اللسان العربي ليس هو اللغه الفصحى

في السبت ١٠ - يناير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

اللسان العربي ليس هو اللغه الفصحى

يزعم أصحاب ٱللّغة ٱلفصحىۤ أنّ لسانهم عربىّ وأنّه يمثّل لسان كتاب ٱللَّه ٱلقرءان. وهم يسمُّون أنفسهم كقوم بهذا ٱلاسم. أمّا كلمة "عربىّ" فقد جآءت فى ٱلقرءان لوصف لسانه وقرءانه وبيانه. وقد جآء ٱلقرءان بلسان محمّد وهو من أهل مكّة ويتكلم بلسان قومه ٱلشَّاميين:
"فإنّما يسرّنـٰه بلسانك" 97 مريم.
"وماۤ أرسلنَا مِن رَّسولٍ إلا بلسان قومهِ ليبيِّنَ لهم فَيُضلُّ ٱللَّهُ مَن يشآءُ ويهدى مَن يشآء وه&aeg;هو ٱلعزيز ٱلحكيم" 4 إبراهيم.
ٱلرسالة يحملها لسان ٱلقوم. أمّّا ما تحمله ٱلرِّسالة من بيان فيبيِّنه وصف لسان ٱلقرءان بٱلاسم عربىّ. وما تحمله ٱلرسالة هو بيان مِّن ٱللَّه. وبيانُ ٱللَّه بأىِّ لسان يكون عربيًّا. أمّا بيان لسان ٱلقوم فهو أعجمىّ. وقد أتى فى بيان ٱللَّه تفريق بين لسانه ٱلعربىّ ٱلمبين وبين لسان ٱلبشر ٱلذى يعجم فى ٱلحقِّ:
"ولقد نعلم أنّهم يقولون إنّما يعلّمه بشر لّسان ٱلّذى يُلحِدون إليه أعجمىّ وهٰذا لسان عربىّ مُّبين" 103 ٱلنّحل.
ﭐلفعل عجم يضمّ دليل ٱلأفعال (عوق وسدّ وغلق وقفل وبهم وستر وخفى). أمّا ﭐلفعل عرب فيضمّ دليل (فتح وظهر وكشف وبسط وصفى ويسر).
لقد جآء فى ٱلبلاغ 103 ٱلنّحل أنّ لسان ﭐلبشر "أعجمىّ". وسبب ذلك ٱلوصف أنّ لسان ٱلبشر مهما كان بيانه فى ٱلحقِّ واسعًا فإنّه يعجم فى ﭐلبلاغ عنه جميعه. ولا يكون بيانه إلا بمقدار ما وصل إليه من علمٍ فيه.
وجآء فى ٱلبلاغ أنّ لسان ٱلوحى "عربىّ مّبين" لأنّه لسان ٱللَّه وهو ﭐسم نور ٱلسّمٰوٰت وٱلأرض ٱلّذى يعلم بكلِّ شىء. فٱسم ٱلوصف عربىّ لا يكون إلا لبيانٍ يُعرب عن جميع ٱلحقِّ ويُبيِّن كلَّ شىء من دون بهم ولا عوق ولا لبس ولا شوب ولا عسر ولا غلق ولا سدّ ولا خفى ولا ستر ولا قفل. ولسان ﭐلوحى ٱلذى يحمل ٱلبيان عن جميع ٱلحقِّ نزل على قلب ﭐلرّسول وثُبِّت به فؤاده. وﭐلرّسول بشر أُوحِىۤ إليه بيان ٱللَّه ٱلعربىّ بلسان قومه فنطقَ ٱلبيان ٱلعربىّ بلسانه وخطَّه بيده.
وما فعله أصحاب ٱللَّغة ٱلفصحى هو خلط كلام لسان ﭐلوحى وبيانه ٱلعربىّ مع كلام لسان ﭐلبشر وبيانه ٱلأعجمىّ. وجعلوا بيان لسان ٱلوحى ٱلعربىّ يتبع بيان بشر شاعر ويتوقف عند إدراكه وبيانه. وبذلك طغى إدراك ﭐلبشر فىۤ أحكامهم ٱلأعجمية على ﭐلقول ﭐلموحى وبيانه. وظنّوۤا أنّ بيان لسان ﭐلوحى ٱلعربىّ هو بيان لسان شعرآء وخطبآء من قومِ مَكَّةَ ٱلشّاميين ومن حولها. وما بيان لسان مكَّة إلا بيان لسانِ بشرٍ أعجمىّ. وإنّ ٱلّذى يُلحدون إليه سوآء ءَكان ﭐلقسُّ ورقة ﭐبن نوفل أم ﭐلرّاهب بحيرة أم سلمان ﭐلفارسىّ فإنّ بيان لسانه أعجمىّ لأنّه بيان لسان بشرٍ.
