والسيروتونين. نتيجة لذلك، يمكن أن يزيد الكافيين من اليقظة، ويعزز الحالة المزاجية الجيدة، ويعزز أيضاً التذكر قصير الأجل.
يحتوي كل من الشاي الأخضر والأسود أيضاً على الأحماض الأمينية L-theanine، غير الموجودة في القهوة، ويُعتقد أن L-theanine تعبر حاجز الدم بالدماغ وتؤدي إلى إطلاق ناقل عصبي مثبط في المخ يسمى حمض جاما أمينوبتيريك (GABA)، الذي يؤدي إلى حالة من الاسترخاء مصحوبة بحالة تأهب، فيُصبح التأهب غير مُوتر.
ويُعتقد أن الثيانين يدعم ويُعزز آثار الكافيين، حيث وجدت إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين تناولوا L – الثيانين والكافيين معاً كان لديهم انتباه وتركيز أفضل من وقت استخدام أي منهما بمفرده.
يعتبر كل من الشاي الأخضر والأسود بديلاً رائعاً للقهوة لأولئك الذين يرغبون في رفع الحالة المزاجية دون قلق من القهوة.
3- الشاي الأخضر غني بمضادات الأكسدة القوية EGCG:
يُعتبر الشاي الأخضر مصدراً ممتازاً لمادة epigallocatechin-3-gallate (EGCG) المضادة للأكسدة، وعلى الرغم من احتواء الشاي الأخضر على بوليفينول آخر، مثل الكاتيكين وحمض الغاليك، فإن EGCG يعتبر الأقوى بينهم، وهو على الأرجح مسؤول عن عديد من الفوائد الصحية للشاي الأخضر، ومن بين الفوائد المحتملة لـEGCG في الشاي الأخضر:
1- مكافحة السرطان: وجدت دراسات أن EGCG في الشاي الأخضر يمكن أن يمنع تكاثر الخلايا السرطانية، ويسبب موتها.
2- مكافحة مرض الزهايمر: EGCG قد يُقلل من تدهور الحالة في حالة الإصابة بمرض الزهايمر.
3- مكافحة الشعور بالتعب: وجدت دراسة أن الفئران التي تستهلك شراباً يحتوي على EGCG أمضت أوقاتاً طويلة من بذل الجهد قبل الوصول للشعور بالإرهاق، مقارنة بالفئران التي اكتفت بمياه الشرب.
4- ماية الكبد: ثبت أن EGCG يُقلل من تدهور حالة الكبد الدهني في الفئران التي تتناول نظاماً غذائياً غنياً بالدهون.
5- محاربة الميكروبات: يمكن أن تعمل مضادات الأكسدة هذه على إتلاف جدران الخلايا البكتيرية، وهو ما يُقلل أيضاً من انتقال بعض الفيروسات.
6- التهدئة: قد يتفاعل EGCG مع المستقبِلات في عقلك، لصنع تأثير مهدّئ على جسمك.
4- الشاي الأسود يحتوي على الثيفلافينات المفيدة:
الثيفلافينات نوع من مادة البوليفينول التي ينفرد بها الشاي الأسود.
تتشكل الثيفلافينات خلال عملية الأكسدة، وتمثل 3-6% من مادة البوليفينول بالكامل في الشاي الأسود، هذه المادة تُقدّم عديداً من الفوائد الصحية، وكلها مرتبطة بقدراتها المضادة للأكسدة.
ويمكن أن تحمي هذه المادة الخلايا الدهنية من التلف الذي تسببه الجذور الحرة، وهي جزيئات غير مُستقرة تُنتَج بشكل طبيعي كمنتج ثانوي من التفاعلات الكيميائية في خلايانا.
وتتشكل الجذور الحرة عندما يتحول الطعام الذي نتناوله إلى طاقة، وعندما نتعرض لأشياء مثل أشعة الشمس أو دخان السجائر أو الإشعاع أو التلوث أو السموم.
الجذور الحرة تلك هي التي تُسبب ضرراً كبيراً للخلايا في الجسم، فتُسبب الضرر المؤكسد أو الأكسدة، وتسبب ظهور أعراض الشيخوخة وأمراضها وأمراض القلب والسرطان
بالإضافة إلى الحدّ من التلف الذي تُسببه الجذور الحرة، فإن الثيفلافينات قد تدعم أيضاً إنتاج جسمك الطبيعي من مضادات الأكسدة.
في الواقع، قد يكون لدى Theaflavins في الشاي الأسود نفس قدرة المواد المضادة للأكسدة في الشاي الأخضر.
الشاي الأخضر أم الأسود؟
يتضح مما سبق أن الشاي الأخضر والأسود يقدمان فوائد مماثلة، في حين أنهما مُختلفان في تكوين البوليفينول، إلا أن نوع البوليفينول في كل منهما يُضفي التأثيرات المفيدة نفسها على وظيفة الأوعية الدموية.
وعلى الرغم من أن كليهما يحتوي على الكافيين، فإن الشاي الأسود عادةً ما يحتوي على كمية كافيين أعلى، وهو ما يجعل الشاي الأخضر الخيار الأفضل للأشخاص الذين يتفادون الكافيين.
كما يحتوي الشاي الأخضر على مزيد من L- الثيانين، وهو حمض أميني مُهدّئ، ويمكن أن يوازن آثار الكافيين.
فإذا كنت تبحث عن زيادة في الكافيين ليست قوية مثل القهوة، فقد يكون الشاي الأسود خياراً جيداً لك، لكن ضع في اعتبارك أن كلاً من الشاي الأسود والأخضر يحتوي على مادة العفص، التي يمكن أن تُقلل القدرة على امتصاص المعادن، لذلك من الأفضل عدم تناول الشاي قبل الوجبات أو بعدها مُباشرة.