ملحوظة
سبق نشر هذه الخاتمة فى موقع ( أهل القرآن ) بتاريخ 12 نوفمبر 2012 قبل نشر فصول الكتاب فيه بعدها بعامين تقريبا . وننشر هذا المقال الذى جاء بالخاتمة :
خاتمة كتاب لم ينشر عن المعارضة السعودية
إعادة ( المدخل ) للتذكير
مدخل
1 ـ يتعرّض موقعنا ( أهل القرآن ) لمعتدين قد تفرغوا للتسلل للموقع كالحشرات الزاحفة يحاولون حجبه وتدميره ، ونحن نلاحقهم بسدّ المنافذ . هذا الصراع مستمر من أسبوع ، وقد يطول الأمر .هى حرب إعتدت عليها منذ 1977 ، تختلف فصولها وأماكنها ولكن تظلّ صراعا بين قلم حرّ يناقش الخرافة الدينية ومنتفعين من الخرافات الدينية يريدون وأد القلم الحرّ بكل ما يستطيعون . انتقلت المعركة الآن الى فضاء الانترنت . هم بكل ما لديهم من إمكانات دول وأنظمة وبلايين الأموال وملايين الأتباع يعجزون عن مواجهتنا بالحجة فيلجأون للقوة ، وكانت من قبل بالقوة المادية والاعتقال ، فأصبحت ـ ونحن فى بلد الحرية بعيدين عن أيديهم ـــ يتعقبوننا خلال الانترنت يريدون حجب وتدمير موقعنا البسيط بإمكاناته.
لو كنا نخاف ما إستمررنا خمسة وثلاثين عاما.فى الحقيقة فإننى أدين لخصومى بالفضل ، أستفيد بحمقهم وجهالتهم . إنّ باحثا معدوم الامكانات مثلى يحتاج الى نباح الكلاب حتى يلتفت اليه الغافلون ، ومنذ أن سارت قافلتنا والكلاب تتبعها بالنباح فإتسعت شهرتنا وتعاظم إنتاجنا العلمى . لقد منّ الله جلّ وعلا على شخصى الضعيف بقدرة هائلة على التحدّى . لذا كنت ولا أزال أقابل حمقهم فى التعدى بالانكباب على البحث ، فوصلت كتاباتى المنشورة على موقعنا أكثر من ألفين ، ما بين مقال وفتوى وبحث وكتاب،هذا عدا غير المنشور،وهذا أيضا عدا المؤلفات الدرامية.
2 ـ يتألّق التحدى عندما يتعاظم الاعتداء . وهذا يذكّرنى بواحدة من أفظع فترات الإضطهاد التى مررت بها فى مصر قبيل هربى بحياتى الى أمريكا ، تألّق التحدى وقتها فأنتجت فيها أكبر بحث عن المعارضة السعودية . ولولا تلك المحنة وإصرارى على مواجهتها ما كان هذا الكتاب . لقد ألّفته مدركا باستحالة نشره ، ألّفته ردّا على إضطهاد ظالم ، وأنا وقتها فى مصر أعانى فقرا ومعاناة من الارهاب الحكومى والسلفى كنت أتغلّب عليها بأن أشغل نفسى بهذا البحث عن ( المعارضة السعودية فى القرن العشرين ). كتبته إصرارا على التحدى موقنا بأن الشّدة ستزول مهما طالت ، وأن ما أكتب لن يضيع . وهكذا كانت ظروف كتاب ( المعارضة السعودية فى القرن العشرين).
3 ـ فى عامى 2000 : 2001 عشت وسط معاناة هائلة وتخوّف من الاعتقال، كانت ـ ولا تزال السفارة السعودية فى مصر ـ هى التى تتحكّم فى ( ملف القرآنيين ) ، وكان لنا وجود فى مركز ابن خلدون حيث كنت أدير ندوته الاسبوعية ( رواق ابن خلدون ) وأشرف على نشاطاته البحثية ومنها برنامج اصلاح التعليم المصرى و برنامج تعليم المصريين حقوقهم السياسية . كان مبارك قد أغلق مركز ابن خلدون الذى كنت أعمل فيه واحصل منه على راتب منتظم ، ووضع مبارك د. سعد الدين ابراهيم فى السجن فى يونية 2000، واعتقل بعض العاملين معه ، كما أعتقل طائفة من إخوانى القرآنيين ، ونشرت جريدة الاخبار أنهم إعتقلونى . ولكنهم تركونى مؤقتا لأعانى القلق منتظرا مجىء الشرطة لاعتقالى فى أى وقت، وكانت قوة من الشرطة تابعة لقسم المطرية تعسكر أمام العمارة التى أسكن فيها تراقبنى وفى إنتظار الأوامر بالقبض علىّ . كنت ـ وأنا مشغول بهذا الكتاب أجمع مادته وأصيغها ـ أفزع عندما يدق أحدهم الباب ، كنت أخشى من مجىء الشرطة فتبعثر مجهودى وأنا وسط أوراقى كما حدث عند القبض علىّ فى نوفمبر 1987 . وأنهيت هذا البحث خلال عام من الاضطهاد من إغلاق مركز ابن خلدون فى ( يونية 2000 الى يونية 2001) .
