منذ اللحظة التي يولد فيها طفلك، تصبح صحته إحدى أهم أولوياتك، وتصبح مثل معظم الآباء متحمسًا غريزيًا لكل عطسة تصدر عنه أو خدش يصيبه، وتحرص على عدم تجاهل سعاله، وتسرع لإجراء الفحص الطبي له، مع ذلك، في خضم الوقت الذي تشعر فيه بالقلق إزاء التطعيمات، والأعراض المرضية الجسدية التي تصدر عن طفلك، كم مرة سألت نفسك عن مدى صحة أطفالك العاطفية، ومدى قدرتهم على امتلاك الذكاء العاطفي؟
يقول عالم النفس بول إيكمان: «من مسؤوليتنا أن نتعلم كيف نصبح أذكياء عاطفيًا؛ فهذه مهارات مكتسبة علينا أن نتعلمها». يمكن للفتيان والفتيات تعلم كيفية التعامل مع عواطفهم وكيف يمكن أن يصبح لديهم الذكاء العاطفي، وخاصة المواقف الصعبة التي تمثل تحديًا لهم، عن طريق تطوير ذكائهم العاطفي، والبدء في توجيه أنفسهم نحو تجارب حياتية أكثر إيجابية.
ولكن ما المقصود بالصحة العاطفية؟، وكيف تحافظ على صحة طفلك العاطفية في التجارب الحياتية المختلفة؟. في السطور التالية، نتناول بعض النصائح حول تربية أطفال أصحاء قادرين على مواجهة أحداث الحياة المتقلبة.
ما هي الصحة العاطفية؟
غريزيًا، نعلم جميعًا كيف يبدو السلوك غير الصحي عاطفيًا، مثل الصراخ، وإغلاق الأبواب، وإغاظة الأطفال الآخرين. ولكن كيف تبدو السلوكيات الصحية عاطفيًّا؟ يبدأ الأمر عندما يتعلم الطفل كيف يتعرف إلى عواطفه، ثم يعبّر عنها بطريقة بناءة وليست هدامة. مثال على ذلك، بدلًا من دفع الطفل زميله الذي أغضبه في الملعب، يتعلم الطفل كيف يمشي بعيدًا ويأخذ نفسًا عميقًا عندما يغضب، وهذه هي الخطوة الأولى.
تقول مورين هيلي مؤلفة كتاب «The Emotionally Healthy Child» في مقال لها على موقع «Psychology today»: «تعد الصحة العاطفية موضوعًا معقدًا، يبدأ بتحديد المشاعر والتعبير عنها بطريقة بناءة، ولكنه يتضمن الكثير. يتعلم الطفل الذي يتمتع بصحة عاطفية كيفية التحلي بالمرونة، وتطوير عقلية الصحة العاطفية، وبناء شخصيته، واتخاذ خيارات ذكية حتى في مواجهة المواقف التي تتحداه عاطفيًا. والطريقة ليست سلسة بالضرورة، ولكنها ممكنة لمعظم الأطفال».
ومن المهارات التي يطورها الأطفال والكبار أيضًا في هذه العملية، تعلم التحكم في النفس والوعي الذاتي، وقدرات صنع القرار. ولا يقتصر الأمر على تنشئة طفل صحي عاطفيًا على تعليمه الاستراتيجيات، التي تساعده على البدء في التعبير عن مشاعرهم بشكل بناء وحسب، بل يجري العمل أيضًا على تطوير كل من الأفكار والعادات معًا، التي تساعد على تحريك الطفل في اتجاه أكثر إيجابية.
1. أغدق أطفالك بالحب غير المشروط ليمتلكوا الذكاء العاطفي
الحب للطفل هو الغذاء النفسي الذي تنمو وتنضج عليه شخصيته، مثلما يتغذى جسمه على الطعام؛ تتغذى نفسه على الحب والقبول. ومثلما ينمو جسم الطفل مع الغذاء الصحي وليس مع أي لون من الطعام، تنمو نفسه أيضًا مع الحب الصحيح المستنير، الذي يقتضي بإحاطة الطفل بجو من الدفء والحنان والعطاء السخي، فإن ذلك خليق أن يملأه ثقة واطمئنان، وهو ما يحتاجه حتى يخطو الخطوة التالية في مسيرته نحو النضج.
