الفصل الثالث
تابع " لكل نبى عدو "

محمد صادق في الإثنين ٠٥ - يناير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

تابع " لكل نبى عدو "

 

الفصل الثالث

 

البخارى يهدم شخصية النبى رسولا وحاكما

 

القسم الأول: النبى رسولا فى أحاديث البخارى

1- البخارى يتهم النبى بالكذب.

2- البخارى يتهم النبى يقول المتناقضات فى الموضوع الواحد.  

3- البخارى يتهم النبى أنه مسحور.

4- البخارى يسند الخرافات ولهو الحديث للنبى.

 

القسم الثانى: النبى حاكما فى أحاديث البخارى

1- القسوة.

2- النميمة والنفاق.

3- القذارة.

4- رهن الدرع عند يهودى.

 

البخارى يهدم شخصية النبى رسولا وحاكما

 

من دون البشر جميعا فإن للنبى - أى نبى – شخصيتين، إحداهما وهو ينطق بوحى اللــه وتكون حينئذ طاعته طاعة للــه، والأخرى وهو كونه بشرا ولأول من يطيع وحى اللــه له وأول من يطبق ذلك على نفسه وعلى أتباعه.

وخاتم النبيين يقع فى دائرة محدودة من الأنبياء هم الأنبياء الذين كانوا حُكاما أو أصبحوا حُكاما لقومهم، مثله فى ذلك مِثل سليمان وداوود، غذن لمحمد فى حياته ثلاث مستويات. إعتباره بشرا وزوجا وإعتباره حاكما مسئولا عن دولة ثم إعتباره رسولا نزل عليه القرءآن ليبلغه للعالم.

وفى الفصل السابق رأينا البخارى وهو يهدم الشخصية الإنسانية للنبى حين جعله مهوسا بالجنس والنساء. وموعدنا فى هذا الفصل مع البخارى وهو يهدم شخصية النبى بإعتباره رسولا وبِإعتباره حاكما.

 

القسم الأول: النبى رسولا فى أحاديث البخارى

كيف كان النبى يبلغ التعاليم الدينية للناس؟ كيف أجاب البخارى على هذا السؤال بين سطور أحاديثه؟ كيف صور البخارى شخصية النبى بإعتباره رسولا لا ينطق عن الهوى؟

1- البخارى يتهم النبى بالكذب:

لم يكن منتظرا من داهية مثل البخارى أن يتهم النبى بذلك صراحةً، ومثل البخارى الذى عاش فى خراسان موطن التآمر على الإسلام يعرف كيف يدس بين السطور ما يريد ويترك القارئ يصل لنفس النتيجة التى يريدها له مسبقا. وهكذا أراد البخارى للقارئ أن يقوم بنفسه بإتهام النبى بالكذب من خلال الأحاديث التى أوردها البخارى وجعلها واضحة الكذب وبالطبع فإن القارئ سينسب الكذب للنبى خصوصا مع حرص البخارى على أن يكون الكذب فى تلك الروايات واضحا رأى العين سهلا لمن يريد إثبات الكذب فيه.

فالبخارى يسند للنبى أنه قال أن يوم القيامة ستقوم بعد مائة عالم، وحين كتب البخارى تلك الأحاديث كان قد مضى على موت النبى أكثر من مائتى عام. إذن لابد للقارئ فى عصر البخارى أن يقطع بكذب النبى، ثم بعد قرون من عصر البخارى لابد أن يكون الإتهام بالكذب مؤكدا.

يروى البخارى " صلى بنا النبى العشاء فى آخر حياته فلما سلم قام فقال : أرأيتكم ليلتكم هذه فإن رأس مائة سنة منها لا يبقى من هو على ظهر الأرض أحد ". البخارى 1-39

وفى رواية أخرى &qu">وفى حديث آخر أكثر صراحة، يروى البخارى أن رجلا سأل الرسول متى الساعة؟ فمر غلام للمُغيرة فقال النبى: " أن آخر هذا – أى إن عاش – فلن يدركه الهرم حتى تقوم الساعة ". البخارى 8-48

وعلى ذلك فلا بد أن القيامة قد حدثت فى حياة ذلك الغلام دون أن ندرى.