4 ـ يبحث الكتاب المعارضة الوهابية لآل سعود ، بدءا من تأسيسها على يد عبد العزيز آل سعود والتى قام بها ( الإخوان ) أو جنود عبد العزيز الوهابيين المتشددين الذين أقاموا له دولته ثم اختلفوا معه وحاربوه وتغلّب عليهم ، الى المعارضة النبيلة السلمية التى قام بها ناصر السعيد المناضل الحقوقى المعتدل ، وكان سنيا معتدلا ، ثم معارضة الفقيه الوهابى جهيمان العتيبى وحركة إحتلال الحرم المكى فى مطلع القرن الهجرى الحالى ، وأخيرا المعارضة التى أقامتها اللجنة الشرعية بعد حرب الخليج بقيادة المسعرى وصفر الحوالى و سعد الفقيه ، والتى أنجبت فى النهاية ابن لادن . أى أبحث المعارضة للسعودية من داخل الوهابية نفسها ، للتأكيد على حقيقة هامة تكرر دائما ، وهى إن الدولة الدينية تعانى من المزايدة عليها من الداخل ، وتجد من داخلها من يثور عليها ، حدث هذا فى السعودية وحدث فى أفغانستان . وسيحدث فى مصر بعد كتابة هذا البحث بأكثر من عشرة أعوام.
5 ـ بعد تأليف هذا الكتاب وقبيل القبض علىّ بيوم واحد ، نجحت فى الهروب برغم الرقابة البوليسية ، وأتذكّر سعادتى حين فى الطائرة يوم الاثنين 16 اكتوبر وهى تغادر مصر، وأنظر بارتياح من الشباك الى الصحراء المصرية ، كانت كل ذرة من كينى وقتها تحمد الله جل وعلا أن أنجانى من القوم الظالمين . ومن وقتها وأنا أنعم بفضل الله جل وعلا أبحريتى وكرامتى فى أمريكا .وفيها إنطلق موقع أهل القرآن ، فعادت حربهم ضدى ، وفى موقعنا نشرت فيه فصولا من هذا الكتاب ، منها ما يخصّ الاخوان المسلمين الذين أسسهم فى مصر عملاء عبد العزيز آل سعود عوضا عن الاخوان النجديين ، ومنها الفصل الخاص بناصر السعيد الذى أعتبره من أعظم الشخصيات التى أنجبتها الجزيرة العربية خلال ألف عام مضت . وبقيت أبحاث أخرى لم تنشر.
6 ـ وفى ظروف التعدّى الحالى على موقعنا إستعدت أجواء التحدّى التى صاحبت تأليف هذا الكتاب ، فوجدت من المهم أن أنشر مقدمتة وخاتمته ، ليس فقط للردّ على المعتدين على موقعنا هذه الأيام ، ولكن أيضا لإعطاء فكرة عن الوضع فى المنطقة قبيل الهجوم على أمريكا فى 11سبتمبر 2001 ، ولنقارنه بما تلاه من تغييرات كان آخرها الآن ما يعرف بالربيع العربى الذى يوشك أن يتحول الى ليل حالك السواد بالوهابية وتتارها ومغولها . وسيجد القارىء الكريم إنّ ما كتبته فى مقدمة الكتاب وخاتمته لا يزال صالحا للإستهلاك الآدمى فى وقتنا الراهن.