وهذه الخطوة التالية، هي خروج الطفل تدريجيًا من أنانيته وتركيزه على نفسه، والبدء في الاطمئنان إلى نفسه وإلى العالم من حوله، والاتجاه ببطء من الذاتية المطلقة إلى قدر من الموضوعية يزداد كلما تقدم به العمر. وتساعده هذه الموضوعية في إدراك أن للغير رغبات وحقوقًا أيضًا، والتي قد تتعارض مع رغباته في بعض الأحيان، وأنه لا بد له أحيانًا من قبول الحل الوسط، الذي قد يكون من شأنه إرجاء بعض رغباته، أو التنازل عنها وقبول المشاركة. ومما لا شك فيه أن معظم الآباء لديهم شعور بالحب والحنان تجاه أطفالهم؛ إذن كيف يمكن نقل هذا الإحساس إلى الأطفال؟
توجد بعض الأخطاء الشائعة تصدر عن غير قصد من الآباء؛ تجعل الطفل يشعر أن والديه يحبانه لما يفعله وليس لشخصه؛ وكي يمكن التخلص من هذه الأخطاء، ينصح بتطبيق ما يلي بدقة: يجب أن تكون عدم الموافقة على ما يفعله الطفل موجهة نحو ما يفعله، وليس نحو الطفل نفسه، وأن يدرك الآباء أنه لا يوجد تعارض بين نقد وتصحيح أخطاء الطفل، ومساعدته على الإحساس بحبهم له في الوقت نفسه كإنسان مهما فعل. مثال، ليس هناك تعارض بين نقد الطفل لسوء سلوكه ثم رفعه ومعانقته أو التعبير له بالحب عبر الكلمات أو القُبل.
وهذه الطريقة فعالة من ناحيتين، أن توصل للطفل أنه يهمك أن تصحح سلوكه لأنك تحبه، وأنك لا توافق على أفعاله لكنك تحبه حبًا جمًا دون النظر إلى ما يفعله. وليس هناك تعارض في أن يدرك الطفل ما يلي: «أحبك حبا مستقلًا عن سلوكك، أحبك حتى لو أدت تصرفاتك إلى إغضابي»؛ وبذلك يحاول الطفل أن يعدل من سلوكه عن رغبة وليس عن رهبة.
كذلك، ينبغي امتداح الطفل لشخصه أكثر مما يمتدح لما يقوم به من أفعال؛ إذ أنه من الضروري إغداق الطفل بالكثير من المديح والحب دون ربطهما بالتحصيل والنجاح. ومن المهم أن يشعر الطفل أن التقدير الجيد والتفكير المنتج يستحقان الإعجاب والمديح أو المكافأة، مع ذلك، يجب أن يشعر أيضًا بأنه يمكن أن يحصل على المديح والتشجيع بسخاء دون أي ارتباط بأي شيء آخر حتى في الحالات التي يتعرض فيها للنقد.
بعيدًا عن أوجاع الجسد.. كيف تقدم الإسعافات الأولية النفسية للمتضررين في الأزمات؟
2. أظهر التقدير وتجنب النقد اللاذع
يعد الأب مسئولًا عن سيادة جو المودة والحب والاحترام داخل الأسرة، وأن يبتعد عن النقد اللاذع خاصة إذا كان مركزًا دائمًا على فرد بعينه، فإن هذا الجو المشبع بالاحترام ينتقل إلى الأطفال ويعلمهم كيفية احترام بعضهم البعض. كذلك، على الأب التصدي لأي بادرة تفرقة في المعاملة بين الولد والبنت؛ إذ أن هذا التمييز يعد البذرة الأولى التي تنبت وتتفرع منها كل انحرافات العلاقة بين الجنسين فيما بعد.
