غزة بصراحة.
بغض النظر عن نرجسية حماس السياسية ,وبغض النظر عن تصريحات قادتها بعد الانقلاب المشؤوم قولهم أنه حان الوقت لتصفية العلمانين والعلمانية وإقامة دولة الخلافة الراشدة على أرض غزة. وبغض النظر عن الفتنة التي أحدثها الانقلاب بين الأخوة الفلسطينين (والفتنة أشد من القتل). وبغض النظر عن انتصار اسرائيل سياسياً في هذه المعركة, كونها استطاعت أن تقسم الصف الوطني الفلسطيني الذي كان يجب عليه كحركة تحرير وطني أن تكون له قيادة وطنية مشتركة صاحبة قرار مستقل ,لا تأخذ أو&CcCcedil;مرها من أخوان المسلمين أو من دول الممانعة أو أيران أوغيرها من الدول الاقليمية والعالمية.مثلها مثل أي حركة تحرير أنجزت نصراً وأستقلالاً في هذا العالم. و بغض النظر عن أنتصار اسرائيل سياسياً كونها مزقت الانظمة العربية الى محاور .محور معتدل يتبع مصر والسعودية ,ومحور يدّعي أنه مع المقاومة ولم يقدم شيء يلمسه المواطن العربي في مقاومة المحتل وهو بالاصل تابع لأيران التي منعت شبابها من الذهاب للقتال بجانب أخوانهم الفلسطينين . الانظمة العربية مع كل أسف أصبحت هي في واد وشعوبها التي شعرت بالمسؤولية الوطنية في واد أخر.اسرائيل أنتصرت سياسياً كونها أستفادت عالمياً من تصوير الصراع أنه بين حماس الارهابية واسرائيل الضحية. ووقع في هذا الفخ حتى الاعلام العربي بكل مكوناته.النصر الاسرائيلي سياسياً سيتكرس بعد العدوان ,حيث سيستفحل الصراع على الساحة العربية السياسية ,لتوجيه الاتهامات بين الانظمة العربية بعضها لبعض , وسنكون شهوداً لمزاودات وطنية تزيد من عمق الانقسام والتعري العربي الفاضح للانطمة .
بالمقابل انتصر الشعب الفلسطيني بكل مقوماته وفئاته بغض النظر عن انتماء افراده الحزبي أو الفصيلي.لقد قدم الشعب الفلسطيني الذي تعودنا على بطولاته التي تجاوزت حد المعقول أروع وأقدس صور المقاومة .انتصر الشعب الفلسطيني عسكرياً على اسرائيل التي جن جنون قادتها الصهاينة ,كونهم لم ولن يستطيعوا أن يحققوا ولو نصراً بسيطاً متواضعا ,بحيث ترتفع راية بيضاء من قبل طفل جريح . هذا الشعب الفلسطيني الصابر والمصابر علمنا درساً يجب أن لاننساه .علمنا درساً أننا نغوص في التفاهة عندما لانحي رؤسنا للشهداء من الاطفال والنساء والشيوخ والمقاومين الوطنيين من هذا الشعب .علمنا هذا الشعب العظيم أن الصهونية ومن يمثلها من يهود العالم هم أفة هذا العصر وكل العصور .علمنا هذا الشعب أن النصر ,طريقه صعب ، وإن دماء الشعوب لابد أن تزهر من تربتها التي ارتوت بها ورود النصر .علمنا هذا الشعب أن الايمان بالله الذي يتحلى به هو قوة الضعفاء الذين وعدهم الله عز وجل بالنصر .علمنا هذا الشعب أن شعوب العالم ومنظمات المجتمع المدني وقوى التحرر العالمية لايمكن أن تكون إلا مع الحق إذا وجد من يدافع عن الحق ويقدم في سبيله الغالي والرخيص.علمنا هذا الشعب أن مقدار تضحياته العظيمة فرضت حتى على الاحرار اليهود في العالم أن يتحركوا بمظاهرات تندد بسياسة وعنصرية حكام اسرائيل.
ماذا بعد الحرب.
أخشى أكثر ما أخشاه أنه بعد توقف القتال . حيث ستبدأ المعارك السياسية للتسوية السياسية التي هي اصعب وأقسى من المعارك العسكرية . من أن يزداد الصف العربي انقساماً على إنقسامه .وأخشى أن يذهب الفلسطينيون الى معارك التسوية السياسية متفرقين ,وكل فريق يحمل في جعبته أجندة خارجية.
حتى لاتذهب دماء الاطفال الذين سقطوا واستشهدوا وروت دمائهم الزكية تراب الوطن ،حتى لاتذهب تضحيات النساء والفتيات و الامهات الصابرات اللواتي سقطن وهنَ واثقات من أن النصر قريب. حتى لاتذهب دماء الشهداء الابطال الذين قاوموا التجبر الصهيوني . اتحدوا يافصائل المقاومة .ولا تجيِِّروا النصر إلا للشعب الفلسطيني .باتحادكم أنتم ،ستُفشلون كل مخططات الفرقة والانقسام العربي .جبهة وطنية فلسطينة موحدة تحت أي مسمى تقود النضال السياسي بعد وقف القتال ,هي أكبر وأفضل هدية تقدمونها لكل الذين استشهدوا وصبروا وصابروا.
(ولا تكونوا كالذين تفرقوا وأختلفوا من بعد ما جائتهم البينات).