أخيرا : نحن لا زلنا فى المعركة ، وبيدنا منذ عام 1977 زمام المبادأة والمبادرة ، نبدأ بالاجتهاد فيردون بالاعتداء ، وكلما إعتدوا إزداد إصرارنا وتألق إجتهادنا ، وإتّضح الفارق بيننا : نحن نكتب ونجتهد فى توضيح حقائق القرآن المنسية ، وهم يجتهدون فى الصّد عن سبيل الله جل وعلا . وهنئيا لكل فريق بما إختاره لنفسه . وموعدنا أمام الواحد القهّار يوم القيامة. وصدق الله العظيم : (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ (51) يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمْ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52) ( غافر). وكل منا سيلقى عاقبة عمله ، فما تفعله ستجده أمامك تحمله على ظهرك يوم القيامة إن خيرا وإن شرا : (يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ (6) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً (8) وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً (9) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً (11) وَيَصْلَى سَعِيراً (12)( الانشقاق ) عندها ستكون حسرة المعتدين المكذ!ّبي بالقرآن هائلة (وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (31) ( الأنعام)
وقد نشرنا مقدمة الكتاب ( المعارضة السعودية فى القرن العشرين ) وننشر هنا خاتمته:
الخاتمة
- 1-
حين بدأ عبد العزيز ال سعود تكوين الدولة السعودية الثالثة كان يضع في حسبانه القوي المحلية والقوى الاقليمية والقوي الدولية .تمثلت القوى الدولية في انجلترا ، وتمثلت القوية الاقليمية في ايران والشام والعراق ومصر ، وكان معظمها تحت السيطرة البريطانية ، وكان معظمها –ايضا –يدين بالولاء الي التشيع ، سواء في ذلك ايران القطب الاقليمي في الشرق ، او ابناء الشريف حسين في العراق وسوريا وشرق الاردن ، وكان الاستثناء الوحيد هو مصر القطب الاقليمي في الغرب ، والذي يدين بالتصوف السني ، وبعد القوة الاقليمية والدولية كانت هناك القوي المحلية في الجزيرة العربية خارج املاك عبد العزيز فيما بين اليمن وعمان ودويلات الخليج ، والشيعة ايضا هم اهم القوي في اليمن وفي الخليج ، بالاضافة الي الشيعة في المنطقة الشرقية والاحساء –التي ظهرت اهميتها البترولية–والاشراف في الحجاز.
اذن فالشيعة ( العدو التاريخي لأل سعود–وضحايا الغارات السعودية منذ دولتهم الاولي) هم الذين يحيطون بمملكة عبد العزيز من الشرق ( ايران ودويلات الخليج ) و الشمال ( ابناء الشريف حسين في العراق والاردن ، وفي الجنوب اليمن ).. وهم الالغام الموقوتة داخل المملكة ...اذن فلم يبق له متنفس الا في مصر التي تدين بالولاء للتصوف السني ، والتي ان انضمت سياسيا للقوي الشيعية فسيتم خنق الدولة السعودية الثالثة . ومصر هي نفسها اسقطت الدولة السعودية الاولي واسهمت في التنازع الداخلي الذي اسقط الدولة السعودية الثانية .. واذن فمصير الدولة السعودية الثالثة مرتبط تحديدا بقوتين اقليميتين هما مصر وايران ، بالاضافة الي انجلترا القوة الدولية صاحبة النفوذ في اقليم الشرق الاوسط كله.
لذلك عمل عبد العزيز علي كسب ود انجلترا وعلي تحويل العمق المصري من التدين الصوفي السني الي التدين السني الوهابي الجنبلي ، وساعدته الظروف السياسية المصرية والدولية وظهور البترول ، وبالتأييد المصري والبريطاني استقرت امور عبد العزيز في مملكته ، واستطاع ان يأمن اعداءه الشيعة داخل مملكته وحولها.
ان منطقة الشرق الاوسط لها قطبان اساسيان هما مصر وايران ...والاطراف التي بينهما ( الجزيرة العربية والشام والعراق ) تقع في اطار التنافس الديني والسياسي بين القوتين المصرية والايرانية .لذلك جعل عبد العزيز مصر( القطب الغربي ) عمقا له ، وتحالف مع القوة العالمية الغربية ( انجلترا ثم امريكا ) ، واصبح ذلك من ثوابت السياسية السعودية الخارجية.
الا ان هذه السياسية تعرضت لخطر الايدولوجية الناصرية وتوجهاتها الدولية والقومية ، وربما تثبت الايام في المستقبل ان أصابع السعودية –في عهد فيصل –لم تكن بعيدة عما حدث من نكسات للناصرية وتحول مصر الي الفلك الامريكي السعودي الوهابي في عصر السادات ، لأن اسنقراء الاحداث فيما بين 1976 و حتي الان يؤكد ان السعودية هي التي اصبحت مستفيدة سياسيا علي حساب مصر ، ويكفي انها كانت قبل ثورة 1952 تعتمد علي العمق المصري ثم جاءها الخطر من ذلك العمق في الحقبة الناصرية . وبعد القضاء علي الناصرية اصبحت –ليس فقط تعتمد علي العمق المصري ، بل تتسيده وتركب اكتافه لتكون زعيمة العالم الاسلامي العربي ، بعد اخضاع مصر لنفوذها السياسي والثقافي ، ويكفي ايضا ان انتصار مصر في حرب اكتوبر 1973 تمخض عنه نتيجتان متناقضتان .. تضخم اسعار النفط لدي السعودية التي لم تحارب ولكن اقتطفت ثمار النفط وتحولت الي مليارات الدولارات في رصيدها بدون عناء ، بينما وصلت مصر التي حاربت الي حافة الافلاس ، وحين اضطرت الي سياسية الانفتاح استفاد منه السعوديون فانفتحوا علي مصر يشترون به عقول ابنائها واجساد نسائها وذلك بأموال جاءت بها دماء الشهداء المصريين في معركة العبور !! وما سمعنا في التاريخ ان شعبا منتصرا يتحول ابناءه الي اجراء وتتحول نساؤه الي ما يشبه السبايا في زواج عرفي او بدون زواج .. وان يكون المشتري او المستفيد هو من لم يحارب ولكنه جني ثمار النصر من المنتصر وركب بها علي اكتافه!![1].
