قصة «بوكو حرام» الكاملة.. طالبان نيجيريا التي تحولت لداعش

في الإثنين ٢٩ - يوليو - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

بوكو حرام» اسم جماعة مسلحة في نيجيريا ارتبط بحوادث توصف بالإرهابية، فماذا تعني «بوكو حرام» ومن هم وماذا يريدون ولماذا يحتلون عناوين الأخبار على فترات ثم يختفون أو بالأحرى يختفي الحديث عنهم؟ القصة كاملة في هذا التقرير.

ماذا تعني «بوكو حرام»؟

المصطلح بلهجة الهاوسا المحلية في نيجيريا تعني «التعليم الغربي حرام»، وتطلق الجماعة أيضاً على نفسها مسمى جماعة أهل السنة للدعوى والجهاد، وتتمركز الجماعة في الولايات الشمالية لنيجيريا وتحديداً يوبي وكانو وبوتشي وبورنو وكادونا.

في بداية ظهورها، كان السكان المحليون يشيرون لأتباعها على أنهم «طالبان نيجيريا»، بسبب أوجه التشابه بينهم وبين جماعة طالبان التي تشكلت من طلاب المدارس الدينية في باكستان وتحولت لجماعة مسلحة استولت على الحكم في أفغانستان في أواخر القرن الماضي.

بداية التأسيس وأصل الأفكار

قوات نيجيرية تستعد لمحاربة بوكو حرام – أرشيفية

على غرار طالبان، تشكلت الجماعة من طلاب الشريعة والعلوم الدينية من أتباع رجل دين اسمه محمد يوسف، وكان ذلك أيضاً في تسعينيات القرن الماضي وكان مركزهم في مدينة ميدوجوري عاصمة ولاية بورنو في شمال شرق نيجيريا.

وأثناء تلك الفترة، كانت الجماعة تحرم التعليم في المدارس الحكومية وترفض العمل في الوظائف الحكومية أو الاشتراك في أي نشاط سياسي أو اجتماعي تفرضه الحكومة بدعوى أنه غير قائم على الشريعة.

وأدى التطور الطبيعي لتلك الأفكار إلى قيام أعضائها بتشكيل مجموعات مسلحة لفرض أفكارها على محيطها، وكان العدد وقتها لا يتعدى 200 مقاتل، وكان أول هجوم مسلح للجماعة في ديسمبر/تشرين الأول عام 2003، حين هاجموا عدد من أقسام الشرطة في ولاية يوبي قرب حدود النيجر.

التحول نحو العنف

على مدى ست سنوات تقريباً، لم يتم رصد عمليات عنف كبيرة قامت بها «بوكو حرام»، وبدا كما لو أن الجماعة ستواصل وجودها كطلاب علم فقط، ولكن في يوليو/تموز 2009، انطلقت عمليات بوكو حرام المسلحة من بوتشي وسرعان ما انتشرت في ولايات بورنو وكانو ويوبي، وقتلت الجماعة عشرات من رجال الشرطة.

تركزت هجمات بوكو حرام ضد قوات الأمن في البداية – أرشيفية

جاء رد القوات الأمنية النيجيرية حاسماً، حيث تشكلت قوة عسكرية مشتركة مع رجال الشرطة، وقامت القوة بهجمات عنيفة ضد معسكرات وأماكن تجمع بوكو حرام، وتم هدم المسجد الذي تخطط منه الجماعة لعملياتها وقتل في المواجهات أكثر من 700 من أعضاء الجماعة وتم القبض على مؤسس الجماعة محمد يوسف، وأعلنت الشرطة قتل نائبه أبو بكر شيكو.

أعلنت الشرطة النيجيرية بعدها مقتل يوسف في الحجز عندما حاول بعض أتباعه تهريبه، لكن أعضاء جماعته اتهموا الشرطة بتصفيته دون محاكمة.

النائب يعود من الموت

الغريب أنه بعد مرور عام على إعلان مقتل شيكو مائب محمد يوسف، نشرت بوكو حرام شريط فيديو أعلن فيه شيكو نفسه توليه إمارة الجماعة.

وفي السابع من سبتمبر/أيلول 2010، قامت مجموعة مكونة من 50 مسلحاً من بوكو حرام بمهاجمة أحد السجون في ولاية بوتشي وقتلوا خمسة أشخاص وأطلقوا سراح أكثر من 700 نزيل، وفي عام 2011، هاجمت الجماعة مقراً للولايات المتحدة في أبوجا بسيارة مفخخة مما أدى لمقتل 23 شخصاً وإصابة أكثر من 75 آخرين.

