جهاز المحاسبات: 7 مليارات ضاعت على مصر بسبب وزير المالية والتعاون الدولى
الخميس، 8 يناير 2009 - 23:04
كتبت نور على
◄تعطيل قرض لإنشاء مركز الكبد عشر سنوات بلا مبررات
◄الحكومة تقبل شروط البنك الدولى والاتحاد الأوروبى دون مراعاة للصالح العام
كل حكومات الدنيا تقترض لتنفيذ مشروعات لتنمية بلادها.. إلا حكومتنا فهى تقترض لأسباب مجهولة، توقع على اتفاقات ومنح دون سبب اقتصادى واضح، فهى نسيت 7 مليارات دولار تجمدت بسبب سفه الاقتراض لمشروعات وهمية، وأخرى لم تتم دراستها جيدا وبعد الاستدانة تكتشف الحكومة أنها أخطأت.. فضيحة بكل المقاييس يكشفها تقرير للجهاز المركزى للمحاسبات، فهى لم تستخدم سوى نصف القروض فقط..
التقرير يرصد موقف القروض والمنح حتى شهر يوليو 2007، ويتحول استجوابا وشيكا لرئيس الوزراء، ويشير إلى أن نصف القروض تتجاهل الصناعة الوطنية وتفضل الأجنبية.. وأغرب ما رصده التقرير هو توقف بعض المشروعات بسبب الروتين الحكومى، واشتراط بعض الجهات الدولية رفع الأسعار قبل الإقراض، وهو ماتنفذه الحكومة بدقة، وفى حالات كثيرة رفعت الأسعار على المواطن، قبل أن تستفيد من القرض، مثل إنشاء محطات الكهرباء، وطوال السنوات العشر الماضية لم تستخدم الحكومة سوى 53 % من القروض الخارجية و74 % من المنح.
بعد حرب الخليج الثانية، وإسقاط جزء من الديون الخارجية، قالت الحكومة إنها لن تقترض إلا لمشروعات تستطيع سداد القروض، وإن الدولة لن تسمح بتحميل الأجيال القادمة قروضا إضافية، حتى لاتكبل خطط التنمية المستقبلية، وهى المخاوف التى يثيرها نواب البرلمان مع كل اتفاق لقرض جديد، الحكومة من جانبها تؤكد -على لسان وزرائها- أنها ومنذ عام 2000 وضعت حداً أقصى للاستدانة السنوية لايزيد على 1.2 مليار دولار، وهو ما يوازى أقساط وفوائد الدين الخارجى، إضافة لشرط آخر بأن تكون الهيئات والوزارات المقترضة لديها القدرة على السداد من ميزانيتها، لكن رئيس الوزراء سيفاجأ ضمن استجواب وشيك فى البرلمان بقرضين يكذبان هذه المقولة، الأول بقيمة مليار دولار من البنك الدولى وبنك التنمية الأفريقى لتنمية السياسات المالية، ودعم برنامج الإصلاح خلال عام 2006، وهو القرض الذى تتحمل الخزانة العامة أعباءه وليس لمشروعات إنتاجية تستطيع السداد.. تقرير المركزى للمحاسبات يتهم الحكومة بالاقتراض دون تخطيط أو إدارة سليمة لها، والدليل أن هناك قروضا مر عليها 10 سنوات دون استخدام، رغم أنها موجهة لتمويل مشروعات فى غاية الأهمية للمواطن مثل مياه الشرب أو الزراعة أو الكهرباء، وهو ما يجعلنا نتحمل أعباء مالية دون استفادة.
النائب عباس عبد العزيز استند إلى تقرير جهاز المحاسبات وأعد استجوابا لرئيس الحكومة ووزيرى المالية والتعاون الدولى بسبب السياسة الاقتصادية الخاطئة، وتكبيل مصر بأعباء مالية لمشروعات لا وجود لها فى الخطة، وقبول شروط تعد ماسة بسيادة الدولة.