والانصاف الاسلامي يقتضي ان يكون لمصر حصتها في زيادة سعر البترول لا تقل عن النصف وذلك بأثر رجعي منذ 1974 ، والذي حدث هو العكس ، اشترت السعودية العقول المصرية والسواعد المصرية –والاجساد المصرية –بأبخس الاثمان ، وتعاملت معنا بعقلية الاستعباد والاستئجار ، وانقلب الحال ، فبعد ان كان الحجاز والشام منطقة حيوية لمصر ، اصبحت مصر منطقة حيوية لنجد التي لم يهتم بها احد من قبل.
باختصار تسيدت السعودية العمق المصري واستغلته في توسيع ثقافتها الوهابية وفي حصار الثقافات الاخري الشيعية والصوفية والعلمانية ..الا ان هذا الذي حدث –مع فجاجته –وغرابته –يمثل احدي الاستثناءات التاريخية التي تشذ عن القاعدة ولا تنفيها . فالاصل ان الجزيرة العربية في جزئها الشرقي يتبع استراتيجيا ايران القطب الشرقي ، وفي جزئها الغربي ( الحجاز يتبع مصر القطب الغربي ، وتتأرجح نجد بين هذا وذاك ، وتظل نجد في جدل حضاري مع حدود الشام والعراق ، وهما معا ( الشام والعراق )ظ مناطق تخوم تتبع استراتيجيا ايران ومصر وتعاني من غارات نجد وتخلفها..
الا ان هذه القاعدة الثابته تعرضت لنوعين من الظروف الاستثنائية..
الاولي في الفتوحات العربية التي قادتها قريش وكان عمادها اعراب نجد وغيرها بعد ان اخضعتهم قريش في حرب الردة . والثانية وكان عمادها في ظهور البترول اثر توحد معظم الجزيرة العربية تحت حكم عبد العزيز وظهور السعودية..
في الظروف الاستثنائية الاولي حكمت قريش في عهد الخلفاء الراشدين وغير الراشدين ، وناوأها الاعراب الثوار تحت مسمي الخوارج ، ثم الزنج ، ثم القرامطة ، وفي كل الحالات فأن عاصمة الحكم العربية كانت تنتقل من الصحراء الي اقرب منطقة حضارية للصحراء ( الكوفة ، دمشق ، بغداد ) وينتقل الاعراب الثائرون ايضا الي نفس المناطق الحضرية .. أي لابد من التوجه الي القطب في ايران حتي ولو حمل اسم العراق العجمي ، ثم لا تلبث مصر ( بعد ان تحولت الي ولاية تابعه لدمشق ) ان تصبح ولاية مستقلة في العصر العباسي الثاني ، ثم تستقل بخلافة شيعية في الدولة الفاطمية ، وبذلك ترجع الامور الي نصابها في الحسابات الاستراتيجية وتنافس القاهرة الفاطمية الشيعية بغداد السنية ، وتنجح في هذا التنافس حتي يصل سلطان الفاطميين الشيعة الي العراق وتخطب مساجد بغداد للفاطميين اثناء ثورة البساسيري ، وفي كل الاحوال تنتقل الاضواء و الصراعات من الجزيرة العربية الي ناحية القطبين في الشرق ( ايران ) وفي الغرب ( مصر ) وتترك الجزيرة العربية .. بحيث ان كل الثورات التي قام بها الحجاز لاسترداد مكانته قد منيت بالفشل .مع اهمية الحجاز الدينية والتاريخية . تمثل هذا في حركة عبد الله بن الزبير في الدولة الاموية ، وحركة محمد النفس الزكية في بداية الخلافة العباسية ، فقد اتضح سياسيا وتاريخيا منذ الفتوحات العربية أن دور الجزيرة العربية هو ان تكون تابعا للمناطق الحضارية الغنية فيما بين القطبين ايران ومصر ، وان غاية الطموحين من ابناء الجزيرة العربية هو الوصول بالغارات والغزوات الي هذين القطبين ، فاذا وصلت الي هناك انقطعت صلتهم بالجزيرة العربية . يسري هذا علي معاوية كما يسري علي احفاد الامويين في الاندلس واحفاد العباسيين في بغداد ثم القاهرة المملوكية بعد سقوط بغداد.
