من بيع اللحوم، إلى شوادر الفاكهة والخضراوات، وليس أخيرا الحقائب والأدوات المدرسية، تسير وزارة الداخلية المصرية، على خطى الجيش المصري، في إقامة إمبراطورية اقتصادية موازية، خارج سيطرة الخزانة العامة للدولة.
وليس معروفا على وجه الدقة، حجم النشاط الاقتصادي للوزارة، التي يبدو أنها في الطريق نحو نيل حصة ثمينة من كعكة السوق المصرية.
ووفق مصدر أمني مطلع تحدث لـ"الخليج الجديد"، فإن الوزارة حققت أرباحا خلال العام الماضي، تقدر بنحو 6 مليارات جنيه، من استثماراتها في عدة مجالات.
وتنتشر في الشارع المصري، سيارات تابعة للوزارة، لبيع اللحوم المجمدة، والمواد التموينية، والألبان، وهي تعرف بالمنافذ المتحركة، وليس معروفا حجمها في مختلف المحافظات.
"أمان" و"هايبر ماركت"
وتمتلك الوزارة سلسلة ضخمة من منافذ "أمان" التابعة لها، بمختلف محافظات الجمهورية، لبيع السلع والمنتجات الغذائية، بدعوى مواجهة الغلاء وارتفاع الأسعار.
ويبلغ إجمالي منافذ "أمان"، 972 منفذاً على مستوى الجمهورية، ضمن خطة للتوسع والانتشار بكافة المحافظات، بحسب صحيفة "الأهرام" الحكومية.
وتحظى تلك السلسة الضخمة، بامتيازات، ومواقع جغرافية متميزة، فضلا عن إعفائها من الرسوم والضرائب، وثمن الأراضي المقامة عليها، إلى جانب كون العمالة رخيصة العمل، حيث تلجأ الوزارة إلى إسناد العمل بها إلى مجندين يقضون فترة الخدمة العسكرية.
ومن "أمان" إلى "أهلا رمضان"، أقامت الوزارة، قبل شهور، 70 معرضا لبيع مختلف أنواع السلع الغذائية الأساسية ومستلزمات رمضان، بدعوى تفعيل الدور المجتمعي والإنساني لوزارة الداخلية مع القطاع الجماهيري.
كذلك، ووفق تصريحات مدير إدارة التفتيش بمباحث التموين، العميد "خالد فوزي"، فإن "الداخلية" المصرية تخطط لافتتاح سلسلة "هايبر ماركت"، في سياق نشاط اقتصادي موسع تقوم به، بعيدا عن دورها الأمني، وهو ما يدفع بالوزارة إلى منافسة أصحاب السلاسل الكبرى مثل "كارفور" و"مترو"، و"أولاد رجب" و"زمان" و"سعودي" و"بيم" وغيرها.
بطاطس وأدوت مدرسية
تحت شعار "كلنا واحد"، كانت المبادرة التي تتبناها الوزارة غطاء لنشاط اقتصادي موسع لـ"الداخلية" خلال العامين الأخيرين، من خلال إقامة أسواق وشوادر لبيع السلع الغذائية.
كذلك أقامت الوزارة، العديد من الشوادر الثابتة بمختلف المحافظات؛ لطرح اللحوم الطازجة والأضاحى للمواطن بأسعار مناسبة، خلال عيد الأضحى المبارك.
وتنفذ الوزارة، تلك المبادرة، بالتعاون مع "649" فرعًا لكبرى السلاسل التجارية، إضافة إلى منافذ "أمان" التابعة للوزارة، في محافظات الجمهورية.
وخلال العام الماضي 2018، كانت البطاطس حاضرة على رأس النشاط الاقتصادي لـ"الداخلية"، والتي طرحت كميات من البطاطس في منافذ وعربات تابعة لها بسعر 6 جنيهات للكيلو الواحد (0.34 دولار)، لمواجهة نقصها في السوق وارتفاع سعرها الذي وصل لـ15 جنيها للكيلو (0.84 دولار).
وفي العام 2019، امتد نشاط الوزارة، إلى إقامة عدد من المعارض في مناطق مختلفة، لبيع الزي والحقائب والمستلزمات المدرسية، بمناسبة قرب بدء العام الدراسي الجديد.
شركات وفنادق
وتتمدد الإمبراطورية الاقتصادية للأمن المصري، إلى امتلاك شركة "الفتح" للتوريد والاستثمار، والتي تعمل في مجال التجارة والعقارات، وكذلك شركة "المستقبل" للاستثمار والتوريدات العامة والخدمات، برأس مال بلغ 200 مليون جنيه عام 2014.
وتستحوذ "الفتح" و"المستقبل" على مناقصات الدولة في المجال الأمني كتجديد بناء الأقسام الشرطية وبناء السجون، وتجهيز الفنادق التابعة لوزارة الداخلية.
ويعتبر مجمع "النخيل" التابع لجهاز مشروعات أراضي وزارة الداخلية من أهم المدن السكنية في التجمع الخامس، شرقي القاهرة، هذا بالإضافة إلى امتلاك الوزارة أبراج "الفيروز" في مصر الجديدة، وأبراج "الندى" بزهراء المعادي، وأبراج "السنابل" وعمارات أرض النادي بالمعادي، وعدد من الأبراج العقارية في محافظات مختلفة.
وتمتلك الوزراة أيضا فندقي "حورس" و"إيزيس" ودار الضيافة بمدينة نصر، ودار المراسم التابعة لنادي ضباط الشرطة بالجزيرة، وهي مقار لأنشطة فندقية وسياحية وتأجير قاعات الحفلات والأفراح.
كذلك هناك مجمع الشرطة لصيانة السيارات الذي يعمل في مجال الصيانة وبيع وتوريد قطع الغيار، وشركة تكنولوجيا المعلومات "سيتك"، التي تأسست عام 2014 للعمل في مشروعات برامج وأنظمة الحاسبات وتطبيقاتها.
وتشير تقديرات غير رسمية، إلى أن حجم بيزنس الداخلية المصرية، يصل إلى أكثر من 10% من حجم الاقتصاد المصري، مقابل نحو 60% من تلك الكعكة بحوزة الجيش، ما يرسخ من هيمنة وسيطرة المؤسستين العسكرية والأمنية على مقدرات البلاد.