وقد يضع البخارى حديثا يعرف أن التجربة العملية قد تثبت كذبه بسهولة مثل حديث " من تصَبَّح كل يوم سبع تمرات لم يضره سم ولا سحر. " البخارى 7-104 أو يضع حديثا يناقض القرءآن مثل: " فرض اللــه الصلاة حين فرضها ركعتين ركعتين فى الحضر والسفر فاقرت صلاة السفر وزيدت صلاة الحضر" البخارى 1-94 والقرءآن يجعل الأصل فى الصلاة أن تكون تامة ثم يكون قصر الصلاة فيما بعد فى حالة الخوف، يقول تعالى " وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ ..... " النساء 101

 

2- البخارى يتهم النبى بقول المتناقضات فى الموضوع الواحد

والأمثلة فى ذلك كثيرة، وقد يأتى بها البخارى فى الصفحة الواحدة أو فى موضوع واحد ليجعل القارئ يقع فى الشك فيما يقرأ وأيهما يصدق، ومن المؤسف أنها أمور فى التشريع.

فينسب للنبى أنه نهى أصحابه عن الإختصاء " حديث ابن مسعود: كنا نغزوا مع النبى ليس لنا نساء فقلنا يا رسول اللــه ألا نستخصى؟ فنهانا عن ذلك " وفى حديث أبى هريرة " قلت يا رسول اللــه إنى رجل شاب وأنا أخاف على نفسى العنت ولا أجد ما أتزوج به النساء ... فقال النبى: يا ابا هريرة جف القلم بما أنت لاق فاختص على ذلك أو ذر " البخارى 7-4,5 . وهنا عضو محدد فى الجسم هل نقطعه أم نتركه؟

 

وحديث إذا شرب الكلب فى إناء أحدكم فليغسله سبعا " وبعده مباشرة حديث " كانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر فى المسجد فى زمان رسول اللــه فلم يكونوا يرشون شيئا من ذلك " البخارى 1-53

وحديث أنس " كان النبى يتوضأ عند كل صلاة " وبعده مباشرة أن النبى صلى المغرب ولم يتوضأ "

البخارى 1-62.

وأحاديث تحض على التبكير بالذهاب لصلاة الجمعة تملأ صفحات ثم يتبعها حديث يقول: " غذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون عليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا " البخارى 2-3 ، 2-9 .

وروايات متناقضة فى صلاة الكسوف تملأ صفحات قد يخرج منها القارئ بتصميم على ألا يُصلى الكسوف أبدا. البخارى 2-42 إلى 50 .

وأحاديث تحذر من المرور بين يدى المصلى وتأمر المصلى أن يخرج من صلاته ليقاتل ذلك المسلم الذى مر أمامه " إذا صلى أحدكم إلى شئ يستره فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله إنما  هو شيطان " . لو يعلم المار بين يدى المصلى ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خير له من أن يمر بين يديه ". وفى نفس الصفحة أحاديث تبيح ذلك منسوبة لعائشة " لقد رأيت النبى يصلى وانى بينه وبين القبلة وأنا مضطجعة على السرير "، " كنت أنام بين يدى رسول اللــه ورجلاى فى قبلته فإذا سجد غمزنى فقبضت رجلى فإذا قام بَسَطْتُهِما " البخارى 1-128،129 .

 

ثم حديث ابن عباس: " اقبلت راكبا على حمار وأنا يومئذ قد ناهزت الإحتلام ورسول اللــه يصلى بمنى إلى غير جدار فمررت بين يدى بعض الصف وأرسلت الأثان ترتع قد خلت فى الصف فلم ينكر ذلك أحد " البخارى 1-29 إلى 126 . وأحاديث أخرى تجعل الحمير والكلاب والنساء تمر أمام النبى وهو يصلى.

فبأى حديـــــث نُصدق.....!

وقد يأتى البخارى بأبواب كاملة يتناقض بعضها مع بعض ويتلو بعضها البعض. فهناك باب عنوانه

" باب الخيل معقود فى نواصيها الخير إلى يوم القيامة " ويأتى بأحاديث تؤكد المعنى وتكرره ثم يتلوه باب آخر " باب ما ذكر فى شؤم الفَرَس " وتحته أحاديث مثل: "إنما الشؤم فى ثلاثة فى الفرس والمرأة والدار " البخارى 4-30 إلى 33 .