وظل هذا دور الجزيرة العربية باغاراتها التي تحمل ايدولوجية دينية او لا تحمل تلك الايدولوجية ، الي ان جاء عبد العزيز ليقيم دولته السنية الوهابية ، فاراد الاخوان النجديون جند عبد العزيز آل سعود تكرار التوسع الحربي وفشلوا . ثم ظهر البترول في المملكة في صدفة تاريخية ، فانتشر النفوذ السعودي سلميا عبر قطار النفط السريع في مصر ، ومن خلالها الي العالم الاسلامي والاقليات الاسلامية في الغرب والشرق..
وهذا الظهور الذي ارتبط بالصدفة البترولية لا يغير من الحقائق الاستراتيجية ، بل يؤكدها ، والمعني المستفاد ان هذا النفوذ السياسي السعودي الخارجي في مصر وغيرها هو صدفة تاريخية مرحلية .. وان الامور لا تلبث ان تعود لطبيعتها المستمرة والمستقرة . و تعود الجزيرة العربية الي وضعيتها السابقة في التبعية بين ايران ومصر .. وهناك من الشيوخ المعمرين في الجزيرة العربية من لا يزال يتذكر المحمل المصري وما كان يحمله من صدقات للفقراء واعانات لشيوخ الاعراب وغيرهم . ثم ان القوة الكبري التي تراهن عليها السعودية ( امريكا ) لن تظل هيمنتها الي الابد ، وتلك الهيمنة مرتبطة بمدي استنزافها للبترول ، وقد افلحت في استنزاف جزء كبير منه خلال حرب الخليج وتوابعه .. وخلال عقود من الزمن ستكون قد استنزفت ما تبقي منه ، واحتفظت بأرصدته النقدية في بنوكها .. وساعتها لن يكون للاسرة الحاكمة السعودية شأن كبير لدي السياسة الامريكية ..وستضحي بها عند اول ازمة ، او لمجرد الشعور بالملل او الرغبة في التغيير .. فما هو الحال اذا تعرض الجنود الامريكان الي تفجيرات اخري علي شاكلة ما حدث في بيروت او ما حدث في الصومال ؟ .. وذلك وارد مع وجود النقمة العامة علي السياسة الامريكية وتحالفها مع الصهيونيه الاسرائيلية ، وتخاذل الانظمة السياسية العربية .. فقد يعطي ذلك زخما لحركات المعارضة داخل المملكة وتهدد المصالح الامريكية وقواعدها بحيث تتحرك عقدة فيتنام لدي العم سام فيرحل ويترك حلفاءه يواجهون مصيرهم..
وهكذا فان ما ارساه الملك عبد العزيز في سياسته الاقليمية ( في العمق المصري ) وفي سياسته الدولية ( التحالف مع انجلترا ، ثم امريكا ) وما سارت عليه الدولة السعودية بعده من تأكيد هذه السياسة وما عززه من ظهور البترول .. كل ذلك لا يجدي شيئا اذا تخلخلت الدولة السعودية من الداخل ، وواجهتها معارضات اخري ، خصوصا المعارضة الشيعية ذات الارتباط بالقطب الشرقي في ايران وباقي الطوائف الشيعية في العالم الاسلامي ، علاوة علي الصوفية والاشراف داخل وخارج المملكة..
1. 2
في مصر قامت اول واقدم دولة مركزية في التاريخ الانساني ، ولا تزال قائمة ، والفضل في ذلك يرجع للنيل شريان الحياة فيها ، وقد استلزم النيل وجود حكم مركزي قوي يرعي الري والصرف ويقيم منشئات علي النيل ويحمي حياة الاستقرار الزراعية..
وهذه الحياة المستقرة جعلت الانتماء للارض للمكان للوطن والدولة يبدأ من القرية الي المقاطعة ثم الي الوطن الكبير مصر في النهاية .. وفي اطار الانتماء الي الوطن والبلد والجهة اصبح الانتماء الي الاسرة محددا ومحصورا داخل القرية او المدينة . وتولت الدولة بالنيابة عن الاسرة القيام بالدفاع عن الفرد ورعايته..
وامتدت الدولة المركزية في مصر جنوبا بقدر ما يسمح به نفوذها ، ووصل النفوذ المصري في العصر الحديث الي منابع النيل وبعض موانئ البحر الاحمر في اريتريا والصومال ، كما وصل النفوذ المصري شرقا الي السيطرة علي الشام واجزاء من العراق و اسيا الصغرى في الدولة المملوكية .. ثم في دولة محمد علي باشا..