التقرير الذى حصلت «اليوم السابع» على نسخة منه، يكشف عن إساءة إستخدام 22 مليار دولار حجم القروض والمنح، ويحدد الجهات المانحة والمقرضة لمصر مثل البنك الدولى، والاتحاد الأوروبى، والصندوق الدولى للتنمية الزراعية، والبنك الإسلامى للتنمية، وصندوق الأوبك، ومجموعة بنك التنمية الأفريقى، والصندوق العربى للإنماء، وحصلت مصر منذ بداية التعامل مع تلك المؤسسات حتى شهر يوليو 2007 على 22 مليارا و664 مليون دولار من خلال 528 اتفاقا، منها 333 قرضا بـ19.898 مليار، إضافة إلى 195منحة بقيمة 2.865 مليار دولار، وقال التقرير استخدم قرض ومنحة بقيمة 14.808 مليار دولار فقط، وجار حاليا استخدام 7.835 مليار دولار، واتهم التقرير الحكومة بعدم الاستفادة من القروض سوى بنسبة 53.5 % وكان نصيب القطاعات الاستهلاكية هو الأكبر بحوالى 4.134 مليار دولار، وحصلت قطاعات الخدمات الاجتماعية على 1.368 مليار دولار مقابل 827 مليون دولار للقطاعات الإنتاجية.
التقرير لم يغفل شروط الإقراض الضارة بمصر، مثل النص على الشراء لتجهيزات المشروعات، وغيرها من المكونات من دول بعينها، وهناك قروض تشترط زيادات فى الأسعار مثل قرض بنك الاستثمار الأوروبى لتمويل قطاع الكهرباء، كما فى قرض محطتى كهرباء طلخا والكريمات الموقعة فى 2004.
وكشف التقرير أسباب الفشل فى استخدام القروض والمنح وحددها فى نقاط:
أولاً: عدم دقة دراسات الجدوى، فمثلا قرض البنك الدولى للإنشاء والتعمير الموقع فى 31/3/2004 بمبلغ 325 مليون دولار لتمويل مشروع تطوير المطارات، بهدف تحسين الأداء فى مطارى القاهرة وشرم الشيخ، حيث بررت الشركة المصرية القابضة للمطارات والملاحة المستفيدة بأن السبب يرجع إلى تعديلات أدت إلى زيادة التكاليف وتأخر تنفيذ المشروع عن الجدول الزمنى.
والقروض الثلاثة المقدمة من الصندوق العربى ،وصندوق الأوبك، والبنك الإسلامى للتنمية منذ عامى 98 و99 لتمويل مشروع مركز أمراض الكبد، التابع لجامعة القاهرة، وبالرغم مرور عشر سنوات، لم يتم البدء فى تنفيذ المشروع وردت جامعة القاهرة على الجهاز، بأنه تم إلغاء المشروع رغم تخصيص الموقع وصدور تراخيص البناء، وإجراء مناقصة لتنفيذ المرحلة الأولى، ورصد الجهاز توقف السحب من قرض الصندوق العربى للإنماء منذ عام 2005 بقيمة 21 مليون دينار لتمويل مشروع الحاضنات الريفيات، ورد الصندوق الاجتماعى بأنه تم نقل الرصيد غير المستخدم إلى برامج أخرى.
ثانياً: إهمال المكون المحلى للمشروعات وهو ما يؤكد عدم وجود رؤية لهذه المشروعات، مثل قرض البنك الدولى للإنشاء والتعمير قبل عشر سنوات بمبلغ 100 مليون دولار، لتحديث نظم الرى ،وقرض آخر بمبلغ 120 مليون دولار لتطوير إدارة الرى، وقرض الصندوق الدولى للتنمية الزراعية لتمويل مشروع التنمية بغرب النوبارية، حيث أكد المدير التنفيذى للمشروع، أن التمويل المحلى غير كاف، كذلك الاتفاقية المبرمة مع البنك الإسلامى لتوريد معدات المرحلة الثانية من مشروع طلمبات الرى والصرف، بمبلغ 26.006 مليون دولار، ونفس الوضع ينطبق على قرض آخر للبنك الإسلامى للمساهمة فى مشروع المستشفى التعليمى لجامعة الأزهر، وقرض الصندوق العربى بمبلغ 30 مليون دينار، للمساهمة فى تمويل مشروع توليد كهرباء العطف بشمال غرب الدلتا، وردت الشركة القابضة لكهرباء مصر، بأن التمويل المحلى غير كاف.
