1 ـ الله جل وعلا أرسله الى هذا المكان بالذات لأنه مكان البيت العتيق ، أول بيت وُضع للناس . وأرشده جل وعلا لمكان البيت الحرام وأمره أن يقيم الكعبة على دعائمها التى كانت لا تزال قائمة ، وساعده فى هذا ابنه اسماعيل. إقرأ قوله جل وعلا : (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴿٢٦﴾ وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴿٢٧﴾الحج  )    ( وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ ) ﴿١٢٧﴾( البقرة )

 2 ـ لم يقل (تأدية الصلاة ) ولكن ( ليقيموا الصلاة ) . وإقامة الصلاة تعنى حياة قائمة على التقوى فى تأدية العبادات ومنها الحج والصيام والصدقات وفى التعامل مع الناس بإحسان وفى تحاشى الفواحش والبغى والمُنكر .

3 ـ حين أسكن ابراهيم إبنه وأم إبنه كانا وحدهما ، وهو يفارقهما عائدا الى موطنه دعا ربه جل وعلا أن يجعل بعض الناس يأتون للإقامة معهما . وهذا ما حدث ، وتأسست (مكة ) وكانت قبيلة جرهم التى عاشت مع اسماعيل ، وكان اسماعيل يأمر أهله ( زوجته وأولاده ) بالصلاة والزكاة . فالكلام هنا ليس على الحج وإنما عن الإقامة الدائمة والسكن بجوار اسماعيل وأمّه .

4 ـ للكلمة معانى مختلفة ، وتحديد المعنى المقصود يكون بالسياق ، وهذا واضح فيما نكتبه فى ( القاموس القرآنى ). كلمة ( تهوى ) من الهوى ،وله معانى مختلفة :

4 / 1 : أهمها الضلال أو الهوى المذموم حين يتخذ المشرك هواه إلاها معبودا ،( أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ﴿٤٣﴾   ) الفرقان ) ومنه إتّباع الهوى فى الدين نقيضا للحق ، قال جل وعلا : ( فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لَّا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ ﴿١٦﴾ طه ) ( أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ﴿٨٧﴾ ) البقرة ) (فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴿٥٠﴾ القصص ) (

4 / 2 : بمعنى السقوط :  

4 / 2 / 1 : السقوط المادى كأن تهوى به الريح فى مكان سحيق

4 / 2 / 2 :السقوط المعنوى للمغضوب عليهم فى قوله جل وعلا  : ( وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ ﴿٨١﴾ )

4 / 3  بعنى  القدوم والمجىء كما فى قدوم بعض الناس الى حيث أقام اسماعيل وأمه .

4 / 4 :   جدير بالذكر أن مصطلح ( هوى ) تكرر فى سورة (النجم ) بمعنى السقوط المادى (( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ ﴿١﴾ النجم  ) (وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ ﴿٥٣﴾( النجم ). والهوى بمعنى الضلال ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ﴿النجم: ٣﴾( إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّـهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَىٰ ﴿النجم: ٢٣﴾