ونفس الحال تقريبا في ايران .. قبل الفتح الاسلامي توسعت في اطار تنافسها مع البيزنطيين لتصل ممتلكاتها الي اسيا الصغرى وتضم لها العراق والشام .. ثم مصر في بعض الفترات .. وبعد ان انهكها الصراع مع البيزنطيين اصبحت مثل مصر ولاية ضمن ولايات العرب المسلمين .. ثم اسهم الفرس في هدم الدولة الاموية و اقامة الدولة العباسية ، وظلت الدولة العباسية تنطق بالحضارة الفارسية الي ان سقطت تحت الغزو المغولي ، فانتقلت الخلافة العباسية الي القاهرة.
والمستفاد ان القطبين الاقليميين في مصر وايران هما معا اصحاب الدول الحقيقية المستمرة والمستقرة في المنطقة . وما بينهما فمشروعات دول تقوم وتسقط في مناطق التخوم الواقعة بين مصر وايران .. وهذا الاضطراب السياسي في الشام والعراق ليس مبعثه فقط وقوع الرافدين بين قوتين اقليميتين كبيرتين ، ولكن ايضا لأن الاراضي الخصبة في الرافدين لا توجد فيها حواجز طبيعية تمنع اغارات البدو النجديين الذين يحترفون الاغارة علي المناطق الحضرية والعمرانية في جنوب الشام والعراق .. بينما تقف جبال الحجاز والبحر الاحمر وجبال البحر الاحمر عائقا يمنع غارات الاعراب علي مصر. ويقف الخليج وسكانه حاجزا يمنع غارات الاعراب عن ايران . هذا بالاضافة الي قدرة الدولتين حتي في عصور الضعف علي مواجهة الغارات البدوية اذا امكن لها ان تتسرب اليهما ، وفي الاغلب فان الغارات البدوية تستهدف اساسا الشام والعراق معا حيث يسهل الانسياح فيهما .. وبالاضافة للغارات فهناك هجرة القبائل العربية الي الرافدين لتسهم في اقامة الاضطراب وتزيد من حدة الاحتقان الطائفي في تلك المنطقة التي تمثل منطقة عبور للاجناس والثقافات ، ومن هنا تمتلئ منطقة الرافدين بالتعدد العنصري و الثقافي والديني والمذهبي..
واسهم هذا كله في تحويل المنطقة الزراعية في الرافدين الي مشروعات دول متحركة سرعان ما تقوم وسرعان ما تسقط حسب الظروف المحلية والاقليمية والدولية ، ولنتذكر ان الدول القائمة الان ( العراق وسوريا ، لبنان ، الاردن ) قد رسمها ضابطان احدهما بريطاني يدعي ( سايكس ) والاخر فرنسي ( بيكو ) فيما عرف باتفاقية سايكس بيكو .. وحتي بعد اقامة تلك الدول بحدودها التي اصبحت دولية معترف بها ، فأن عدم الاستقرار لا يزال يصاحبها ، من تكرار الانقلابات ، وتوزع الولاءات.
وذلك يرجع الي انها لم تعرف بعد ترسيخ مفهوم الدولة ذات الحدود المستقرة عبر عشرات القرون ، والتي يندمج فيها الفرد ويضحي في سبيلها بانتماءاتها العائلية والقبلية والدينية والمذهبية بمثل ما تعود عليه المصري والايراني . ولبنان بديمقراطيتها اصدق مثل علي هذا ، فالديمقراطية فيه ديمقراطية طوائف ، وشيخ الطائفة او القبيلة ، وولاء الفرد لقبيلته او طائفته وليس للدولة ، وحين اختلف الزعماء كاد لبنان يضيع بأسره.
ان الجغرافية السياسية للرافدين تتمثل في موقعه بين مصر وايران وموقعه المتاخم لبدو الجزيرة العربية بدون فواصل مانعة ، موقعة في طريق الهجرات الاخري القادمة من الشرق والشمال ، وهذه الجغرافية السياسية جعلت الشام والعراق منطقة احتكاك للاجناس والثقافات والمذاهب والقبائل بغض النظر عن نطق الاغلبية فيها باللغة العربية واعتناق اغلبها الاسلام .. هذه الفسيفساء الجنسية والعرقية والثقافية ادت الي انقسامات مذهبية داخل الدين الواحد والطائفة الواحدة داخل المسلمين والمسيحيين ، وداخل الشيعة وداخل السنة ، وداخل الطوائف المسيحية .. واثر ايضا علي الانتماءات العرقية فأصبحت اكثر انقساما ، فتحول الانتماء العربي الي صراع قبلي بين قبائل قيس وقبائل اليمن القحطانية ، وانقسامات اخرى داخلية ، وهناك اكراد الجبل واكرد المدن والاشوريون والسريان .. الخ ..ثم تفاقم الامر بالهجرة الوافدة ( الارمن والشراكسة ) وتفاقم بالهجرات المسلحة التي أنشأت دولا دينية مناوئة مثل الصليبيين في العصور الوسطي ، والصهاينة في العصر الراهن ، وتفاقم باتفاقية سايكس بيكو التي قسمت المنطقة حسب المصالح البريطانية الفرنسية الصهيونية ، وليس علي اساس المصالح الوطنية لابناء البلاد ، مما ترتب عليه سلسلة من الانقلابات والحكم المستبد والقلق السياسي..