وقد ٱختار أصحاب ٱللّغة ٱلفصحى لبيان لسانهم ﭐسم "ٱللَّغة" وألحقوا به ٱسم "ٱلعربية" ظنًا منهم أنّ ٱسم "عربىّ" يدلّ على قوم. وهم إلى ٱليوم لا يعلمون أنّ ٱلكلمة لا تدلُّ على لون بشرىّ. وهذا ٱلظنّ وٱلجهل جعل بيان لسانهم وحدهم من بين جميع ﭐلشعوب يحمل ٱسم "لغة" لأنهم وحدهم من دون غيرهم لا يملكون نورًا فى ٱلحقِّ وهم وحدهم يلغون فى بيانه ولا يعربون. وبيان لسانهم هو باطل يحجب ويكفر ويعوق ٱلعلم فى ٱلحقِّ. وٱلمتعلمون بلسان ٱللّغة يبطلون ويحجبون ويكفرون ويعوقون ٱلعلم فى ٱلحقِّ. وهذا يبيّن سبب قول ٱلرّسول لربِّه يوم ٱلقيامة:
"وقال ٱلرّسولُ يَـٰرَبِّ إنّ قومى ٱتَّخَذُوا هٰذا ٱلقرءانَ مَهجُورًا" 30 ٱلفرقان.
وأكثر قوم ٱلرّسول يكفرون ويلغون فى ٱلحقِّ ويقمحون فى ٱلقول فخرًا وشعرًا وكذبًا:
"يسۤ(1) وَﭐلقرءَانِ ﭐلحَكِيمِ(2) إِنَّكَ لَمِنَ ﭐلمُرسَلِينَ(3) علىٰ صِرَٰطٍٍ مُّستَقِيمٍ(4) تَنزِيلَ ﭐلعَزِيزِ ﭐلرَّحِيمِ(5) لِتُنذِرَ قَومًا مَّآ أُنذِرَ ءَابَآؤُهُم فَهُم غَٰفِلُونَ(6) لَقَد حََقَّ ﭐلقَولُ عَلَىٰۤ أَكثَرِهِم فَهُم لا يُؤمِنُونَ(7) إِنَّا جَعَلنَا فِىۤ أَعنَٰقِهِم أَغلَٰلا فَهِىَ إلى ﭐلأذقانِ فهم مُقمَحُونَ(8) وجعلنا مِن بَينِ أيدِيهِم سَدًّا ومِن خلفِهِم سَدًّا فأغشَينَٰهم فَهُم لا يُبصِرُونَ(9) وَسَوَآء عَليهِم ءََأَنذَرتَهُم أَم لَم تُنذِرهُم لا يُؤمِنُونَ(10)" يسۤ.
وهذا كلّه بسبب بيان لسانهم ٱلذى يزعم ٱلعربية وهو لسان أعجمىّ لا يبيِّن من ٱلحقِِّ شيئًا. بل هم فيه يلغون ويبطلون ويكفرون.
