توحيد الرؤى ... اللسان العربي ( 2 )

احمد شعبان في الجمعة ١٦ - يناير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

وردت مادة عرب في 22 موضع بالقرآن الكريم : ألفاظ " عربي ، عربيا ، عُرُبا ، الأعراب .
ومن خلال المفهوم الإجمالي للآيات التي وردت فيها هذه الألفاظ ، وجد أن هذا اللفظ له توجهين : الأول لفظ " ، عربي ، عربيا ، عُرُبا " تعبير عن دلالة نقية لأن هذه الألفاظ وردت في حق القرآن الكريم وما أعده الله للمؤمنين .
والثاني من يحملون صفة " الأعراب " - من يتحدثون العربية ( لسانا ولغة ) – تعبير عن تنوع ما بين قمة النقاء ( الإيمان ) وقمة التلويث ( شدة الكفر والنفاق ) ، وهذا بإخبار القرآن الكريم عنهم .
ولكن ماذا عن معنى هذا اللفظ " عربي " .
لفظ عربي
لقد أشرت في الجزء الأول من المقالة بأنني أعمل على مستوى المخلوط ( سطحي / لمس / أفقي ) ، وقد ألمحت إلى وجود مستوى آخر أكثر عمقا وهو مستوى المركب ( متداخل / مس / رأسي ) ، وقلت أنني أفتقر إليه بعض الشيء لأنه يحتاج إلى مستوى أعلى من التجريد .
في نفس الوقت كنت قد وضعت الإطار للجزء الثاني من المقال حول لفظ عربي .
وحين التفكير حول هذا اللفظ وجدته صفة لم نصل بعد لمعناها خلال الحوار الدائر بل قل اختلفنا حول معناها .
ومن هنا اضطررت أن أغوص في معاني حروفها عسى أن أخرج بما يقترب من الحقيقة ويحوز القبول بناء على التراكم المعرفي المتاح لنا ، فأرجو أن أكون وفقت في مسعاي .
فإذا ما نظرنا إلى مقاطع لفظ عربي فسنجد الـ ( ع ) ، ( ربي )
وحين التفكير فيما يعنيه حرف الـ ( ع ) بدأت أفكاري كفرضيات تخرج من معنى إلى معنى ثاني أدق إلى ثالث إلى رابع ، وكانت جميع المعاني التي خرجت بها لم تكن دقيقة بالقدر الكافي ، لأنها كانت نتيجة الاعتماد على بعض الألفاظ الوارد في أولها حرف الـ ( ع ) .
ولكن حين وضعت أمامي جميع الألفاظ الواردة بالمعجم المفهرس في باب العين وكانت في 3710 موضع لحوالي 100 جذر .
وبعد التدرج في الفرضيات توصلت إلى أن حرف الـ ( ع ) هو قيمة مجردة ، وأقصد بكلمة مجردة أنها مرنة، ويمكن اعتبارها كجسم هلامي شفاف .
ولأنها بهذا الشكل فيمكنها التشكل في أي صورة سواء كانت حالة ساكنة أو متحركة ، سالبة أو متعادلة أو إيجابية حتى تصل إلى المطلق ، وتتصلد حين تحديدها في أي شكل أو قالب توضع فيه حسب باقي الحروف المشاركة له في اللفظ الذي يرد فيه .
ويمكن لهذا الحرف المشاركة مع أي من حروف الهجاء عدا حرفي الحاء والخاء ( وهذا موضوع يتبع ) ..
ولنأخذ أمثلة على هذا القول :
القيم السالبة : عبد ، عجوز ، عذاب ، عقاب ، عجاف ، عقيم ، عرج ، عمى .
قيمة الاعتدال : عدل
القيم الإيجابية : عبقري ، عسل ،عظيم ، عليم ، عربي .
والحالات الساكنة : عدس ، عنب
والحالات المتحركة : عاصفة ، عمل ، عيشة ، عائلا .
وحين نأتي إلى المقطع الثاني وهو ( ربي ) والذي لا يعني سوى الرب ، نجد المعنى يظهر أمامنا أن كلمة عربي يتحدد معناها من معنى الربوبية ، هذه القيمة المجردة احتوتها الربوبية " فيتحدد معناها بناء على ذلك .
مما يعني أن هذا القرآن والذي أنزل بهذا اللسان العربي قد جعله الله سبيلنا الأمثل لأنه بارتباطه بأعلى درجات السمو والدقة والوضوح والتيسير والبيان والنظام ( البركة ).
لذا سأرجئ بحث معاني باقي حروف اللفظ " عربي " لعدم وجود احتياج آني لذلك ، ويكفينا ما يحمله إجمالا المقطع ( ربي ) .
أما لفظ أعجمي فقد ورد في القرآن الكريم في أربعة مواضع :
" ولو جعلناه قرأنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته ، أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء " 44 فصلت .
ويفهم من الآية الكريمة أنه كان يمكن أن يكون قرأنا أعجميا ، وعليه سيكون محكما فقط ولا يوجد به تفصيل ، لذا سيحتاج إلى العربي أيضا للتفصيل ، ومن هنا لا يصح أن يكون عربيا وأعجميا في نفس الوقت .
مما يعني أن اللسان الأعجمي أيضا دقيق ولكنه عاجز عن استيعاب التفصيلات الواردة في القرآن الكريم والتي لابد منها لكي يكون للمؤمنين هدى وشفاء .
" ولو نزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين " 198 ، 199 الشعراء
مما يعني أيضا إمكانية إنزاله بلسان أعجمي حيث وعليه فأن كلمة لسان تعني نقاء القول .
" ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين " 103 النحل .
مما يؤكد وجود لسان آخر أعجمي ( لسان آخر غير عربي ) ولم يذكر أن هذا اللسان غير دقيق .
ومن المفيد التنويه على أن أصوات الطبيعة تختلف من مكان إلى مكان حسب المناخ ، وعليه فلأصحاب كل بقعة على الأرض لسانهم الخاص بهم ، والذي قد يتحول مع الزمن إلى لغة مثلما تم عندنا ، ولكل منطقه حتى الحشرات والطيور لها منطقها المتنوع والمحدود ( علمنا منطق الطير ) ، ( وقالت نملة ) وجميعها أصوات الطبيعة .
وللحديث بقية مع الجزء الثالث بإذن الله تعالى

اجمالي القراءات 18057