بل قد يأتى بالتناقض فى حديث واحد مثل: لا عدوى ولا طيرة، والشؤم فى ثلاث فى المرأة والدار والدابة " البخارى 7-174. إذن كيف ينهى عن الطيرة أى التشاؤم ثم يأمر بالتشاؤم المستمر حين ترى إمرأة أو دابة إو حين تدخل الدار والأمثلة كثيرة نكتفى منها ما سبق، إلا أن البخارى إهتم كثيرا بوضع أحاديث متناقضة فى الصلاة أهم ما يحرص عليه المسلم. فهناك أحاديث تأمر المرأة بأن تصلى وهى حائض وأحاديث أخرى تنهى عن ذلك. البخارى 1-81 إلى 86

 

وأحاديث تأمر بالصلاة بعد الصبح وبعد العصر وأحاديث تنهى عن ذلك. البخارى 1-143 إلى 145 .

ثم أحاديث تثبت أن النبى كان يصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين فى غير السفر والخوف منها " خرج علينا رسول اللــه بالهاجرة فأتى بوضوء فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه فيتمسحون به فصلى النبى الظهر ركعتين والعصر ركعتين وبين يديه عنزة ". " إن النبى صلى بهم البطحاء وبين يديه عنزة الظهر ركعتين والعصر ركعتين يمر بين يديه المرأة والحمار " البخارى 1-57، 126.

وأحاديث أخرى تقول أن النبى كان يصلى الصبح أربع ركعات " ان رسول اللــه رأى رجلا وقد أقيمت الصلاة يصلى ركعتين فلما إنصرف رسول اللــه لاث به الناس وقال له رسول اللــه: الصبح أربعا الصبح أربعا " البخارى 1-159،160 .

 

3- البخارى يتهم النبى أنه مسحور

وكى يبرر البخارى صدور تلك المتناقضات فإنه إفترى حديث السحر الذى وزعه بمهاره خلال كتابه وهو يركز على أن النبى كان يخيل إليه أنه يفعل الشئ ولا يفعله وذلك يفقده الصدق فى أى قول أو فعل يصدر منه، ومنه يدخل باب الشك فى الإسلام جملة وتفصيلا.

تحت باب السحر يروى البخارى هذا الحديث منسوبا لعائشة " سحر رسول اللــه رجلا من بنى زريق يقال له لُبيد بن الأعصم حتى كان رسول اللــه يُخيل إليه أنه يفعل الشئ وما فعله حتى إذا كان ذات ليلة وهو عِندى لكنه دعا ودعا ثم قال : يا عائشة أشَعَرْتِ أن اللــه أفتانى فيما إستفتيته فيه، أتانى رجلان فقعد أحدهما عند رأسى والآخر عند رجلى فقال أحدهما لصاحبه ما وجع الرجل فقال مطبوب قال من طبَّه؟ قال لُبيد بن الأعصم قال فى أى شئ؟ قال: فى مشط ومشاطه وجُف طلع نخلة ذكر قال: وأين هو؟ قال: فى بئر ذِرْ وان. فأتاها رسول اللــه فى ناس من أصحابه فجاء فقال: يا عائشة كان ماءها نقاعة الحناء أو كأن رؤوس الشياطين، قلت يا رسول اللــه أفلا إستخرجته قال: قد عافانى اللــه فكرهت أن أثور على الناس فيه شرا، فأمر بها فَدُفِنَتْ " البخارى 7-176،177،178،-- 8-102 .

 

وفى رواية أخرى يضع فيها البخارى بعض " البهارات " الجنسية التى برع فى صيغتها يقول " كان رسول اللــه سُحِر حتى كان يرى أنه يأتى النساء ولا يأتيهن ". قال سفيان " وهذا أشد ما يكون من     السحر إذا كان كذا فقال: يا عائشة أعلمت أن اللــه قد أفتانى فيما إستفتيته فيه. أتانى رجلان فقعد أحدهما عند رأسى...الخ إلى أن تقول عائشة أفلا تنشرت فقال: أما واللــه فقد شفانى وأكره أن أثير على أحد من الناس شرا " والبهارات الجنسية فى هذه الرواية هى " حتى كان يرى أنه يأتى النساء ولا يأتيهن " ، " هذا أشد ما يكون من السحر " ثم قول عائشة له: أفلا تنشرت..." .