لقد ٱستخرج أصحاب ٱللّغة ٱسم لسانهم "لغةٍ" من دليل ٱلفعل "لَغَوَ". وهم يقولون عنه فى مصادرهم ٱلِّسانيّة أنّه (للقول ٱلباطل ٱلمآئل عن ٱلحقِّ وما لا يعتدّ به من كلام وغيره). وهذا ما فعلوه فى دليل ٱلكثير من ٱلأفعال وٱلأسمآء. ونضرب أمثلة على لغوهم فيها (قرأ وتلو ودرس بدليل واحد) و(رأى ونظر وبصر بدليل واحد) و(عقر وعقم بدليل واحد) و(فؤاد وقلب أبدلهما لغوهم بكلمة دماغ) و(كلمة سوّى أبدلت بكلمة نفَّذ) و(كلمة مأرب بكلمة هدف) و(كلمة عربى بكلمة شفاف ٱلعبرية) و(كلمة مقدار أبدلت بكلمة رياضيات ٱلمحرّفة عن ٱلأصل روض) و(كلمة خرص أبدلت بكلمة خرف ٱلعبرية) و(كلمة نوى حُرف دليلها بكلمة نيّة ووضعت فى مكان كلمة إرادة) و(كلمة ضوء حُرف دليلها بكلمة وضوء ووضعت فى مكان كلمة غسل) و(كلمة صلوٰة حُرفت عن موضعها وجعلت فى مكان كلمة نسك) و(كلمة زكوٰة حرف دليلها ووضعت فى مكان كلمة مكّ ومكوس "ضريبة") و(كلمة ضريبة جآءوا بها من ٱلفعل ضرب وحرفوا دليله) و(كلمة زعيم جآءوا به من ٱلأصل زعم وحرفوا دليله) و(كلمة وطن جآءوا بها ووضعوها فى مكان كلمة ديار) و(كتاب وقرءان وفرقان جُعل لها دليل واحد) و(كلمة ذرّة وضعوها فى مكان سورة) و(كلمة ملّة جعلوها بدليل كلمة طآئفة) و(كلمة والد وكلمة أب بدليل واحد) و(كلمة ٱبن وكلمة ولد بدليل واحد) و(كلمة أمّ وكلمة والدة بدليل واحد) و(كلمة فُلك وكلمة سفينة بدليل واحد)... ونتوقف عند هذا ٱلحدّ من ٱلمثل لأن ٱحصآء هذا ٱلعمل ٱلتحريفى ٱللاغى يحتاج لجهد كبير ومقال طويل.
وإذا نظرنا فى لغوهم فى دليل ٱلفعل "بَطَلَ" ٱلّذى يدلّ على ٱلهزل وٱلنقض وٱلعطل وٱلكسل وٱلفساد. وهم يقولون فيه (بطل وسقط حكمه. تعطَّل عن ٱلعمل فهو بطّال). فإنّ ما يقولون عنه هو حال لسانهم ٱللاغى. وهم يُخرجون منه ٱسم "ٱلبَطَل" ليدلّ بلغوهم على مَن يستبسل فى قتال! و"ٱلبَطَلُ" هو ٱسم قد يكون صاحبه مستبسلا فى قتال لكن ما يريده من ٱستبساله هو سلطة ٱلباطل وٱللّهو وٱلجهل!
إذن منهاج ٱللّغة ٱلفصحىۤ هو منهاج لغو ومَيل عن ٱلحقِّ وتعطيل للنظر فيه. وقد رأيت فى ٱلبلاغ ٱلعربىّ بيانًا عن صانعه:
"وقالَ ٱلَّذين كفروا لا تَسمَعُوا لِهٰذا ٱلقرءانِ وٱلغوا فيه لَعلَّكم تَغلِبونَ" 26 فصلت.
وقد عمل ٱلكافرون على صناعة لغو ٱللّغة وباطلها لتكون وسيلتهم فى كَفر ومَنع تنزيل ٱلِّسان ٱلعربى ٱلمبين فى قلوب ٱلناس. وكذلك لمنعهم من ٱستعمال لسانهم ٱلفطرىّ ٱلذى يسهل عليهم ٱلإدراك كما فعل ٱلناس فى دولة إسرٰءيل. وكان لغوهم سببًا لتعطيل أفعال ٱلإدراك وسببا لأمراض ٱلتَّعريب وٱلفهم عند أكثرية ٱلشَّاميين ٱلذين تسميهم ٱللّغة بلغوها عربًا. وتشبه صناعة لغو ٱلكافرين صناعة مناهج ٱلفيروسات وٱلهكرز وغيرها من صناعة تخريب ٱلويندوز على ٱلانترنيت وصناعة كَفر مواقعه. وهو ما تظهره قلوب ٱلناس فى بلاد ٱلشام من عطل وكسل عن ٱلحقِّ وبطولات ترجف فى ٱلأرض قتلا وتخريبًا لتعظيم ٱلباطل وٱلطغوى وٱلهزل وٱلسخرية من شرعة حقوقهم كبشر نفخ ٱللّه فيهم من روحه ليكونوا خليفة فى ٱلأرض يعلمون ويُسألون.