يحتاج الأبناء عمومًا إلى تلقي التشجيع، والاطمئنان إلى الموافقة والقبول من أبيهم؛ كي ينعموا بحياة تسودها الشجاعة والتعاون. ويوقظ تقدير الأب لطفله خير صفاته، ويبعث لديه الحماسة للقيام بخير ما يستطيع؛ فكلمة التشجيع التي يحظى بها من أبيه، تعد حجر الأساس لتكوين الثقة بالنفس، متى أعطيت في حينها، وهي صفة لا بد منها للطفل حتى يمكنه التطور فيما بعد؛ إذ تنمو قدرات الطفل على التشجيع وتضمر باللوم والتثبيط، وينمي شعوره بالثقة والتقدير والاحترام من أبيه صفات الشجاعة والعزم والاتزان في نفسه، وهي دومًا من مقومات الشخصية الخلاقة.
وكلما ثارت الخلافات بين الأطفال في الأسرة الواحدة، ينبغي على الأب حصر تلك الخلافات في أضيق نطاق ممكن، وتعليم أطفاله كيف يمكن أن يختلف المرء مع غيره في الرأي مع إبقاء احترامه له، والتحرر من التزمت والتحلي بالمرونة وسعة الأفق.
هذه الصفات كلها، يكتسبها المرء في البيت عادةً من الأب؛ فالأب الذي ينشئ أطفاله على احترام الغير ومعتقداتهم وحقوقهم ومساهمتهم، يساعد طفله على أن يطل على الحياة من أفق واسع، وأن ينظر إلى مسائلها ومشاكلها بعين موضوعية متحررة من آثار التحيز والهوى.
من المهد حتى المراهقة.. دليل التربية الجنسية المناسبة للمجتمعات العربية
3. لا تنقل هموم العمل إلى منزلك
يفضل أن يفصل الآباء بين العمل والمنزل فصلًا تامًا بقدر الإمكان، بمعنى ألا ينقل الآباء هموم العمل ومتاعبه إلى البيت. ويملك الأطفال الصغار حساسية شديدة في هذا الأمر؛ إذ يمكنهم التمييز بين من يرعاهم بكامل انتباهه، ومن يرعاهم شكلًا ولكنه منصرف عنهم بفكره. فضلًا عن ذلك، يجعل نقل هموم العمل إلى المنزل الأب سهل الاستثارة، الأمر الذي قد يفسره الأطفال بأنه صد لهم، واعتداء عليهم؛ لأنه ليس في وسعهم فهم الباعث الحقيقي خلف تلك الاستثارة، أو رؤية أي سبب آخر لها.
ومما سبق يتضح مدى خطورة الدور الذي يلعبه الأب في حياة أبنائه، والذي إذا قام به على النحو الصحيح، أمكنه إلى حد كبير تحرير أبنائه في المستقبل من الكثير من الأنانية، والغيرة، والشعور بالنقص، والريبة، وعدم الاكتراث، وقلة المبالاة للغير، والقسوة، ومشاعر الخطيئة والإثم والخجل، والقلق والخوف وغيرها من النزعات ذات الآثار السلبية التي تغزو النفس، وتمهد لهزيمة صاحبها في الحياة، وتقويض شعوره بالسعادة والأمن.
ويستطيع الأب إذا أحسن القيام بدوره أن يفجر ما في نفس طفله الصغير من ينابيع الحماسة للحياة، وتنشئة ابنه على الشجاعة وضبط النفس والثقة بها. وينصح الباحثون أن على الآباء تذكر كون دورهم في تنشئة الطفل لا يقل أهمية عن دور الأم، وأنه يلزمه من الطاقة والجهد قدر ما يقتضيها، وعليه أيضًا تذكر أن الأبوة ليست مقصورة على الإنفاق، وتلبية الحاجات المادية مثلما يعتقد بعض الآباء.
4. الغيرة.. كيف تقي أطفالك من الوقوع في هذا الإحساس؟
في كتاب «الحب والصحة النفسية لأبنائنا» لمؤلفته الدكتورة كلير فهيم، تقول كلير أن الخطأ الأكبر الذي يرتكبه الوالدان، والذي يعد من أهم الأخطاء التربوية التي تؤدي إلى انحراف سلوك الأطفال، هو مقارنة الأطفال ببعضم البعض، ولا سيما حين يكون هناك فرق واضح بين طفلين في نواح معينة، أو كان أحدهما يتمتع بنواح خاصة؛ فإن هذه المقارنة تخلق الغيرة بين الأطفال. والغيرة شعور مؤلم يجعل صاحبه قلقًا أنانيًا لا يستريح لنجاح غيره، ويميل أحيانًا إلى الانزواء والانطواء، أو إلى الهجوم والتشاجر والإيقاع بغيره.