 

هناك روايات أخرى لنفس الحديث الذى أثار إعتراضات كثيرة على البخارى كانت دائما تقترن بتقديم الولاء والطاعة للبخارى فى نفس الوقت. والبخارى ليس أول من إتهم النبى محمد بأنه مسحور فقد قالها قبله مشركوا مكة "  وَقَالُوا مَالِ هَٰذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ ۙ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا *  أَوْ يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا ۚ وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا" الفرقان 7و8 . ويعلق رب العزة على هذا الإتهام "   انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا " الفرقان 9 . ويقول تعالى عنهم أيضا "  نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَىٰ إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا" ويعلق رب العزة أيضا "  انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا " الإسراء 47 و 48

أهى مصادفة أن يتكرر نفس التعليق بنفس الألفاظ فى نفس موضوع الإتهام؟ ليست مصادفة لأن الكُفْر كله ملة واحدة فى قريش أو فى خراسان. إن الرسول محفوظ من اللــه فى تبليغه للوحى كما هو، يقول تعالى "  يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ۖ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ " المائدة67

كيف يكون اللــه حافظا له من الناس ويستطيع ذلك اليهودى لُبيد بن الأعصم أن يسحره؟إذا كان له وجود إلا فى مخيلة البخارى...

 

4- البخارى يسند الخرافات ولهو الحديث للنبى

وفى الوقت الذى أسند للنبى الأكاذيب والتناقض فى التعليمات الدينية فإن البخارى وضع كثيرا من الخرافات ولهو الحديث على لسان النبى ومنه خرافات مثل: " رفعت إلى السدرة فإذا اربعة أنهار نهران

ظاهران ونهران باطنان فأما الظاهران فالنيل والفرات وأما الباطنان فنهران فى الجنة." البخارى 7-141

وفى أحاديث المعراج يتردد أن النيل والفرات ينبعان من السماء الدنيا. ومنه خرافات مضحكة عن الأنبياء السابقين مثل أسطورة سليمان الذى وطئ فى ليلة واحدة مائة إمرأة. البخارى 7-50

ومثل الحديث التالى عن موسى "كانت بنو إسرائيل يغتسلون عُراة ينظر بعضهم إلى بعض وكان موسى يغتسل وحده فقالوا: لا يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر، فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر ففر الحجر بثوبه فخرج موسى فى أثره يقول: ثوبى يا حجر حتى نظرت بنو إسرائيل إلى موسى فقالوا واللــه ما بموسى من بأس، وأخذ ثوبه فطفق بالحجر ضربا فقال أبو هريرة واللــه أنه ندب بالحجر ستة أو سبعة ضربا بالحجر ". البخارى 1- 75 وفى نفس الصفحة أسطورة أخرى عن أيوب " بينما أيوب يغتسل عريانا فخر عليه جراد من ذهب" البخارى 1-57

 

لا ندرى لماذا هذا الإصرار من البخارى على تجريد الأنبياء من ملابسهم.  البخارى 1- 57

وأساطير الجان والعفاريت كثيرة منها حديث " إن عفريتا من الجن تفلت على البارحة ليقطع على الصلاة فأمكننى اللــه منه فأردت أن أربطه إلى سارية من سوارى المسجد حتى تصبحوا وتنظروا إليه كلكم... " البخارى 1-118

ويتناسى البخارى أننا لا يمكن أن نرى الجن والشياطين " ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ .." الأعراف 27

وأسند البخارى كثيرا من لهو الحديث إلى عائشة مثل ذلك الحديث المُطَوَّل الذى تتحدث فيه مجموعة من النساء كل منهن تصف  زوجها وصفا دقيقا. البخارى 7-43

 

