إذا كان الكفر ملة واحدة متحدة فلماذا لا نقلده ونتعلم منه ؟

يحي فوزي نشاشبي في الأربعاء ٢١ - يناير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله الرحمن الرحيم

إذا كان الكفر ملة واحدة متحدة فلماذا لا نقلده ونتعلم منه ؟

إن بعض الأحداث تضطر معظم الوعاظ وخطباء الجمعة إلى  الإستشهاد بآيات من القرآن ، ومنها :
ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ....
أو بعض الأقوال ومنها إن الكفر كله ملة واحدة متحدة ضد المؤمنين بالله واليوم الآخر ، وما إلى ذلك من الآيات والأمثال والأقوال .
01) لن ترضى عنك اليهود الخ ...
وإن فعل الرضا الوارد هنا مثير لأسئلة جد معتبرة وهو فعل يتبوأ درجة عليا سامية . ومن بين الأسئة ما تقترح بأن نقتنع فقط بدرجة متواضعة أدنى من درجة الرضا ، ولنختر درجة رحابة الصدر أو درجة التفهم الحسن وعدم الغرور والإنتهاء من تزكية النفس وما إلى ذلك من هذه الصفات وأخواتها من أسرة العدو الحميم .
نعم إذا اعتمدنا فقط فعل رحابة الصدر الذي ينتج عن القلب السليم :
فهل كل هذه الفرق والمذاهب والنحل والملل التي تكون بحرا متلاطما ، هل هي - لا نقول راضية لأنها أبعد ما تكون عن ذلك الفعل الجليل - هل هي سليمة القلب ؟ وذات صدر رحب إزاء إخوانها المؤمنين بالله واليوم الآخر حتى في حالة ظهور هذا المؤمن الآخر في شكل آخر وزي مغاير واطمئنان ذي لون لا يشبه لون اطمئنانها هي ؟
وعليه فلعل النصيحة هي في أن يحاسب نفسه كل من حدثته نفسه لخوض غمار هذه الآيات القرآنية الثقيلة العميقة ، وقبل أن ينطلق في سردها عليه أن يتساءل ، ألا يكون بما هو مزمع النطق به ، ألا يكون في درك من حشر نفسه في ما يمقت الله عندما يكون هذا المتحدث يقول ما لا يؤمن به أو يتحدث بما لا يفعل ؟ .
ألا نكون غير صادقين مع أنفسنا وغير مخلصين - أو على الأقل غافلين - عندما نطلق الكلام جزافا ونسرف فيه ونرفع أيدينا إلى السماء طالبين من الخالق أن يخذل أولئك الذين يضمرون كل شر للمؤمنين ؟
نعم ألا يمكن أن نكون غافلين أو متناقضين مع أنفسنا عندما يحلو لنا أن نتلو ((ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم )) أو تلك القولة المشهورة : إن الكفر كله ملة واحدة .
ألا يجمل بنا أن ننصف أنفسنا ونحدق فيها ونتمعن ونتأمل مليا وبكل شجاعة ورباطة جأش وعدل وبدون أدنى حرج لنقدر حجم وهول تلك الأنقاض المتراكمة التي غطت مساحات هائلة في عقولنا ، وهي أنقاض موادها تزكية النفس والغل والحقد والإستهزاء بين شتى ما يعرف بالمذاهب والفرق والنحل والملل .
ألا يكون الأجدر بنا أن نطمح إلى العلا وأن نسمو حتى نرضى ببعضنا البعض على اختلافنا ونلعن كل خلاف ، ونقلد الكفر الذي وفق إلى أن يكون ملة واحدة .؟ وإذا استعصى علينا الرقي إلى فعل الرضا ، ألا نعمل جاهدين ليعذر بعضنا بعضا ونطلق المجال واسعا ليسود الظن الحسن ؟
وباختصار شديد ، إذا كان الله يعلمنا حكمة في قوله :
(( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم )) - رقم 34- سورة فصلت –
نعم إذا كان هذا الخلق ، وهو خلق التكلف والتمثيل والتظاهر بالحب بالنسبة للذي بيننا وبينه عداوة ، فكيف بذلك المؤمن – علما إنما المؤمنون إخوة - ؟
وإذا فضلنا أن نتمسك ونعض بالنواجذ على ما وجدنا عليه آباءنا – وتلك حالنا إلى ما شاء ضعفنا - هلا جربنا حكمة الله ونصيحته في الآية رقم 34 في سورة فصلت ، فاقتبسنا منها هذه الجملة : ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة فرقة ما ، أو غرور مذهب ما ، أو تزكية ملة ما ، كأنه ولي حميم .

 

اجمالي القراءات 16008