لقد بيّن ٱلبلاغ أنّ ٱلَّذين يصنعون ٱلتَّحريف هم مِنَ ٱلَّذين هادوا:
"مِنَ ٱلَّذين هَادوا يُحرِّفُونَ ٱلكَلِمَ عن مَواضِعِهِ" 46 ٱلنسآء.
وهؤلآء هم ٱلسّلفيون ٱلجاهلون بكلِّ ألوانهم ٱلقوميّة. وهم ٱلذين يشدّون حاضرهم بقوّة منهاج أمتهم ٱلمنسوخة وٱلتى يفعل بها منهاج ٱللّغو فيجعلها لا تقبل بتنزيل طور علمىّ جديد. وبهذه ٱلأمّة ٱلمخرّبة يتوقفون عند إلى ماضٍ ميّتٍ لا حياة فيه. وهو ظنّ جاهلين يأتى به ٱلجهل وٱللّغو فى ٱلكتاب وٱلامتناع عن تنزيله وٱلكفر بٱلأمر ٱلعربىّ:
"ولا يلتفت منكم أحد"81هود .
وفى ٱلبلاغات ٱلتالية ما يبيّن دليل ٱللَّغو:
"لا يُؤَاخِذُكُم ٱللَّه بٱللَّغوِ فىۤ أَيمانِكُم" 225 ٱلبقرة.
"وٱلَّذين هُم عَنِ ٱللَّغوِ مُعرِضُونَ" 3 ٱلمؤمنون .
"وٱلَّذينَ لا يَشهَدونَ ٱلزُّورَ وإذا مَرُّوا بٱللَّغوِ مَرُّوا كِرَامًا" 72 ٱلفرقان
"وإذا سَمعوا ٱللَّغوَ أَعرَضُوا عنه" 55 ٱلقصص.
"يَتَنَازَعُون فيها كأسًا لا لَغو فيها ولا تأثيم" 23 ٱلطور.
"لا تسمعُ فيها لاغيَةً" 11ٱلغاشية.
وأقول أنّ ٱسم "لغة" هو لكلِّ ما نجم وينجم عن ٱلفعل "لَغَوَ". وهو ٱسم لفاسد ومعطّل عن إدراك دليل ٱلكلام وبيانه. وهذا هو حال لسان ٱللّغة ٱلفصحى وأفعالها فىۤ إفساد وتعطيل إدراك كلام بلاغ ٱللّه ٱلعربىّ.
لقد ﭐتّبع ﭐلرّسولُ محمدٍ ﭐلقرءانَ ٱلمنزّل على قلبه خطًّا بيده ونطقًا وحديثًًا بلسانٍ عربىّ مّبينٍ. وجآء ﭐلخطّ ٱلموصول ونطقُ ٱلكلمة نسخًا لّما نُزّل على قلبه وما ثُبّت به فؤاده. وهو قبل ﭐلتّنزيل لم يكن يدرى:
"وكذٰلك أوحَينَآ إليك رُوحًا مِّن أمرِنا ما كُنتَ تَدرِى مَا ﭐلكِتَٰبُ ولا ﭐلإيمَٰنُ" 52 ﭐلشّورى.
وما كان يتلوا من كتاب ولا يخطّه بيمينه:
"وما كُنتَ تَتلُوا مِن قَبلِهِ مِن كِِتَٰبٍٍ ولا تَخُطُّّهُ بِيَمِينِكَ إذًا لاّرتابَ ﭐلمُبطِلُونَ" 48 ﭐلعنكبوت.
ومن بعد ٱلتنزيل وٱلتثبيت صار يتلوا ويخطّ ويُعلِّم "ﭐلكتٰب وﭐلحكمة" بلسانٍ عربىّ مّبينٍ. وهذا تبينه مناهج ٱلكتابة وٱلطباعة وٱلصوت فى ٱلكومبيوتر.
أما خطّ قومه لكلامهم فهو خطّ مَّفروق يوافق ٱلطور ٱلذى وصل إليه لسانهم كٱلخطّ ﭐلأرامىّ ٱلسيريانىّ أو ﭐلنَّبطىّ أو ٱلعبرىّ أو ﭐليمنىّ أو ٱلسّبأئىّ. وهو خطّ منشأه نفخُ ٱلرُّوح أول مرّة "ءَادم" وما تبعها من مناهج تطوير أتى بها ملٰئكة وأنبيآء ورسل.