وبالإضافة إلى ذلك يشعر الطفل أنه مظلوم مضطرب، وأن الناس يعملون ضده؛ ويجعله هذا قلقًا كثير الشك فيمن حوله، ويكون الأساس في الغيرة في أغلب الأحيان هو القلق، والخوف، وضعف الثقة بالنفس. وقد تبدو هذه المظاهر على الأطفال بطريقة مُقنّعة، فترى الطفل يصب غضبه وغيرته خلال لعبه بعروسة يُسميها باسم أخيه أو أخته الصغرى التي تُثير غيرته. وإذا لم يستطع الطفل أن يعبر عن نفسه بهذه التعبيرات؛ فربما يتجه للكذب، أو الرغي بدون سبب أو تجاهل الآخرين، وخاصة الأفراد الذين يثيرون غيرته، أو محاولة لفت الأنظار إليه بالتمارض.
وحتى يقي الآباء أطفالهم من الوقوع في الشعور بالغيرة، تنصح كلير بالآتي: في حالة ولادة طفل جديد، لا يجوز إهمال الكبير وإعطاء الصغير عناية أكثر من اللازم؛ فلا يعطى المولود الإ بقدر حاجته. وعادة ما يضايق الطفل الأكبر كثرة حمل المولود الجديد، والالتصاق الجسدي الذي يضر المولود أكثر مما يفيده، كذلك، يجب على الآباء تهيئة الطفل الأكبر إلى حادث الولادة، إلى جانب ضرورة فطامه وجدانيًا وتدريجيا قدر الإمكان؛ فلا يحرم حرمانًا مفاجئًا من الامتياز الذي كان يتمتع به.
أيضًا يجب على الآباء والأمهات الإقلاع عن المقارنات الصريحة، واعتبار كل طفل شخصية مستقلة لها استعدادتها ومزاياها الخاصة بها؛ فإذا نجح طفل في عمل ما ينبغي أن تشجيعه وعدم مقارنته بغيره، ومهما تعرض الطفل للفشل، فإن هناك دومًا جانبًا طيبًا يمكن كشفه وإبرازه والاعتزاز به؛ وبذلك يمكن أن يختفي الشعور بالخيبة المؤدي للشعور بالذلة والنقص، كذلك، يمكن المقارنة بين الطفل ونفسه في أوقات مختلفة؛ فإن تقدم في وقت ما عما كان عليه في وقت سابق؛ فهذا كاف لتشجيعه.
وتضيف كلير أنه لا ينبغي على الآباء أن يبهرهم ما يقوم به بعض الأطفال من المبالغة في طاعتهم، أو تقليدهم ومسايرة آرائهم، والعمل على إرضائهم والإعجاب بهم، والتظاهر بالحب لهم، إلى غير ذلك. ولا يجوز لهم تأييد هذا النوع على حساب الآخر صاحب الرأي الحر الجريء. وترى كلير أن هذا الموقف من الأبناء من أسباب غرس بذور الغيرة والحقد بين الإخوة، وتنشئة بعض الأبناء على النقمة المجتمع ككل عن طريق التحول من النقمة على الوالدين وبعض أفراد الأسرة.
وتؤكد كلير على أهمية تنمية الهوايات المختلفة بين الإخوة، مثل الموسيقى، والتصوير، وغيرها؛ وبذلك يتفوق كل في ناحيته، ويقارن نفسه بنفسه. وتشدد أيضًا على المساواة في المعاملة بين الابن والابنة؛ لأن التفرقة في المعالمة تؤدي إلى شعور الأبناء بالغرور، ويثير حفيظة البنات وتنمو عندهن غيرة تكبت، وتظهر أعراضها في صور أخرى في مستقبلهن، مثل كراهية الرجال، وعدم الثقة بهم، وغير ذلك من المظاهر.