ولكن هذا الاستطراد لم يبتعد بنا عن موضوع الدولة السعودية ، لأنه يؤكد لنا ان هناك الغاما قابلة للانفجار علي حدودها الشمالية وقابلة للانتقال بين الرافدين والجزيرة العربية ، وقد اسهم في زرع هذه الالغام اعراب نجد في غاراتهم وهجراتهم الي الشمال ليزيدوه اضطرابا ، وذلك الاضطراب اعاق تكوين دولة مستقرة موحدة مستمرة في تلك المناطق الموحدة جغرافيا مثل ما حدث في ايران ومصر .وبهذا تظل ايران ومصر قطبا المنطقة ، وتظل الجزيرة العربية والرافدين من مناطق التخوم التابعة لها.
3 –
واذا دخلنا الجزيرة العربية وجدناها تستعصي اكثر علي قيام دولة موحدة الا بالقهر . فالحجاز بحكم انفتاحه علي العالم لا يمكن ان يتكامل مع نجد المنغلقة بطبيعتها ، والعلاقات بين نجد والحجاز سيئة ، وعرب اليمن وعرب الخليج يفضلون الانسياح عبر البحر ، وعلاقتهم اكثر اتصالا مع دول اسيا حتي سواحل الهند ، واندونيسيا اكثر من اهتمامهم بالشام والعراق ونجد..
وفي داخل صحراء الحزيرة العربية تتعدد الانتماءات حسب القبائل وعلاقاتها ، وكل قبيلة دولة متحركة تستحوذ علي انتماء الفرد . و لا تخضع القبيلة للدولة الا قهرا وينطبق عليها اراء ابن خلدون في العصبية القبلية ، كما شرحنا في كتابنا ( مقدمة ابن خلدون . دراسة اصولية تاريخية) .
ويجد القهر مسوغا تحت لافتة الجهاد لاستحلال التوسع والقتال والسلب والنهب ، وتمكنت بذلك الاسرة السعودية مع قلة عدد افرادها ان تخضع قبائل ضخمة العدد في ربوع الجزيرة العربية وان تفرض عليهم تدينها الوهابي علي انه صحيح الاسلام ، ثم ما لبثت ان اطلقت اسمها علي ما تسيطر عليه في الجزيرة العربية ، فانطوي تحت اسم السعودية اسماء تراثية تجد الاعتزاز من اصحابها والمسلمين خارجها مثل الحجاز ونجران وعسير وتهامة والاحساء..
واضيف للقهر والاكراه علي دخول التدين الوهابي تحكم الاسرة السعودية في الثروة البترولية وشموخهم علي ( الرعية ) وفق المقولة التراثية ان الخليفة او الامام يملك الارض ومن عليها.
ثم دخلت الدولة السعودية في عصر ثقافة حقوق الانسان وهي تحمل ايدولوجية وهابية لم تعد صالحة للاستهلاك الادمي . واصبح حتما عليها ان تقوم ببعض التعديلات الايدولوجية في الفكر الوهابي ، ولكن المشكلة ان المعارضة جاءتها من داخل الفكر الوهابي نفسه تزايد عليه باسم الاسلام ، وان كانت تتستر به لتسوية حسابات قديمة مع الاسرة السعودية ، فمن الصعب علي البدوي ان ينسي ثأره ، وكم لأبناء القبائل من ثارات لدي آل سعود.