يروى البخارى حديث أحدهم " ذَهَبَتْ بى خالتى إلى النبى فقالت يا رسول اللــه إن إبن أختى وجع فمسح رأسى ودعا لى للبركة ثم توضأ فشربت من وضوئه ثم قمت خلف ظهره فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه مثل زر الحجلة" البخارى 1-57

فالبخارى يجعل من النبى هنا شيخا صوفيا يتبرك به الناس ولكن ما نريده من ذلك الحديث هو " خاتم النبوة " المزعوم الذى وضعه البخارى على جسد النبى، هل كان النبى فى حاجة إلى ذلك الخاتم؟ أليس فى الأمر سخرية؟

وهل من أعطاه اللــه القرءآن يحتاج إلى خاتم آخر مثل زر الحجلة؟ إن أكثر الناس تعصبا للبخارى لو قلت له أن هناك ختما على قفا أبيك مثل زر الحجلة لأعتبرك تسب أباه. فهل هان علينا النبى إلى هذا الحد؟

 

القسم الثانى: النبى حاكما فى أحاديث البخارى

مجرد أن ينسب البخارى حديثا للرسول خارج القرءآن معناه أنه يتهم النبى بالثقول على اللــه والحكم بغير ما أنزل اللــه ولسنا فى مجال إستعراض هذه الناحية وإنما نتحدث عن إفتراءات البخارى التى جعله فيها حاكما لا يتشرف أى حاكم فى العالم أن يكون مثله ولنتتبع ملامح تلك الصورة.

 

1- القسوة: حديث أنس " قدم أُناس من عطل أو عرينة فاجتووا المدينة فأمرهم النبى بلقاح وأن يشربوا من أبوالها وألبانها فانطلقوا فلما صحوا قتلوا راعى النبى واستانوا الغنم فجاء الخبر فى أول النهار فبعث فى آثارهم فلما إرتفع النهار جئ بهم فأمر فقطع أيديهم وأرجلهم وسمرت أعينهم وألقوا فى الحرة يستسقون فلا يُسقون " البخارى 1-65

اللقاح هى الإبل والبخارى يدعى أن أولئك الناس شربوا أبوال الإبل، وهل يستطيع أحد أن يشرب بول الإبل وهو أشد أنواع البول تركيزا. والبخارى يدعى أن النبى قطع أيديهم وأرجلهم وفقأ عيونهم وصلبهم ليموتوا عطشا. وتلك قسوة مفرطة لا مبرر لها ويستحيل صدورها من نبى الرحمة.

يجعل البخارى من النبى شخصا سريع الغضب حاد الطبع، يقول " سُئل النبى عن أشياء كرهها فلما أكثروا عليه غضب ثم قال للناس: سلونى عما شئتم قال رجل: من أبى ؟ قال أبوك حذافة فقام آخر فقال: من أبى يا رسول اللــه؟ قال أبوك سالم، فلما رأى عُمر ما فى وجهه قال: يا رسول اللــه إنا نتوب إلى اللــه عز وجل. " البخارى 1-34

 

2- النميمة والنفاق: يروى البخارى " بينما النبى جالسا فى المسجد والناس معه إذ أقبل ثلاثة نفر فاقبل إثنان إلى رسول اللــه وذهب واحد، فوقفا على رسول اللــه، أما أحدهما فرأى فرجه فى الحلقة فجلس فيها وأما الآخر فجلس خلفهم وأما الثالث فأدبر ذاهبا فلما فرغ رسول اللــه قال: ألا أخبركم عن النفر الثلاثة أما أحدهم فآدى إلى اللــه فآداه اللــه، وأما الآخر فاستحيا اللــه منه، وأما الآخر فأعرض فأعرض اللــه عنه ".  البخارى 1-26, 121

وهنا لَمْزْ من البخارى واضح للنبى فى هذا الحديث ولكن البخارى فى هذا الحديث المفترى يعلن عن غرضه فى الطعن فى شخصية النبى يقول: " إن رحى إستأذن على النبى فلما رآه قال: بئس أخو العشيرة وبئس ابن العشيرة، فلما جلس تطلق النبى فى وجهه وإنبسط إليه فلما إنطلق الرجل قالت له عائشة: يا رسول اللــه حين رأيت الرجل قلت فيه كذا وكذا ثم تطلقت فى وجهه وإنبسطت إليه فقال رسول اللــه: يا عائشة متى عهدتنى فحاشا إن شر الناس منزلة عند اللــه يوم القيامة من تركه الناس إتقاء شره ." البخارى 8-16-15