ثالثاً: التقرير اتهم الحكومة بالعجز عن حل مشاكل تنظيمية وإدارية، وتأخير إصدار الموافقات وإتمام المناقصات، بما أثر على كفاءة التنفيذ وتأخر الاستفادة من اتفاقيات القروض والمنح، ومن أمثلة ذلك منحة المجموعة الأوروبية بـ100 مليون يورو لتمويل مشروع تطوير التعليم الأساسى، حيث تأخر التنفيذ بسبب عدم صرف مستحقات المقاولين، أيضا الصندوق العربى الذى قدم 6 منح و4 قروض لتطوير مجرى النيل الملاحى القاهرة - الإسكندرية، ولم تسحب سوى ألفى دينار حتى 30 /6/2007 وقرض بـ35 مليون دينار لتطوير مطار الغردقة الدولى ولم يتم سحب أى مبالغ بسبب تأخر استلام أرض المشروع، وقرض فى عام 1993 لمشروع العازلات الكهربائية، وأيضا قرض بـ17 مليون دينار كويتى لتمويل مشروع تزويد 240 قرية بمياه الشرب لم يتم استخدام هذه القروض، وحتى المنح فالحال لا يختلف، وتسبب الإهمال الحكومى فى عدم إنشاء مركز الكمبيوتر لتصميم المنسوجات بكلية الفنون التطبيقية بحلوان، بسبب عدم الحصول على ترخيص البناء، ومنحة لتطوير الصرف الصحى ومنحة لتطوير الممر الملاحى القاهرة - أسوان بهدف رفع مستوى خدمات النقل النهرى، ولم يتم سحب أى مبالغ منها حتى 6/2007 وردت هيئة النقل النهرى على الجهاز، بأن المنحة غير مدرجة فى خطط الهيئة السابقة أو المقترحة، والسؤال: لماذا إذن وقعت وزارة التعاون على مثل هذه المنحة، وأيضا إنشاء ثلاثة مراكز لتكنولوجيا صناعة الأخشاب، بسبب تأخر قطاع التنمية التكنولوجية بوزارة الصناعة بتزويد الجهة المانحة بخطة العمل المقترحة، والبرنامج الزمنى للتنفيذ، علما بأن تاريخ السحب من المنحة ينتهى فى 31/7/2007 ومنحة سادسة لتمويل مشروع تزويد 240 قرية محرومة من مياه الشرب، إلا أن نسبة السحب بلغت فى 2006 نحو6.7 % بسبب تأخر الحصول على الموافقات من الوزارات المسئولة لطرح أعمال التصميمات.
الجهاز المركزى يتهم الجانب الأجنبى بالتسبب فى مشاكل تمويلية وتنظيمية، وتعقيد الإجراءات والبطء فى تحديد أوجه استخدام القروض أو المنح، ويحدد الجهاز خمسة حلول واجبة على الحكومة، أولها: إعداد دراسات الجدوى بشكل أفضل قبل الإقدام على الاقتراض، وأيضاً توفير الاعتمادات للتمويل المحلى للمشروعات الممولة بقروض ومنح، وحث المركزى للمحاسبات الحكومة على حل المشاكل الإدارية، التى تعطل الاستفادة من المنح والقروض، وأوصى الجهاز بضرورة التفاوض مع الجانب الأجنبى للوصول إلى أفضل الشروط.
من جانبها تنصلت وزارة التعاون الدولى من مسئولية دراسات الجدوى الفاشلة، وقالت إنها مسئولية الوزارات المستفيدة، وألقت بالمسئولية عن توفير المكون المحلى على وزارة التنمية الاقتصادية.
لمعلوماتك...
◄2.5 مليار دولار نصيب الكهرباء من القرو ض