كشف جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكبير مستشاريه، الخميس، بعض التفاصيل عن خطته المنتظرة للسلام في الشرق الأوسط، مؤكدا أنها لن تأتي على ذكر حلّ الدولتين الذي طرح منذ فترة طويلة، وستكرس القدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي.
ويتوقع أن يقدم كوشنر الشهر المقبل خطته المنتظرة منذ فترة طويلة، باسم الإدارة الأميركية التي تقف في صف الجناح اليميني في إسرائيل. وفي إطار سعيه لتقديم إطار جديد، أصدر كوشنر أقوى إشارة من الإدارة الأميركية إلى أن الخطة لن تقترح إقامة دولتين للإسرائيليين والفلسطينيين، الحل الذي دعمته الولايات المتحدة لعقود في مفاوضات السلام الطويلة. وصرح كوشنر في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى "إذا قلت (دولتين)، فهذا يعني شيئاً للإسرائيليين وشيئاً آخر مختلفاً عنه للفلسطينيين". وأضاف "لهذا السبب قلنا إنّ علينا ألا نأتي على ذكر ذلك. فلنقل فقط إنّنا سنعمل على تفاصيل ما يعنيه ذلك".
ورفض كوشنر الإعلان عن مزيد من تفاصيل خطته قبل كشفها. لكنه ردا على سؤال عما إذا كانت ستشمل الوضع النهائي بين إسرائيل والفلسطينيين، قال "هذا صحيح، سنعمل عل ذلك". وكانت السلطة الفلسطينية قد أعلنت أنها لن تقبل بوساطة من قبل إدارة ترامب التي تؤيد قاعدتها المسيحية الإنجيلية إسرائيل بلا تحفظ، والتي تشمل مبادراتها حيال الدولة العبرية الاعتراف بالقدس بشطريها عاصمة لها. وتعتبر إسرائيل القدس عاصمتها "الأبدية والموحدة".
في المقابل، يتطلع الفلسطينيون إلى جعل القدس الشرقية المحتلة منذ 1967 عاصمة لدولتهم المنشودة. وكشف كوشنر الذي لا يتمتع بثقة الفلسطينيين بسبب علاقاته العائلية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن ترامب استشاره قبل أن يعلن قراره بشأن القدس، ليعرف كيف يمكن أن يؤثر على آفاق خطته للسلام.
وقال كوشنر إن "الجواب الذي أعطيته له هو أنني أعتقد أنه في الأمد القصير سيكون الأمر أصعب لأن الناس سيكونون على الأرجح أكثر تأثرا وانفعالا".
وأضاف "لكن على الأمد الطويل ما نحتاج إليه هو البدء بالاعتراف بالحقائق، وأعتقد أننا عندما نعترف بالقدس (عاصمة لإسرائيل) فهذه حقيقة. القدس هي عاصمة إسرائيل، وهذا سيكون جزءا من أي اتفاق نهائي في كل الأحوال".
"مقبول جدا" للفلسطينيين
خلال حملته للانتخابات التشريعية الأخيرة التي فاز على أثرها بولاية جديدة، أعلن نتنياهو أنه ينوي ضم مستوطنات الضفة الغربية في خطوة يمكن أن تقوض فكرة دولة فلسطينية. وأثار إعلان نتنياهو هذا غضب الحزب الديمقراطي الأميركي بما في ذلك المدافعين بشدة عن إسرائيل الذين تساءلوا عما إذا كانت إسرائيل يمكن أن تبقى بذلك دولة يهودية وديمقراطية بينما يعيش ملايين الفلسطينيين تحت الاحتلال. لكن كوشنر وعد بأن تقدم إسرائيل تنازلات أيضا. وقال إن فريقه تحدث إلى رجال أعمال فلسطينيين وأشخاص عاديين، زاعما أن خطة السلام "ستكون مقبولة جدا من قبلهم".
واتصل كوشنر مع الدول العربية الخليجية الغنية لمحاولة تأمين حوافز اقتصادية للفلسطينيين تحت الاحتلال. وقال صهر الرئيس الأميركي "شعرنا بإحباط كبير عندما رأينا القيادة الفلسطينية تهاجم خطة لا تعرف ما هي". مضيفا "إذا كانوا مهتمين فعلا بجعل حياة الشعب الفلسطيني أفضل، فأعتقد أنهم كانوا سيتخذون قرارات مختلفة تماما خلال العام الماضي - وربما خلال العشرين عاما الأخيرة".
وتابع كوشنر أنه قد لا يكون الشخص الذي سيصنع السلام في الشرق الأوسط في نهاية المطاف، لكنه أكد أنه أراد على الأقل أن "يغير النقاش". وقال "مقاربتنا للأمر هي إذا كنا سنفشل، فلا نريد الفشل ونحن نكرر الطريقة نفسها التي اعتمدت في الماضي".
لكن كوشنر، الذي يواجه دوره في الحكومة الأميركية مع زوجته إيفانكا ترامب انتقادات حادة، شدد على الدعم الذي يلقاه من أحد ركائز الحكم، وقال "عندما تعمل لمصلحة رئيس، تحاول جاهدا ألا تخيب ظنه، ولكن ذلك يمكن أن يحصل. وعندما تعمل لمصلحة والد زوجتك، لا يمكنك أن تخيب أمله".
وأكد كوشنر أنّ خطة السلام التي أعدّها وسط تكتّم يكاد يكون غير مسبوق وعاونه فيها فريق صغير "تعالج الكثير من الموضوعات (...) بطريقة قد تكون أكثر تفصيلاً من أي وقت مضى". وأضاف "آمل أن يُظهر هذا للناس أن الأمر ممكن، وإذا كانت هناك خلافات، آمل أن يركّزوا على المحتوى التفصيلي بدلاً من المفاهيم العامة"، معتبراً أنّ هذه المفاهيم المعروفة منذ سنوات فشلت حتى الآن في حلّ هذا الصراع.