وواضح أن البخارى أراد أن يصور النبى منافقا ويجعل عائشة تفطن لذلك ثم يجعل دفاع النبى عن نفسه غير مقنع، خصوصا وأن أبا هريرة يروى فى حديث للبخارى " نجد من شرار الناس عند اللــه يوم القيامة ذا الوجهين الذى يأتى هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه ".

 

3- القذارة: دارت مناقشات واسعة حول حديث الذبابة الذى أورده البخارى " إذا وقع الذباب فى إناء أحدكم فليغمسه كله ثم يطرحه فإن فى أحد جناحيه داء والآخر شفاء ".

وتطوع أحد من يقدسون البخارى بإفتراء مؤداه أن البحث العلمى أثبت أن الحديث صحيح. والواقع أن أمثال حديث الذبابة كثير فى البخارى، منها أن النبى كان يصلى، قبل أن يُبنى المسجد، فى مرابض الغنم البخارى 1-65، 1-111. وهل ضاقت الصحراء وطرق المدينة حتى لا يجد النبى مكانا يصلى فيه إلا مرابض الغنم؟ ومنها الحديث الذى ذكرناه من قبل فى موضوع خاتم النبوة وفيه.." ... ومسح رأسى ودعا لى بالبركة ثم توضأ فشربت من وضوئه" وأفظع منه حديث " ما تنخك النبى نخامة إلا وقعت فى كف رجل منهم فدلك بها وجه وجلده..." البخارى 1-67 . ثم حديث آخر مضحك " إذا أكل أحدكم فلا يمسح يده حتى يَلْعَقُها أو يُلْعِقُها-أى غيره. البخارى 7-106.

 

4- النبى يُرهن درعه عند يهودى: هل يمكن أن يتصور ذلك من حاكم؟ خصوصا إذا كان صاحب دخل ثابت؟ الحديث يقول" توفى رسول اللــه ودرعه مرهونة عند يهودى بثلاثين صاعا من شعير " البخارى 4-50،49 / 6-19 / 3-107،177. وفى موضع آخر يتحدث البخارى عن الإيراد الثابت للنبى من ضيعة فدك، البخارى 4-96، وأن أموال بنى النضير بعد طردهم من المدينة كانت فيئا خاصا بالنبى

" ينفق منها على أهله نفقة سنته ثم يجعل ما بقى منها فى السلاح والكراع عدة فى سبيل اللــه " البخارى 6-148.

إذن كيف يتوفى النبى وهو مدين ليهودى بثلاثين صاعا من تمر وقد رهن عنده سلاحه؟

والإجابة التى يريدها البخارى أن يتهم النبى بالسفه فى المال ومن كان سفيها لا يصلح أن يكون حاكما. خصوصا وهو يرهن سلاحه عند عدوه اليهودى كى يطعم نفسه ونساءه. وللقارئ الذكى أن يتشكك فى هذه الرواية متسائلا: اين كبار الصحابة وأغنياء الأنصار وهم يعجزون عن منع هذا العار عن النبى حين يضطر لرهن درعه عند يهودى كى يطعم نفسه وأهله.

والباحث يتأكد من كذب البخارى المتعمد فى هذه الرواية لسبب بسيط وهو أن النبى قد أجلا كل اليهود عن المدينة، أجلا يهود بنى قينقاع ثم يهود بنى النضير ثم يهود بنى قريظة. وظلت المدينة خالية منهم إلى أن توفى النبى. وقد تحدث القرءآن عن إجلاء قبائل اليهود بعد غزوة الأحزاب. سورة الأحزاب 26.

 فأين ذلك اليهودى المزعوم الذى ظل وافر الثراء إلى أن مات النبـــى؟.

بهذا ينتهى الفصل الثالث وسأقوم بنشر الفصل الرابع إن شاء اللــه وهو آخر فصل من كتاب " لكل نبى عدو " .

 

اجمالي القراءات 15548