فى كُتُبِ ﭐلسَّلف قصّة عن ﭐلخطّ تخالف ماۤ أقوله. فتقولُ ﭐلقصّةُ أنّ بعض أصحاب ﭐلرّسول خطّ ما سمعه من ﭐلرّسول حديثًا منطوقًا. وأقول أنّ كلّا مِّنهم قد يكون خَطَّ ما سمعه حديثًا منطوقًا بٱلخطّ ﭐلّذى ﭐكتسبه. أمَّا نسخة ﭐلقرءان ﭐلّتى بين أيدينا ﭐليوم فهى ما خطّه ٱلرَّسول بيده كما هو فى فؤاده. وهى ﭐلنّسخة ﭐلّتى ﭐختارهآ عثمان وأصحابه من بين هٰذه ٱلنسخ وعرَّفها تاريخ ٱلانقلابيين فى سقيفة بنى ساعدة بٱسم "مصحف عثمان".
هٰذه ﭐلقصّة تقول ظنًّا أنّ ﭐلنََّّسخة ﭐلمختارة كانت بلا قوى فعلٍ (ﭐلحركات وﭐلنّقط) وهذا ٱلقول ينطبق على ما خطّه ٱلأصحاب. وتزعم ٱلقصّة أنّ ﭐلخوف من ضياع ﭐلنّطق دفع بعض ﭐلمهتمين لإبداع ما يسمّى (ﭐلحركات وﭐلنقط). وهذا تفسير لٱنتقال هذه ٱلحركات إلى خطِّ ٱلسلطة ٱلتى تبنّت ٱلخط ٱلسريانى ٱلاسطرنجيلى وأخذت من ٱلقرءان بعض ٱلحركات له من دون دراية بأفعالهآ. أمّا قولهم عن ضياع ٱلنطق فهو ريب فى قدرة ﭐللّه وكتابه. كماۤ أنّه لغو فى ﭐلقولَ ﭐلعربىّ:
"إنّا نَحنُ نَزَّلنَا ﭐلذِّكر وإنَّا لَهُ لَحَٰفِظُونَ" 9 ﭐلحجر.
فٱلحفظ من دون حفظ ٱلخطِّ ليس حفظًا. وخطُّ كتاب ٱللَّه وقوى ٱلفعل فيه لا يعلمه بشر من قبل. بل لا يعلم به إلى ٱليوم. فكيف سيكون ٱلحفظ للذِّكر وخطّه؟
هناك سبيل واحد. وهوَ أن يخطَّه ﭐلرّسول بيده وهو ٱلذى لم يكن يتلوا من قبله من كتاب ولا يخطُّه بيمينه. فكيف سيفعل ذلك؟
فى كتاب ٱللَّه بيان ذلك. فقد قرأ محمد ﭐلقرءان مَّفروقًا ولم يقرأه جملة واحدة. وهٰذا يبيّنه ﭐلبلاغ ﭐلعربىّ:
"وقال ﭐلّذين كفروا لولا نُزِّلَ عليه ﭐلقرءانُ جُملَةً وٰحدةً كذٰلك لنثبِّتَ بِه فؤادَكَ ورَتَّلنَٰهُ ترتيلاً" 32 ٱلفرقان.
فقد ثبت فؤاده به وبأرتاله files (ملفاته فى ٱللّغة) وجعله يتبعه فلا يخالفه. وقد بيَّنَ ٱلبلاغ سَّبَب قرءانه ٱلمفروق:
"وقُرءَانًا فَرَقنَٰهُ لِتَقرَأَهُ عَلَى ٱلنّاسِ علىٰ مُكثٍ ونَزَّلنَٰهُ تَنزِيلاً" 106 ﭐلإسرآء.
قرءانه من قلبه غير مرتبط بأسباب نزول كما يظنّ أصحاب ٱللّغة. وقرءانه هو إخراجه من أرتاله ٱلمفروقة فى فؤاده إلى مرءاة قلبه ومنهآ إلى لسانه لينطق به وإلى يده ليخطّه بها وينسخ ما فى مرءَاة قلبه كما يحدث فى مُخرج ٱلصوت وطابعة ٱلكومبيوتر.
