تمهيد ومتابعة
الفكر السني ـ الشيعي/ مصدره ومنهجه ـ 10

حسن جرادات في الإثنين ٢٩ - ديسمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

تمهيد ومتابعة

   

    بعد الحديث في الفصول السابقة عن الشق السنّي من الفكر المتبنى لدى الأغلبية الساحقة مما يعرف بالعالم الاسلامي، نعرض في الفصول التالية للشق الشيعي من هذا الفكر، وسيكون لافتاً ان هذا الشق يفوق الشق السابق المتعلق بالفكر السني من حيث الكم، لكن هذا لا يغير من الحقيقة شيئاً وهي ان الفكر الذي نتناوله بشقيه السني والشيعي هو فكر مصدره ليس كتاب الله وحده، وبالتالي فإن منهجه منحرف، ذلك ان الفكر صحيحه وخاطئه لا يقاس بعدد الأحاديث او الروايات التي ينبني عليها، وانما يقاس بقبول الرواية، ولو كانت واحدة، لتكون اساساً فكرياً يتعبد الناس لربهم بناءً عليها، هذا التعبد الذي يحسم أمر فاعله ومصيره سعيداً او شقياً هناك في دار الخلود.

     وقبل الحديث عن الفكر الشيعي لا بد من لفت الانتباه الى ان الذي انشأ التشيع والشيعة اساساً، ليصبح لهم فكر خاطئ بعيد عن الفكر الاسلامي، انما هم الأمويون بزعامة معاوية، وذلك عندما تمرد على امير المؤمنين المبايع علي (ر)، وقاتله في صفين، ثم تآمر مع ابي موسى الأشعري على خلعه، فصار لأمير المؤمنين بالضرورة انصار لم يقبلوا بهذه المؤامرة، ولما قتل امير المؤمنين وهو على وشك استئصال المتمرد معاوية، ترسخت فكرة الرفض للنظام المتسلط لدى الطرف الذي لم يستطع رد المتمردين المتآمرين، بل اصبح هذا الطرف هدفاً لقمع النظام الذي سام الرافضين للتصلت والظلم سوء العذاب، بالقتل ومنع الأرزاق وهدم البيوت وحظر التجول...!

    هذا الارهاب الذي استمر على مدى سنيّ حكم معاوية الطويلة، وما تبعه من تنصيب يزيد ولياً للعهد " ليطأ رقاب المسلمين "، ثم تتويج هذا الارهاب بقتل احفاد الرسول (ص) وسبي نسائهم وقطع رأس الحسين (ر) في كربلاء، ثم اغتصاب نساء الأنصار من قبل جنود يزيد في وقعة الحرة…، هذا الارهاب وهذا الاجرام لا يتصور انسان ولو كان من غير المسلمين ان يمر بدون ردة فعل، وردة الفعل هذه هي التي اطلق عليها اهل السنة العديد من الأسماء كالتشيع والرفض وغيرها.

    ردة الفعل هذه لم تبقَ في المسار الصحيح، بل راح اصحابها وبسبب القهر الناتج عن عدم القدرة على وقف الردة الأموية والحاق الهزيمة بها، راحوا يقلدون النظام الأموي المبني على توارث الملك بابتداع الإمامة والوصية والتي هي شكل آخر للنظام الوراثي، هذا من جهة، ومن جهة أخرى عمدوا الى تحقيق الانتصار على الظالمين في عالم الخيال، فابتدعوا الخرافات والأساطير التي تمنحهم الأرزاق والنصر على ايدي القوى الخارقة التي يتمتع بها " الأئمة "، بل انها تمنحهم الجنة بغير حساب اذا كانوا في الدنيا من الشيعة الفقراء!!    

    المرجع الذي يعتمد عليه الشيعة اعتماد اهل السنة على         " صحيح البخاري " هو " أصول الكافي "[1] وهو بمثابة روايات منسوبة الى " الأئمة " من " أهل البيت " وهو يشكل اساساً فكرياً لدى الشيعة الإمامية خاصة عندما نعرف ان هذا المرجع الفكري يقول بعصمة " الأئمة من اهل البيت " وبما انه كما قلنا يتألف من احاديث منسوبة الى " الأئمة "، فإنه يرقى لديهم الى مستوى القرآن على الأقل!

   هذا الكتاب ـ كما " صحيح البخاري " ـ يرى القارئ له إن كان قد قرأ الفكر الاسلامي من مصدره وهو القرآن الكريم، يرى الفرق الشاسع بين الفكرين ويعرف ان هذا ليس هو ذاك.

    وقد بينت ما بهذا الكتاب من اختلاف وذلك بعرض ما فيه من روايات تتناول مختلف ركائز الفكر الاسلامي في ابواب اعتمدت الموضوع في تصنيفها؛ فالباب الأول منها يعرّف أهل بيت رسول الله (ص) مَن هم، كما يبين تناقض الامامية مع مبدأ الشورى الذي هو واحد من أسس الفكر الاسلامي. وفي الباب الذي يليه بينت ان مصدر التشريع لدى الشيعة ليس هو القرآن الكريم، وقد تم عرض مخالفات عقيدية في باب، ونصوصاً قرآنية تم تحريفها في باب آخر. أما باقي الأبواب فقد تناولت روايات تصل حد الخرافة، كما تناولت علم " الأئمة " للغيب، كذلك تناقض الروايات المنسوبة اليهم بعضها مع بعض، إضافة الى باب حوى روايات غريبة أفردتها في باب مستقل لشدة وضوح مخالفتها لبديهيات الاسلام، وتناقضها مع العقل ومع ما هو معلوم من الدين بالضرورة.

     

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



[1] محمد بن يعقوب الكُليني، ط3 دار الأسوة للطباعة والنشر (التابعة لمنظمة الاوقاف والشؤون الخيرية)/ طهران

 

اجمالي القراءات 10431