فضلًا عن ذلك، ينبغي عدم إغداق الطفل المريض بامتيازات كبيرة؛ إذ يثير ذلك الغيرة في الإخوة الأصحاء، وتبدو مظاهرها في تمني المرض، وكراهية الطفل المريض، وغيرها من مظاهر الغيرة الظاهرة أو المستترة. وبذلك؛ لا يجوز إعطاء الطفل أي عناية أكثر من العناية التي يتطلبها المرض.
وخلاصة القول، أنه ينبغي على الآباء مهما كانت الفروق الفردية بين الإخوة، عدم استثارة المقارنات المؤدية إلى الغيرة، ولكن هذا لا يمنع بالطبع إجراء المباريات بين تلاميذ المدارس من الحين إلى الآخر؛ من أجل تحفيزهم على بذل الجهد، وخلق الفرص في بعض الأوقات بتعويد التلاميذ على تقبل الفشل المؤقت بصدر رحب، أي التحلي بالروح الرياضية.
5. لا تتجاهل هذه العلامات التي تدل على أن طفلك يعاني من أمر ما
ينبغي على الآباء أن يكونوا على دراية بالتغيرات السلوكية، التي قد تشير إلى أن طفلهم يعاني من خطب ما؛ فإذا أخبرك أحد المدرسين أن طفلك يواجه مشكلة في التواصل مع الأطفال الآخرين في الفصل، فلا ينبغي تجاهل ذلك تمامًا كما لا ينبغي لك الضحك من مدى سخافة طفلك عندما تنتابه نوبة غضب؛ فما قد يبدأ في صورة أنماط سلوكية صغيرة، يمكن أن يتطور لاحقًا إلى سلوكيات خطيرة.
على سبيل المثال، قد يكون الإفراط في تناول الطعام، أو ألعاب الفيديو بمثابة علامات تشير أن الطفل يستخدم هذه الأشياء؛ للتخفيف من حدة الألم الذي يشعر به. وإذا تركت هذه السلوكيات دون معالجة، فقد تؤدي إلى السمنة أو الإدمان على المخدرات والكحوليات. لذلك؛ عند ملاحظة حدوث تغيير عاطفي في طفلك، من المهم محاولة فهم ما يمر به على وجه التحديد، والاستجابة وفقًا لذلك؛ فربما يكون هناك شيء أخافه، لكنه لا يعي ذلك أو أنه لا يشعر بالراحة حول الحديث عنه.
وفي محاولتك إيصال شعورك بالاهتمام بأطفالك وأنك مهتم بصراعاتهم الخاصة، شجعهم على التحقيق في مشاعرهم وفهم مصدرها بشكل أفضل من خلال الانفتاح وعدم الحكم على تصرفاتهم أو أفكارهم، وشجع أطفالك على أن يكونوا صادقين معك. وعندما يفتحون قلوبهم للحديث معك، من المهم أن تتفاعل معهم بكل الرحمة والقوة؛ فإن تقديم كل هذه الاستجابات يساعد في إظهار موقف بناء يمكن لأطفالك تبنيه تجاه أنفسهم؛ وبالتالي تطوير مرونة من شأنها أن تخدمهم بشكل جيد في صراعات المستقبل.
وختامًا، تقول الدكتورة كلير: «إذا أردنا أن ينشأ أطفالنا على الثقة والاطمئنان، وأن يتوجهوا إلى العمل والبناء في تعاون وإيثار، وأن يجدوا السعادة في البذل والعطاء؛ لنعطهم الحب أولًا، لنعطهم الحب الواعي المستنير اليوم، إذا شئنا لهم أن يعطوه لنا بدورهم غدًا… ليكن حبنا لهم حب الإيثار لا الأثرة، حب العطاء لا الأخذ، حب التضحية والبذل، الحب الذي ننسى فيه أنفسنا دائمًا، ونذكرهم فيه أبدًا، حتى نمهد لهم ليكونوا الأفراد الذين نعتز بهم، ويفخر الوطن بأعمالهم».