و هكذا فان الاخطار التي تهدد بتقسيم المملكة تبدأ بالتنافر بين اقاليم المملكة الجغرافية ( نجد والحجاز والمنطقة الشرقية ، وعسير ) والولاء الذي يكنه الفرد لقبيلته قبل ان يتوجه به لدولته ، خصوصا اذا كانت تلك الدولة تملكها اسرة واحدة تحتكر الثروة والسلطة وتسمح ببعض الهوامش لاتباعها علي انهم من خدمها واتباعها ، ثم ان تلك الدولة تفرض ايدولوجيتها بالاكراه علي من يرفضها من الشيعة والاشراف والصوفية وغيرهم ، ولا تستطيع الدولة ان تفك ارتباطها بتلك الايدولوجية الوهابية لأن الشائع انها تستمد شرعيتها السياسية من تلك الايدولوجية ، كما ان التصريح بأن شرعية الدولة مستمدة من الفتح بقوة السيف واستعادة ملك الاباء –هذا التصريح بعد خطرا علي الدولة ، لأنه يتضمن حق الاخرين بالخروج علي الدولة بالسيف لاستعادة ما كان لاباءهم قبل ظهور آل سعود.
علي ان اهم خطر يهدد بتقسيم الدولة السعودية يتمثل في الشيعة ضحايا هذه الدولة قديما وحديثا ، ومعهم الاشراف ، ولهم انتماؤهم بالقطب الشرقي ايران ، ثم البيت السعودي نفسه الذي تكاثر افراده وتضخمت امتيازاتهم مما وسع من امكانات الخلاف بينهم حول الامتيازات ، ثم ضريبة الترف التي تنال من حيوية الاسرة الحاكمة منذ الجيل الثالث . وبالنسبة للاسرة السعودية فان البترول قفز بهم وبالمواطنين من مرحلة البداوة الي مرحلة الترف دون المرور بمرحلة لالتقاط الانفاس يتضح فيها النضج الحضاري ويتأقلم فيها المواطن علي تعديل ثقافاته لملاحقة التطور القادم . وهذه القفزة المادية جرت بطريقة عجيبة ، كان المواطن في بداية عصر عبد العزيز يعتبر اللاسلكي رجسا من اعمال الشيطان ، ثم اصبح ابنه في عصرنا الحالي يستخدم الانترنت ولا يزال يعتنق افكار ابن تيمية وابن عبد الوهاب . ولهذا فان المنتظر ان يساء استخدام تلك الوسائط الحضارية في عصر امتزج فيه الترف بالتخلف .وتحتدم المشكلة حين تنتقل من المواطن العادي الي احد الاثرياء او احد الامراء ، . ويسري هذا علي معظم العرب وان كان يتجلي اكثر في البتروليين منهم ، ولذلك تتحول عوائد البترول في ايدي الحكام العرب الي اسلحة يقتل العرب فيها انفسهم بأنفسهم نيابة عن الرجل الابيض في امريكا وفي اسرائيل ، وما ذلك الا ضريبة الترف حين يقترن بالتخلف الحضاري ، وحرب الخليج اصدق شاهد علي ذلك.
وفي خضم تلك الاخطار التي تهدد مستقبل الدولة السعودية الثالثة من الداخل والخارج فأن احدا من احفاد عبد العزيز لا يحمل صفاته التي تمكن بها من انشاء دولته وسط مستحيلات شتي .. بل ان العصر القادم قد ينبئ بأوجه شبه بين النهاية المرتقبة للدولة السعودية الثالثة علي ايدي الالاف من الامراء احفاد عبد العزيز ونهاية الدولة السعودية الثانية من حيث اختلاف الامراء وصراعهم ، هذا اذا لم تتدخل احدي القوتين الاقليميتين مصر وايران لتسقط الدولة السعودية من الخارج كما حدث في الدولة السعودية الاولي . واذا كانت الدولة السعودية الثالثة قد اشترت العمق المصري بأرصدتها النفطية فان الخطر لا يزال تحت رماد المنطقة الشرقية وحيث تكمن الثروة البترولية بالقرب من ايران القطب الشرقي للمنطقة..
واذا كان لهذا البحث ان يخرج بتوصية يمكن بها توفير الدماء العربية والاسلامية ويخرج بها الاسلام بريئا من تهم التطرف والارهاب ، فاننا نتمني ان تبادر السعودية وكل الانظمة العربية والاسلامية الي تطبيق العدل الاسلامي وحقوق الانسان التي نادي بها القرآن الكريم قبل الغرب ، فبهذا يمكن ان تحمي الدولة السعودية نفسها من الانهيار ، ولكن العلاج الضروري مشروع فكري حمله كاتب هذه السطور وعانى الكثير من المملكة السعودية بسببه ، وذلك ما اشرنا اليه في مقدمة هذا البحث..
د. احمد صبحي منصور
القاهرة 26 يونيه 2001
1) وتناست السعودية ما قاله ابن تيمية والفقه السلفي عن زكاة الركاز –والركاز هو ما يستخرج من باطن الارض ، أي البترول –وزكاته هي الخمس الذي يجب ان يوزع علي المسلمين لفقراء العالم كله من بنجلاديش الي الصومال..!!