وشهدت الفترة التالية من 2011 وحتى 2015، اتساع رقعة عمليات بوكو حرام وشراسة هجماتها بصورة مخيفة، مما أدى لارتفاع عدد الضحايا بصورة لافتة وأيضاً تسليط الضوء عالمياً على الجماعة وبدء التعامل معها على أنها جماعة إرهابية تمثل تهديداً.

عنف عبثي وضحايا بالمئات وبدء عمليات الخطف

وشهد يناير/تشرين الثاني 2012 الإعلان عن جماعة منشقة عن بوكو حرام اسمها «أنصارو» بقيادة أبو أسامة الأنصاري، في العشرين من الشهر نفسه نفذت بوكو حرام مجموعة هجمات متزامنة استهدفت نقاطاً أمنية وأسواقاً وأحد السجون في مدينة كانو مما أدى لمقتل أكثر من 200 شخص.

زادت شراسة هجمات بوكو حرام مع مرور الوقت – أرشيفية

وفي فبراير/شباط من نفس العام، قامت جماعة تدعي انتماءها لبوكو حرام بخطف أسرة فرنسية من 7 أفراد من الحديقة الوطنية في الكاميرون، لكن صلة عملية الخطف ببوكو حرام لم يتم التأكد منها وتم إطلاق سراح الأسرة، على الأرجح بعد أن تم دفع فدية.

في أبريل/نيسان 2013، أعلن الرئيس النيجيري جوناثان أنه قام بتعيين فريق قانوني لدراسة منح أعضاء بوكو حرام عفواً شاملاً مقابل نبذ العنف، لكن شيكو أمير الجماعة نشر بياناً صوتياً سخر فيه من عرض الرئيس.

وفي عام 2013، تشكلت قوة إقليمية من نيجيريا والنيجر وتشاد لمحاربة بوكو حرام، وفي نفس العام تم تصنيف بوكو حرام وأنصارو كجماعات إرهابية من جانب نيجيريا، وشهد العام نفسه هجمات عنيفة للجماعة راح ضحيتها عشرات من المدنيين، وقامت قوات الأمن بهجمات أوقعت خلالها العشرات من الجماعة، وفي نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه أضافت وزارة الخارجية الجماعتين، بوكو وأنصارو، لقائمة الجماعات الإرهابية.

وشهدت بدايات عام 2014 حادثتين، الأولى دموية حينما فتح مسلحون من بوكو حرام النار على رواد سوق في كووري في بورنو ما أدى إلى مصرع 45 شخصاً على الأقل، وفي أبريل/نيسان اختطف مسلحون من الجماعة نحو 275 من فتيات المدارس وأعلن شيكو في رسالة مصورة أنه سيقوم ببيعهم في سوق العبيد!

وشهد شهر مايو/أيار أعنف موجة من هجمات بوكو حرام بدأت بهجوم مئات من مسلحي الجماعة على ثلاث قرى في بورنو ثم هجمات تفجيرية في مدينة جوس قتلت أكثر من 118 شخصاً في أحد الأسواق، مما أدى لقيام البيت الأبيض بالإعلان عن إرسال 80 من الجنود الأمريكيين للمساعدة في البحث عن الفتيات المخطوفات، وقام مجلس الأمن الدولي بإضافة بوكو حرام لقائمة المنظمات الإرهابية.

من طالبان لداعش

في تلك الفترة، كان تنظيم داعش قد بدأ يظهر على الساحة في العراق وسوريا، وانتقلت عدوى إعلان الخلافة إلى بوكو حرام، حيث بدأ مقاتلو الجماعة ينفذون هجمات منظمة على القرى يستولون خلالها على إحدى القرية لعدة أيام وينفذون إعدامات ويخطفون إناثاً، ومع قرب وصول قوات الجيش ينهون الغارة.

قرية نيجيرية تم تحريرها من قبضة ولاية غرب أفريقيا – أرشيفية

وفي السابع من مارس/آذار 2015، أعلن شيكو أمير بوكو حرام الولاء والطاعة لتنظيم الخلافة الإسلامية في العراق والشام «داعش»، وتحول اسم بوكو حرام إلى «ولاية غرب إفريقيا».

ومنذ ذلك التاريخ وحتى بدايات العام الحالي، ارتكبت بوكو عدداً كبيراً من جرائم القتل والخطف، واستخدم الجيش النيجيري وسائل وصفتها بعض التقارير الدولية بالوحشية والتي لا تقل فظاعة عن «جرائم بوكو حرام»، والآن تراجع تأثير بوكو حرام على الأرض عسكرياً ولكن لا تزال موجودة كما أن بعض الفتيات اللائي تم خطفهن عام 2014 لا يزال مصيرهن مجهولاً.

اجمالي القراءات 2838