أمّا بيان ٱلقرءان فيأتى بعد ذٰلك وفى وقتٍ بعيدٍ وهو ما بيّنه ﭐلبلاغ:
"إنَّ عَلَينَا جَمعَهُ وَقُرءَانَهُ(17) فَإِذا قَرَأنَٰهُ فٱتَّبِع قُرءَانَهُ(18) ثُمَّ إنَّ عَلَينَا بَيَٰنهُ(19)" ٱلقيٰمة.
وفيه أنّ ﭐلمنزّل هو ﭐلّذى يجمع ما تفرَّق فىۤ أرتال files. وجمعه له هو ﭐلّذى يجعله قرءانًا نطقًا وخطّا. ويبيّن ٱلبلاغ أنّ جمع ﭐلقرءان وقرءانه (إخراجه من مكان حفظه فى ٱلفؤاد) قام به ﭐلمنزّل. وأنَّ ﭐلأمر "فٱتّبع قرءانه" يشير إلى ﭐلنّسخة ﭐلّتى خرجت من ﭐلفؤاد نطقًًًًا وخطّا. وقد صار ليد ولسان ٱلرّسول منهاج تعريف يجعله ينطق ويخطُّ كلام ٱلقرءان كما نزل على قلبه وثبّت به فؤاده.
وبعد وفاة ٱلرّسول أحضرت نسخة مخطوط يده إلى دار عثمان. وهى ٱلتىۤ عُرفت بمصحف عثمان. أما قوم ٱلرَّسول فكانوا يظنّون أنّ ٱلرَّسول بقىَ من بعد ﭐلوحى لا يخطّ ولا يتلوا. وتناقلوا فيما بينهم ﭐلنّسخ ﭐلمخطوطة بخطوط ﭐلأصحاب. وهى خطوط بلا قوى فعلٍ وٱلأقرب إلىۤ إدراكهم ولسانهم. وظنّوۤا أنّ هٰذه ﭐلنّسخ ﭐلبشريَّة تمثّل ﭐلوحى ٱلمنزّل. ومنها نشأت ﭐلتلاوات ٱلمتعدِّدة ﭐلمعروفة بٱسمٍ لَغوٍ "ﭐلقراءات". وبقيت مسألة خطّ ﭐلقرءان ﭐلمنزّل على قلب ﭐلرّسول غآئبة عن ﭐلنّاس. وجرى ﭐلظّنّ بينهم أنّ ﭐلخطّ وﭐلقوى من وضع ﭐلبشر. وقد ٱختلقوا قصصًا تلغو فيها. ونجدها فى كتب ﭐلسّلف وﭐلخلف لا تطابق ﭐلخطّ ﭐلرّسولىّ. وجآء فى كتب قوم ﭐلرّسول ﭐسم "لغة" وأخذ مكان ﭐسم "لسان". وٱسم "حروف" جمع حرفٍ من أصل ٱلفعل حَرَفَ للأبجدية. وصار ﭐلعلم عندهم فى ﭐلكلام علم لغو باطل وتحريف جاهل لا علم لسان. وما جآءوا به أفسد وعطّل وما زال يفسد ويعطّل أعمال ﭐلعقل وﭐلتّصديق.
وأقول أنّ ٱلعربىّ هو ٱلبيِّن من دون حجب ولا كفر ولا عوق. وبيان دليله لا تبينه كلمة شفاف ٱلعبرية وحدها وٱلتى يظنّ أصحاب ٱللّغة ٱلفصحىۤ أنها من ٱلِّسان ٱلعربى. كماۤ أنّ ٱسم عربىّ ليس للونٍ بشرىّ. وقوم ٱلرَّسول هم شاميون ولسانهم هو لسان شام بفروعه ٱلغربية وٱلشمالية وٱلجنوبية ٱلقريّة منها وٱلبدوية. وخطّ لسان ٱلشام مفروق ٱلأبجدية. وهو يناسب لسان ٱلفطرة ٱلذى ينطق به عامّة أبنآء ٱلشام إلى يومهم هذا من دون أن يتعلموا خطّ نطقه بأبجدية تناسبه كما فعل بعضهم فى دولة إسرٰءيل. ولذلك هم لا يتواصلون بلسانهم ولا يملكون ٱلقدرة على ٱلرّبط بين ما يتعلمون من خطِّ ٱللّغة ولغوها وما فىۤ انفسهم من منهاج لسان فطرتهم . 
                                               

اجمالي القراءات 5430